مصر والأردن في خطر.. صحيفة إيطالية تحذر من عواقب تهجير فلسطينيي غزة
"التهجير الجماعي لللاجئين الفلسطينيين سيعرض الاستقرار الداخلي في مصر والأردن لمخاطر كبيرة"
مازال الجدل متواصلا بشأن الخطة التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين إلى خارج قطاع غزة، محققا أمنية رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزرائه المتطرفين.
وفي هذا الإطار، حذرت صحيفة "فان باج" الإيطالية من عواقب قد تسفر عن هذه الخطة ستؤثر سلبا على استقرار منطقة الشرق الأوسط بأكملها.
صراع متفاقم
في مطلع تقريرها، بيّنت الصحيفة أن “الصور الجميلة للفلسطينيين العائدين أخيرا إلى شمال قطاع غزة، تؤكد أن الهدنة بين إسرائيل وحماس التي تم التوصل إليها بصعوبة بالغة في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، تعمل أخيرا”.
وزادت بأن "التسليم التدريجي للأسرى الإسرائيليين، أثبت أن حماس لا تزال موجودة في قطاع غزة، وتعزز قوتها بتجنيد عناصر جدد ولم يتم تفكيكها كما كان يرغب رئيس الوزراء الإسرائيلي".
وانتقدت بالقول إن "مناخ الأمل المتجدد نسفته تصريحات الرئيس الأميركي الذي اقترح، مثلما يخطط اليمين الصهيوني الإسرائيلي، تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن".
وجاءت ردود الفعل العربية رافضة لهذا المقترح، وعلى وجه الخصوص شدد رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي في مؤتمر صحفي في 29 يناير، على أن "تهجير وترحيل الشعب الفلسطيني ظلم لا يمكن أن نشارك فيه".
واتهمت الصحيفة ترامب بالتسبب بالفعل في تفاقم الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين خلال ولايته الأولى (2017-2021) بنقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة وإعلان اعترافه بضم إسرائيل لمرتفعات الجولان السوري التي احتلتها في عام 1967.
وأضافت أن أفكاره عن "تطهير" قطاع غزة وتهجير سكانها تشير إلى التطهير العرقي للفلسطينيين والذي تمارسه إسرائيل بالفعل منذ عقود.
العين على مصر
وفي السياق، ذكرت الصحيفة أن الجيش المصري هدم- بناء على طلب إسرائيل- أكثر من 12 ألف منزل في العريش في سيناء، وصادر 6 آلاف هكتار من الأراضي، من أجل بناء منطقتين عازلتين محتملتين في مدينتي العريش ورفح.
لذلك، "خشي الجميع"، وفق تعبيرها، فور اجتياح قوات الاحتلال رفح، جنوب القطاع في مايو/أيار 2024 من أن الوقت قد حان لاستخدام هذه المنطقة لغرض إنشاء مخيمات جديدة للاجئين.
وقبل ذلك، كشفت صور الأقمار الصناعية ما تبدو أنها أعمال بناء واسعة النطاق على طول الحدود المصرية مع غزة، والتي قالت تقارير إنها تنجز استعدادا لإيواء اللاجئين الفلسطينيين.
من جانبه، نفى آنذاك رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، ضياء رشوان، ما تداولته بعض وسائل الإعلام، بشأن قيام مصر بالإعداد لتشييد وحدات لإيواء الفلسطينيين، في المنطقة المحاذية للحدود المصرية مع قطاع غزة.
وذكرت الصحيفة أن التلفزيون المصري نفى أيضا استخدام أنفاق دمرها جيش الاحتلال لتزويد المقاومة بالأسلحة، مشيرة إلى أن المصريين يعدونها رواية يوظفها الاحتلال لتبرير عملياته العسكرية الدموية في رفح.
