إسرائيل توسّع اختراقاتها جنوب سوريا.. وناشطون: لن نسمح بفرض واقع جديد

شدوى الصلاح | منذ ٨ ساعات

12

طباعة

مشاركة

يشهد جنوب سوريا تطورات ميدانية متسارعة أثارت موجة غضب واسعة بين الناشطين على منصات التواصل، وذلك بعد توغّل قوات الاحتلال الإسرائيلي في محافظتي درعا وريف القنيطرة، وإقامتها حاجزًا مؤقتًا في المنطقة، مستخدمةً آليات عسكرية وناقلات جنود، إلى جانب إطلاق قنابل دخانية، ما أسفر عن إصابة ثلاثة أشخاص في خان أرنبة.

وفي 9 ديسمبر/كانون الأول 2025، أصيب ثلاثة مدنيين برصاص قوة إسرائيلية أثناء توغلها في ريف القنيطرة، وفق ما أفاد به التلفزيون السوري الرسمي. فيما أعلن جيش الاحتلال أنه أطلق النار بعد "اشتباك" مع أشخاص وصفهم بـ"المشتبه بهم". وأشار التلفزيون السوري إلى أن قوات الاحتلال استخدمت آليات عسكرية متعددة وناقلات جنود وأطلقت قنابل دخانية.

من جانبها، قالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا): إن القوات الإسرائيلية نصبت "حاجزًا بين بلدة خان أرنبة وقرية عين عيشة في ريف القنيطرة، وأطلقت النار على المدنيين". ونشرت صورة تظهر وجود آلية عسكرية على طريق رئيس يمر بالقرب منه سيارات مدنية. وسبق أن أفادت الوكالة بأن قوات الاحتلال "توغلت باتجاه بلدتي جبا وخان أرنبة".

وزعم جيش الاحتلال أن "نشاطًا" لقواته في المنطقة شهد اشتباكًا مع عدد من الأشخاص الذين اقتربوا من القوة وشكّلوا "تهديدًا لها". مضيفًا أن قواته أطلقت طلقات تحذيرية في الهواء، ثم النار باتجاه القسم السفلي من جسدي اثنين منهم بعد رفضهم الابتعاد. وقال: إن القوات السورية أطلقت "نيرانًا بعيدة"، سبقتها أعمال شغب ورمي للحجارة تجاه الجنود.

وأفادت منصات إعلامية بأن قوات الأمن الداخلي في القنيطرة أجبرت قوة إسرائيلية متوغلة كانت قد نصبت حاجزًا وأطلقت النار على مدنيين، على الانسحاب من مدخل قرية خان أرنبة، وسط هتافات "خيبر خيبر يا يهود، جيش محمد سوف يعود". كما تداول ناشطون مقطع فيديو لدورية من قوات الأمن العام السوري تمر بمحاذاة قوة إسرائيلية أقامت حاجزًا على مدخل البلدة نفسها، وسط إطلاق نار من قبل الاحتلال.

وفي اليوم التالي، توغلت قوات إسرائيلية في محافظة درعا جنوبي سوريا، واختطفت شابًا من قرية العارضة بريف درعا الغربي، في أحدث انتهاك للسيادة السورية. وأفادت قناة "الإخبارية السورية" بأن قوات الاحتلال اعتقلت الشاب محمد القويدر خلال مداهمة مفاجئة دون توضيح الأسباب، ولم يصدر تعليق رسمي من دمشق أو تل أبيب بشأن تلك الحادثة.

ويُشار إلى أن 13 شخصًا قُتلوا أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2025 بنيران إسرائيلية خلال عملية توغل في بلدة بيت جنّ وصفتها دمشق بأنها "جريمة حرب". بينما قال جيش الاحتلال: إنها استهدفت "مطلوبين ينتمون إلى تنظيم الجماعة الإسلامية".

وتزامنًا مع نشر مقاطع تُظهر تحركات لعناصر الأمن السوري قرب مواقع انتشار الاحتلال، رأى وزير شؤون الشتات في حكومة الاحتلال عميحاي شيكلي أن "الحرب على سوريا أصبحت حتمية".

وفي موازاة التصعيد، نفت رئاسة وزراء الاحتلال ما تداولته وسائل إعلام عربية حول التوصل إلى اتفاق أمني بين "إسرائيل" وسوريا، واصفة ذلك بأنه "عارٍ من الصحة"، رغم اعترافها بوجود اتصالات برعاية أميركية دون تحقيق اختراق.

وفي السياق، كشفت صحيفة "معاريف" العبرية أن دوائر القرار في الاحتلال تبدي قلقًا متزايدًا من تكرار الاشتباكات خلال الأسابيع الأخيرة بين قواته وأهالي القرى السورية المحاذية للشريط الحدودي في الجولان المحتل.

وعبّر ناشطون سوريون عبر منصات التواصل عن سعادتهم بمرور دورية للأمن السوري بمحاذاة حاجز إسرائيلي في منطقة تعد من أكثر خطوط التماس حساسية. مشيرين إلى ما يحمله ذلك من رسائل رفض شعبي للوجود الإسرائيلي في محيط خط وقف إطلاق النار.

