ردا على ادعاء الصهاينة اغتياله.. ناشطون: القصة لم تنته بعد وترقبوا ألف أبو عبيدة

"دماء الفلسطينيين متساوية، لا توجد دماء أطهر وأغلى من دماء، بل إنها كلها دماء طاهرة نقية على طريق التحرير والخلاص من أحقر احتلال"
بينما لم تصدر حركة المقاومة الإسلامية “حماس” أو جناحها العسكري كتائب القسام بيانا يؤكد أو ينفي نبأ استشهاد الناطق العسكري أبو عبيدة، ادعى وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اغتياله في قصف جوي استهدف عمارة سكنية بمدينة غزة.
وكتب عبر حسابه بمنصة إكس في 31 أغسطس/آب 2025: "تم اغتيال المتحدث باسم حماس أبو عبيدة، في غزة، وأُرسل للقاء جميع أعضاء محور الشر الذين تم تصفيتهم من إيران وغزة ولبنان واليمن في قاع الجحيم".
كذلك ادعى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير، خلال تقييم للوضع في مقر قيادة المنطقة الشمالية "تمكّن" الجيش الإسرائيلي، من اغتيال أبو عبيدة في 30 أغسطس، وقال مهددا: "معظم قادة الحركة المتبقين يجلسون في الخارج، وسنصل إليهم أيضا".
وكشف موقع واللا العبري عن مصادر أمنية، أن قادة الاحتلال يعيشون أجواء ترقب بعد اغتيال أبو عبيدة، واصفا إياه بأنه ثاني أقوى شخصية في حماس، وهو من يقف وراء آلية الحرب النفسية الصادمة.
ويعد أبو عبيدة أو "الملثم" -كما يلقبه كثيرون- رمزا للمقاومة الفلسطينية منذ ظهوره لأول مرة في 25 يونيو/حزيران 2006، تاليا بيانا للقسام أعلن خلاله تنفيذ المقاومة عملية "الوهم المتبدد" التي أدت إلى مقتل جنديين إسرائيليين وأسر الجندي جلعاد شاليط.
وبرز أبو عبيدة، لأول مرة عام 2002 كعنصر ميداني، ثم تولى منصب المتحدث باسم الحركة بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة في 2005، وهو شخصية غامضة، لا يُعرف اسمه الحقيقي ولا أي تفاصيل دقيقة عن هويته، ولا حياته الشخصية، لكن ناشطين يكنوه بأبي إبراهيم.
وتميز أبو عبيدة بقوة الخطاب وصلابة الموقف وتظهر في كلماته ولاؤه وانتماؤه المطلق للقضية الفلسطينية والتزامه بالدفاع عنها وعن حقوق الفلسطينيين، ولديه قدرة على صياغة الرسائل التي يوجهها للداخل والخارج، خاصة التي يختص بها الاحتلال الإسرائيلي ويتوعده فيها.
وتباينت ردود فعل ناشطين على منصات التواصل بشأن اغتيال أبو عبيدة، بين من رفض استخلاص المعلومات من الكيان وحذروا من ألاعيبه وما قد يحمله الخبر من أهداف استخباراتية وإدارة حرب نفسية، مذكرين بترويج أكاذيب مشابهة.
في المقابل، تعامل آخرون مع الخبر على أنه حقيقة، خاصة مع تداول معلومات من شخصيات مقربة باستشهاد زوجة أبو عبيدة وأبنائه، لكنهم أكدّوا أن ذلك لن يوقف مسيرة المقاومة الفلسطينية، بل سيزيدها عزيمة وإصرارا.
وتحدث ناشطون عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #أبو_عبيدة، #كتائب_القسام، #نتنياهو، #كاتس، وغيرها، عن دور متحدث القسام في إثارة الرعب في الكيان.
