كيف يهدد التمدد الحوثي في إفريقيا أمن إسرائيل؟.. يديعوت أحرونوت تجيب

منذ يومين

12

طباعة

مشاركة

في وقت تتجه فيه الأنظار إلى شمال اليمن حيث يتعرض الحوثيون لقصف أميركي بريطاني مستمر، لفت تقرير عبري إلى أن "تمدد الحوثيين في مناطق إفريقية إستراتيجية للغاية، قد تجعلهم يحاصرون إسرائيل".

وسلطت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الضوء على "التمدد الحوثي في القرن الإفريقي، وتعاونهم مع الحركات التابعة لتنظيمي الدولة والقاعدة، ومحاولة تجنيد القبائل الإفريقية وتغيير مذهبهم الديني، وإغرائهم لضمّهم إلى (محور المقاومة 2)، الذي بات الحوثيون يمثلون رأس الحربة فيه".

وتحدثت عن "مساعي الحوثيين للتوسع في أرجاء القارة السمراء، خاصة منطقة شمال إفريقيا، وجنوب غرب إفريقيا، حيث يقع طريق رأس الرجاء الصالح".

فرض الحصار

قالت الصحيفة: "في الوقت الذي يعمل فيه العراق على تقليص وجود المليشيات الإيرانية في أراضيه بعد الهزيمة التي لحقت بالتحالف الإيراني-الشيعي في الحرب الدائرة، يعمل الحوثيون على توسيع نفوذهم إلى دول أخرى في المنطقة، بشكل غير متوقع، وفي منطقة خطيرة للغاية".

وأوضحت أنه "في السنوات الأخيرة، توسع الحوثيون في منطقة القرن الإفريقي، وهو البر الموجود في أقصى شمال شرق القارة، ويشمل دول جيبوتي والصومال (بالإضافة إلى أرض الصومال)، وإريتريا وإثيوبيا".

ورأت الصحيفة أن وجودهم في هذه المناطق "أصبح ذا أهمية متزايدة، مع هدف واضح يتمثل في تعزيز نفوذهم والاقتراب أكثر من إسرائيل".

بالإضافة إلى ذلك، تعد منطقة القرن الإفريقي والسودان ذات أهمية إستراتيجية؛ حيث يشمل الجزء منها الطرف الآخر من خليج عدن مقابل اليمن، بينما يمتد الجزء الآخر على طول سواحل البحر الأحمر.

وترى الصحيفة أن "وجود تأثير الحوثيين في هذه المواقع -إلى جانب تأثيرهم في اليمن- يساعد في فرض حصار على إسرائيل، وقد يكون أيضا مفيدا في توفير الدعم لحركة حماس في غزة".

وأردفت زاعمة: "على سبيل المثال، وسع الحوثيون تعاونهم مع تنظيم الشباب في الصومال، الذي يعد فرعا لتنظيم القاعدة في شرق إفريقيا، وكذلك مع تنظيم الدولة".

وتابعت: "وفقا للتقارير التي نُشرت في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، فإن تنظيم الشباب عقد اجتماعات في الصومال مع ممثلين للحوثيين وطلبوا مساعدات في الأسلحة والتدريب".

"في المقابل، تعهد تنظيم الشباب بتوسيع نشاط القراصنة في خليج عدن وعلى سواحل الصومال، وشن هجمات على سفن التجارة وتعطيل حرية الملاحة، كما تعهد أعضاء التنظيم بتقاضي فدية من السفن التي يتم احتجازها"، كما ادعت الصحيفة.

وتابع مزاعمه قائلا: "دعم الحوثيون مقاتلي التنظيم بالتدريب، وتزويدهم بمعدات قتالية متنوعة، من أسلحة ومواد متفجرة إلى طائرات مسيرة، والتي وصلت عبر الموانئ في جنوب الصومال".

وحذرت من أن "ما يثير القلق بشكل خاص هو أن هذه الروابط هي جزء من نمط أوسع لنشاطات الحوثيين خارج حدود اليمن".

رأس الحربة

ورأى داني سيتيرينوفيتش، الباحث في برنامج إيران في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي ورئيس قسم إيران السابق في شعبة الاستخبارات العسكرية، أن "هذه التحركات توضح أن الحوثيين أصبحوا الوكيل الإيراني في إفريقيا، وذلك بهدف تجنيد أطراف إفريقية نشطة في القارة".

ويرى سيتيرينوفيتش أن خطر الحوثيين لا يقتصر على منطقة القرن الإفريقي، قائلا: "إستراتيجيا، تتركز الأنظار على القرن الإفريقي، لكن الحوثيين هددوا في السابق بشن هجمات على إسرائيل في رأس الرجاء الصالح (جنوب غرب إفريقيا، حيث يلتقي المحيط الأطلسي مع المحيط الهندي)".

