رغم سقوط نظام الأسد.. سر بقاء خلايا حزب الله اللبناني في سوريا الجديدة

مصعب المجبل | منذ ٣ ساعات

12

طباعة

مشاركة

المعطيات الميدانية تكشف أن “حزب الله” اللبناني ما يزال يتمتع بخلايا نشطة في الأراضي السورية، ما يعكس خطورة تنفيذ عمليات تهدد استقرار سوريا الجديدة.

وفي عملية نوعية محكمة، أعلنت قيادة الأمن الداخلي بريف دمشق في 11 أغسطس/ آب 2025، القبض على خلية تتبع لـ"حزب الله" في ريف المحافظة الغربي.

أذرع الحزب

وقال قائد الأمن الداخلي في المحافظة، أحمد الدالاتي: إن الوحدات المختصة وبالتعاون مع جهاز الاستخبارات العامة، تمكنت بعد متابعة دقيقة وعمل ميداني مكثف من القبض على خلية كانت تنشط في بلدتي سعسع وكناكر بريف دمشق الغربي.

وذكر الدالاتي في بيان أن التحقيقات الأولية كشفت عن تلقي أفراد الخلية تدريبات في معسكرات داخل الأراضي اللبنانية، وأنهم “كانوا يخططون لتنفيذ عمليات داخل سوريا تهدّد أمن المواطنين واستقرارهم”.

وخلال العملية الأمنية، صادرت القوات المختصة قواعد لإطلاق الصواريخ، و19 صاروخا من طراز "غراد"، وصواريخ مضادة للدروع، إضافة إلى أسلحة فردية وكميات كبيرة من الذخائر.

وأكَّد الدالاتي أنه تمَّ إحالة الملف إلى الجهات المختصة لاستكمال الإجراءات القانونية، فيما تواصل الأجهزة المعنية التحقيق مع الموقوفين لكشف كامل ارتباطاتهم وأهدافهم.

وبثت الداخلية السورية صورا من العملية الأمنية وكذلك للأسلحة والذخائر التي ضبطتها القوى الأمنية لدى الخلية التابعة لـ"حزب الله". 

ومنذ سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول 2024، كان لحليف الأسد السابق “حزب الله” اللبناني تحركات على أكثر من مستوى داخل الأراضي السورية.

وتمثّل المستوى الأول في محاولة المحافظة على إبقاء خطوط إمداد السلاح عبر سوريا، بينما كان الثاني يتمحور حول استمرار عمليات تهريب المخدرات.

بينما كان المستوى الثالث بتأكيد الداخلية السورية في 27 يوليو/ تموز 2025 وجود تنسيق مباشر بين خلايا تتبع لنظام الأسد المخلوع وحزب الله الذي يقدّم دعما لوجستيا مباشرا لتلك الخلايا التي كانت تعمل في إطار مخطط تخريبي منظم يهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة وتهديد أمن الساحل السوري.

"تعكير الأمن"

وركزت السلطات السورية الجديدة خلال الأشهر الأخيرة على تتبع مخازن السلاح التي خلّفتها إيران ومليشياتها في سوريا ومنع حزب الله من الاستفادة منها؛ إذ عمل “حزب الله” على محاولة استرجاع كميات كبيرة من سلاحه المخزن في سوريا، إلا أن الداخلية السورية تمكنت من إحباط تلك المحاولات. 

فقد جرى في 5 يونيو/ حزيران 2025 إحباط عملية تهريب أسلحة نوعية كانت معدة للعبور إلى الأراضي اللبنانية، في واحدة من أكبر الضبطيات خلال الفترة الأخيرة.

ووفقا لبيان رسمي صادر عن مديرية الأمن الداخلي في مدينة القصير بريف حمص الملاصقة للحدود اللبنانية، فقد تم خلال العملية ضبط شحنة تضم صواريخ موجهة مضادة للدروع (م.د)، إضافة إلى ذخائر من عيار 30 مم، كانت مُخبّأة بإحكام داخل مركبة يقودها أحد المهربين على أطراف المدينة.

وأطلقت وزارة الداخلية السورية في مارس/ آذار 2025 حملة أمنية استهدفت خلايا لمليشيا “حزب الله” في منطقة السيدة زينب بريف دمشق، وتمكنت من إلقاء القبض على عدد من أفرادها.

وسبق ذلك توسيع الدولة السورية الحملات الأمنية لفرض سيطرة الدولة على الحدود مع لبنان. 

ويؤكد مراقبون أن تحرك فلول الأسد في الساحل السوري المجاور للبنان، يعود إلى وجود دعم مباشر من حزب الله لتنفيذ أي مخطط يستهدف الساحل.

