واشنطن مستمرة بتوسعة قاعدتها الجوية في النيجر.. ما الأهداف الجديدة؟

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة نيويورك تايمز أن وكالة المخابرات المركزية الأميركية تواصل توسيع قاعدة جوية في النيجر لاستخدامها في ضربات طائرات بدون طيار تستهدف "تهديدات إرهابية" متنامية في ليبيا ومنطقة الساحل الإفريقي.

وتواصل وكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه) إجراء رحلات جوية سرية بطائرات بدون طيار من قاعدة جوية صغيرة ولكنها تتوسع بشكل مطرد، حتى مع قيام إدارة جو بايدن مؤقتا بتقييد ضربات الطائرات بدون طيار ضد "الإرهابيين" المشتبه بهم خارج مناطق الحرب التقليدية، مثل أفغانستان، وفق الصحيفة.

وبعد فترة وجيزة من إنشائها للقاعدة في شمال النيجر قبل ثلاث سنوات، أصبحت "سي آي إيه" مستعدة لشن ضربات بطائرات بدون طيار من الموقع. ولكن لا يوجد دليل عام على أن الوكالة نفذت أي ضربات سوى مهام المراقبة حتى الآن. 

توسعة مستمرة

وتمت إضافة القاعدة إلى مطار تجاري صغير إلى حد كبير لإيلاء اهتمام أكبر لجنوب غرب ليبيا، وهو ملاذ للتنظيمات الإرهابية من القاعدة إلى تنظيم الدولة والجماعات المتطرفة الأخرى التي تعمل في منطقة الساحل في النيجر وتشاد ومالي.

وتشير القدرات المتوسعة في القاعدة إلى أن وكالة المخابرات المركزية ستكون جاهزة لتنفيذ ضربات مسلحة بطائرات بدون طيار إذا سمحت المراجعة رفيعة المستوى بذلك.

في غضون ذلك، يبدو أن مهام المراقبة والاستطلاع التابعة للوكالة تتقدم، ضمن القيود المؤقتة على الضربات.

وتُظهر صور الأقمار الصناعية الجديدة أن القاعدة الجوية في ديركو (النيجر)، قد نمت بشكل ملحوظ منذ أن كشفت صحيفة نيويورك تايمز لأول مرة عمليات وكالة المخابرات المركزية هناك في عام 2018، حيث شملت الإجراءات بناء مدرج أطول بكثير وزيادة الأمن في الموقع. 

كما تُظهر الصور الجديدة أيضا لأول مرة ما يبدو أنه طائرة بدون طيار من نوع MQ-9 Reape تتنقل من وإلى القاعدة. وكانت صحيفة التايمز قد لاحظت سابقا ما كان على الأرجح طائرة من نوع U-28A، وهي طائرة تستخدم غالبا لدعم قوات العمليات الخاصة.

وبموجب التوجيه الذي فرضه جيك سوليفان مستشار الأمن القومي لبايدن، في 20 يناير/كانون الثاني، يوم تنصيب الرئيس الجديد، وجب الآن الحصول على إذن من البيت الأبيض لمهاجمة "الإرهابيين" المشتبه بهم في الأماكن التي تخضع للحكم السيء حيث لا يوجد سوى القليل من القوات البرية الأميركية أو لا يوجد بها أصلا، مثل الصومال واليمن وليبيا.

وفي ظل إدارة دونالد ترامب، سُمح للقوات بأن تقرر بنفسها ما إذا كانت الظروف على الأرض تفي بشروط معينة لتنفيذ الهجوم.

وتأتي مراجعة إدارة بايدن في وقت استولت فيه موجات الإرهاب والعنف المتصاعدة على "الساحل الإفريقي"، وهي منطقة شاسعة تقع جنوب الصحراء تمتد من السنغال إلى السودان.

يأتي ذلك في الوقت الذي يسعى فيه تنظيم الدولة في ليبيا بنشاط للحصول على مجندين جدد يسافرون شمالا من دول غرب إفريقيا، بما في ذلك السنغال وتشاد وفق التقرير. 

