موقع روسي: أمام إيران فرصة لاستعادة نفوذها في سوريا.. كيف؟

منذ ٣ ساعات

12

طباعة

مشاركة

رغم سقوط نظام بشار الأسد، يرى موقع روسي أن إيران لم تخسر كل شيء في سوريا وأن لديها العديد من الفرص لاستعادة نفوذها.

وقدم موقع "نادي فالداي" وجهة نظر معاكسة للانتكاسة الإيرانية المفترضة بسقوط حليفها، وسرد 10 أسباب تدعم رأيه، متحدثا عن إستراتيجية طهران المستقبلية فيما يخص هذا البلد.

واستنتج الموقع أن إيران، رغم فقدانها نفوذها الكبير خلال حكم الأسد، فإنها تمتلك الأدوات والفرص لتبقى لاعبا مهما في مستقبل سوريا والمنطقة.

مكانة إيران بسوريا

وعند الإجابة على سؤال: “هل خسرت إيران بالكامل في سوريا؟” ستكون الإجابة الأولى المتسرعة -كما وصفها الموقع الروسي- على الأرجح "نعم". وهنا، يؤكد أن طهران أصبحت واحدة من الأطراف الخاسرة بلا شك.

إذ إن "ضعف حركة (المقاومة الإسلامية) حماس وحزب الله، بالإضافة إلى تغيير النظام في سوريا، التي كانت حليفا مهما في المنطقة، سيؤثر بشدة على السياسة الخارجية لطهران في ثلاث مجالات".

المجال الأول يتمثل في أن "سوريا كانت رابطا لوجستيا مهما في محور المقاومة، خاصة في ربط إيران بحزب الله اللبناني".

ولأن هذه الوظيفة تعطلت مع تغيير النظام في دمشق، فإن "محور المقاومة"، الذي يعد أحد الأولويات الرئيسة للسياسة الخارجية الإقليمية لإيران، قد تعرض للضعف جزئيا، حسب الموقع الروسي.

أما فيما يخص المجال الثاني، يقول إن "ضعف المحور سيؤثر سلبا على إستراتيجية الردع النشط لإيران، التي تعتمد على استخدام الشركاء والجماعات الحليفة في مواجهة إسرائيل". 

ومن الواضح -وفق الموقع- أن "إيران لن تتمكن مستقبلا من الاستفادة من الظروف الجغرافية والإمكانيات السورية في إستراتيجيتها".

وبالنسبة للمجال الثالث، فـ "نتيجة لضعف حماس وحزب الله، بالإضافة إلى تغيير النظام في سوريا واستبعاده من دائرة الحلفاء الإقليميين لطهران، فإن مفهوم إيران للعمق الإستراتيجي في المنطقة سيتأثر بشكل سلبي". 

وهذا المفهوم، الذي يمنح إيران نفوذا إقليميا، يعد من إنجازات سياستها الخارجية في السنوات الأخيرة.

وبالنظر إلى دورها المهم في سوريا، يشير الموقع إلى أن إيران كانت قد عززت وجودها السياسي والعسكري في البلاد بدعمها لبشار الأسد. 

ولكن بعد سقوط الأسد وصعود "هيئة تحرير الشام"، لن تكون سوريا فقط غير فعالة في "محور المقاومة" وإستراتيجية الردع النشط، بل قد تتحول إلى عدو ليس فقط لإيران، ولكن أيضا لحزب الله، الحليف الموثوق لطهران.

واستنادا إلى ذلك، يبرز الموقع أن العديد من المحللين ينظرون إلى إيران على أنها الخاسر الأكبر في الأحداث الأخيرة. 

لكن يتساءل: "هل هذه الاستنتاجات صحيحة بالكامل؟ وهل خسرت إيران كل شيء في سوريا؟"، هذا ما يجيب عنه الموقع بـ "لا"، متناولا عشرة أسباب توضيحية وتفصيلية داعمة لرأيه.

بين السلطة والمعارضة

وفي توضيحه للسبب الأول، يقول الموقع الروسي إن "الأفراد والجماعات والأحزاب عادة ما يعلنون عن شعارات مثالية، وأحيانا راديكالية، عندما لا يكونون في السلطة، ولكن بعد وصولهم إلى الحكم ومواجهة الواقع، تُعدل العديد منها". 

وهذا ينطبق أيضا على القوى التي وصلت إلى السلطة في سوريا، بما في ذلك "هيئة تحرير الشام". 

ولذلك، يمكن توقع أن "يتغير نهجهم المناهض لإيران بمرور الوقت، مما يمهد الطريق لتطوير العلاقات معها"، بحسب تقديره. 

