"حرب وجود".. لهذا تعلن إسرائيل عن زيارات مسؤوليها للإمارات بعد تنفيذها
.jpg)
رغم تطبيع العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة والاحتلال الإسرائيلي، فإن الزيارات التي يجريها المسؤولون الإسرائيليون مؤخرا، ولا سيما الوزراء منهم تحيطها الكثير من السرية، ولا يجري الإفصاح عنها إلا بعد انتهائها وعودتهم إلى تل أبيب.
وفي 13 أغسطس/آب 2021، أعلن الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، توصل الإمارات وإسرائيل إلى "اتفاق تاريخي" لتطبيع العلاقات بينهما.
لعل آخر تلك الزيارات كانت مطلع أكتوبر/ تشرين الأول 2021، لوزيرة الداخلية الإسرائيلية، أيليت شاكيد، وكذلك وزير الخارجية يائير لابيد الذي زار الإمارات سرا بعد البحرين، حسبما كشف تقرير صحيفة سعودية.
وأعلنت وزيرة الداخلية أيليت شاكيد، أنه اعتبارا من 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، لن يطلب من الإسرائيليين الراغبين في زيارة دبي استصدار تأشيرة دخول، وفق ما نقلته القناة الإسرائيلية الرسمية (كان)، مشيرة إلى أن اتفاقية الإعفاء من تأشيرات الدخول تشمل أيضا الإماراتيين الراغبين في زيارة إسرائيل.
زيارات سرية
وفي 26 يونيو/ حزيران 2021 حطت طائرة وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد بمدينة أبوظبي، في أول زيارة لمسؤول إسرائيلي رفيع لدولة الإمارات، حيث افتتح خلالها مقر السفارة الإسرائيلية والتقى بوزير الخارجية الإماراتي، عبدالله بن زايد آل نهيان.
ونقلت صحيفة "إيلاف" الإلكترونية السعودية في 5 أكتوبر/ تشرين الأول 2021 عن "مصادر مطلعة" لم تكشف هويتها أن "يائير لابيد زار الإمارات بعد البحرين، وتفقد الجناح الإسرائيلي في معرض إكسبو دبي 2020، واجتمع مع مسؤولين إماراتيين، ثم عاد إلى إسرائيل من دون إعلان الزيارة".
وأوضحت أن أيليت شاكيد، زارت دولة الإمارات مدة يومين، واجتمعت مع مسؤولين إماراتيين بينهم سيف بن زايد، وزير الداخلية ونائب رئيس الوزراء، حيث اتفق الجانبان على إلغاء تأشيرة الدخول بين الجانبين.
وأشارت الصحيفة إلى أن زيارة شاكيد بقيت سرا إلى حين وصولها لإسرائيل، بعدها جرى النشر عن الزيارة والتي تعتبر الأولى للوزيرة اليمينية المتطرفة في حكومة إسرائيل والتي رفضت مؤخرا دعوة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للقائه في رام الله واستخفت به وبسلطته.
وبحسب التقرير، فإن "الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أوصت بعدم زيارة كبار الشخصيات إلى الإمارات للضرورة الأمنية ولسلامة هذه الشخصيات، وذلك خشية من اعتداءات قد تتعرض لها من عملاء إيران أو من عناصر من حزب الله وآخرين يوجودون على أرض (الدولة الخليجية)".
وأفادت "إيلاف" بأن "عددا من الوزراء الإسرائيليين طلبوا زيارة الإمارات، إلا أن أجهزة الأمن رفضت طلبهم وطلبت منهم الانتظار إلى حين تتضح صورة الوضع الأمني في الدولة الخليجية، خصوصا أن دبي تحديدا مدينة مفتوحة للجميع، وهذا يثير مخاوف الأمن الإسرائيلي".
وأشارت إلى أن "كبار الضباط المتقاعدين ورؤساء الأجهزة الأمنية السابقين لا يستطيعون زيارة الإمارات لنفس الأسباب الأمنية، وخشية عمليات اختطاف أو استهداف إرهابي من تنظيمات وعناصر تابعة لإيران".
وأطلقت الرحلات التجارية من إسرائيل إلى دبي في بداية ديسمبر/كانون الأول 2020، عندما أعلنت شركة العال عن تدشين خطوط طيران بين مطار بن غوريون ودبي، وذلك بعد التوصل لاتفاق يسمح بموجبه للطائرات الإسرائيلية بالتحليق فوق سماء السعودية.