قراءات وتحليلات
وتفاعلا مع الحدث علق ياسر الزعاترة، على قول نتنياهو: إن "الجيش هاجم "أبو عبيدة" وننتظر النتائج"، قائلا: "نتنياهو إذا يتلهّف على خبر "الملثم"!".
ودعا لتخيّل أن هذا الكائن –في إشارة إلى نتنياهو- الذي يتبجّح بـ"تغيير الشرق الأوسط"، وتعرّبد طائراته طولا وعرضا، يتلهّف على خبر اغتيال ناطق إعلامي لحركة مُحاصرة في مساحة صغيرة، قائلا: "سبحان من كشف صغاره، وأعلى شأن "أبي عبيدة".
وكتب مأمون فندي: "إذا كان استهدافُ أبي عبيدة يشغل العالم إلى هذا الحد، وإذا كان غيابه يُعَدُّ في نظر أعداء المقاومة نصرا، فإن في ذلك دلالةً واضحةً على أن المقاومة منتصرةٌ لا محالة".
وأضاف: "فلكي تُهزَم، لا بدّ لهم أن يقتلوا مليون أبي عبيدة سيولدون من بعده. إن القصة طويلة، وفصولها لم تُكتب بعد".
وتهكم جمال سلطان على تصريح نتنياهو، ووصفه بأنه "فضيحة".
وعلق قائلا: "الطاووس المنتفخ المغرور يكشف عن اهتزازه وخوائه ورعبه من شاب محاصر طوال عامين وأكثر، ولا يحمل سوى سلاح خفيف، وهو يدكه بالطيران والصواريخ والقنابل الحديثة، والدعم الأميركي والبريطاني لجيشه على مدار الساعة.
وقال إبراهيم المدهون: إنه في حال تأكد استشهاد أبو عبيدة فعلًا، فإننا سنكون أمام مرحلة فارقة وصعبة، لكنها لن تغيّر حقيقة الصراع، مؤكدا أن الاحتلال لن ينتصر مهما تصاعدت جرائمه.
وبشر بأن صوت أبو عبيدة، بما مثّله من روح للمقاومة، سيظل حاضرًا يتردد في الآفاق، وتبقى كلماته شاهدة على صمود غزة وشعبها الفلسطيني.
وأكَّد المدهون، أن أبو عبيدة شكّل صورة النقيض للاحتلال، متحديًا روايتهم وصورتهم أمام العالم منذ أن برز كناطق إعلامي باسم كتائب القسام في عام 2004، ثم في محطات مفصلية، وصولًا إلى هذه الحرب الكبرى.
وأضاف أن أبو عبيدة بلا شك شخصية استثنائية؛ إنه ليس مجرد فرد، بل مؤسسة كاملة، مؤسسة إعلامية ومقاوِمة عظيمة.
شماتة الأنظمة العربية
وفي تقييم لتناول الإعلام العربي وخاصة الخليجي لادعاءات اغتيال أبو عبيدة، أشار أحمد بن راشد بن سعيد إلى أن اسم أبي عبيدة وصوره تتصدّر منصّات العربية للمرّة الأولى!
وعرض 4 صور لأخبار مختلفة نشرتها قناة العربية عن مقتل أبو عبيدة، مستنكرا أنها كانت تتجاهل تماما خطاباته وبياناته، وتتجنّب نشر اسمه وصورته، بينما اليوم ترفع الحظر عن كل ذلك فرحا بمزاعم اغتياله.
وقال عبده فايد: "اليوم تشمت وسائل الإعلام الخليجية التابعة لدولتي النفط والغاز فيما يُثار عن خبر رحيل البطل في غارة شنّها الاحتلال".
وخاطب هؤلاء قائلا: "سواء كان (أبوعبيدة) حيا أو إلى جوار ربّه، يكفيه عند الوقوف أمام العرش، أنه جمّع بصوته الرخيم أطفال العرب أمام الشاشات في أوائل شهور الحرب، أطفال كانوا قبل شهور لا يعرفون عن القضية حتى اسمها، فإذ بهم يعدّون بأنفسهم قوائم المقاطعة".
