دبلوماسي إيراني سابق: طهران في وضع حرج وعليها التنازل أمام ترامب

منذ ١١ ساعة

12

طباعة

مشاركة

منذ وصوله إلى البيت الأبيض في ولاية ثانية، أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب العديد من التهديدات العسكرية غير المسبوقة ضد إيران في إطار مساعيه لإجبار طهران على التوصل إلى اتفاق نووي جديد.

واللافت أن "التوقعات كانت تشير إلى أن مثل هذا التهديد سيواجه برفض من دول أخرى نظرا للظروف الدولية". بحسب صحيفة "ستاره صبح" الفارسية المقربة من الإصلاحيين في إيران.

"لكن أوروبا حتى الآن أبدت صمتا حيال التهديد الأميركي، مما يدل على أنها متوافقة مع فكرة الهجوم على إيران"، وفق الصحيفة.

وترى أن "هذا الصمت الأوروبي يعكس واحدة من الحالات النادرة التي تتقاطع فيها مواقف أوروبا والولايات المتحدة نتيجة ارتباك السياسة الخارجية الإيرانية وتدهور علاقاتها مع الغرب".

وتعتقد أنه "في مثل هذه الظروف الحرجة يصبح كسب تأييد الحكومات والرأي العام العالمي أمرا بالغ الأهمية".

لكن السؤال هو: “بعد أن وصلت الأمور إلى هذه المرحلة، هل سيكون للتفاوض نتائج فعلية؟ وهل يمكن أن يحقق مصالح وطنية؟”

في هذا السياق، أجرت الصحيفة الفارسية لقاء مع الدبلوماسي السابق والمحلل في الشؤون الدولية فريدون مجلسي، أوضح فيه "الأخطاء التي ارتكبتها إيران على مدى العقود الماضية، مما أوصلها إلى مرحلة حرجة لا بد أن تتفاوض فيها مع واشنطن".

الخطأ الإيراني 

يقول مجلسي: إن الأمر بدأ منذ 45 عاما عندما أعلنت طهران الحرب على الولايات المتحدة بعد احتلال سفارتها، ومنذ ذلك الحين لم تتوقف عن ترديد شعار "الموت لأميركا".

 واليوم، بدأ التلفزيون الإيراني نشرة أخباره بهتافات "الموت لأميركا ولإنجلترا"، وفق الدبلوماسي السابق.

وأضاف: "عندما يصل العداء إلى هذا الحد، فهذا يعني أن إيران هي من بدأت بالعمليات العدائية قبل الولايات المتحدة".

وأشار إلى أن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا تدرك أن أميركا وإسرائيل كيان واحد، وأن مواجهة أي جزء من هذا الكيان الموحد له كلفة واحدة، كما أن أوروبا تقف خلف هذا التوجه". 

وفي تحليله لمراحل معالجة الخلافات الدولية، أوضح مجلسي أن "الأمور تبدأ برد حازم ثم يتبعها إنذار، ثم تحذير، ثم تهديد، وأخيرا إنذار نهائي يتضمن تحديد مهلة".

ومن وجهة نظره: "إذا حددت قوة دولية مهلة زمنية، فإنها لن تتراجع عن تنفيذ إنذارها". 

وتابع: "قدم ترامب، في ليلة رأس السنة، قائمة بمطالبه ومنح إيران مهلة شهرين، داعيا إلى التفاوض حول تنفيذها".

وشدد مجلسي على أن ترامب "لم يترك مجالا للمجاملات، والمرحلة المقبلة من التفاوض لا تحتمل وجود شخصيات مثل سعيد جليلي (مرشح رئاسي سابق ومفاوض نووي مقرب من المرشد الأعلى علي خامنئي)، ولم يعد بالإمكان إرسال وفود تفاوضية لمجرد كسب الوقت".

ونصح طهران أن "تبدأ مفاوضات جدية مع الولايات المتحدة، يجرى فيها تبادل الالتزامات والحصول على تنازلات، وإلا فسيتم التعامل مع إيران على أنها الطرف الخاسر في الحرب".

وضع حرج

وفيما يتعلق بقرار أميركا تجاه إيران، قال الدبلوماسي السابق: "من الواضح حجم التكاليف التي تكبدتها طهران في المنطقة، وما فعلته في العراق وسوريا ولبنان وغزة واليمن".

وأردف: "من وجهة نظر الولايات المتحدة، الإجابة عن سؤال: كيف أصبح الحوثيون يمتلكون صواريخ؟ واضحة تماما: وهي أننا ساعدناهم على ذلك".

وأفاد أن أميركا "تريد حسم مسألة المليشيات الحوثية في أقرب وقت، لتدخل في مناقشات مع الجمهورية الإسلامية بيد أقوى، وهي مفاوضات أراها أقرب إلى صفقات المقايضة".

