حميدتي يؤسس مجلسا رئاسيا جديدا.. وناشطون: الإمارات تستنسخ نموذج حفتر

"حكومة المليشيا المزعومة هي محاولة خداع حتى لشركائهم في الخيانة"
في مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور وبحضور قادة سياسيين وقبليين، أدى قائد مليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” اليمين رئيسا للمجلس الرئاسي التابع للحكومة الموازية التي شكّلت في يوليو/تموز 2025 ولقيت رفضا من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.
وأعلن "تحالف السودان التأسيسي" في 30 أغسطس/آب 2025، أن مراسم أداء حميدتي اليمين جرت أمام رئيس القضاء رمضان إبراهيم شميلة، قائلا: إن تنصيب رئيس المجلس الرئاسي لما سماها حكومة السلام جرى بموجب الدستور الانتقالي لجمهورية السودان لسنة 2025.
وأوضح التحالف أن الدستور الانتقالي (صاغته مليشيا الدعم السريع وبعض الحركات السياسية والمسلحة المتحالفة معها)، نص على إلغاء الوثيقة الدستورية الانتقالية لعام 2019 وجميع القوانين والقرارات والمراسيم السابقة. بحسب ما ورد في بيان له.
وذكر البيان نفسه أن الدستور الانتقالي حدد عددا من المهام الأساسية لما أسماها "حكومة السلام الانتقالية" تشمل وقف الحروب وتأسيس الدولة السودانية على أسس جديدة.
وأدى اليمين أيضا قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال، عبد العزيز الحلو، نائبا لرئيس المجلس الرئاسي، إضافة إلى 15 عضوا لذات المجلس بينهم حكام أقاليم. وقد عين محمد حسن التعايشي، رئيسا لوزراء هذه الحكومة منذ يوليو 2025.
و"التحالف التأسيسي" شكلته مليشيات الدعم السريع المدعومة إماراتيا مع قوى سياسية وحركات مسلحة سودانية بالعاصمة الكينية نيروبي في فبراير/ شباط 2025، ووقعت بموجبه ميثاقا سياسيا لتشكيل حكومة موازية للسلطات في السودان.
ويطرح التحالف ما يسميها "حكومة السلام" بصفتها إطارا مدنيا وسياسيا موازيا، يهدف -وفق بياناته- إلى "إنهاء الحرب عبر مشروع وطني جامع".
وفي كلمة متلفزة، ادعى حميدتي أن إعلان تشكيل الحكومة الجديدة يهدف إلى ما سماه "تحقيق السلام وإنهاء الحروب الطويلة ومعاناة السودانيين".
وزعم أن حرب الخامس عشر من أبريل/نيسان 2023 فُرضت على قواته من قِبل عناصر المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية، وذلك بعد انحيازها إلى ما سماه الاتفاق الإطاري، مجددا "الدعوة لإجراء تحقيق دولي شفاف لتحديد من خطط وأشعل الحرب".
وأكد حميدتي التزامه بالعمل من أجل "تحقيق الوحدة العادلة في جميع أنحاء البلاد عبر تطبيق الحكم اللامركزي". مشددا على أنه يسعى لوضع “نهاية للشمولية والدكتاتورية، وإقامة دولة مدنية علمانية ديمقراطية”. وفق زعمه.
وكان الجيش السوداني برئاسة عبد الفتاح البرهان الذي تتخذ حكومته من بورتسودان مقرا لها، رفض ما سُمِّي “الحكومة الوهمية”، وأكد أنه لن يكون له أي دور في مستقبل السودان.
وقالت وزارة الخارجية السودانية في بيان: "نشجب وندين بأشد العبارات ما ذهبت إليه مليشيا الدعم السريع الإرهابية بإعلان حكومة وهمية تزعم فيها توزيع مناصب حكومية لإدارة السودان في تغافل تام واستهتار بمعاناة الشعب الذي أذاقته أشكال العنف والتنكيل والتعذيب كافة".
وأضافت أن "إعلان المليشيا حكومتها الوهمية على وسائل التواصل الاجتماعي، خير دليل على انكسارها ودحرها على يد قواتنا المسلحة الباسلة بتشكيلاتها وتنظيماتها العسكرية كافة".
ومن جانبه، قال المتحدث باسم الجيش السوداني نبيل عبدالله في بيان: إن "حكومة المليشيا المزعومة هي محاولة خداع حتى لشركائهم في الخيانة؛ لأن المشروع الحقيقي لآل دقلو هو الاستيلاء على السلطة لتحقيق طموحهم الذاتي غير المشروع".
