توسيع ترامب مفاوضات إيران إلى خارج "النووي".. هل ينسفها في مهدها؟

ويتكوف أكد أن التواصل المباشر خطوة ستؤتي ثمارها لكلا الطرفين
على الرغم من "الروح الإيجابية" التي سادت أولى جولات المحادثات بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، ترى صحيفة روسية أن هناك "العديد من التباينات في الرؤى بين الطرفين، التي تهدد بإفشال عملية التفاوض".
وتقدّر صحيفة "إزفيستيا" أن "مصير المفاوضات، يعتمد إلى حد كبير على الأهداف التي تسعى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تحقيقها".
ورعت سلطنة عُمان، في 12 أبريل/نيسان 2025، أولى جولات التفاوض، من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن برنامج طهران النووي.
وأعلن البيت الأبيض أن المحادثات كانت "إيجابية للغاية وبناءة"، حيث أجرى ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط أجرى محادثات (غير مباشرة) مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، استضافها نظيره العماني بدر بن حمد البوسعيدي.
وأوضح في بيان أن القضايا بين البلدين معقدة، وأن ويتكوف أكد أن التواصل المباشر خطوة ستؤتي ثمارها لكلا الطرفين. وذكر البيان أن الجانبين سيجتمعان مرة أخرى في 19 أبريل.
وبدورها، أفادت الخارجية الإيرانية بأن “المحادثات دامت لأكثر من ساعتين ونصف الساعة، وشهدت تبادلا للآراء بين عراقجي وويتكوف، من خلال البوسعيدي”.
وفي تطور لافت، ذكرت أن "رئيسي الوفدين الإيراني والأميركي تحدثا معا لبضع دقائق أثناء مغادرتهما المحادثات بحضور وزير الخارجية العُماني".
وعشية انطلاق المفاوضات، حذّر البيت الأبيض من "خيارات أميركية باهظة الثمن" في حال فشل التوصل إلى اتفاق جديد بشأن البرنامج النووي الإيراني، مؤكداً أن الرئيس ترامب يفضل تسوية هذا الملف من خلال محادثات مباشرة مع طهران.
وكان ترامب قد أكد على أن "التوصل إلى اتفاق أفضل من البدائل الأخرى"، وفي المقابل، رأى عراقجي أن "الكرة الآن في ملعب أميركا".
وتتهم الولايات المتحدة، إلى جانب إسرائيل ودول أخرى، إيران بالسعي إلى تطوير أسلحة نووية، بينما تصرّ طهران على أن برنامجها النووي مخصص لأغراض سلمية، من بينها توليد الكهرباء.

السيناريو الليبي
وتقول الصحيفة الروسية: "بينما تُصر إيران على أن ممثليها سيناقشون مع واشنطن القضية النووية فقط، يريد الجانب الأميركي إدراج ملفي الحد من القدرة الصاروخية، وتقليص النشاط العسكري في الشرق الأوسط وفي مقدمتها دعم الجماعات بالوكالة، في المناقشات".
ورأى تريتا بارسي، نائب الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي في واشنطن، أنه "إذا أصر البيت الأبيض على تفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل والقضاء على تطوير الصواريخ وقطع العلاقات مع الشركاء الإقليميين، كما تقترح إسرائيل، فإن الدبلوماسية محكوم عليها بالفشل".
ويشير إلى أن "واشنطن إذا ركزت على التوصل إلى اتفاق يمكن التحقق منه ويضمن استحالة تصنيع طهران قنبلة نووية، فإن المفاوضات لديها فرصة للنجاح".
ونقلت الصحيفة الروسية عن تقارير عربية تأكيدها رفض طهران "مناقشة القضايا السياسية في المفاوضات".
وقالت مصادر إيرانية: "ترامب يريد صفقة جديدة، تتمثل في إنهاء النفوذ الإقليمي لإيران، وتفكيك برنامجها النووي، ووقف تطوير صواريخها، وهذا غير مقبول بالنسبة لنا".
وصرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد اجتماعه مع ترامب في 7 أبريل 2025، أنه "يدعم موقف الرئيس الأميركي بشكل كامل".
كما دعا إلى "تفكيك البرنامج النووي الإيراني وفق السيناريو الليبي عام 2003، عندما تخلت ليبيا بقيادة معمر القذافي طواعية عن برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات".
وجرى بعد ذلك نقل المعدات والمواد إلى الولايات المتحدة، وسمحت البلاد للمفتشين الدوليين بالدخول إلى المنشآت النووية كافة.
واستعرضت الصحيفة الروسية تقديرات أشارت إلى أن إيران "تصمم على أن تتركز المفاوضات في صياغة نسخة محدثة من خطة العمل الشاملة المشتركة، وهي الاتفاق النووي الأصلي لعام 2015، والذي حدّ من برنامجها مقابل تخفيف العقوبات الدولية".
وتابعت: "يشكل هذا تحديا لخطط ترامب، الذي يرغب في تفكيك البنية التحتية النووية الإيرانية بالكامل، وهو أمر يتفق معه نتنياهو، حيث دعا إلى الإنهاء الكامل لبرنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني".

