على خطى أميركا ودول أوروبية.. هل تعلن الصين سيادة المغرب على الصحراء؟
"ترفض الصين حتى الآن الاعتراف بهذا النوع من "الكيانات" خشية أن تتهم بالتناقض"
بدأت قضية الصحراء عام 1975، بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة، لتتحول العلاقة بين المغرب وجبهة "البوليساريو" إلى نزاع مسلح استمر حتى عام 1991، وتوقف بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار.
وأعلنت "البوليساريو" قيام ما أسمته "الجمهورية العربية الصحراوية" عام 1976 من طرف واحد، اعترفت بها بعض الدول بشكل جزئي، لكنها ليست عضوا بالأمم المتحدة، وفي المقابل عمل المغرب على إقناع العديد من هذه الدول بسحب اعترافها بها في فترات لاحقة.
ويقترح المغرب حكما ذاتيا موسعا في إقليم الصحراء تحت سيادته وهو طرح أعلنت إسبانيا دعمها إياه، بينما تدعو "البوليساريو" إلى استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر التي تستضيف لاجئين من الإقليم.
وفي تقرير رصدت فيه أبرز محطات الأزمة إلى غاية بلوغ الوضع الحالي، تطرقت صحيفة إيطالية إلى نشاط المغرب في حشد الدعم الدولي لمبادرته بشأن الحكم الذاتي في الإقليم.
وبالتوازي مع موقف الولايات المتحدة الداعم للمغرب في هذا النزاع، تحدثت "إيل كافي جيوبوليتيكو"عن موقف الصين وأسباب عدم اعترافها بجبهة البوليساريو حتى اليوم.
من النفوذ الإسباني إلى المغربي
يقع إقليم الصحراء الغربية في شمال إفريقيا ويحده المغرب من الشمال والجزائر من الشرق وموريتانيا من الجنوب، وهو غني بالموارد المتنوعة وخاصة الفوسفات.
تحقق استقلال الصحراء عن إسبانيا على إثر تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة في البداية لقرار في عام 1965 يطلب من إسبانيا إنهاء استعمار المنطقة.
وبعد مرور عام، صدر قرار يطالب بإجراء استفتاء في إسبانيا حول تقرير المصير.
وفي عام 1975، تخلت إسبانيا عن السيطرة الإدارية على الإقليم للإدارة المشتركة بين المغرب وموريتانيا، في مقابل "توسيع أشكال التعاون بين الطرفين في مختلف القطاعات، خاصة البحرية"، وفق قول الصحيفة.
وبذلك اندلع النزاع بين الرباط وجبهة البوليساريو التي تتمتع حتى اليوم بدعم لوجستي وعسكري من الجزائر.
ذكرت الصحيفة أن الرباط قام بين 1982 و1987 ببناء ست جدران عازلة تمتد على مسافة 2720 كيلومترا، مما أدى إلى تقسيم المنطقة التي تديرها الرباط عن تلك التي تسيطر عليها جبهة البوليساريو.
وتتمتع "الجمهورية الصحراوية الديمقراطية" بعضوية كاملة في الاتحاد الإفريقي وتحظى باعتراف 46 دولة عضو في الأمم المتحدة، من بينها الجزائر وإيران.
إستراتيجية المغرب
وبحسب تعبير الصحيفة الإيطالية، يشكل البلدان المذكوران "المحرك الرئيس الذي يغذي الكفاح العسكري لجبهة البوليساريو ضد السلطات المغربية".
وفي هذا السياق، تذكر تزويد إيران لهذه الحركة بطائرات شاهد بدون طيار لضرب أهداف عسكرية في المغرب.
وهو ما أكده عمر منصور، مبعوث البوليساريو في موريتانيا في عام 2023، الذي كشف أن "الجيش الصحراوي سيستخدم قريبا الطائرات المسلحة بدون طيار في حرب الاستنزاف في الصحراء الغربية".
من جانبه، اتهم سفير المغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، في عام 2022 طهران وحزب الله بالتوغل في منطقة شمال إفريقيا، وتدريب وتجهيز جبهة البوليساريو في تندوف بطائرات مسيرة.