ولفت إلى وجود تقارير تتحدث عن "رغبة الحوثيين في التوسع أيضا في شمال إفريقيا؛ حيث لديهم صلة طبيعية بالتاريخ الإفريقي أكثر بكثير من الإيرانيين، ولذلك فهم رأس الحربة في هذا التحرك". 

واستطرد سيتيرينوفيتش: "يجب أن نكون قلقين جدا من نيتهم في تطوير قدرتهم على العمل في تلك الدول".

وفي معرض الحديث عما إن كانت هذه التحركات تعد مبادرة مستقلة من الحوثيين أم بتوجيه مباشر من إيران، أفادت الصحيفة بأن "الحوثيين هم الوكيل الأكثر استقلالية الذي يتبع إيران".

واستدركت: "لكن هذا لا يعني أنه لا يوجد تنسيق بينهم وبين الإيرانيين فيما يتعلق بالملف الإفريقي، ولا يعني أن الإيرانيين لا ينقلون أسلحة ومعدات إليهم".

مع ذلك، شددت الصحيفة على أن "الحوثيين فيما يتعلق بعملية اتخاذ القرار مستقلون للغاية، وقدرة إيران على التأثير عليهم محدودة".

وتابعت: "ولذلك، فإن الفكرة القائلة بأن إيقاف هجمات الحوثيين، يتطلب مهاجمة إيران هي فكرة غير صحيحة.. فالعمليات تُدار من قبل الحوثيين فقط، وتخدم المصالح الإيرانية العامة فقط".

طريق إستراتيجي

وأوضح سيتيرينوفيتش أن "التهديد الحوثي ليس فقط التهديد الذي نراه حاليا في الشرق الأوسط؛ في مضيق باب المندب وفي الهجوم المباشر على إسرائيل، بل هو أيضا تهديد محتمل أكبر للمصالح الإسرائيلية والغربية".

وأضاف: "المعركة ضد الحوثيين يجب ألا تكون فقط في اليمن. فمن الواجب أن ننظر إلى القضية الحوثية من الجانب الإفريقي أيضا".

واستشهد بقصة حركة الشباب في الصومال قائلا: "يعمل هذا التنظيم، بالتعاون مع الحوثيين، ضد حكومة مدعومة من الأميركيين والإماراتيين".

ورأى سيتيرينوفيتش أن ذلك "يمثل تهديدا أكبر لطرق الملاحة، من خلال القرصنة أو الهجمات الفعلية".

كما دعا إلى "التحرك ضد دعم الحوثيين لهذا التنظيم؛ لأنهم قد يساعدون في تفكيك الصومال واحتلالها أو احتلال أجزاء منها".

ووفقا لسيتيرينوفيتش، "فإن أي نجاح تحققه حركة الشباب في المنطقة سيكون دراماتيكيا بالنسبة للحوثيين، وسيفتح لهم مناطق سيطرة جديدة".

وأردف الخبير في الشأن الإيراني: "في هذه الحالة، لا تهم الفوارق الأيديولوجية بين السنة والشيعة.. الأمر يتعلق في النهاية بمصالح إستراتيجية عميقة تخدم الطرفين".

وبحسب "يديعوت أحرونوت"، فإن القصة "مشابهة أيضا في السودان، التي تعد الطريق الإستراتيجي لتهريب الأسلحة إلى غزة، إذ تتمتع إيران بنفوذ كبير، وتساعد بشدة الحاكم العسكري عبد الفتاح البرهان الذي أعلن أخيرا من قصر الرئاسة أن (الخرطوم حرة)".

بدوره، قال سيتيرينوفيتش: "بما أن الحوثيين يعملون نيابة عن إيران في إفريقيا، فمن المحتمل أن يكون لهم وجود كبير في السودان، وهذا ينطبق أيضا على إريتريا".

وفيما إن كان الحوثيون يأخذون مكان حزب الله في محور المقاومة، قالت الصحيفة: "لقد تعلموا الكثير من حزب الله".

وأضافت: “لا شك أن هناك تشابها معينا في نوع النشاط وطريقة التفكير، وهو ما يبرز أهمية النظر إلى القصة الحوثية من زاويتها الإفريقية أيضا؛ إذ يبدو أن القارة الإفريقية ستكون جزءا من محور المقاومة 2”، زاعمة أن "للحوثيين دورا مهما في بناء القدرات في هذا السياق".

واستطردت محذرة: "ما نشهده حاليا في اليمن يمكن أن يحدث بسهولة في أماكن أخرى في إفريقيا، وبالتالي فإن التهديد الإيراني لا يقتصر على الشرق الأوسط".