نقاط تقاطع
مع ذلك، أوضحت الصحيفة أن إدارة ترامب "مهتمة بإيجاد أي نقاط تقاطع مع إيران"، وذلك بحسب تصريحات مورغان أورتاغوس، نائبة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط.
وقالت: "هناك حالة من انعدام الثقة الشديد بين الطرفين، دعونا نعقد عدة لقاءات تمهيدية لنرى إن كان من الممكن إيجاد أرضية مشتركة تسمح بالتوصل إلى حل سلمي".
وأضافت: "إدارتنا تركز على النتائج الملموسة والأهداف القابلة للتحقيق، يضم فريقنا العديد من رجال الأعمال، ونحن نحب الصفقات ونعرف كيف نبرمها، ولسنا منشغلين كثيرا بشكل العملية".
شدد فلاديمير ساجين، الباحث في مركز دراسة بلدان الشرق الأدنى والأوسط في معهد الدراسات الشرقية، على أن "المفاوضات ستكون صعبة للغاية؛ حيث تتمثل المهمة الرئيسة للأطراف في تطوير منصة وبرنامج مشتركين لمزيد من الحوار".
في هذا السياق، أفادت مصادر مطلعة للصحيفة الروسية بأن الحوار في سلطنة عمان سيكون "سياسيا وليس فنيا، وفقا لخطط البيت الأبيض". من جانبها، ترى السلطات الإيرانية أن المحادثات "اختبار للثقة".
وخلال زيارته إلى الجزائر في أبريل 2025، قال عراقجي: إن لقاء مسقط يمثل "فرصة جديدة للدبلوماسية واختبارا لجدية نوايا الولايات المتحدة، التي لها سجل حافل بالأفعال غير النزيهة".
وشدد الوزير الإيراني بشكل خاص على أن بلاده "لا تريد مناقشة أي موضوع في المحادثات سوى ملفها النووي".
وقال: "سيُناقش الملف النووي حصرا، وتحديدا تقديم تأكيدات وضمانات للطبيعة السلمية للبرنامج الإيراني مقابل رفع العقوبات الظالمة".

خطوة يائسة
وبخصوص المطالب الأميركية حول وقف دعم طهران لـ "محور المقاومة"، أكد مسؤول إيراني أن الأخير يعد "رصيدا إستراتيجيا للبلاد، ولن نقبل التشكيك في سياستنا الإقليمية وعلاقتنا مع شركائنا".
من جانبه، يرى فلاديمير ساجين، أن "الصورة الحقيقية لطهران قد ساءت بشكل كبير، وأن معظم الجماعات الموالية لها هُزمت أو أنها بدأت في إلقاء سلاحها، بما في ذلك حزب الله الذي كان يعد القوة الضاربة الرئيسة لها في الشرق الأوسط".
وتوقع أن "تتم إزالة هذه القضية من أجندة المفاوضات مع الولايات المتحدة، نظرا لأنه لم يعد لدى إيران أي أدوات نفوذ في المنطقة على شكل تشكيلات مسلحة".
في الوقت نفسه، أوضحت الصحيفة أن طهران "تعزز من موقفها التفاوضي".
وفقا لمعلومات استخباراتية من دول في المنطقة، سلمت الجمهورية الإسلامية، ولأول مرة، صواريخ بعيدة المدى للفصائل الشيعية المسلحة العاملة في العراق.
وبينت الصحيفة أن فيلق الحرس الثوري الإيراني أرسل الشحنة المذكورة إلى المقاتلين خلال أبريل، وهي أول مرة تمتلك فيها الفصائل شبه العسكرية العراقية صواريخ أرض-أرض بعيدة المدى.
ونقلت عن مصدر استخباراتي في إحدى دول الشرق الأوسط قوله: "هذه خطوة يائسة من الجانب الإيراني".
من جانب آخر، تقدّر الصحيفة أن "موضوع البرنامج الصاروخي الإيراني يظل حساسا للغاية، حيث من المشكوك فيه أن توافق واشنطن على تجاهل تطوير هذه القدرات".
وأشار إلى أنها "تشكل تهديدا ليس فقط للمصالح الأميركية في الشرق الأوسط، بل أيضا على المدى الطويل للولايات المتحدة نفسها، نظرا لتطوير إيران للصواريخ العابرة للقارات".
"ولذلك من غير المرجح أن تتوصل الأطراف إلى حلول ملموسة في عُمان، لكنها قد تتفق على نوع من خريطة الطريق"، وفق تقدير الصحيفة.