وأكد أن آل دقلو يسعون لتحقيق مشروعهم العنصري في حكم بلد لم ينتموا إليه يوما ولم تربطهم به سوى أطماع السرقة والنهب المحمي بالنفوذ، وفي سبيل ذلك يلعبون بكل الأوراق الممكنة بما فيها قبولهم أن يكونوا مجرد أداة لتمرير أجندة إقليمية أكبر من استيعابهم المحدود.
وندد ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي بإنشاء حكومة سودانية موازية ورأوا أنها تزيد المشهد السوداني تعقيدا، محذرين من أن ذلك سيؤدي في النهاية إلى تقسيم السودان.
واتهموا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي "إكس" و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #حميدتي، #الامارات_تقتل_السودانيين، #الإمارات_دولة_عدوان، #الدعم_السريع_منظمة_ارهابية، وغيرها هذه الدولة الخليجية برئاسة محمد بن زايد، بتنفيذ مخطط تقسيمي في السودان.
ورأى ناشطون أن حميدتي يسير على ذات السيناريو الليبي من التمرد والتقسيم ويتجه بالبلاد نحو انقسام سياسي وعسكري غير مسبوق ويطبق مشروعا جيوسياسيا واسع النطاق.
غضب واستياء
وإعرابا عن الغضب والاستياء من تشكيل حكومة موازية لحكومة السودان، سأل هشام عباس، حميدتي ومليشياته: “هل تعتقدون أن هذا انتصار سياسي على خصمكم؟” وخاطبهم قائلا: "أنتم تكتبون بداية النهاية بأحرف من عار سيلاحقكم إلى الأبد.
وأضاف: “لم تكفِكم كل الدماء ولا الخراب ولا الدمار ولا مستقبل أجيال أصبح في حكم العدم، بل تصرون على إنهاء ما تبقى، أصبحنا بين نارين صبية بورتسودان وصبية نيالا وكأن هذا الوطن ملك لجدودهم”.
وأكد أن مخطط تقسيم جديد رسمت كل خطوطه ومؤامراته على مدار سنوات تكتب نهايته اليوم.
وقال المستشار حسام أبو الفتح: "اليوم حين نرى محمد حمدان والحلو وأعضاء مجلس رئاسة حكومة نيالا يؤدّون القسم، لا يمكن إلا أن يتملكنا شعور بالغصّة؛ ما كان يُحذَّر منه بالأمس صار واقعا: الحرب لا تلد إلا التقسيم، ولا تثمر إلا مزيدا من التشرذم".
وأكد أنها لحظة حزينة أن نرى الوطن يُجرّ إلى التمزق أمام أعيننا؛ أن تتحول الحرب من نزاعٍ عبثي على السلطة إلى مشهد يقنّن الانقسام ويضفي عليه طابعا رسميا، وفي هذا المشهد القاسي، تتضح الحقيقة بلا تجميل: بلدنا أسير للبنادق، ومستقبلنا رهين لحملة السلاح.
ورأى أبو الفتح، أن المسؤولية الأولى عن هذا الخراب تقع على عاتق أطراف الحرب التي اختارت أن تحوّل خلافاتها إلى معركة مفتوحة على جسد الوطن، لا على طاولة السياسة؛ لكن ما كان لهذه الحرب أن تندلع لولا المؤتمر الوطني المنحل؛ حزبُ النظام الذي بنى سلطته على القمع.
وذكر بأن المؤتمر الوطني المنحل غذّى الانقسامات واستثمر فيها، وأسس لاقتصاد حرب ما زال يلتهم الحاضر، كما التهم الماضي وقسم البلاد إلى دولتين، قائلا: "وها نحنُ الآن نمضي - عبر هذه الحرب - على طريق غزل أحزان بلادنا لمرة جديدة".
ورأى الباحث في الدراسات السياسية والإستراتيجية محمد وزان، أن تنصيب دقلو يفتح فصل جديد في الأزمة السودانية، بلد منقسم بين حكومتين، وصراع عسكري ممتد، ومشهد سياسي متشظي، متسائلا: “هل هذا يقرب السودان من تسوية جديدة، أم من تقسيم فعلي؟”
وخاطب الإعلامي أحمد البلال الطيب، الذين صفقوا، وصفروا، وهللوا، وسخروا، وأيدوا، وعارضوا، قائلا: "وداعا للسودان الموحد".
وتأسف على بدء الانفصال الثاني في البلاد، بعد الانفصال الأول المرّ لجنوب السودان.
وأكد عاطف محمد عوض، أن ما جرى حين خرج حميدتي ليؤدي القسم رئيسًا لتحالف تأسيس، لم يكن مجرد استعراض إعلامي ولا حركة دعائية عابرة، بل هو إعلان خطير بأن السودان اليوم يُقاد نحو ازدواجية السلطة.
