إيران تجهز العراق للمواجهة المقبلة مع أميركا وإسرائيل.. كيف؟

"إيران اعتادت على استخدام هذا التكتيك منذ عقود"
رغم انتهاء تبادل الهجمات بين إسرائيل وإيران في 24 يونيو/حزيران 2025، إلا أن طهران تستعد لحرب أخرى "أشد ضراوة" مع دولة الاحتلال قد تبدأ خلال الشهرين المقبلين، وفقا لتقييم موقع أميركي.
واستعرض موقع "ذا ميديا لاين" خطوات عديدة اتخذتها طهران ووكلاؤها خلال الفترة الماضية، و"بالأخص تحضير الساحة العراقية للجولة المقبلة من الحرب".
تغيير الإستراتيجية
وقال الموقع: إن "إيران بدأت بتغيير إستراتيجيتها لمعركتها المقبلة ضد إسرائيل، والتي ستشمل مصالح الولايات المتحدة في المنطقة، بما في ذلك بعض قواعدها، كما تعتزم استهداف المصالح الإسرائيلية في الدول التي وقّعت اتفاقات أبراهام".
ومن بين الخطوات التي اتخذتها إيران العودة إلى تدريب المقاتلين في مختلف دول العالم، وقد حدث ذلك خلال المناسبة الدينية الكبرى للشيعة، ما يُسمى بـ"أربعين الإمام الحسين"، التي كانت في 14 أغسطس/آب 2025.
ووفقا للتقاليد الشيعية، فإن “كل من يستطيع السفر إلى كربلاء، حيث مرقد الإمام الحسين، يُشجّع على ذلك، ويكون الثواب أكبر إذا كانت الرحلة سيرا على الأقدام، حيث تُقطع أحيانا مسافات تصل إلى 500 كيلومتر أو أكثر، وتستغرق أياما أو أسابيع”.
وذكر التقرير أن “إيران وبعض مليشياتها في العراق استغلوا هذا التقليد الشيعي، الذي بدأ عام 2025 في النصف الأول من أغسطس، ودرّبوا شيعة من عدة دول على استخدام الأسلحة وتحضير المتفجرات، كما ربطوهم بجماعات، ونسقوا بين القادة الميدانيين، وبين قادة الحرس الثوري والمليشيات”.
وأضاف “خلال هذه الفترة، أُنشئت مجموعات إعلامية عدة وأُعيد تنظيم أخرى، ومن المتوقع أن تكثف نشاطها في المرحلة المقبلة بهدف استقطاب المزيد من الراغبين في الانضمام إليها، وتعزيز التعاطف الشعبي مع إيران”.

وقال (أ.خ)، وهو أحد عناصر المليشيات الشيعية في العراق الذي فضّل التعريف بنفسه عبر الأحرف الأولى من اسمه: "هناك آلاف المتطوعين للانضمام إلى الحشود، وهم رهن الإشارة".
وأضاف لموقع "ذا ميديا لاين": "لقد خضعوا لدورات مكثفة في مجالات عدة، من بينها استخدام الأسلحة وصناعة المتفجرات من مكونات محلية، إضافة إلى تعبئة مزيد من الكوادر الإعلامية".
وخلال هذه المناسبة الدينية، عُقد مؤتمر لما يُسمّى بالمعارضة البحرينية في 11 أغسطس 2025 واستمر لمدة أربعة أيام.
وشارك فيه عدد من الشخصيات البحرينية المطلوبة للأجهزة الأمنية، وجميعهم منتمون إلى ما يُسمّى "حركة 14 فبراير"، المصنّفة منظمة إرهابية في البحرين وعدة دول أخرى، كما حضر المؤتمر ممثل عن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي.
ووفقا لوسائل إعلام تابعة للمعارضة، فقد جرى تنظيم المؤتمر برعاية محافظ كربلاء، نصيف الخطابي، المنتمي إلى أحد أكثر التيارات الدينية تطرفا في العراق.
وتضمّنت الكلمات التي أُلقيت خلال المؤتمر دعوات لمواصلة التحرك ضد الحكومة البحرينية، والتحريض ضد اتفاقات أبراهام التي وقّعت عليها.
وأكد أمجد عبد الله، وهو شاهد عيان من مدينة المسيب، إحدى المدن القريبة من كربلاء، أن "مسلحين تابعين لقوات الحشد الشعبي استقبلوا بعض الزوار في مواقع محددة واقتادوهم إلى جهات مجهولة".
وتابع عبد الله: “كانوا قد خصصوا نقاطا للزوار الشيعة الذين قدموا لإحياء ذكرى أربعين الإمام الحسين، لكن لم يستقبل مسلحو الحشد الشعبي سوى بعضهم، ولا نعرف إلى أين نُقلوا..”.
واستطرد: "في الواقع، وسط هذا العدد الكبير من الزوار، من المستحيل معرفة ما إذا كانوا قد عادوا أم لا".
طابور خامس
بدوره، قال العميد الركن المتقاعد في الجيش العراقي، عبد السلام العجيلي: "من المؤكد أن الحكومة العراقية لم تكن على علم بهذا المؤتمر، فهو لا يمثل سوى الجزء المعلن من خطة تهدف لدعم جماعات مسلحة موجودة في عدة دول، من بينها دول الخليج وحتى بعض الدول العربية والأوروبية".
وأضاف العجيلي: "من الواضح أن عددا كبيرا من الأشخاص يتلقون تدريبا، ولكنه بسيط، ربما على تنفيذ هجمات باستخدام أسلحة خفيفة أو تصنيع قنابل محلية الصنع باستخدام أدوات بسيطة، ويعود ذلك إلى قصر فترة التدريب، التي ربما استمرت أسبوعين أو ثلاثة، مستغلين وصول الزائرين إلى مرقد الإمام الحسين".
وتابع: "إيران اعتادت على استخدام هذا التكتيك منذ عقود، ولديها ما يُسمى بالطابور الخامس في عدة دول خليجية، إلا أن هذا الطابور، الذي لعب دورا بارزا في زعزعة استقرار دول المنطقة، قد ضعف أخيرا".
ومن الواضح -وفق العجيلي- أن إيران "أعادت تفعيله لزيادة استخدامه في الفترة المقبلة، لا سيما وأن الجميع على يقين من عودة الحرب بين إسرائيل وإيران، وهذه المرة على نطاق أوسع".
ولفت إلى أن "هذا التكتيك سيُستخدم، بناء على معرفتي الواسعة بإيران، للضغط على الدول التي تقف ضدها، كما سيُستخدم لضرب المصالح الأميركية والإسرائيلية في المنطقة، ولخلق فوضى عارمة، فالنظام الإيراني يعلم أن الحرب القادمة قد تُدمره تماما".
كما أشار إلى أنه "من المحتمل أن تكون إيران قد درّبتهم على التحكم بالطائرات المسيّرة، ليسهل التحكم بها بعد إرسالها، نظرا للمشاكل التي قد يواجهونها نتيجة فقدان الاتصال بهذا النوع من الطائرات".

