العلاقات الأميركية الجزائرية.. بين التفاهم المعلن والتعاون المتعثر

منذ ٤ ساعات

12

طباعة

مشاركة

رغم تأكيد واشنطن والجزائر على شراكتهما الإستراتيجية في مجالات الاقتصاد ومكافحة الإرهاب وقضية إقليم الصحراء الغربية، إلا أن الحقائق تكشف عن تراجع ملحوظ في الروابط.

وحللت تقرير لمجلة "جون أفريك" الفرنسية واقع التعاون الاقتصادي والأمني والدبوماسي بين الجانبين، ورصد التراجع في جميعها.

علاقات "ممتازة"

في استهلال حديثها عن العلاقات الجزائرية الأميركية، قالت المجلة: إن "جميع المسؤولين الأميركيين، سواء كانوا ديمقراطيين أو جمهوريين، يكررون 3 ثوابت حين يتحدثون عن العلاقات بين البلدين: الاقتصاد ومكافحة الإرهاب والصحراء الغربية".

وفي هذا السياق، تحدثت "جون أفريك" عن أن زيارة المستشار الخاص لدونالد ترامب لشؤون إفريقيا، مسعد بولس، إلى الجزائر في 27 يوليو/ تموز 2025، في إطار جولته بالمغرب العربي، جاءت لتعيد إنتاج الخطاب ذاته الذي ظل يردده الأميركيون منذ ثلاثة عقود".

وأوضحت أن المسؤولين الأميركيين، حين يتطرقون للعلاقات مع الجزائر، يجمعون على أنها تبقى شريكا موثوقا وإستراتيجيا، وأن العلاقات معها "ممتازة".

وذكرت المجلة أنه في كل مرة يُسأل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن هذا الملف، يقدم خطابا مشابها.

واستدركت بالقول: "لكن، خلف هذه التصريحات الرسمية المطمئنة والمثيرة للارتياح، تشهد المرتكزات التي قامت عليها علاقة واشنطن بالجزائر لعقود تغييرات جوهرية".

وأشارت إلى أن "هذه التغييرات تتأثر بالتحولات الداخلية في الولايات المتحدة والجزائر، والمشهد الدولي المتقلب".

الملفات الثنائية

ولفتت المجلة إلى العبارة الشهيرة لجيمس كارفيل، مستشار بيل كلينتون، التي كانت تقول: "إنه الاقتصاد يا غبي". 

غير أن الواقع الحالي، بحسب التقرير، يكشف أن الاقتصاد لم يعد في صلب العلاقة بين الجانبين الأميركي والجزائري. 

وتابع: "صحيح أن الجزائر ما زالت شريكا اقتصاديا لواشنطن، لكن مستوى التبادلات تراجع بشدة". 

ففي عام 2006 بلغت قيمة التبادلات نحو 15 مليار دولار، بينما عام 2025 لم تتجاوز القيمة 3.5 مليارات دولار، بينها 2.5 مليار صادرات (معظمها نفط خام وحديد للبناء) ومليار دولار واردات إلى الجزائر. 

وقد صرح تبون، في منتصف يوليو/ تموز 2025، خلال سجال حول الرسوم الجمركية، بأن "السوق الأميركية لا تمثل سوى 0.5 بالمئة من تجارتنا الخارجية". 

وعليه، خلصت المجلة الفرنسية إلى أن "الاقتصاد بات أقل أهمية في هذه العلاقة".

أما في ملف التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب، الذي بدأ بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، فإن "الخبرة الجزائرية في هذا المجال لا تزال معروفة ومشهودا بها، لكن فاعليتها تضاءلت، خصوصا في منطقة الساحل؛ حيث فقدت الجزائر نفوذها خلال السنوات الخمس الأخيرة". وفق المجلة. 

وتابعت: "منذ أبريل/ نيسان 2025، لم تعد الجزائر تقيم علاقات مع جيرانها المباشرين، مالي والنيجر وبوركينا فاسو". 

وشددت المجلة على أن "هذا التراجع الذي أفاد منه لاعبون آخرون مثل المغرب وروسيا والإمارات، ستكون له انعكاسات متوسطة وطويلة المدى على العلاقة بين ترامب وتبون".

توتر متزايد

وأوضح التقرير أن "التراجع الجزائري لا يقتصر على منطقة الساحل، بل يمتد أيضا إلى العالم العربي الإسلامي". 

وأردف: "فقد كانت الجزائر، حتى أواخر الثمانينيات، فاعلا محوريا ووسيطا يحظى بالاحترام في إدارة أزمات دولية (مثل قضية الرهائن الأميركيين في العراق، والحرب العراقية الإيرانية، وأزمة الخليج الأولى)".

وتابع: "أما اليوم، فإن قيادة الوساطة انتقلت إلى السعودية وقطر والإمارات، وهي دول على خلاف مع الجزائر".

والأدهى، بحسب المجلة، أن "الجزائر تبدو معزولة داخل جامعة الدول العربية؛ إذ قاطع تبون القمة الأخيرة المخصصة لغزة في مارس/ آذار 2025".

وحسب التقرير، ترافق هذا الضعف مع وضع جيوسياسي مقلق لواشنطن وأوروبا على حد سواء.

فجميع حدود الجزائر -مع المغرب غربا، ومالي والنيجر جنوبا، وليبيا شرقا- أصبحت جبهات توتر أو نزاع. 

كما أن "علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي بدورها تشهد توترا متزايدا"، وفق التقرير.

وبناء على ذلك، خلصت المجلة الفرنسية إلى أن "هذه التحولات تفرض على واشنطن إعادة النظر في نموذج تعاملها مع الجزائر".