ويرى هؤلاء أن الدور الخفي لحزب الله هو الأساس في تسهيل مرور السلاح والعناصر وحتى تأمين انسحاب هؤلاء الفلول.

وضمن هذا السياق، أكد المحلل والخبير العسكري والإستراتيجي، العقيد أحمد حمادة، أن  "حزب الله اللبناني بعدما خسر مواقعه بسوريا عقب سقوط الأسد، لا يزال له ارتباط، فهناك مجموعات مرتبطة به من حزب الله السوري ومن المليشيات الشيعية ممن كانوا يقاتلون إلى جانبه في السنوات الماضية". 

وأضاف حمادة لـ"الاستقلال" أن "حزب الله يسعى إلى إبقاء حالة من الوجود على الأراضي السورية من خلال بعض الخلايا للعبث بالأمن السوري واستقراره".

وأوضح أن "حزب الله ما يزال يركز على الوجود في ريفي دمشق الجنوبي وذلك قرب الحدود الإسرائيلية بهدف تعكير الأمن والمنطقة، وقد تمكن منذ فترة من إطلاق صاروخين في منطقة فارغة في الجولان مما أدى إلى قيام إسرائيل بقصف بعض المناطق". 

ونوه حمادة إلى أن "خلايا حزب الله تنشط في عمليات التهريب التي تتم من سوريا إلى لبنان وأبرزها عمليات تهريب أسلحة بعد قطع طريق الإمداد من إيران، وفي بعض الأحيان تكون عمليات تهريب أشخاص كانوا في صفوف نظام الأسد المخلوع عبر المعابر السرية بين حدود البلدين". 

وذكر أن "هذه الخلايا في نهاية المطاف تخدم الحرس الثوري الإيراني وربما يتم استخدامها في وقت مناسب لضرب استقرار سوريا".

"نهج شفاف"

والنقطة الحساسة في هذه المرحلة هي تشكيل حدود لبنان بوابة خلفية لفلول نظام الأسد البائد ونقاط تنقل لهم؛ بسبب طبيعة الجغرافيا الجبلية الصعبة للحدود السورية-اللبنانية في منطقة أرياف حمص، وطرطوس، ومنطقة القلمون.

وتعد المناطق الحدودية المستهدفة من الجانب السوري مهمة خلال الفترة السابقة؛ حيث تحولت إلى مسارح عمليات للمهربين بين البلدين.

وقد كانت مجموعات كبيرة مدعومة من حزب الله والنظام السابق تدير عمليات التهريب.

وأمام ذلك، يؤكد مراقبون أن سعي الحكومة السورية لتنظيف البلاد من بقايا محور إيران، هي إحدى نتائج عمليات دمشق لتجفيف أذرع طهران المتبقية والتي تعمل ضد الدولة السورية الجديدة.

ولا تزال العلاقات بين إيران والقيادة السورية الجديدة متوترة، في وقت تعمل فيه دمشق على منع أي محاولات قادمة لخلق الفوضى وعدم الاستقرار بالبلاد.

وهذا ما يشير إليه الكاتب والباحث المختص في الشأن الإيراني، ضياء قدور، بقوله: إن "عملية محكمة تؤكد على النهج الشفاف للحكومة السورية بمنع عودة إيران إلى سوريا وعدم تحويل الجنوب لمنصة لاستهداف أمن الدول المجاورة".

وأضاف قدور في منشور عبر حسابه على منصة "إكس" في 11 سبتمبر/ أيلول 2025 أن "جهاز الاستخبارات السوري ووزارة الداخلية قد يكونون نجحا في تفكيك مجموعة (أولى البأس) الإيرانية وإلقاء القبض على كبار رموزها العاملين بشكل أساسي جنوب سوريا".

وشدَّد على أنه “توجد عشرات المستودعات السرية لحزب الله والحرس الثوري التي لم تكشف بعد في سوريا”.

ولفت قدور إلى أنه "منذ أغسطس 2025، كان المقرر أن يلقي القائد العام للمجموعة، أبو جهاد رضا الحسين، كلمة حول التطورات الراهنة والتحديات الميدانية".

وظهرت جماعة "أولي البأس - جبهة المقاومة الإسلامية في سوريا” بشكل غامض في يناير/ كانون الثاني 2025 وأعلنت في بيانها الأول عن حملة مسلحة ضد القوات الإسرائيلية التي تستولي على أراضٍ في جنوب سوريا خارج مرتفعات الجولان المحتلة.

ويتوقع العديد من المراقبين، مثل معهد “واشنطن لسياسة الشرق الأدنى” ومركز “ألما للأبحاث والتعليم في إسرائيل”، أن المجموعة لها أصولها في جهد من جانب إيران للحفاظ على النفوذ في سوريا.