ويأتي الموقع بمثال مشابه على ذلك، وهو حركة "طالبان" في أفغانستان، المنظمة المحظورة في روسيا. 

إذ تبنى العديد من أعضاء هذه الحركة مواقف متشددة مناهضة للشيعة ولإيران، ولكن بعد وصولهم إلى السلطة اضطروا إلى تعديل مواقفهم.

وعلى جانب آخر، يزعم الموقع أن “الحكومة السورية المستقبلية لن تكون موحدة الرؤية بشكل كامل”.

وأضاف: "حتى إذا لم تتمكن إيران من التوصل إلى اتفاق مع المتشددين، فهناك احتمال بوجود شخصيات معتدلة يمكن لطهران من خلالها بناء علاقات مع دمشق"، وفق وصفه.

وبناء على ذلك، يخلص إلى أنه "على الرغم من أن إيران ربما لن تستعيد نفس مستوى النفوذ الذي كانت تتمتع به في عهد الأسد، فإن هذا لا يعني بالضرورة غياب العلاقات مع الحكومة المستقبلية".

الخلافات الداخلية

في هذه النقطة، يسلط الموقع الضوء على أن "مبدأ عدم تقسيم السلطة في الشرق الأوسط ينطبق بلا شك على سوريا".

ولفت إلى أنه "رغم التصريحات الديمقراطية لأحمد الشرع (قائد الإدارة الجديدة في سوريا)، فلا ينبغي توقع ظهور حكومة ديمقراطية تحت سيطرة هيئة تحرير الشام" التي يقودها.

علاوة على ذلك، يرى أن "الأكراد والجيش الحر والمجموعات العرقية والدينية والقوميين والعلمانيين وغيرهم سيطالبون بحصتهم من السلطة، مما يعني أن الخلافات بينهم وبين هيئة تحرير الشام ستستمر".

وهذه الخلافات -بحسب رأي الموقع- ستفتح نافذة للتأثير من قبل القوى الإقليمية والدولية، بما في ذلك إيران.

الروابط التاريخية

هنا، يقول الموقع الروسي: "لطالما كانت لإيران علاقات تاريخية مع سوريا ومختلف الجماعات العرقية والدينية داخل البلاد، ومازالت هذه الروابط مستمرة". 

ولذلك، يؤكد أنه بعد تغيير الحكومة في دمشق، لن تُقطع العلاقات الإيرانية مع سوريا بالكامل على الفور. 

وبالطبع، مع الأخذ في الحسبان تأثير "هيئة تحرير الشام"، سيكون حلفاء إيران، بما في ذلك العلويون، حذرين. 

ولكن إذا أُتيحت الفرصة في المستقبل، قد تستخدم إيران العلاقات التاريخية مع هذه الجماعات لتحقيق مصالحها.

ويضيف الموقع أن "الحكومة الجديدة إذا مارست ضغوطا على العلويين أو جماعات أخرى، فقد يبحثون عن الدعم خارج سوريا، وربما من إيران، للتوازن وتخفيف هذه الضغوط".

التأثير غير المتكافئ

وفيما يخص السبب الرابع الذي يعزو إليه الموقع عدم الخسارة التامة لإيران في سوريا، يذكر الموقع الروسي أن "السياسة الخارجية الإيرانية ليست فقط أيديولوجية، بل براغماتية أيضا". 

وعلى سبيل المثال، يشير اختيار إستراتيجية "المناطق الرمادية" لمواجهة إسرائيل والعلاقات الوثيقة مع حركة حماس السنية إلى هذه البراغماتية.

ووفقا لهذا النهج، يوضح أن "الهدف ثابت، لكن الموارد والأدوات وساحة اللعب لتحقيقه مرنة ومتغيرة". 

ولفت إلى أن "التأثير الإقليمي غير المتكافئ لإيران يعمل على هذا النحو". 

ومع هذا النوع من التأثير، قد تُفقد الموارد أو الأدوات أو ساحة اللعب بشكل دائم أو مؤقت، ولكن يمكن إعادة بناء النفوذ بطرق أخرى.

وبشكل عام، يذكر الموقع أن "الطابع متعدد الأعراق والطوائف في الشرق الأوسط، بما في ذلك سوريا، يُسهم في تعزيز براغماتية إيران وتأثيرها غير المتكافئ والحفاظ على عمقها الإستراتيجي في السياسة الخارجية".

متانة "محور المقاومة"

وسعت إيران لأن تكون في طليعة "محور المقاومة" واستخدامه كمصدر للقوة الناعمة والصلبة في سياستها الخارجية.