وتفاعل الناشطون عبر وسوم عدة بينها #القنيطرة و#درعا و#الاحتلال، مسلطين الضوء على ممارسات الاحتلال في جنوب سوريا، وما يقابلها من مقاومة ورفض شعبي ظهر في حادثة خان أرنبة. وندّد كثيرون بتوغلات الاحتلال ونصب نقاط تفتيش ومفارز عسكرية وتفجير منازل وفرض وقائع ميدانية جديدة تعيق حياة المدنيين، مستنكرين الصمت الدولي تجاه تلك الانتهاكات.

استفزاز صهيوني

واستنكارا لإصابة مدنيين في محيط بلدة خان أرنبة بعد توغل دورية للاحتلال الإسرائيلي، تساءل الملا إدريس: "إلى أين يريد أن يصل جيش الاحتلال بمواصلته استفزاز الشعب السوري الحر الذي دحر نظام الأسد العميل لهذا الكيان؟"، متوعدا بالقول: "إياكم واختبار صبرنا".

وقال الرقيب دانيال: "ما بين دير ياسين أمس وجنوب سوريا تتكرر الأساليب ذاتها: محاصرة المدن، إطلاق النار على المدنيين لبثّ الرعب، ودفع الناس إلى الهجرة، التاريخ لا يعيد نفسه وحده، بل تُعيده اليد التي لم تُحاسَب".

وأضاف أن ما يجرى اليوم هو صدى لمآسي الأمس، من دير ياسين إلى غزة إلى خان أرنبة. مستنكرا العدوان على القنيطرة.

واستهجن المحلل السياسي ياسين عزالدين، إصابة مواطنين سوريين برصاص حاجز لجيش الاحتلال في خان أرنبة. مذكرِّا بما قاله الأميركان قبل أيام إنهم طلبوا من نتنياهو وقف الاعتداءات على الأراضي السورية بعد ما حصل في بيت جن.

وأضاف: "قلنا وقتها إنها مجرد فقاعات إعلامية لإسكات السوريين".

وتساءل تامر زيد بن حمد: "إلى متى سكوت العالم الغربي والعربي على اعتداءات العصابات الصهيونية على سوريا الجديدة بناء؟"، مستهجنا نصب حواجز داخل القنيطرة ورمي أهلها العزّل بالرصاص وتحليق طيران. 

وتابع تساؤلاته: "هل هذا موافقة على هذه الاعتداءات أم عجز؟"، مؤكدا أن الشعوب العربية تغلي وتريد النفير العام ضد العدو الصهيوني لذا يجب وقفه عند حده عاجلا.

وقال الصحفي مصور طورشان: إن "إسرائيل" تسعى إلى فرض واقع جديد في محافظة القنيطرة من خلال اتباع سياسة الاستفزاز المستمرة، وإطلاق النار لترويع الأهالي وتعطيل الخدمات كالكهرباء والماء.

واستنكر تطور المشهد لإطلاق النار المباشر على الأهالي المحتجين على سياسة التوغلات والانتهاكات المستمرة، لافتا إلى أن الأهالي منزعجون جدا من أسلوب التوغلات المتكرر وباتوا يخشون على أنفسهم من مصير مشابه لبيت جن كما حدث أخيرا من قتل وقصف وترويع.

وعلقت الناشطة مايا رحال، على توغل قوات الاحتلال ببلدة خان أرنبة، قائلة: إن "إسرائيل" تتوغل بسوريا وتبعث برسائل للقيادة السورية الجديدة بأن لا استقرار ولا أمن ولا سلام بسوريا الجديدة ما بعد بشار الأسد.

وأكدت أن سوريا التي تحيي الذكرى السنوية الأولى لإسقاط نظام بشار الأسد المخلوع قادرة على المضي قدما لاستقرار سوريا برغم استفزازات الاحتلال، وقادرة على لجمه إذا أرادت.

واستهجانا لإصرار الاحتلال على انتهاك سيادة سوريا وتوغلها بدرعا واعتقالها لأحد أبنائها، قالت إحدى المغردات: "مرة جديدة يمد الاحتلال يده على أهل #درعا بلا رادع ولا خوف ".

وعدت اعتقال الشاب محمد القويدر بعد مداهمة ليلية في قرية العارضة، بمثابة تذكير مؤلم بأن العدو لا يعرف حرمة لبيوت ولا لوقت، وأن الأرض التي قدّمت الدم لا تزال تستباح كل ليلة.

مشهد غير مسبوق

وحفاوة بمشهد دخول أرتال الأمن الداخلي إلى خان أرنبه بريف القنيطرة وانعكاسه على الاحتلال الإسرائيلي، أشار الكاتب تيم الموالي إلى أنه أدى لحالة توتر وخوف بصفوف الاحتلال مما استدعى قوات الاحتلال إلى التوغل لمحيط خان أرنبة وإقامة حواجز مؤقتة.

