إعلام فرنسي: سد النهضة سيجر المنطقة إلى حرب لا مفر منها

12

طباعة

مشاركة

في وقت تستمر فيه الخلافات بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من الجهة الأخرى بشأن سد النهضة، تطرقت صحف فرنسية إلى هذه القضية التي ربما، وفقا لها، قد تؤدي إلى حرب مياه. 

وتحت عنوان "سد إثيوبيا الكبير المستقبلي يقلق مصر" قالت صحيفة لاكروا: "عقدت إثيوبيا ومصر والسودان يوم 3 يونيو/ حزيران اجتماعا عبر الفيديو للاتفاق على ملء خزان سد النهضة الكبير".

وأوضحت أن المشروع الإثيوبي الضخم، أثار منذ ما يقرب من عشر سنوات قلق السلطات في القاهرة، التي تخشى من نقص المياه في مجرى النيل.

وأشارت إلى أنه بينما تخطط إثيوبيا لبدء ملء خزان سد النهضة الكبير في يوليو/ تموز 2020، جرت مفاوضات جديدة يوم التاسع من يونيو/حزيران بين وزراء المياه والري الإثيوبيين مع نظرائهم بمصر والسودان وذلك في محاولة للتوصل إلى حل وسط بشأن سرعة هذا الملء.

خطر نقص المياه

وبينت الصحيفة أنه من جهتها تريد إثيوبيا الانتهاء من هذه العملية في غضون أربع أو سبع سنوات، لكن وفقا لمصر، فإن العملية سريعة جدا، وتريد أن تكون هذه الفترة من 12 إلى 21 عاما كوقت كاف للتكيف وتجنب نقص المياه.

ونوهت "لاكروا" أنه منذ عام 2011، كان هذا المبنى، الذي سيستخدم في إنتاج الكهرباء ويبلغ طوله 1.8 كم وارتفاعه 145م، مصدرا للتوتر بين الدول الثلاث.

ففي المنبع، تعتمد أديس أبابا على السد الذي بني على النيل الأزرق، الذي ينضم إلى النيل الأبيض في السودان مشكلا نهر النيل، لتوليد وتوفير الكهرباء لـ 50 مليون إثيوبي.

وفي المصب، تخشى القاهرة من أن يؤدي ملء السد بـ 74 مليار متر مكعب إلى حرمانها من جزء من الحصة التي تصل إليها، حيث تعتمد الدولة على النهر بنسبة 90٪ لتزويدها بالذهب الأزرق (المياه).  

أما الخرطوم، من جانبها، فهي مهتمة بـ"موقف المساعي الحميدة"، إذ يقول مارك لافيرجن، عالم الجيولوجيا السياسية ومدير الأبحاث في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي (CNRS): إن السودان ليس لديه موقف ضد السد لأنه سيسمح له بتنظيم المياه في حالة حدوث فيضان ولذلك يحاول إقناع مصر بتهدئة اللعبة". 

التمسك بالمفاوضات

ووفقا للصحيفة الفرنسية، منذ نوفمبر/ تشرين ثاني 2019، تضغط الولايات المتحدة والبنك الدولي لكسر الجمود في المفاوضات بين الجانبين لكن دون نجاح.

فبعد الاجتماعات التي عقدت في يناير/ كانون ثاني وفبراير/ شباط 2020، رفضت إثيوبيا التوقيع على اتفاق في أوائل مارس/آذار حول تشغيل السد وتنظيم تدفق المياه بالنهر.

وقالت مصر في مايو/أيار: إنها مستعدة لاستئناف المحادثات لإيجاد "اتفاق عادل ومتوازن وشامل، وفي هذه المرة، رفض السودان صفقة إثيوبيا المقترحة"، مشيرة إلى "قضايا فنية وقانونية تحتاج إلى حل". 

كما حث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس "الأطراف الثلاثة على الاستمرار في جهودهم لحل أي قضايا عالقة بشكل سلمي والتوصل إلى اتفاق مرض".