لكن الموقع يتفق مع وزير الخارجية الإيراني السابق ونائب الرئيس الحالي للشؤون الإستراتيجية، جواد ظريف، الذي قال: "المقاومة لم تُنشأ من قبل إيران، واستمرارها لا يعتمد عليها كذلك".

وتابع ظريف: "إن سبب المقاومة هو احتلال إسرائيل وسياسة الفصل العنصري".

ولفت إلى أن "المقاومة ضد الاحتلال كانت موجودة قبل الثورة الإسلامية (1979)، وإيران تدعم هذا الحراك الشعبي".

وفي الوقت نفسه، ينوه الموقع الروسي أنه "لا شك أن محور المقاومة قد ضعف نتيجة ضعف حماس وحزب الله وسقوط الأسد، لكن لا يمكن الحديث عن زواله". 

"فهو لا يزال موجودا ويواصل التأثير على السياسة الخارجية الإيرانية"، كما يؤكد الموقع.

التجربة التاريخية

وبالإشارة إلى أنه لا ينبغي تجاهل التجربة التاريخية، يذكر الموقع أنه "في السنوات الأخيرة، وقعت أحداث في المنطقة بدت ضارة بإيران، لكنها مع مرور الوقت إما كانت في صالحها أو لم تسبب الأذى المتوقع".

ومن بين هذه الأحداث احتلال الولايات المتحدة للعراق، الذي كان يهدف جزئيا إلى احتواء إيران وإضعاف نفوذها في المنطقة. 

ومع ذلك، لم يتحقق هذا الهدف، بل على العكس، توسع النفوذ الإيراني في المنطقة.

"وبالمثل، على الرغم من أن الحرب في أفغانستان ثم وصول طالبان إلى السلطة كان من الممكن أن يلحقا الضرر بإيران، فإن ذلك لم يحدث في النهاية".

بالإضافة إلى ذلك، يشير إلى أن "تقليص النفوذ الإيراني كان أحد أهداف العمليات العسكرية السعودية في اليمن، لكن النتيجة جاءت عكسية تماما".

القضية الفلسطينية

ونظرا للروابط التاريخية والسياسية والعرقية والدينية بين سوريا وفلسطين، يرى الموقع أنه "من غير الممكن أن تتجاهل الحكومة الجديدة في دمشق القضية الفلسطينية".

ورغم زعمه أن "بعض أعضاء هذه الحكومة قد يسعون لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، بما في ذلك عبر اتفاقيات أبراهام"، فإنه يؤكد أن "بعض القوى ستواصل بلا شك دعم القضية الفلسطينية".

علاوة على ذلك، يقول الموقع إنه على الرغم من وجود خلافات بين إيران وسوريا المستقبلية حول القضية الفلسطينية، فإنه حتى خيار حل الدولتين قد يصبح موقفا مشتركا في المستقبل. 

من ناحية أخرى، يضيف الموقع أن العلاقات بين "هيئة تحرير الشام" وبعض القوى الفلسطينية، بما في ذلك حماس، قد تكون نقاط تواصل بين إيران وسوريا المستقبلية.

العداء تجاه إسرائيل

وكما هو الحال مع القضية الفلسطينية، يوضح الموقع الروسي أن "الحكومة السورية الجديدة لا يمكنها أن تتجاهل العداء التاريخي لإسرائيل، لا سيما مع وجود قضايا إقليمية عالقة بين البلدين". 

وأردف: "على الرغم من احتمال تقليل مستوى المواجهة المباشرة والعداء، فإن بعض القضايا، بما في ذلك الإقليمية، لن تُحل بسهولة".

ومن وجهة نظر الموقع، "ستصر المجموعات القومية في الحكومة السورية المستقبلية على وحدة الأراضي السورية".

وأضاف: "كما أن الخطأ الإسرائيلي الأخير المتمثل في قصف سوريا قد يؤدي إلى تعزيز المشاعر القومية والعداء تجاه إسرائيل".

وفي هذا السياق، يضيف كذلك أن "خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الأخيرة لزيادة عدد المستوطنين بشكل كبير في مرتفعات الجولان المحتلة تبدو استفزازية للغاية".

وعلى ذكر نتنياهو، يبين الموقع أنه "وجه تحذيرا شديدا للحكومة السورية المستقبلية من إقامة أي علاقات محتملة مع طهران".

المنافسة بين القوى

وفي ظل حالة عدم اليقين الحالية في سوريا، يعتقد الموقع أن "المنافسة بين القوى الإقليمية والعالمية للحصول على النفوذ في مستقبل البلاد ستزداد".