وأضاف فايد: "يكفيه (أبو عبيدة) أنه ما خان أهله ووطنه ودينه، بل كان جسده شاهدًا على أمانته، رأينا يذبل ويضمر من الجوع كما هو حال أهله، رصدنا غيابه لشهور وشهور؛ لأنه مُطارد شأنه شأنه ألوف من بني وطنه، قال الأفاقون: إنه في فنادق قطر ومنتجعات أسطنبول، وأن أولاده ينعمون وأبناء القطاع يشقون، أنه في النعيم يرفل، وفي البؤس يتلظّى السامعون".
وتابع: "شاء الله أن ينصف سيرته على لسان من عادوه، فإذ بهم يقرّون أنه عاش وسط ناسه ولم يتخل عنهم قط..حيا كان أم راحلا، أنتم بما أنفقتم لتخليد صوركم وصور حكامكم، بأفخم الأزياء وأنيق الطلّة، ستمحون من الذاكرة..أما هو، فرغم مظهره الذي لم يتبدّل لعشرين عام، ووجهه الذي ما رأه مخلوق على شاشة، سيظل في قلوب المحبين خالدًا، ومن أكباد العدى آكلًا".
وتعجب رفيق عبدالسلام، من دندنة قناتي العربية والحدث على خبر استشهاد أبو عبيدة بما يشبه الاحتفاء والاحتفال، مؤكدا أنه يدل على التوجهات الرسمية لمن يقف خلفهما.
وقال: "لم يخطئ من قال إن الحدث هي اسم على مسمى (مجرد حدث) والعربية هي العبرية".
وكتب إسماعيل السامرائي: "لو تتبعت الكثير من القنوات العربية وصفحات التواصل العربية تجدها لم تنصف الشهيد أبو عبيدة حتى بكلمة شهيد، يعني بالعراقي، شويه استحوا واكتبوا استشهاد وليس مقتل من الله يطيح حظكم".
وقال ياسين عزالدين: "عندما نقول لا تنقلوا عن الإعلام الإسرائيلي فهذا يشمل العربية والحدث وسكاي نيوز وأخواتها، وحتى لو زعمت أنها نقلت عن "مصادر فلسطينية" وعن "القسام" كله كذب.
وأكد أن القسام لم ينشر عبر العربية، مذكرا بأن حماس دعت لمقاطعة هذه الفضائيات، فكيف سيعطونهم معلومات؟
وأضاف عزالدين أن نشرهم خبر اغتيال أبو عبيدة بهذه الطريقة هدفه استفزاز المقاومة والناس الذين قد يعرفونه بشكل شخصي من أجل أن ينفوا أو يؤكدوا المعلومة خدمة لأسيادهم في دولة الاحتلال، مشددا على أن أي خبر لا يصدر عن المقاومة لا يستحق النقاش ونتعامل كأنه لم يصدر.
تشكيك وارتياب
وتشكيكا في كل ما ينقله الإعلام الإسرائيلي، ذكر مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة، بأن سلطات الاحتلال أعلنت على مدار سنوات عديدة مراراً وتكراراً عن "اغتيال شخصيات متعددة"، وفي كل مرة كانت تنكشف كذبتها، وتظهر سوءتها، وينفضح أمرها أمام العالم، فكان تخرج لهم تلك الشخصيات بالصوت والصورة والكلمة تُمزّق سرديتهم الكاذبة.
وقال: "بغض النظر عن (الخبر المتداول)؛ الاحتلال -وأدواته المختلفة- يُمارس حلقات متتالية من مسلسل الدّعاية المضللة للتغطية على جرائمه وفشله الميداني".
وأكد الثوابتة، أنه في المحصلة فإن دماء الفلسطينيين متساوية، لا توجد دماء أطهر وأغلى من دماء، بل إنها كلها دماء طاهرة نقية على طريق التحرير والخلاص من أحقر احتلال على وجه الكرة الأرضية.