ولفتت لاكروا" إلى أن الاجتماع الأخير حضره ثلاثة مراقبين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وجنوب إفريقيا، لكن بالنسبة للخبير مارك لافيرجن، فإن جميع التوترات حول السد "يتم تضخيمها بشكل مفرط".

سباق السيادة

وأوضح "في الواقع، إنه سباق نحو السيادة الإقليمية، فمصر لم تعد دولة زراعية وريفية، ولم تعد حاجتها إلى المياه كبيرة، كما أنها أيضا طريقة للرئيس عبد الفتاح السيسي غير المحبوب لتوحيد الأمة ضد عدو مشترك".

وعلى الرغم من التوترات، يخلص مارك لافيرجن إلى أنه لا يمكن أن تغامر مصر وتقوم بعمل مسلح ضد السد لأن "الجميع سينقلب ضدها".

وأوضحت "لاكروا" أن إثيوبيا تعتزم إنتاج الكهرباء هذا العام وتشغيلها بالكامل بحلول عام 2022 من هذا السد، الذي سيصبح أكبر سد للطاقة الكهرومائية في إفريقيا، والذي كلف البلاد 4.2 مليار دولار.

من جهتها تساءلت صحيفة "كورييه إنترناسيونال": هل ستندلع حرب مياه بين إثيوبيا ومصر؟، قائلة: رغم خشية مصر من "الهيمنة المائية" الإثيوبية والخوف السوداني من تفاقم نقص المياه، فإن المشروع الإثيوبي لسد النهضة الكبير سيشهد النور قريبا.

ومن مكتبه في وسط الخرطوم عاصمة السودان، يستعد  خبير القانون الدولي والموارد المائية السوداني أحمد المفتي كل يوم لـ "حرب مياه" يرى أنه لا مفر منها، وفق الصحيفة.

وأكدت أن هذه القناعة دفعت المفتي إلى ترك الوفد السوداني الذي يتفاوض حاليا مع مصر وإثيوبيا للوصول إلى حل بشأن مياه النيل.

ويعتقد الرجل أنه "في غضون عام، أو عشر سنوات أو حتى مائة عام سينتهي هذا السد بزعزعة استقرار المنطقة"، مؤكدا أنه سيزرع بذور عدم الاستقرار وستبدأ حرب مياه.

وتابع: "إذا لم تكن (الحرب) في ظل هذه الحكومة، ستكون في ظل حكومة أخرى، حيث لن يقبل أي مواطن أن يموت من العطش مع العلم أنه يوجد ماء بالقرب منه، وكل يوم يمر أجد عناصر جديدة تدعم ذلك".

سيف ديموقليس

وذكرت "كورييه إنترناسيونال" أنه من المقرر أن تبدأ إثيوبيا ملء خزان السد في وقت لاحق من هذا العام، بعد عشر سنوات من المفاوضات الساخنة بين دول حوض النيل.

وبينت أنه في أوائل أبريل/ نيسان 2020، قال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد: إن العمل سيستمر على الرغم من الصعوبات التي سببها وباء كورونا (كوفيد-19)، مخاطبا الإثيوبيين "الأولوية القصوى هي إنقاذ الأرواح، والثانية هي سد النهضة".

وفيما اقترح رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك إدارة مشتركة للسد، تعتبر مصر أن سد النهضة بمثابة سيف ديموقليس (حكاية تنسب للملك المستبد ديونيسوس الثاني) الذي يخاطر بحرمان 100 مليون من المياه التي يحتاجون إليها من أجل البقاء، حتى أن المسؤولين المصريين أثاروا فكرة قصفه.

ويأتي هذا بينما تجادل إثيوبيا والسودان أيضا بأن الكهرباء التي سينتجها السد ضرورية لرفاهية وازدهار شعبيهما.

غير أن أحمد المفتي يرى أن "السد يمثل تهديدا لحقوقنا، حقنا في الحياة وفي القدرة على العمل، بالإضافة إلى نقص المياه"، مبينا: "ستكون هناك خروقات أمنية ستهدد حق السودانيين في الحياة".