والجدير بالذكر أن وزير الدفاع الإيراني، عزیز نصیر زاده، صرّح في مقابلة مع التلفزيون الرسمي، بأن بلاده "أنشأت مصانع أسلحة وبنى تحتية عسكرية في بعض الدول".
وأشار إلى أنه سيُكشف عن التفاصيل لاحقا "عند الحاجة"، مضيفا أن إنتاج بلاده للصواريخ استمر خلال الحرب مع إسرائيل، وأن إيران أعادت النظر في أسلوب تصنيعها بعد الحرب.
من جهة أخرى، أفاد شهود عيان بحركة كثيفة للمعدات العسكرية إلى مناطق متفرقة في العراق وإيران أخيرا.
وقال طه الكعبي، وهو مواطن إيراني أحوازي، لموقع "ذا ميديا لاين" إن "هناك تحركات عسكرية كثيرة في منطقة الأحواز، والعديد من الشاحنات الكبيرة تسير في مواكب عسكرية، لا نعرف ما بداخلها، لكن الشوارع تُغلق عند نقل هذه المعدات ليلا".
وتابع: "أحيانا تُطفأ أنوار الشوارع عند مرور هذه الشاحنات في الشوارع الرئيسة".
من جانبه، قال المحلل السياسي العراقي، موفق الخطاب: "لن تسكت إيران على زعزعة استقرار برنامجها النووي، وستعود لشن هجمات أخرى بشكل مختلف، خاصة بعد تدمير أجزاء كبيرة من برنامجها النووي".
وأضاف للموقع: "لقد خلقت هذه الضربة الأميركية على البرنامج النووي مشاكل داخلية في إيران بسبب ضعف التحصينات وعوامل أخرى، فالاستعدادات جارية حاليا للرد، في المقابل، هناك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يسعى لإطالة أمد الحرب والقضاء على جميع أعدائه".
من جهته، يرى المحلل السياسي الإيراني، حسن الياسري، أن "طهران لن تبادر بالهجوم، لكن نتنياهو سيسعى إلى ذلك لأغراض سياسية داخلية، مع ذلك، ستكون إيران هذه المرة أكثر جهوزية".
وأضاف الياسري: "أما بالنسبة للجماعات المسلحة، فلا علاقة لإيران بها، وما يُشاع عن تدريبها لجماعات مسلحة في دول عربية وأوروبية عار عن الصحة".
واستطرد: "هذه المرة، إذا اندلعت الحرب، سيكون رد فعل إيران مختلفا، وستكون أكثر قدرة على مواجهتهم، فلقد انتهجت حرب استنزاف في المواجهة الأولى ونجحت في ذلك، ولولا تدخل الولايات المتحدة، لسقطت إسرائيل وانهارت تماما".