ترى الصحيفة الإيطالية أن العلاقات بين مصر وإسرائيل ظلت متينة رغم العدوان على غزة، مشيرة إلى أن القاهرة لعبت دورا ثانويا مقارنة بالدوحة في المفاوضات الطويلة التي أدت إلى وقف إطلاق النار.
وأكد موقف القاهرة المنبطح للاحتلال، وفق تعبير الصحيفة، في المحادثات "العلاقات الثنائية الممتازة القائمة بين مصر وإسرائيل".
وذكرت أن السيسي عاد بعد فترة قصيرة من حكم الرئيس السابق محمد مرسي الذي أطاح به انقلاب عام 2013، ليضع في مركز سياسته الخارجية التحالف مع إسرائيل.
وأضافت أن الاكتشافات المستمرة للغاز في شرق البحر المتوسط قبالة بورسعيد جعلت العلاقات بين البلدين ممتازة.
وأشارت الصحيفة إلى ما وصفته بأنه قرب السلطات في القاهرة إلى إسرائيل بالرغم من أن الرأي العام المصري، على غرار الرأي العام السعودي، يعرب باستمرار عن دعمه للقضية الفلسطينية.
واستدركت بالإشارة إلى توترات وقعت بين الطرفين خلال العدوان على غزة وعلى وجه الخصوص، عندما شنت قوات الاحتلال الإسرائيلية في مايو/أيار 2024، اجتياحا بريا على رفح.
وهو الذي دفع، وفقا لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، مليون فلسطيني إلى النزوح، بينما أدت اشتباكات بين القوات الإسرائيلية والجيش المصري إلى مقتل جنديين مصريين.
الفلسطينيون في الأردن
وعلى عكس مصر، يتمتع الأردن بتقليد طويل في الترحيب باللاجئين الفلسطينيين، وبحسب بيانات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، هناك نحو 2.3 مليون لاجئ فلسطيني مسجل في البلاد.
ومع اندلاع العدوان على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قادت الأحزاب الوطنية الإسلامية واليسارية الاحتجاجات المنددة بالعدوان.
وكان رد السلطات الأردنية بزيادة إجراءات الرقابة خاصة على الإنترنت، للحد من التعبئة المؤيدة لغزة ولمنع خروج المزيد من المظاهرات الداعمة للقضية الفلسطينية.
ورغم أن حكومة عمان أظهرت في البداية بعض التسامح تجاه الاحتجاجات المؤيدة لغزة، إلا أنها سرعان ما شنّت حملة لقمع الناشطين المنتقدين للعلاقات الدبلوماسية بين عمان وتل أبيب.
أشارت الصحيفة إلى انقسام بين الأردنيين حول موقفهم من الصراع في الأشهر الأخيرة وعلى وجه الخصوص، برزت الانقسامات في أعقاب رد إيران على الهجوم الإسرائيلي على قنصلية طهران في دمشق في أبريل/نيسان 2024.
وقد شاركت القوات الأردنية في إسقاط الصواريخ الإيرانية المتجهة إلى الأراضي المحتلة مما أثار انتقادات كبيرة.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أن الدول العربية سوف "تضمن أمن إسرائيل" بشرط انتهاء الاحتلال الإسرائيلي وإنشاء دولة فلسطينية.
إلى ذلك، أكدت الصحيفة أن تصريحات ترامب " التي تعكس خطط الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي يتبناها اليمين الإسرائيلي، خطيرة للغاية على التوازن الإقليمي".
فهي من ناحية، تنطوي على رؤية للصراع تعود جذورها إلى حقبة الاستعمار وتعد الفلسطينيين مواطنين من الدرجة الثانية.
ومن ناحية أخرى، يتناقض المقترح تماما مع إمكانية تحقيق حل الدولتين الصعب أصلا، بحسب الصحيفة.
وزادت أن التهجير الجماعي للاجئين الفلسطينيين إلى مصر والأردن من شأنه أن يعرض الاستقرار الداخلي في البلدين إلى مخاطر كبيرة وأن يؤدي إلى تفاقم استياء السكان .