 وهاجمت الجماعات المسلحة الجسور والقوافل العسكرية والمباني الحكومية. وينتقل التهديد جنوبا من منطقة الساحل إلى مناطق لم يصلها "العنف المتطرف"، بما في ذلك ساحل العاج والبنين والتوغو وغانا، حيث يوجد لدى البنتاغون مركز لوجستي هناك.

وتدهور الوضع الأمني ​​لدرجة أن قيادة وزارة الدفاع (البنتاغون) في إفريقيا أبلغت المفتش العام بالوزارة في العام 2020 أنها تخلت في الوقت الحالي عن إستراتيجية إضعاف "المتشددين"، وبدلا من ذلك كانت تحاول بشكل أساسي احتواء التهديد، وفق وصف الصحيفة.

وقال كولين كال، مرشح جو بايدن ليكون أكبر مسؤول سياسي في البنتاغون، أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ في ردود مكتوبة على الأسئلة التي سبقت جلسة الاستماع الأخيرة: "يستمر الأمن في التدهور في منطقة الساحل مع انتشار عدم الاستقرار مما يهدد الساحل الغربي لإفريقيا".

وأضاف "لا يمكننا تجاهل أن الصراع المستمر في إفريقيا سيستمر في توليد التهديدات لموظفي الولايات المتحدة وشركائها ومصالحها من المنظمات المتطرفة العنيفة". 

وتدير قيادة البنتاغون في إفريقيا طائرات MQ-9 Reaper بدون طيار من نيامي، عاصمة النيجر، على بعد 800 ميل جنوب غرب ديركو. ومن قاعدة للطائرات بدون طيار في أغداز (النيجر)، 350 ميلا غرب ديركو.

ونفذ الجيش الأميركي ضربات بطائرات مسيرة ضد عناصر تنظيمي الدولة والقاعدة في ليبيا، لكن لم يتم تنفيذ أي هجوم منذ سبتمبر/أيلول 2019.

فرنسا على الخط

وفيما تساءل بعض المحللين الأمنيين عن سبب احتياج الولايات المتحدة إلى كل من الجيش ووكالة المخابرات المركزية، في عمليات الطائرات بدون طيار  لمحاربة المتمردين في ليبيا والساحل، بدأت فرنسا التي لديها حوالي 5100 جندي في منطقة الساحل، في شن هجمات بطائرات بدون طيار من نيامي ضدهم في النيجر وبوركينا فاسو ومالي.

وخلص تقرير حديث لمجموعة الأزمات الدولية إلى أن الإستراتيجية العسكرية التي تنتهجها فرنسا وحلفائها، بما في ذلك الولايات المتحدة قد فشلت. 

 وأشارت المجموعة التي تركز على مناطق الصراع، في تقريرها إلى أن التركيز على جهود صنع السلام المحلية يمكن أن يحقق المزيد.

كما شدد التقرير أنه يجب على باريس وشركائها إعادة توجيه نهجهم تجاه نهج متجذر في الجهود المبذولة لإعطاء الأولوية للحكم، ولا سيما  تهدئة التوترات المتصاعدة  في المناطق الريفية التي يستغلها المقاتلون، وكذلك تحسين تقديم الحكومات للخدمات الأساسية للمواطنين.

وبدأ عمليات وكالة المخابرات المركزية لإنشاء القاعدة في ديركو في فبراير/شباط 2018 لتحسين المراقبة في المنطقة وذلك جزئيا ردا على كمين نُصب في أكتوبر/تشرين الأول 2017 في جزء آخر من النيجر أسفر عن مقتل أربعة جنود أميركيين.

 وقال مسؤول أميركي إن مطار ديركو يعتبر قاعدة للقوات الجوية الأميركية. بينما أوضح مسؤول سابق مشارك في المشروع أن العملية في ديركو مثقلة بالحساسيات السياسية التي يواجهها الجيش الأميركي في مواقعه. 

ورفض المتحدث باسم الوكالة الأميركية تيموثي ل. باريت التعليق. وقالت المتحدثة باسم القيادة الإفريقية نيكول كيرشمان إن الموقع في ديركو يعتبر "قاعدة غير دائمة" للجيش الأميركي، وأن القيادة لم تشارك في أي بناء حديث في القاعدة.

