مبعوث أممي رابع لليمن.. ماذا يمكن أن يقدم لحرب مستمرة منذ 7 سنوات؟

12

طباعة

مشاركة

في الوقت الذي يعيش فيه الشعب اليمني، أشد حقبات التاريخ حلكة وسوادا، بفعل الحرب الأهلية التي أتت على الأخضر واليابس، تطلق الأمم المتحدة بصيص أمل، بإرسال مبعوث أممي جديد في محاولة لإنهاء القتال واستعادة الأمن.

ويترقب اليمنيون ما سيقدمه المبعوث الأممي "الجديد" إلى اليمن، السويدي هانس غروندبيرغ، الذي عينه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في 3 يوليو/ تموز 2021، خلفا للبريطاني مارتن غريفث.

غروندبيرغ، هو المبعوث الأممي الرابع إلى اليمن منذ اندلاع الأزمة الداخلية بالبلاد عقب ثورة 2011، إذ سبقه الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ، ثم المغربي جمال بنعمر، والبريطاني مارتن غريفث.

إلى جانب مهمته الحالية كمبعوث أممي، يتبوأ السويدي غروندبيرغ، منصب سفير الاتحاد الأوروبي إلى اليمن، منذ سبتمبر/ أيلول 2019، ويعد دبلوماسيا محترفا في الشرق الأوسط، ومتخصصا بحل النزعات.

شغل سابقا عدة مناصب دبلوماسية في القاهرة، والقدس، وبروكسل، وترأس قسم الخليج في وزارة الخارجية السويدية، في عاصمة بلاده استوكهولم، كما قاد مجموعة العمل في الشرق الأوسط، والخليج العربي، خلال رئاسة السويد للاتحاد الأوروبي عام 2009.

فشل أممي

مراقبون، يخشون من أن يكون المبعوث الجديد خيبة مضافة للخيبات السابقة التي مني بها اليمنيون، إبان إشراف المبعوثين الثلاثة السابقين على الملف اليمني، الذين فشلوا في حلحلة الأزمة وإلزام جماعة الحوثي بقرارات مجلس الأمن الصادرة من بينها القرار الأممي (2216) الذي يلزم الحوثيين بتسليم السلاح وإنهاء مظاهر الانقلاب.

قرار مجلس الأمن (2216) صدر في 14 أبريل/ نيسان 2016، وألزم في أحد بنوده جماعة الحوثي بسحب قواتها من جميع المناطق التي استولوا عليها بما في ذلك العاصمة اليمنية صنعاء، والتخلي عن جميع الأسلحة التي استولوا عليها من المؤسسات العسكرية، والتوقف عن جميع الأعمال التي تندرج ضمن نطاق سلطة الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا.

محللون، يذهبون إلى أن فشل مبعوثي الأمم المتحدة يعود إلى أن سياسة الأمم المتحدة، تركز على إدارة الأزمة اليمنية لا على حلها، وذلك من خلال تركيزها على الجانب الإنساني وعدم إيلاء الجانب السياسي الأولوية، مع أن تدهور الوضع الإنساني ناتج عن تفاقم الأزمة السياسية.

عدم إفصاح الأمم المتحدة، عن الطرف المعرقل في اليمن تسبب في تعقيد الأزمة.

الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا من جانبها اتهمت، عبر متحدثها الرسمي راجح بادي، آخر مبعوث للأمين العام للأمم المتحدة مارتن غريفث، بعدم تسمية الطرف المعرقل لعملية السلام، وأنه الأمر الذي فاقم من الأزمة اليمنية.

نهج جديد

ولتجنب تكرار فشل المبعوثين السابقين، دعت الحكومة اليمنية، الأمم المتحدة، إلى تغيير نهجها في التعامل مع الأزمة اليمنية.

وكالة "الأناضول" التركية، نقلت في 17 يونيو/ حزيران 2021، عن وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك، دعوته الأمم المتحدة، إلى ممارسة "نهج جديد" يجبر جماعة الحوثي على تحقيق السلام في البلاد.

بن مبارك؛ أكد على أهمية "انتهاج الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لنهج جديد يجبر الحوثي على التخلي عن خيار الحرب وسياسة وضع العراقيل وتغليب مصلحة الشعب اليمني، لما من شأنه وضع حد للمأساة الإنسانية ووقف سفك دماء اليمنيين".

في لقائه المبعوث السابق مارتن غريفث في العاصمة السعودية الرياض لفت إلى أن "استمرار مليشيا الحوثي بتصعيده وتحشيده العسكري في محافظتي مأرب (شرق)، وحجة (شمال)، يؤكد عدم جديته في السلام وارتهان قراره بالنظام الإيراني ومشروعه التخريبي في المنطقة"، على حد قوله.