سعدت بلقاء معالي أيليت شاكيد، وزيرة الداخلية بدولة إسرائيل، واستعرضنا خلال اللقاء آفاق التعاون المشترك وسبل تعزيزها، بما يحقق تطلعات وتوجهات قيادتي البلدين، في دعم أمن المنطقة واستقرارها لما فيه خير شعوب البلدين والمنطقة pic.twitter.com/zbIoSk4blW
— سيف بن زايد آل نهيان (@SaifBZayed) October 5, 2021
تهديدات حقيقية
ويرى مراقبون، أن الإجراءات الإسرائيلية لا تقتصر على الإمارات، بل تمتد إلى دول عدة ولا سيما بعد تصاعد التوترات بين الاحتلال وإيران، وآخرها ما حصل في قبرص اليونانية.
واتهمت إسرائيل إيران في 4 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، بتدبير "هجوم إرهابي" استهدف رجال أعمال إسرائيليين في قبرص، عقب تقارير عن محاولة اغتيال الملياردير الإسرائيلي القبرصي تيدي ساغي.
وقال ماتان سيدي المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت في بيان: "كان هذا حادثا إرهابيا وجهته إيران ضد رجال أعمال إسرائيليين يعيشون في قبرص".
لكنه نفى أن يكون الحادث جنائيا، مضيفا أن ساغي "لم يكن الهدف".
وبدورها، نفت السفارة الإيرانية في قبرص الموضوع في 4 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، قائلة إن "هذا النظام (الإسرائيلي) يقدم دائما مثل هذا الادعاء الذي لا أساس له ضد جمهورية إيران الإسلامية".
وعلقت صحيفة "هآرتس" العبرية على الموضوع من خلال مقال للكاتب عاموس هرئيل نشرته في 5 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، بأن "الإيرانيين شكوا، بشكل خاطئ كما يبدو، بأنهم يعملون في الشركة التي لها علاقات مع جهاز الأمن في الخارج".
وأوضحت أن "قبرص مليئة برجال أعمال من إسرائيل وعمال شركات (هايتيك) الإسرائيلية، لهم علاقة بالصادرات الأمنية لا سيما في مجال السايبر".
وتابعت أن "القرب النسبي من إسرائيل، وفي المقابل إمكانية التمتع بالتسهيلات الضريبية، وربما تقليص جزء من رقابة وزارة الدفاع على الصفقات التجارية، يجذب شركات إسرائيلية كثيرة إلى الجزيرة".
وأردفت الصحيفة: "على الأغلب تجري مناقشة وحتى التوقيع على صفقات مع دول ليس لإسرائيل علاقات دبلوماسية رسمية معها. وكانت الجزيرة (قبرص)، حتى قبل توقيع اتفاقات التطبيع، بؤرة الاتصال بين رجال أعمال من إسرائيل والإمارات".
وأشارت إلى أنه "مثلما حدث في أثناء محاولات اعتداء مشابهة على أهداف إسرائيلية جرى إحباطها في أرجاء العالم، يمكن التخمين بحذر أن تحذيرا استخباريا من دولة مجاورة سبق يقظة القبارصة".
ورأت "هآرتس" أن "نفي سفارة طهران غير مقنع، فإيران تورطت لسنوات بعشرات الاعتداءات ضد أهداف إسرائيلية ويهودية في أرجاء العالم، وهي دائما تنفي أي علاقة لها بذلك".
وواصلت: "هكذا تصرفت قبل شهرين عندما أرسل حرس الثورة الإيراني طائرات مسيرة لمهاجمة سفينة بملكية جزئية لشركة إسرائيلية وقتل في الهجوم اثنان من طاقمها، مواطن بريطاني وآخر روماني. نأمل ألا تمر حكومة قبرص مرور الكرام على اكتشاف الخطة الإيرانية وتطالب بتفسير علني من طهران".
وأشارت إلى أن "الخطة نفسها غير مفاجئة، فلإيران حساب طويل هناك يجب عليها إغلاقه مع إسرائيل على الاغتيال الذي نسب لها، وهو اغتيال عالم الذرة النووي (محسن فخري زادة)، والتخريب في المنشآت النووية، والمس بناقلات النفط التي هربت نفط إيران إلى سوريا، ومهاجمة قواعد مليشيات شيعية في الشرق الأوسط".