وباستمرار تشكل التحالفات، يمكن لإيران أيضا أن تستغل هذه النافذة من الفرص. وعلى سبيل المثال، ستتواصل كل فصائل الحكومة السورية المستقبلية مع القوى الإقليمية أو الدولية. 

وعلى الرغم من أن "هيئة تحرير الشام" تبدو وكأنها ترى تركيا شريكها الرئيس، فإن هذا التوجه قد يواجه معارضة، خاصة من قبل الأكراد.

ومن ناحية أخرى، يبرز الموقع أن مواقف الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا والسعودية من الحكومة الجديدة سيكون مؤثرا في هذا الصدد.

ويؤكد أن "المنافسة بين القوى ستظل قائمة، وهو ما قد يخلق مساحة للتأثير الإيراني".

المسار التقليدي

وبالنسبة للسبب العاشر والأخير، يقول الموقع الحقيقة إن "الاتجاهات في هذه المنطقة ودولها غالبا ما تسير على مسار تقليدي وثابت"، على الرغم من أن الشرق الأوسط يبدو غير قابل للتنبؤ.

وأشار إلى أن "سقوط زعيم معين لا يؤدي إلى تغييرات جوهرية في الاتجاهات الرئيسة، كما أن استمرار عدم الاستقرار يسير وفق الأنماط التاريخية التقليدية". 

ولفت هنا إلى أن التغيرات التي جرت إبان الربيع العربي، مثل سقوط حسني مبارك في مصر وعلي عبد الله صالح في اليمن ومعمر القذافي في ليبيا وأخيرا بشار الأسد في سوريا أتت مفاجئة.

ولكن يشدد على أن "الربيع العربي"، بكل الآمال التي حملها، لم يحقق تغييرات جذرية في العديد من البلدان ولا في المنطقة ككل.

ومن المحتمل -وفق رأي الموقع- أن "يتكرر هذا السيناريو في حالة سوريا".

أي أنه، على الرغم من وجود تغييرات تكتيكية واضحة، فإن البلاد ستحتفظ على الأرجح بمسارها التقليدي، حسب الموقع.

وفي هذا الإطار، يذهب إلى أن "إيران، كقوة تاريخية في الشرق الأوسط، يمكنها أن تجد طريقها للتأثير على دمشق".

الإستراتيجية المستقبلية

وفي النهاية، يعيد الموقع الروسي التأكيد على حقيقة أن "إيران لن تتخلى عن مصالحها في سوريا، على الرغم من أن العديد من الطرق من طهران إلى دمشق تبدو مغلقة حاليا".

ومع ذلك، يعتقد الموقع أن "تحقيق هذا الهدف سيكون صعبا للغاية في ظل الوضع الراهن". 

والأكثر أهمية من ذلك -من وجهة نظره- أن "إيران لا تملك زمام المبادرة في الوقت الحالي". 

واستدرك: "ولكن العوامل العشرة المذكورة أعلاه ستساعد طهران على استعادة جزء من نفوذها التقليدي في سوريا".

من ناحية أخرى، يقول الموقع إنه "في ظل تغير وضع سوريا وحماس وحزب الله، من المرجح أن تعود إيران إلى إستراتيجية المنطقة الرمادية، وقد تتراجع رغبتها في مواجهة إسرائيل بشكل مباشر". 

وفي هذا السياق، يتوقع أن "تواصل إيران تنفيذ إستراتيجية التأثير غير المتماثل في سوريا وفي المنطقة ككل". 

ومن الجدير بالذكر أيضا أن "الجغرافيا السياسية الفوضوية للشرق الأوسط غالبا ما تكون فيها الخسائر أعلى من المكاسب". 

ويستدل الموقع على ذلك بالولايات المتحدة التي أنفقت 5 تريليونات دولار على حروبها في العراق وأفغانستان، لكنها لم تحقق النتائج المرجوة.

بالإضافة إلى روسيا التي أنفقت أيضا موارد كبيرة في سوريا، لكنها قد تضطر إلى مغادرة البلاد إذا لم تصل إلى اتفاق مع الإدارة الجديدة.

وفي الختام، يشدد الموقع الروسي على أن "إيران لاعب تاريخي ولديها روابط عميقة في الشرق الأوسط"، مؤكدا أنها "تعرف المنطقة أفضل من الولايات المتحدة أو روسيا، وقادرة على استعادة نفوذها". 

ومن وجهة نظر الموقع، يبدو أن نتنياهو، الذي وعد بـ "تغيير وجه الشرق الأوسط"، لن يحقق هدفه.