ولفت المحلل السياسي محمد هويدي إلى تكبير الأمن العام السوري عند مروره على حاجز إسرائيلي طيَّار أقامته القوات الإسرائيلية في بلدة خان أرنبة. قائلا: "بس رفعنا التكلفة على الجيش الإسرائيلي".

ووصف المغرد الجمالي لحظة مرور قوات الأمن العام السورية وسط هتاف "خيبر خيبر يا يهود، جيش محمد سوف يعود" بالقرب من قوة إسرائيلية، بأنه "مشهد غير مسبوق". لافتا إلى أن الجيش الإسرائيلي أطلق النار مع مرور القافلة، ما أسفر عن إصابة.

وأكد الكاتب رفيق عبدالسلام، أن سوريا اليوم في وضع أقوى وأفضل مما كانت عليه في مقاومة عربدة الاحتلال؛ لأن شعبها بات أكثر تماسكا وأكثر التفافا حول الحكم الجديد، كما أنه أكثر وعيا بتهديدات الاحتلال لوجودها وسيادتها على أراضيها وحدودها. 

وأشار إلى أن السوري لا يحتاج إلى نظريات وكتابات حتى يعرف من هو العدو ومن هو الحليف.

وعرض المعتصم بالله الشحود مقطع فيديو من تصوير أحد عناصر الأمن الداخلي أثناء مرور رتل الأمن الداخلي أمام دورية الاحتلال الإسرائيلي في ريف القنيطرة. مؤكدا أن هذا المشهد في سوريا لم يحصل من أكثر من ٧٠ سنة.

وأعرب رئيس الهيئة العالمية لأنصار النبيﷺ محمد الصغير، عن سعادته بتصدي رجال الشام لتوغل قوات الاحتلال وجها لوجه بالقنيطرة، وإجبارهم الصهاينة على التراجع، وسط هتافات تعيد زمن الأمجاد.

هتافات معادية

وعن وقع المقاومة الشعبية للاحتلال الإسرائيلي في مدن الجنوب السورية والتي برزت بقوة في احتفالات السوريين بالذكرى الأولى لتحرير سوريا وتواصلت في القنيطرة، أكد الباحث السياسي محمود علوش، أن "إسرائيل" قلقة من هتافات سورية مُعادية لها وداعمة لغزة، وقلقة من كل شيء في سوريا بدون الأسد.

ولفت الناشط تامر قديح إلى أن مشاهد العرض العسكري السوري والشعارات التي أطلقها الثوار "غزة يا غزة"، و"طلعلك يا عدو طالع"، و"خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود". والعرض العسكري جنوب سوريا في درعا حظيت بتغطية واسعة ومستمرة في الإعلام العبري، بل أيضًا من الأجهزة الأمنية والسياسية الإسرائيلية.

وأشار إلى قول المراسل العسكري لإذاعة الجيش الاسرائيلي: "خلال الساعات الأخيرة عُقدت نقاشات حول الموضوع في مؤسسة الأمن، بمشاركة جهات رفيعة، لمناقشة دلالات المقاطع".

وأوضح قديح، أنه في إسرائيل يتوقع اتخاذ خطوات –من بين أمور أخرى سيُنقل للنظام السوري رسائل شديدة في الموضوع– والمطالبة بإدانة توثيقات كهذه لجنوده.

وأوضحت المحللة السياسية يسرا الشيخ، أن المشكلة هي مشكلة إسرائيل وتجاوزاتها في الأراضي السورية وليس العكس، قائلة: إن سوريا دولة قائمة وليست غزة المحتلة التي تعربد فيها إسرائيل ليل نهار، ولم تعتدِ سوريا على إسرائيل التي تفعل أفعالا.

وأكدت أن على "إسرائيل" التوقف عن اعتداءاتها تماما، موضحة أن مشكلتها الحقيقية اليوم هي مشكلة دولية محضة من خلال تغيير نظرة المجتمع الدولي إليها.

وقالت الشيخ: إن ما تفعله "إسرائيل" في سوريا من تجاوزات سيزيد الطين بلة عليها، وليس كما تعتقد عبر تجاوزاتها بأنها تحاول لفت نظر المجتمع الدولي لإخراجها من النقطة التي وصلت إليها.

وأكد الصحفي ماهر الحمدان، أن ما يفعله رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي نتنياهو وفريقه في هذه اللحظات يعكس بوضوح نواياهم الحقيقية، ويكشف زيف ما يُسمى بالاتفاقات الإبراهيمية، التي يبدو أنها تُقابل بنوايا حسنة من الجانب العربي فقط، للأسف. 

وقال: إن ما يقوم به نتنياهو وفريقه يندرج ضمن سياسة الضغط الأقصى للحفاظ على العقوبات ضد سوريا بكل الوسائل المتاحة، حتى لو تطلّب الأمر اتخاذ مواقف صادمة مع ترامب وحاشيته.

وأضاف الحمدان: "بالنسبة لنتنياهو لا يهم وجود حالة مستقرة في سوريا، ولا إقامة علاقات طيبة مع دول الجوار، بقدر ما تهمه سياساته التوسعية والإرهابية، وقطع أي سبيل ممكن للتعايش بين العرب واليهود".

الكلمات المفتاحية