لكن التقرير يشير إلى أن طول المدرج الأصلي البالغ ارتفاعه 5250 قدما تقريبا تضاعف في العامين الماضيين وتم توسيعه في عدة أجزاء، مع ظهور أشغال ترصيف وغيره  من صور الأقمار الصناعية التي التقطت مؤخرا في بداية مارس/آذار. 

وشوهدت توسعة أولية لمهبط الطائرات لأول مرة في صور الأقمار الصناعية في أوائل عام 2019. وعادة ما يتم استخدام مدرج أطول لاستيعاب طائرات أسرع أو أكبر. ومع ذلك، لم يتم بناء حظائر جديدة يمكن أن تؤوي طائرات إضافية وفق التقرير.

وفي وقت متأخر من رئاسته، سعى باراك أوباما إلى تكليف الجيش بمسؤولية هجمات الطائرات بدون طيار بعد رد فعل عنيف على سلسلة من الضربات الأميركية التي قتلت عشرات المدنيين.  

كان الهدف من هذه الخطوة جزئيا تحقيق مزيد من الشفافية للهجمات التي رفضت الولايات المتحدة في كثير من الأحيان الاعتراف بدورها فيها.

وكان أوباما قد قلص من دور وكالة المخابرات المركزية في هذه الضربات، وعمل على الحد من رحلات الطائرات بدون طيار، لا سيما في اليمن.

مع ذلك لم يتم إلغاء هذا البرنامج بالكامل في جميع أنحاء العالم، حيث رفضت الوكالة وأنصارها في الكونغرس هذا الإجراء. 

وتم تغيير سياسة الطائرات بدون طيار في عام 2017، من طرف  مايك بومبيو، رئيس وكالة المخابرات المركزية آنذاك والذي قدم حينها حجة قوية للرئيس دونالد ترامب مفادها أن جهود مكافحة الإرهاب الأوسع للوكالة كانت مقيدة بلا داع.

ووسعت وكالة المخابرات المركزية عمليات الطائرات بدون طيار مع الانتقال إلى ديركو، مما أضاف مهام جديدة للوكالة لمهامها السرية في شرق أفغانستان، وفي جنوب المملكة العربية السعودية لشن هجمات في اليمن. 

ولا تزال مراجعة إدارة بايدن للأطر القانونية والمنهجية التي تحكم الاستهداف في مراحلها الأولية، حيث يقوم المسؤولون بجمع البيانات، بما في ذلك التقديرات الرسمية للضحايا في كل من الجيش ووكالة المخابرات المركزية، في الضربات خارج مناطق المعركة خلال عهد ترامب. 

وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، إميلي هورن، إنه لم يتم اتخاذ قرارات بشأن القواعد الجديدة.

وانتقد بعض الجمهوريون البارزون في الكونغرس القيود المؤقتة للإدارة على ضربات مكافحة الإرهاب بطائرات بدون طيار وغارات الكوماندوز. 

وقال العضو الجمهوري البارز في لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب النائب مايك روجرز: "هذا الإجراء هو عائق بيروقراطي آخر أوجدته إدارة بايدن من شأنه أن يمنح أعداءنا ميزة على الولايات المتحدة وحلفائها".

 وانضم إليه العضو الجمهوري البارز في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب النائب مايكل ماكول، في بيان خلال مارس/آذار 2021.

ويحذر خبراء مكافحة الإرهاب من أنه بدون دعم البنتاغون ووكالة المخابرات المركزية، للبعثات التي تقودها فرنسا في منطقة الساحل، يمكن أن يخرج الوضع الأمني ​​عن نطاق السيطرة. 

وقال بيل روجيو محرر صحيفة Long War Journal، التي تديرها مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات التي تتعقب الضربات العسكرية ضد الجماعات التي تصفها بالمتشددة: "وسع تنظيما الدولة والقاعدة عملياتهما في منطقة الساحل. تكاليف التشغيل من ديركو، على الصعيدين المالي والسياسي، منخفضة للغاية".