ووصف آنذاك هلال في تصريحات للصحفيين بالمقر الأممي في نيويورك الأمر بالتطور الخطير، وبأنه يزعزع استقرار هذه المنطقة، مثلما فعلت إيران باليمن وسوريا والعراق .
على جانب آخر، أشارت الصحيفة الإيطالية إلى بداية توافق غربي حول تأييد موقف المغرب في المسألة ودعم مبادرته في الحكم الذاتي.
وتذكر تجديد ألمانيا خلال لقاء بين وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة بنظيرتها الألمانية أنالينا بيربوك في يونيو/ حزيران 2024 دعمها لخطة الحكم الذاتي في الإقليم المذكور.
بدوره، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن "فرنسا تعترف بخطة الحكم الذاتي لمنطقة الصحراء الغربية تحت السيادة المغربية بصفتها السبيل الوحيد لحل نزاع طويل الأمد على الإقليم".
وجاء في رسالة بعث بها في يوليو الماضي إلى ملك المغرب محمد السادس، "بالنسبة إلى فرنسا، فإن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الإطار الذي يجب أن يتم حل هذه القضية ضمنه".
وفي الوقت الحالي، أشارت الصحيفة إلى أن تركيز الرباط ينصب بالأساس على تحقيق نجاح دبلوماسي داخل الاتحاد الإفريقي من خلال الحصول على دعم ثلثي أعضائه لإنهاء عضوية جبهة البوليساريو في المنظمة.
وفي هذا الصدد، تذكر أن الدولة الواقعة في شمال إفريقيا قامت بتوطيد علاقاتها مع إثيوبيا، إحدى الدول ذات الثقل الأكبر داخل الاتحاد الإفريقي، بتوقيعها أخيرا اتفاقية أمنية.
موقف الصين
وبحسب الصحيفة، أدى القرار الذي اتخذته إدارة الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترامب في ديسمبر/ كانون الأول 2020 بالاعتراف بسيادة المغرب على إقليم الصحراء، إلى تغيير مجريات الأمور وترسيخ الوضع الحالي، أي تزايد الاعترافات الغربية بمبادرة الرباط.
وجاء ذلك ضمن اتفاق نص في المقابل على إقامة الرباط وإسرائيل "علاقات دبلوماسية كاملة"، في إطار موجة تطبيع العلاقات بين دول عربية والكيان.
بدورها، أكدت إدارة الرئيس الحالي جو بايدن تأييدها للمبادرة المغربية بإعراب وزير خارجيتها أنتوني بلينكن خلال لقاء بنظيره المغربي في عام 2021، عن الدعم القوي للخطة المغربية "الجادة والجديرة بالثقة والواقعية".
وفي تطرقها لمواقف الأطراف الفاعلة على الساحة الدولية من هذا النزاع، ترى الصحيفة الإيطالية أن بكين تجنبت الانحياز إلى أحد الأطراف المتنازعة في هذا الملف.
وربطت هذا الخيار بأهمية ملف تايوان التي تطالب الصين بإعادة ضمها وتعدها مقاطعة "انفصالية"، تماما كما يعد المغرب جبهة البوليساريو.
وأضافت بأنه ترفض حتى الآن الاعتراف بهذا النوع من "الكيانات" خشية أن تتهم بالتناقض.
وبخصوص هذا الملف، يذكر بأنها سبق أن أعربت خاصة في بيانات مشتركة مع الجانب الجزائري خلال لقاءات بين كبار المسؤولين في البلدين، عن دعمها "للجهود الرامية للوصول إلى حل دائم وعادل في إطار الشرعية الدولية، لا سيما قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة".
وعلى أساس هذا التحليل وبالنظر إلى موقف الدول الأعضاء الرئيسة في الاتحاد الأوروبي، تتوقع الصحيفة "استقرار المواقف المتخذة بشأن هذه المسألة على المستوى الدولي".
إلا أنها ترجح أن يؤدي نشاط الضغط المكثف للغاية الذي تفرضه المغرب إلى "تدهور الوضع بالنسبة لجبهة البوليساريو".
ونوَّهت إلى أهمية الموقف الذي سيتخذه الاتحاد الإفريقي في السنوات المقبلة بالوصف بأنه سيكون "حاسما على المستوى الدبلوماسي لطموحات الجبهة".