وأكد إياد إبراهيم القرا، أنه لا يمكن الوثوق بما ينشره الإعلام العبري، لأنه أداة من أدوات الحرب النفسية.
وقال: "حتى لو كانت بعض الأخبار صحيحة، فإن استشهاد أي قائد لا يقل شأنًا عن استشهاد أي طفل فلسطيني، فجميعهم في خندق واحد ضد الاحتلال، وهذه الحرب فرضها العدو، وأن طريق التحرير ليس مفروشًا بالورود، بل بالدماء والتضحيات".
وذكر القرا، بأن القادة والمجاهدين وعائلاتهم قبل غيرهم أعدّوا أنفسهم لهذا اليوم، فاستشهادهم لا يعني ضعفًا، بل يزيد المعركة ثباتًا وقوة.
وأعربت آيات عرابي عن رفضها استيقاء المعلومات من العدو مهما كثفوا من النشر في كل قنواتهم العبرية والعربية، مؤكدة أن هؤلاء يعتقدون أنه باغتيال قيادات حركة المقاومة حماس ستنتهي فكرة المقاومة، وهو ما لن يحدث إلا بانتهاء الاحتلال نفسه.
وأكدت أن ما لا تعلمه إسرائيل ومن يحركونها أن استشهاد قادة المقاومة الفلسطينية لا يؤثر على الحركة نفسها، لأن كل المقاومين هم مشروع شهداء، بل يسعون سعيا للاستشهاد، فالشهادة لدى المقاومين مصدر فخر وإعزاز لأنها دليل على الشجاعة والإقدام وخوض المعارك في سبيل الله أولا لإعلاء كلمة الله، والدفاع عن الأرض والمقدسات ثانياً.
وأوضحت عرابي أن الأكثر أهمية من ذلك أن حركات المقاومة تعيد بناء نفسها بنفسها لأنها بطبيعة الحال تعتمد على المخزون الشعبي، ففي حالة الاستشهاد أو الإصابة تجد البديل الفوري، ولذلك غياب أبو عبيدة كما يزعمون، لن يوقف عمل المقاومة، بل سيزيدها اشتعالاً.
ألف أبو عبيدة
فيما تفاعل آخرون مع خبر استشهاد أبو عبيدة على أنه واقع، وقال علي أبو رزق: إن صدقت الأخبار وارتقى الملثم الأيقونة شهيدا، فهناك غصّة كبيرة لا يمكن تجاوزها، أبدا، أن آخر كلمة في حياته كانت عتاب وحسرة، ولوم لأبناء شعبه وجواره وأمته.
ورأى أن واجب الوقت واللحظة، وأمانة الحاضر ومسؤولية التاريخ، أن تتحول كلماته إلى مشاريع غضب واحتجاج لوقف جريمة الإبادة الجارية بحق أهله وناسه ومحبيه، وحافز انتقام وثأر ممن قتل أطفال شعبه ونكّل بهم أيما تنكيل.
وحث أبو رزق على أن يبقى هذا الرمز ويتحول إلى أيقونة فعل وحراك وتصادم مع الاحتلال، وليس أيقونة عاطفة فقط، حراك ضد مخطط الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة وتفتيتها، فغزة، وحدها، ليست في عين العاصفة، بل الضفة والقدس والداخل وسوريا ولبنان ومصر والأردن.
وشدد على وجوب أن تصل رسالة للعالم أجمع، وللإدارة الأميركية على وجه الخصوص، أن هذا الشاب بالذات عزيز على أبناء شعبه وأمته، وأنّ استهدافه ورمزيته هو استهداف لكل بيت عربي ومسلم، واستهداف لكل إنسان حر يرفض الظلم والغطرسة في هذا العالم.