سخرية واستهجان
بدوره، سخر الكاتب محمد عبدالقادر، من وضع حميدتي يده على المصحف لأداء اليمين الدستورية، قائلا: "لو عندك قسم ما كان دخلنا فى الدوامة دى".
وتهكمت الصحفية داليا إلياس على الطريقة التي وضع بها حميدتي يده على المصحف؛ إذ لامسه بأطراف أصابعه فقط، مشيرة إلى أن الحكومة الموازية ليس لديها علم أو نشيد وطني ولا جواز سفر.
فيما عدد الناشط ياسين أحمد خيانات حميدتي لقسمه أمام الرئيس المخلوع عمر البشير، ومستشاره موسى هلال، ورئيس المجلس السيادي عبدالفتاح البرهان، ورئيس مجلس الوزراء السابق عبدالله حمدوك، وقوى الحرية والتغيير "قحت"، والثوار وغيرهم.
وأكد أن حميدتي خان أي شخص حلف معه، وتعود أن يحلف ثم بعد ذلك يقتل الناس وينهبهم ويدمر الزرع والضرع، متسائلا: "ما بالك وهو بلا عقل يتحكمون به بالريموت".
تحذيرات ومآلات
وفي المقابل، تحفظت الكاتبة عائشة الماجدي على التعامل مع أداء القسم لحكومة تأسيس بغرب البلاد بسخرية وتنذر.
وأكّدت أن تكوين حكومة حتى وإن ظلت أونلاين هي في حقيقة الأمر تعقد من المشهد جذريًا وترفع سقف مطالب الجنجويد (الدعم السريع) إن قاد الأمر في مقبل الأيام للجلوس لتفاوض.
وقالت: إن تكوين حكومة جنجويد-يدية لها تأثيرات وأبعاد خارجية ودبلوماسية وتعقيدات حتى على مستوى الحدود.
وأردفت: “ربما خصمك أو جيرانك من الدول يتعاملوا مع هذه الحكومة الأونلاين كحكومة معترف بها على أرض الواقع فتُضيق الخناق على السودانيين الموجودين فيها وتفتح حدودها لدخول السلاح والتشوين والتعامل الاقتصادي”.
وشددت الماجدي على وجوب البحث في كيفية الحصول على معالجة سريعة لإبطال مشروع حكومة حميدتي العلمانية وإيفاد الحكومة لوفد دبلوماسي للدول الجارة أو الصديقة ذات التأثير في الاتحاد الإفريقي، والأصدقاء الإقليمين والدوليين للقضاء على هذه الحكومة في مهدها.
ودعت إلى إرسال وفد مخابراتي متخصص في وضع العقبة في المنشار لكل دولة بدعم معارضة من داخل أراضيها حتى تنشغل بنفسها ومشاكلها الداخلية بدل من دعم حكومة الجنجويد.
وحذرت الماجدي قائلة: "هي حكومة على الورق إن لم نتدارك الأمر غدا فسوف تصبح واقعا ويصبح أمر تقسيم السودان حقيقة ماثلة أمام نظر الجميع ووقتها لا ينفع الندم.. أوقفوا السخرية وفتشوا المعالجات والحلول أيها العُقلاء.. نحن مع وحدة السودان ووأد حكومة حميرتي".
وحذرت الطبيبة وجدان محمود من أن "ما بعد القسم ليس حدثا للاستهزاء أو الجدل السطحي؛ إنه جرس إنذار أخير، قائلة: "إمّا أن يُبطل مشروع الحكومة الموازية بدبلوماسية نشطة وخطاب وطني مسؤول، أو يدخل السودان نفقًا مظلمًا لا يُرى في نهايته سوى شبح التقسيم والانهيار".
وعد سيف الدرعي أداء حميدتي اليمين رئيسا لمجلس رئاسي لحكومة موازية في السودان تطور خطير في المشهد، ورأى أن الحل بسيط وهو الجلوس على طاولة المفاوضات لحل الازمة السودانية.
مخطط إماراتي
وفضحا لدور الإمارات في دعم حميدتي وقراءة في خطاب الأخير، قال محمود حسن، خرج علينا الهالك من نيروبي ومن خلفه سلطة أبوظبي، بخطاب جديد مليء بالتناقضات التي تكشف كذبه وتفضح من يقف وراءه، فقد زعم هذه المرة أنه انحاز إلى "الاتفاق الإطاري".
وأكّد أن تصريح حميدتي يناقض ما قاله بنفسه في خطابات سابقة، حين حمل القوى السياسية مسؤولية ما جرى في 15 أبريل 2023 ثم عاد لاحقا ليعلن أنه كان قد رفض الاتفاق الإطاري في اجتماع ومن أمام الميسرين.
