لوموند: رعاية الإمارات للانقلابات في إفريقيا تفشل مخططات فرنسا

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة لوموند الفرنسية الضوء على موقف باريس "الحازم" من انقلاب العسكر على المدنيين في السودان 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021.

وأدان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "بأقصى درجات الحزم" انقلاب السودان، رغم الدعم الذي لاقاه من قبل الإمارات العربية المتحدة التي تتزايد معارضتها للسياسة الفرنسية في إفريقيا.

وفي التاريخ المذكور، أطاح المجلس العسكري السوداني برئاسة عبدالفتاح البرهان بالحكومة المدنية الانتقالية، واعتقل رئيس الوزراء عبدالله حمدوك وألغى العمل بمواد من الدستور.

تقول لوموند إن شدة الإليزيه تتناسب مع الازدراء الذي يتعرض له من قبل الانقلابيين ورعاتهم الأجانب وفي مقدمتهم الإمارات. 

وأوضحت: "التزمت فرنسا بالفعل دون تحفظ لمدة عامين، بدعم الانتقال السوداني الذي عمل تحت رعاية رئيس الوزراء حمدوك، على تسوية الإرث الكارثي لثلاثة عقود من الديكتاتورية العسكرية للجنرال (الرئيس السابق) عمر البشير". 

ثم وافقت المعارضة المدنية التي أدت انتفاضتها السلمية في أبريل/نيسان 2019 إلى سقوط البشير، على تقاسم السلطة مؤقتا مع عبد الفتاح البرهان.

كان احتمال نهاية هذه الفترة الانتقالية، وبالتالي انتقال السلطة بشكل فعال إلى المدنيين، هو الذي أقنع الجنرال البرهان بتنفيذ الانقلاب الأخير.

دعم فرنسي

استقبل ماكرون في سبتمبر/أيلول 2019، عبد الله حمدوك في قصر الإليزيه لإجراء مقابلة استمرت ثلاث ساعات.

ثم أعرب له بقوة عن "دعم فرنسا لإعادة البناء الاقتصادي للسودان وبناء نظام مدني وديمقراطي بهدف إجراء انتخابات حرة نهاية عام 2022". 

بل إن الرئيس الفرنسي بادر في مايو/أيار 2021 باستضافة "مؤتمر دولي لدعم الانتقال السوداني" في باريس.

وكان قد افتتحه رمزيا على ساحة شون دو مارس في إشارة صريحة إلى "عيد اتحاد 14 يوليو/تموز 1790"، لأنه حسبما صرح الرئيس الفرنسي "هذه هي نفس المثل التي نحتفل بها اليوم". 

ثم صدح باللغتين العربية والفرنسية: "الحرية، السلام، العدالة، ثلاث كلمات رددها ممثلو الثورة السودانية، ثلاث كلمات يتردد صداها بقوة في تاريخ بلدنا فرنسا، ثلاث كلمات تعكس التطلعات العالمية".

بعد ذلك حصلت فرنسا للسودان على إجراءات مهمة للتخفيف من ديون 60 مليار دولار ورثتها عن الديكتاتورية المخلوعة. 

قالت الصحيفة إن "إقامة ماكرون علاقة ثقة مع حمدوك، وهو الاقتصادي المخضرم ورجل السلام والمبدأ، لم يكن من قبيل المبالغة".

كانت العلاقات أكثر رسمية مع الجنرال عبد الفتاح البرهان، الذي جرت دعوته أيضا إلى باريس في مايو/أيار، ولكن تحت رئاسة مجلس انتقالي كان من المفترض أن يتخلى عنه في الأشهر المقبلة. 

في المقابل، كان البرهان منذ فترة طويلة المحاور الرئيس في الخرطوم للإمارات العربية المتحدة وزعيمها الفعلي ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد.

جرت صياغة هذه الشراكة عام 2015 من خلال مشاركة البشير في التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في اليمن. 

ويبدو أن البرهان، وهو الذي أشرف على عمليات الكتيبة السودانية في اليمن، قد شد انتباه محمد بن زايد، إلى درجة أنه أصبح قناته التواصلية الرئيسة في الخرطوم وقد استفاد، عبر ذلك، من دعمه متعدد الأوجه.

إستراتيجية الإمارات

يعطي الرئيس ماكرون قيمة لعلاقته بمحمد بن زايد الذي يقترب منه عن طيب خاطر، حتى وهو يرى تواطؤه، تقول الصحيفة. 

في 15 سبتمبر/أيلول، استقبله بدفء في قصر فونتينبلو، بمناسبة افتتاح مسرح نابليون الثالث السابق الذي جرى ترميمه بأموال إماراتية.

في ذلك اليوم، كان الرجل القوي في أبو ظبي حريصا على عدم الكشف لمضيفه الفرنسي عن ديناميكيات الانقلاب التي ستظهر قريبا في السودان. 

فتحت "محاولة انقلاب فاشلة" بالسودان في 21 سبتمبر/أيلول، بالفعل سلسلة من الاضطرابات.

وعلى الرغم من احتجاجات 21 أكتوبر/تشرين الأول الحاشدة لصالح الحكومة المدنية، لم يتمكن السودانيون من الإطاحة بالجنرال البرهان بعد أربعة أيام.

وبالتالي فإن الإمارات العربية المتحدة تتماشى مع الإستراتيجية المضادة للثورة التي دفعتها بالفعل، في يوليو/تموز 2021، إلى دعم تونس لتعليق العملية الدستورية من قبل الرئيس قيس سعيد.

هذا الخيار المضاد للثورة، في السودان وكذلك في تونس، تشترك فيه مصر والمملكة العربية السعودية، وفق لوموند.

لكنه لا يمثل بالنسبة للإمارات العربية المتحدة حصة جيوسياسية بقدر ما يمثل نهجا عقائديا، حيث يجب دفن التحولات الديمقراطية في جميع أنحاء العالم العربي، حتى لو كان ذلك يعني الترويج، كما هو الحال في الخرطوم، لإعادة تشكيل المجلس العسكري. 

مثل هذه الرؤية تتعارض تماما مع تلك التي كشفها الرئيس ماكرون في ساحة شون دو مارس، في مايو/أيار.

وتقول الصحيفة: "إذا أضفنا إلى ذلك دور المؤجج الذي تلعبه أبوظبي الآن في تشجيع الرباط في مواجهتها مع الجزائر، يمكننا أن نرى حجم الخلافات الإماراتية التي تتراكم في القارة الإفريقية مع باريس".

مما لا شك فيه أنه "آن الأوان ولم يفت على فرنسا لتواجه أخيرا الإمارات في هذه المنطقة في العديد من النواحي الإستراتيجية"، تخلص الصحيفة.