صحيفة إسبانية: لهذه الأسباب يرتجف بشار الأسد من هجمات المعارضة السورية

منذ يومين

12

طباعة

مشاركة

بعد سنوات من ركود المعارك وفي تحدِِ لرئيس النظام السوري بشار لأسد، سيطرت فصائل المعارضة نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، على حلب، ثاني أكبر مدن البلاد. 

وأسفرت هذه الهجمات عن سقوط مئات القتلى والجرحى في أيام معدودة هي الأصعب منذ توقف القتال في عام 2020، علما أن الحصيلة تتصاعد باستمرار.

"توقيت مدروس بدقة"

وفي السياق، قالت صحيفة الباييس إن هذه الأحداث جاءت في فترة مدروسة بدقة؛ حيث اجتمعت العديد من الظروف المواتية لها. 

وعموما، يواجه شركاء دكتاتور دمشق العديد من المشاكل: روسيا وإيران وحزب الله، بالإضافة إلى تزامن الهدنة بين إسرائيل وحزب الله. 

ويضاف إلى هذه المعطيات التغيير في واشنطن بعد فوز دونالد ترامب برئاسة بلاد العم سام. وتفسر جميع هذه الأحداث الهجوم الخاطف الذي شنته المعارضة السورية.

وأشارت الصحيفة إلى أن روسيا وإيران وحزب الله اللبناني هم من أنقذوا بشار الأسد. وفي السنوات الأخيرة، بدا السيناريو مستقرا نسبيا. 

لكن، تغيرت العديد من العوامل على رقعة الشطرنج السورية المضطربة؛ فقد أصبحت موسكو الآن أضعف بسبب الجهود الهائلة التي تبذلها في حربها ضد أوكرانيا.

كما أضعفت الهجمات الإسرائيلية طهران، وأصبح حزب الله اللبناني أضعف بعد الهجوم الإسرائيلي المدمر. 

في ظل هذه الظروف، يشكل انخفاض قدرة دعم حلفاء الأسد عنصرا حاسما في فهم التقدم السريع الذي تحققه المعارضة السورية، وهي تكتل غير متجانس من القوى.

ونقلت الصحيفة بأن الصورة واضحة. منذ بداية الحرب في سوريا، كان الكرملين يقدم الدعم الجوي الأساسي لدمشق. 

وعلى الرغم من أن القوات الجوية الروسية ليست جزءا من آلتها الحربية الأكثر استنزافا بسبب الجهود المبذولة في أوكرانيا، فمن الواضح أن ثلاث سنوات من الإرهاق على تلك الجبهة تؤثر عليها، ومن المحتمل أن موسكو قد قللت من اهتمامها في سوريا.

بالمثل، كبحت جموح طهران في البلاد - وإلى حد ما في العراق - وأصيبت بشلل تام تقريبا، بسبب الضربات الإسرائيلية المتواصلة. 

كما تواجه إيران تحديا متمثلا في اتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت سترد على الضربات الإسرائيلية الأخيرة وكيفية الردّ المحتمل في وقت أصبح فيه دونيتها العسكرية أمرا جليا. 

أما حزب الله، القوة الداعمة بريا لنظام الأسد، وأيضا القوة المؤطرة لجهات فاعلة أخرى من الدول الأخرى الذين يقاتلون لصالح الأسد، فقد خسر العديد من العناصر المهمة على رأسهم حسن نصر الله. كما أصبح أضعف من ذي قبل بسبب الحرب ضد إسرائيل. 

ونقلت الصحيفة أن الحدث الأساسي الذي يفسر ما الذي يحدث في سوريا وسبب ارتجاف نظام الأسد هو المصادفة التي تأتي في الوقت المناسب للغاية، بالنسبة للمعارضة.

وتتمثل في تزامن عدة تطورات سياسية في أماكن مهمة: المرحلة الانتقالية في واشنطن، مع الإدارة الجديدة التي لن يتم تنصيبها قبل 20 يناير/ كانون الثاني 2025؛ والهدنة بين إسرائيل وحزب الله.

فضلا عن معطيات اخرى أقل أهمية، على غرار انتقال السلطة في الاتحاد الأوروبي وغرق الصين في مشاكل اقتصادية خطيرة.

 إعادة تشكيل المنطقة

وفي ظل هذا الوضع، رأى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في حديثه مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف، أن ما حدث هو "جزء من خطة إسرائيلية أميركية لزعزعة استقرار المنطقة"، حسبما نقلت وكالة رويترز. 

في الحقيقة، لا يمكن إنكار أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد أوضح نيته إعادة صياغة نظام المنطقة من خلال كسر العمود الفقري لـ"محور المقاومة" الذي يمتد من البحر المتوسط ​​إلى طهران، ويربط حزب الله في لبنان، وسوريا الأسد، والعراق بقيادة الفصائل الشيعية، وإيران. 

لقد أوضح ذلك فعلا وقولا، حتى إنه قال إن تغيير النظام سيصل قريبا إلى طهران.

خلال هذه التطورات الأخيرة، كان تقدم المعارضة السورية بمختلف أطيافها غير متوقع على الإطلاق: ففي أقل من 72 ساعة، تمكنوا من التحرك نحو الغرب، وهي جبهة كانت مجمدة عمليا منذ وقف إطلاق النار الذي اتفقت عليه روسيا وتركيا- الداعمان للجانبين - في سنة 2020. 

وتقدمت محافظة إدلب، معقل المعارضة، مسافة 20 كيلومترا تقريبا حتى دخول حلب. 

وإلى الجنوب من المدينة، توغلت القوات حتى مسافة 25 كيلومترا تقريبا داخل أراضي النظام، مما أدى إلى تأمين طريق أم-5، وهو الطريق السريع الذي يصل إلى دمشق وخط رئيس لإمدادات الحكومة. وحتى جنوبا، هناك تقدم ثالث يهدد مدينة سراقب، على نفس طريق أم-5. 

تأثير كرة الثلج

وفي حديثه مع الباييس، أشار عمر أوزكيزيلجيك، من مركز أبحاث المجلس الأطلسي، إلى أن "المعارضة استولت في الوقت نفسه على العشرات من الدبابات والمركبات المدرعة والأجهزة المدفعية التي تركها الجيش النظامي في رحلته المتسرعة.

مما نتج عنه تأثير كرة الثلج، حيث "كلما تقدموا أصبحوا قوة مسلحة أفضل". 

ويضيف الخبير أن العنصر الأساسي تمثل في "الانهيار الكامل للخطوط الدفاعية" لنظام الأسد وحلفائه. 

وأشار إلى أن "المعارضة استعدت بشكل جيد لهذه العملية". 

عموما، يسلط ما حدث المجهر على كيفية ترابط الصراعات على مستوى عالمي وبشكل متزايد. 

وبشكل خاص، هناك قوس هائل من الصراع يمتد من غزة إلى كوريا الشمالية التي تقدم الدعم العسكري لروسيا. 

ويشمل إسرائيل ولبنان وسوريا وتركيا والعراق وإيران وجورجيا إضافة إلى روسيا وأوكرانيا. 

وفي ظل هذه البانوراما، تؤثر الأواني المستطرقة على القرارات الإستراتيجية، خلال فترة حساسة للغاية.