استيراد الطاقة المتجددة من المغرب.. لماذا تراجعت بريطانيا عن الصفقة؟

“الحكومة أرجعت القرار إلى اعتبارات تتعلق بالأمن والتكلفة”
بشكل مفاجئ، أعلنت الحكومة البريطانية في 26 يونيو/ حزيران 2025 عن إلغاء دعمها لمشروع "إكسلينكس"، الذي كان يهدف إلى استيراد الطاقة المتجددة من المغرب عبر كابلات بحرية تمتد لمسافة 4000 كيلومتر.
وبحسب تقرير نشرته مجلة "جون أفريك" الفرنسية، كان يُنظر للمشروع، الذي بلغت كلفته التقديرية نحو 25 مليار جنيه إسترليني، كخطوة إستراتيجية لتزويد ملايين المنازل البريطانية بالكهرباء النظيفة المنتجة من الطاقة الشمسية والريحية جنوب المغرب.
ورغم تصنيفه سابقا كمشروع “ذي أهمية وطنية”، أرجعت الحكومة البريطانية قرار الإلغاء إلى تقديرات تتعلق بالأمن والتكلفة وتفضيل تطوير مصادر طاقة محلية.
المصلحة الوطنية
في المقابل، أوضحت المجلة أن شركة "إكسلينكس" أعربت عن خيبة أملها، مؤكدة التزامها بمواصلة المشروع بطرق بديلة.
فيما شددت لندن على أن القرار "لا يمس متانة علاقاتها مع المغرب، الذي يُعد شريكا إستراتيجيا في مجال الطاقات المتجددة".
وأشارت المجلة إلى أن شركة "إكسلينكس" البريطانية عبرت عن صدمتها من القرار الحكومي، بعد أن كانت قد حصلت على موافقة لندن قبل عامين فقط.
لكن أعلنت الحكومة تخليها عن مشروعها العملاق لاستيراد الكهرباء الشمسية والريحية من المغرب، مفضلة الاستثمار في مشاريع محلية.
وقالت وزارة الطاقة البريطانية في بيان: إن "الحكومة خلصت إلى أن هذا المشروع لا يصب في المصلحة الوطنية للمملكة المتحدة، ولا يتماشى بوضوح مع رغبتها في تطوير كهرباء محلية".
جدير بالذكر أن المشروع، الذي بلغت قيمته 25 مليار جنيه إسترليني، كان يهدف إلى نقل الطاقة الشمسية والريحية المنتجة في إقليم طانطان جنوب غرب المغرب إلى المملكة المتحدة عبر كابلات بحرية بطول 4000 كيلومتر.
وكان للمشروع هدفان رئيسان؛ تزويد 7 ملايين منزل بريطاني بالكهرباء الخضراء، وبناء شراكة إستراتيجية بين المملكة المتحدة والمغرب.
ومن أجل تأمين المشروع، لفتت المجلة الفرنسية إلى أن شركة "إكسلينكس"، التي يرأسها المدير التنفيذي السابق لسلسلة متاجر "تيسكو"، ديف لويس، كانت تسعى لإبرام عقد لمدة 25 عاما مع وزارة الطاقة البريطانية.
وكان عقد الشراكة سيضمن سعرا ثابتا للكهرباء، بالإضافة إلى عدم المطالبة بأي تمويل حكومي.
وبفضل المنشآت المغربية، أفادت "إكسلينكس" بأنها قادرة على تقديم سعر للكهرباء يتراوح بين 70 و80 جنيها إسترلينيا لكل ميغاواط/ ساعة، وهو سعر أقل بكثير من تكلفة إنتاج الكهرباء في المحطات النووية الجديدة في بريطانيا.
بدائل صلبة
ولكن، وفقا للسلطات البريطانية، هناك أيضا مخاطر عالية تتعلق بالتسليم والتشغيل والأمن.
وبهذا الشأن، صرحت الوزارة قائلة: "توصلنا إلى أن هناك بدائل أكثر صلابة ينبغي أن نركز اهتمامنا عليها من أجل إزالة الكربون من قطاع الكهرباء".
وفي هذا السياق، نقلت المجلة الفرنسية تأكيد الوزارة على أن "قرار الحكومة بشأن مشروع الشركة البريطانية لا يُعد بأي حال من الأحوال حكما على المغرب، سواء كشريك إستراتيجي أو كوجهة استثمارية".
وأضافت الوزارة أن "المملكة المتحدة ملتزمة بتعزيز شراكتها مع المغرب، وتعده شريكا تجاريا واستثماريا بالغ الأهمية بشكل متزايد".
ومع ذلك، سلطت المجلة الضوء على أن "القرار يُعد انتكاسة كبيرة لشركة (إكسلينكس)".
وذكر لويس، في بيان نشره على "لينكد إن"، بأن المشروع صُنف عام 2023 كمشروع "ذي أهمية وطنية" من قبل المملكة المتحدة.
وأضاف: "نعمل حاليا على إطلاق الإمكانات الكامنة في المشروع، وتعظيم فائدته لجميع الأطراف عبر مسار مختلف".
وأشار إلى أن "المغرب -الرائد العالمي في مجال الطاقات المتجددة- يدرك الأهمية الإستراتيجية لمشاريع الربط الكهربائي".
ومن ناحية أخرى، لفتت المجلة، نقلا عن الشركة، إلى أن حوالي 7 ملايين منزل كان من المفترض أن يستفيد من المشروع، أي ما يعادل 8 بالمئة من احتياجات المملكة المتحدة من الكهرباء.
كما كان المشروع سيؤدي إلى خفض أسعار الجملة للكهرباء بنسبة 9 بالمئة، وتقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في القطاع الكهربائي البريطاني بنسبة تقارب 10 بالمئة.