وأضاف: “قبل أن تتعرض إيران لضربة، عليها أن تبادر إلى التفاوض”، وهو ما يجرى الذهاب إليه بالفعل اليوم من خلال وساطة تقودها سلطنة عمان.

ففي 7 أبريل/نيسان 2025، أعلن ترامب لأول مرة عن إجراء محادثات أميركية مباشرة مع إيران، في حين أكدت طهران أنها ستكون “غير مباشرة”.

وأثناء استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أعلن ترامب أن اجتماعا مهما سيعقد يوم السبت (12 أبريل) على أعلى مستوى، مضيفا أن نجاح هذه المفاوضات سيكون إيجابيا لإيران وإلا فستكون في "خطر كبير".

وقال ترامب: "إيران لا يمكن أن تملك سلاحا نوويا، وإذا لم تنجح المحادثات، أعتقد أنه سيكون يوما سيئا للغاية بالنسبة لإيران"، وأكد أنه لا واشنطن ولا إسرائيل ترغب في المشاركة في أي صدام ما دام تجنبه ممكنا.

وشدد مجلسي على أنه "لا ينبغي أن تتكرر تجربة غزة في إيران؛ حيث نسعى إلى الحوار ووقف إطلاق النار بعد اندلاع المواجهات العسكرية".

وحذر من أنه "إذا وصلت الأمور إلى الحرب، وتعرضت المراكز العسكرية والصناعية ومحطات الطاقة والبنية التحتية للهجوم، فإن الأوضاع الاجتماعية داخل البلاد ستدخل مرحلة حرجة، في حين أن من واجب أي حكومة أن تؤمّن الأمن والراحة لشعبها".

واستطرد: "صحيح أن إيران قادرة على إلحاق الضرر بالولايات المتحدة، لكنها ستكون معرضة بشدة للخطر في حال نشوب حرب".

مرحلة القبول

وأشار الخبير السياسي إلى شروط إيران، قائلا: "إن المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة قد بدأت في سلطنة عمان".

وأضاف: "وضعت إيران شرطين، أولهما أن يكون مكان التفاوض في مسقط، والثاني أن تكون المفاوضات غير مباشرة، وقد وافقت الولايات المتحدة عليهما، أما أهم مطلب لأميركا فهو ضمان أمن وبقاء إسرائيل".

وأردف: "في رأيي، طهران وصلت إلى مرحلة القبول، فقد كان هناك سابقا وهم بأن ما حدث في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 سيؤدي إلى انهيار إسرائيل، لكن هذا الوهم قد زال". وفق تعبيره.

وتابع: "اليوم، يدرك الجميع في الداخل أن لا قِبَل لهم بمواجهة التحالف الأميركي-الإسرائيلي، ولا يستطيعون تحقيق شيء".

وفي كلمة متلفزة من واشنطن في ختام زيارته، قال نتنياهو "اتفقنا على أن إيران لن تمتلك أسلحة نووية، ويمكن أن يتم ذلك من خلال اتفاق".

واستدرك: "ولكن فقط إذا كان هذا الاتفاق على الطراز الليبي، بأن يتم الدخول (إلى إيران) وتفجير المنشآت وتفكيك المعدات كافة تحت إشراف وتنفيذ أميركي"، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.

وفي عام 2003 وافق الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي على تخلي بلاده عن برنامجها لأسلحة الدمار الشامل، ورحب بدخول مفتشين دوليين للتحقق من وفائها بالتزاماتها.

وأردف نتنياهو: "الخيار الثاني هو ألا يحدث اتفاق، حين يطيلون (الإيرانيون) أمد المحادثات، ووقتها سيكون الخيار عسكريا. ناقشنا هذا الأمر بالتفصيل".

وأردف مجلسي أن "العقل يفرض علينا أن نحمي وطننا ومصالحنا الوطنية وشعبنا ومكتسباتنا، وألا نسمح بتدهور مكانة إيران".

وفي ختام تصريحاته، شدد على أن "الخيار الأمثل في ظل هذه الظروف هو إجراء مفاوضات عقلانية تتولاها الحكومة". وأشار إلى وجود "شخصيات محترفة داخل الوزارات، كما أن لدى الحكومة قدرا ما من العقلانية".

وأكد ضرورة عدم تدخل المسؤولين غير الحكوميين في مسار التفاوض، وأن تكون مسؤولية المفاوضات مع الولايات المتحدة بيد الحكومة وحدها.

ورأى أن "أي تنازل في المفاوضات لا بد أن يُقبل داخليا، فالوضع حرج ولا يحتمل الجدل".

وأجرت الولايات المتحدة وإيران محادثات غير مباشرة خلال فترة الرئيس السابق جو بايدن، لكنها لم تحرز تقدما يذكر. 

وكان آخر مفاوضات مباشرة معروفة بين الجانبين في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، الذي قاد جهود التوصل للاتفاق النووي بين طهران وقوى عالمية في عام 2015، وهو الاتفاق الذي انسحب منه ترامب لاحقا.