المبعوث السابق مارتن غريفث، أدلى بإحاطة أمام مجلس الأمن في 14 يونيو/ حزيران 2021، قبيل مغادرته مهمته الحالية في اليمن، قال في جزء منها: "على مدار السنوات الثلاث الماضية من عملي في اليمن، قدمنا العديد من الفرص للطرفين، لكن من دون جدوى"، وهو الأمر الذي اعتبره مراقبون اعترافا ضمنيا بفشله.

وردا على الاتهامات له بالفشل، قال غريفث بأن الوسيط الأممي ليس مسؤولا عن الحرب ولا عن السلام، والامتياز الذي يتمتع به لا يمنحه أي سلطة لإنهاء الحرب، وهو الأمر الذي تم اعتباره تملصا من مسؤولياته في تسمية الطرف المعرقل لعملية السلام، والرفع به إلى مجلس الأمن، كحد أدنى.

مهمة صعبة

المبعوث الأممي الجديد غروندبيرغ، يواجه قضية صعبة وملفا معقدا، فبعد سبعة سنوات من الحرب، وسيطرة جماعة مسلحة على الحكم وتحولها لسلطة أمر واقع، وتحول الأزمة اليمنية إلى أزمة إقليمية بين كل من إيران والسعودية فإن ذلك يجعله أمام قضية بالغة التعقيد.

وزارت بعثة من الاتحاد الأوروبي، العاصمة المؤقتة عدن، بقيادة غروندبيرغ في 7 فبراير/ شباط 2021، وقابلت رئيس الحكومة الشرعية معين عبدالملك، وعددا من المكونات الأخرى، بينهم قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي.

ويخشى يمنيون أن يكرر غروندبيرغ، أخطاء أسلافه في التركيز على الأزمة الإنسانية وفتح مطار صنعاء، ومعالجة نتائج الأزمة السياسية، وفي المقابل إهمال أو تجاهل الأزمة السياسية التي تسببت بالأزمات الاقتصادية والإنسانية المتلاحقة.

أكبر تحد، للمبعوث الجديد، يتمثل في قدرته على إقناع جماعة الحوثي، بوقف إطلاق النار وانسحابها من محيط مأرب، كحد أدنى، حيث تشن هجوما مسلحا على مأرب الذي تستضيف أكبر مخيمات للنازحين والفارين من جحيم الحرب.

كما يكمن التحدي الآخر في قدرة غروندبيرغ، على الدفع باستكمال تنفيذ اتفاق الرياض الموقع بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي، وإلزام المجلس الانتقالي ببنود الاتفاقية، وعدم الانقلاب عليها.

جدير بالذكر، أن الإمارات مازالت تمارس سلوكا تخريبيا في اليمن، وذلك من خلال دعم مزيد من الميلشيات المسلحة التي تعمل خارج المؤسسة الشرعية المعترف بها دوليا، وتقوم بتسليحها، متسببة بمزيد من التعقيد للأزمة اليمنية، وهو تحد ثالث يواجهه المبعوث الجديد.

أسباب للنجاح

وإلى جانب الثقة التي منحها إياه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، فإن غروندبيرغ يحظى بدعم بلاده، حيث باتت السويد أكثر اضطلاعا بالأزمة اليمنية، ولديها رؤية لإنهاء الأزمة، تتمثل بإطلاق عملية سياسية واسعة وشاملة، تبدأ بالوقف غير المشروط لإطلاق النار من جميع الأطراف.

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2018، استضافت السويد محادثات بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، وجماعة الحوثي، برعاية الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وكان غروندبيرغ أحد المشرفين على ترتيبات هذه المحادثات، ما جعل السويد أكثر اضطلاعا بالأزمة اليمنية.

كما عينت السويد مبعوثا خاصا إلى اليمن هو الدبلوماسي بيتر سيمنبي، وفي وقت سابق قام بجولة قابل فيها أطراف الصراع في صنعاء ومأرب، وهو الأمر الذي أفضى إلى عقد محادثات لاحقا في استوكهولم.

وإلى جانب دعمه من قبل السويد، فإن غروندبيرغ يحظى بدعم أوروبي وأمريكي، ويفترض أن يسفر هذا الدعم عن قدرته على النجاح وإقناع جميع الأطراف بوقف إطلاق النار وعقد مفاوضات للخروج برؤية مشتركة لحل الأزمة السياسية .

يذكر أن روسيا، عارضت تعيين غروندبيرغ مبعوثا أمميا إلى اليمن، و دفعت بسفيرها إلى اليمن فلاديمير ديدوشكين، كمرشح للمنصب، قبل أن توافق مؤخرا على تعيينه، لإدراكها بأن الدول الأخرى دائمة العضوية لن توافق على تعيين مرشحها كمبعوث لليمن.