ونبَّه أبو رزق على أن أمانة أبو عبيدة إن لم تؤدَّ في حياته، فعلى الأقل أن يكون هناك وفاء شخصي لكل قطرة دم من دمائه ودماء رفاقه، وأن تستمر رسالته، وفكرته النبيلة السامية الحقّة، فكرة الثورة والتضحية والتجرد والمقاومة.
ووصف علي آدم بيارة، "أبو عبيدة، بأنه صوت الحق والكرامة، قائلا: "إن صدق الخبر باستشهاده، فقد نال أعظم مراتب الشرف في سبيل الله".
وكتب محمد المقدسي: "فلسطين ولادة بأبطال مثل أبو عبيدة يا نتنياهو انتظر ألف أبو عبيدة في طريقهم إليك.. المجد والخلود للشهداء الأبطال واللعنة على كل من خذلهم وتآمر عليهم".
وأكد لقاء مكي، أنه على عكس ما يظنه البعض، فالموت بالنسبة للمقاتل في الحرب، أو حتى للبعض من المخلصين المجاهرين بما يعتقدون، ليس أمرا جللا، بل هو مصير متوقع ينتظرونه كل ساعة، لكنهم يختلفون فقط في طريقة تمنيهم له، فمنهم من يريده مدويا، ومنهم من يريده سريعا بلا ألم.
وأشار إلى أن آخرين يفضلون ميتة وسط أحبابهم، وهكذا، أما من يكتفون بالمراقبة، فهم من يتجادلون حول ما جري حبا أو بغضا، قائلا: إن الأكثر أهمية في موت المقاتلين وأصحاب القضايا، هو تأثير فقدهم، وما تركوه من رمزية، وذلك هو ما يحرص القاتل على أن يجعله مفيدا لمصلحته، ومسؤولية المريدين حرمانه من ذلك.
أبو عبيدة وزوجته
وفي شهادات بحق أبو عبيدة وزوجته، أكد براء نزار ريان، أن أبا إبراهيم ما بلغ ما بلغ بحظ ولا بحظوة، ولكن يشهد الله أنه في العائلة أبر الأبناء، وفي الحياة أصدق الأصدقاء، وفي الحارة أكرم الجيران، وفي المسجد أخ للكبير والصغير، وفي المدرسة أول الأوائل، وفي الأخلاق أنبل النبلاء، وفي الميدان أشجع الشجعان.
وقال: إنه كان على معظم ذلك شاهدا، وما شهدت إلا بما علمت. قد آتاه الله من المواهب أعظمها فما عرفته إلا شاكرا عاملا.
وأشار ريان، إلى أن أبو عبيدة حصل على أكثر من 95 بالمئة في الثانوية العامة يوم كانت هذه الدرجة ضربا من الخيال، وقالت له الجامعة ادخل من الكليات أيها شئت، فسجل في كلية أصول الدين حسبة لله عز وجل، واستجابة لقول رسوله صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين".
ولفت إلى أنه تخصص في العقيدة، فسألته يوما عن سرّ ذلك، فقال لي: كل الطلاب المتفوقين يذهبون إلى قسم الحديث، فأنا أسدّ هذه الثغرة، فحتى في هذه آثر مصلحة أهله وأمته.
ورأى رضوان أبو معمر، أن أبو عبيدة إن كان حياً أو استشهد فهو صدق ما عاهد الله عليه، مشيرا إلى أنه خاض عقدين من الزمن في مهمة هي الأصعب والأشق، قاوم فيها كل ملذات الدنيا وأولها الكشف عن وجهه، قبل أن يقاوم هذا المحتل بالكلمة والصوت.
وسأل من يبحثون عن معلومة له: "هل ستتحركون؟! هل ستنتفضون؟! هل ستغضبون؟! أم كما قال الشهيد حسن إصليح "ساعتين وبنسونا".
وتابع أبو معمر: "أنتم يا شعوب الأمة من خذله في كل سنين جهاده وأقسى الخذلان كان في آخر عامين، حتى خرج وقال (أنتم خصومنا) فإن كنتم تحبونه وسترثونه رثاء يستحقه استنصروا وانصروا إخوتكم في الدين بالفعل فالقول لا يجدى نفعاً".