ومثلما حدث في السابق، يتبين أن إيران تستخدم مقاولين فرعيين من جنسيات أجنبية، مثل تايلاند والهند، موضحة أن "هواية هؤلاء المقاولين الثانويين تفشل هذه الجهود".
"حرب وجود"
وانتقدت "هآرتس" التفاخر الإسرائيلي بالهجمات التي تستهدف إيران، بالقول: إن "الأمر الأقل فهما هو الحاجة إلى التفاخر بهذه الأفعال في كل مناسبة، وإلى درجة الاستفزاز المتعمد لطهران".
وأوضحت: "برز هذا الأمر فيما نشر عن مهاجمة الناقلات الإيرانية والتسريبات المستمرة لأجزاء من هذه العمليات ضد المخطط النووي".
وواصلت الصحيفة القول بأن "سيل هذه المنشورات تقريبا يجبر إيران على الرد، ومشكلة إسرائيل هي أن لا طريقة لنشر حمايتها على كل هدف يتماهى معها، ولو جزئيا، في الخارج، بدءا بالسفن وحتى رجال الأعمال".
وبناء على ذلك، يؤكد مراقبون أن الحرب سجال ومستمرة بين إسرائيل وإيران في ميادين مختلفة.
فخلال تصريحات لـ"الاستقلال" في 27 سبتمبر/ أيلول 2021، قال الخبير المختص بالشؤون الإيرانية، نجاح محمد علي إنه "منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، فإن الكيان الصهيوني يعتبر إيران عدوا وجوديا، وهذا الأمر غير مقتصر على علمائها النوويين".
وأوضح الخبير أن "طهران ومحور المقاومة في المنطقة وفي فلسطين المحتلة، متى يتمكنون سينفذون مثل هذه العمليات، فقد قتل 5 جنرالات إسرائيليين بطريقة غامضة بعد اغتيال فخري زادة، وبعضهم له صلة بالبرنامج النووي الإسرائيلي".
ولفت علي إلى أن "الحرب بين إيران ومحور المقاومة مع الكيان الصهيوني هي حرب وجود، فكلا الطرفين يعرفون ذلك، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يحصل تطبيع بينهما، وربما تحدث تهدئة في وقت ما بحسب معادلات الصراع الإقليمية والدولية".
وأوضح: "كما جرى بعد قضية السفينة التي تمتلكها الدولة الصهيونية والاتهامات لإيران بتفجيرها وحصل تهديد ووعيد، ولكنهم صمتوا لأن هناك تفاهمات تجري تحت الطاولة إيرانية غربية نحو التهدئة، وأن الولايات المتحدة بشكل خاص لا تريد فتح صراع مع إيران".
ولفت الخبير المختص بالشأن الإيراني إلى أن "التفاهمات الغربية الإيرانية تنعكس بالضرورة على حدة الصراع بين إيران والكيان الصهيوني، وهذا ما نشهده بين الفترة والأخرى في أماكن الصراع بين الطرفين في لبنان وسوريا والعراق واليمن وفلسطين".
وخلص علي إلى أن "الحرب سجال بين الطرفين، ومنها بالتأكيد المعركة السيبرانية، حيث استطاعت إيران اختراق منظومة الصرف الصحي ومياه الشرب، وأجهزة أمنية في إسرائيل".
وحرب الجواسيس أيضا مستعرة بين البلدين، حيث جندت إيران وزراء منهم وزير زراعة مسجون حاليا داخل إسرائيل، والأخيرة في المقابل جندت أفرادا لها، وبعد تطبيعها مع دول خليجية أصبح بإمكانها تجنيد إيرانيين يسافرون إلى هذه الدول، كمال قال.
المصادر
- زيارات المسؤولين الإسرائيليين إلى الإمارات تتم سرًا
- وزيرة إسرائيلية تكشف موعد دخول الإسرائيليين دبي من دون تأشيرات
- حادثة قبرص.. محاولة إيرانية فاشلة لتصفية حساب مع إسرائيل
- الإمارات وإسرائيل تعلنان تطبيع علاقاتهما برعاية ترامب
- إسرائيل تتهم إيران بالاستعانة بقاتل مأجور لاستهداف إسرائيليين في قبرص
- إيران تعلق على مزاعم إسرائيلية حول محاولة اغتيال ملياردير في قبرص