وأضاف حسن أن هذا التخبط ليس إلا دليلا إضافيا على أن حميدتي مجرد أداة بيد داعميه، يغيّر مواقفه تبعا لأجنداتهم ولا يملك قراره ولا يملك السيطرة على قواته ومن يدير هذه القوات هي عصابة أبوظبي.
وكتب عماد فتحي: "على خطى خليفة حفتر -اللواء الانقلابي الليبي- في تقسيم الأراضي، وبدعم إماراتي، أعلن قائد مليشيات الدعم السريع حميدتي، نيالا عاصمة للكيان الجديد بعد أن أعلن نفسه رئيسًا للمجلس الرئاسي في السودان".
وقال الكاتب المتخصص في الشؤون الجيوسياسية والأمنية والصراعات في الشرق الأوسط، إن حميدتي يبدو أنه يتبع النموذج الليبي، على غرار ما دعمته الإمارات، بإنشاء إدارة موازية بقيادة حفتر في الشرق.
وأكد المغرد عبدالله، أن إعلان تشكيل حكومة موازية تأليف وإخراج شيطان العرب محمد بن زايد، كما فعل في ليبيا مع حفتر يحاول أن يفعل في السودان مع حميدتي وكذلك في سوريا عن طريق الدروز. وفق تعبيره.
وقال سعيد عفيفي: "حميدتي يحلف اليمين كرئيس لدويلته فى نيالا -دارفور على إيقاع المشروع الصهيو إماراتي، الأمر الذى يمثل تهديدا داهما للأمن القومي المصري".
وتساءل: "هل يحفز هذا خليفه حفتر على تنفيذ وعده بتولي الرئاسة في برقة، لكي يستكمل الذراع الغربي للهلال الصهيو إماراتي الذي يحاصر مصر من الجنوب والغرب".
إجرام حميدتي
وتذكيرا بدور مليشيات حميدتي في تخريب وتدمير البلاد، علق أحد المغردين، على خطابه، قائلا: "هذا المجرم نهب كل أموال وممتلكات المواطنين واغتصب حرائرهم ولا مكان له في السودان".
وأضاف أن "حميدتي الجنجويدي تريد أن تبقيه دويلة الشر بعد لفظه السودانيين.. المليشيا المجرمة الإرهابية المدعومة إماراتيا تقتل السودانيين".
وأوضحت المغردة تسنيم، أن مليشيا الدعم السريع ترتكب جرائم مروّعة بحق المسنين؛ حيث يتعرضون للإهانة والعنف، كما يمارسون تصفيات عرقية وعنصرية، مما يعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان والكرامة.
وقال سعد محمد، إن حميدتي ده آخر واحد في الدنيا يمكن أن يتكلم عن دستور أو مجلس رئاسي.
وتساءل: "كيف يمكن لمجرم حرب قاتل المدنيين وحارق القرى ومرتكب أبشع الجرائم في دارفور والخرطوم يتحول بين يوم وليلة لرئيس مجلس رئاسي؟!".
ورأى أن "المضحك المبكي أن أداء اليمين تم في نيالا، عاصمة الولاية التي بقيت تحت الاحتلال والدمار بسببه"، مضيفا: "هو كده بكل بجاحة يقول لمواطني دارفور أنا حارقكم وأنا بحكمكم في بجاحة لم يشهد لها العالم مثيلاً".
وأكد محمد، أن الكلام عن "إقامة نظام لا مركزي" عبارة عن قشرة والحقيقة المطلقة أن هذا مشروع تقسيم وتمزيق البلد ليستمروا في نهب الذهب والبترول ويزرعوا مليشياتهم في كل إقليم، مضيفا أن السلام العادل والمستدام من حميدتي هو السخرية في أنقى صورها.
واستنكر أن حميدتي الذي لا يعيش إلا بالحرب والدم يتحدث عن السلام، مؤكدا أن "الدستور الانتقالي 2025 خدعة غبية لتشريع بقاء مليشيا قاتلة وإلغاء كل إرث الثورة والوثيقة الدستورية 2019.
وأضاف: "لا شرعية لمجرم حرب ولا مستقبل لدولة يقودها زول باع البلد للإمارات والروس، السودان إما يكون دولة حقيقية قائمة على الجيش الوطني والمؤسسات والسلطة المدنية والقضاء المنفصل السلطات، أو يضيع في فوضى المليشيات".
وعقب خالد فهمي على خبر تأدية قائد الدعم السريع اليمين رئيسا للمجلس الرئاسي لما تسمى بحكومة تأسيس، قائلا: "راعي الجمال + ثروات من الذهب + دراهم الإمارات = حميدتي رئيسا.. ربنا يشفي صدورنا منك يا مجرم أنت وشلتك والإمارات".