وأشار أبو معاذ العسقلاني إلى أن أم إبراهيم "زوجة أبو عُبيدة" رحمها الله وأولادها قضت الحرب بطولها بعيدةً عن الجميع مقطوعاً الاتصال فيها حتى قيل إنها استشهدت وفُقدت جثتها.
ولفت إلى أن الحال أنها كانت نازحةً حالها حال عامة الناس بل وأشد، ومرَّت عليها الليالي كما قيل لا تُغذي أبناءها إلا بآيات الله تصبراً، حتى حفظت طفلتها "منة الله" كتاب الله عز وجل أثناء الحرب قبيل الهدنة.
وأكد العسقلاني، أن زوجة أبو عبيدة لم تكن في قصور عاجية ولا هاربةً من المذبحة، ولم يؤمِّن مسكنها ولا مأكلها ولا مشربها أحد حالها حال كثيرٍ من نساء القادة وعائلاتهم، داعيا الله أن يتقبل المرأة الصابرة التقية النقية العفيفة وتقبل أبناءها وبناتها الشهداء واغلظ اللهمَّ على كل شامتٍ وكل كاذبٍ طعن فيها وفي زوجها.
وأعاد محمد هنية نشر تغريدة العسقلاني، معلقا عليها بالقول: "عن رفيقة درب الملثم.. تلك التي لم تكن زوجة فحسب، بل كانت سنده وسرّه، صاحبة القلب الصابر والعقل الرفيق، التي عاشت تفاصيل الحياة في ظل الخطر والخفاء".
وأشار إلى أن زوجة أبو عبيدة عاشت معه عمرًا من الصمت والمواجهة، لم تُعرَف صورتها ولا صوتها، كانت كتفًا يُسند، وسترًا يُؤتمن.
نذير شؤم
وعن وعيد رئيس أركان الاحتلال إيال زامير، بالوصول إلى قيادات حماس في الخارج، رأى يحيى غنيم، أنه بعد تهديد رئيس أركان الجيش الصهيوني المجرم زامير باستهداف قادة المقاومة الفلسطينية في الخارج؛ على كل من قطر ومصر أن ترفعا أيديهما عالية وتنددا بهذا الإرهاب الدولي المنفلت.
ودعا قطر ومصر لأن تهددا بوقف الوساطة بين المقاومة وهؤلاء المجرمين، وأن تعلنا أن أميركا لم تدن وتوقف هذا الانفلات الصهيوني هي شريكة للكيان في كل جرائمه وإرهابه، وإلا فاللوم عليهما سيكون شديدًا لو وقع مثل هذا الإجرام لأي من قادة المقاومة على أرضهما.
وتساءل نضال ناصر، عن أسباب استهداف أبي عبيدة الآن، ورأى أن سؤال التوقيت بالغ الأهمية، وربط بينه وبين تهديد زامير بتصفية قيادات الحركة بالخارج.
ورأى أن تفسير زامير يفسّر التوقيت بدقّة، مؤكدا أن "إسرائيل" تريد التخلّص من الرموز والشخصيات التي يعرفها الفلسطينيون، لا سيّما أهل غزة، قبل الشروع في عملية تهجير أهالي القطاع.
وأوضح ناصر، أن غياب هذه القيادات يجعل عملية التهجير أسهل، إذ لن يجد الفلسطينيون من يخاطبهم ويكشف لهم خطط الاحتلال أو يرشدهم إلى سبل مواجهتها.
وأضاف: "من هنا، فإن اغتيال أبي عبيدة، أو حتى محاولة اغتياله، والتهديد بملاحقة القيادات في الخارج، ليس سوى مقدّمة مباشرة لخطوة التهجير"، محذرا من أنه نذير شؤم بأن العدو يستعد لفتح أخطر صفحة في عدوانه.