"يجب أن نبقى أقوياء".. سيناريوهات الاتحاد الأوروبي للتعامل مع ترامب

منذ يوم واحد

12

طباعة

مشاركة

خلال الولاية الثانية لدونالد ترامب، يبدو أن الاتحاد الأوروبي “قد وجد الوصفة المثالية” للتعامل مع الرئيس الأميركي العائد إلى البيت الأبيض من جديد.

حيث إنه يحتاج، وفق صحيفة الدياريو الإسبانية، إلى تجنب إثارة غضبه وعدم تجاهله في نفس الوقت، نظرا لأنه لا يمكن التنبؤ بتصرفاته، غير أنه قادر على أن يعرّض علاقات تجارية بمليارات الدولارات للخطر. 

من جانبه، يُتوقع أن تستجيب دول حلف شمال الأطلسي "ناتو" لمطالب ترامب بزيادة الإنفاق الدفاعي. 

أوروبا مستعدة

وقالت صحيفة الدياريو: إن اعتلاء ترامب سدة الحكم يلقي بظلاله على الموقف الأوروبي على الرغم من أن القيادة الأوروبية ردت على فوز القطب الجمهوري بإرسال رسالة مفادها أن القارة مستعدة هذه المرة لمواجهته، في ظل عدم القدرة على التنبؤ بتصرفاته، ووسط التصعيد المعلن عن الحرب التجارية. 

وفي هذه المرحلة، لا يزال الاتحاد الأوروبي يقيّم كيفية التصرف في مواجهة الولاية الثانية لترامب. 

وفي الحقيقة، تحاول الدول السبعة والعشرون، التي طالما افتخرت بأنها حليف رئيس للولايات المتحدة، التحرك بحذر؛ لتجنب إثارة غضب أقوى دولة في العالم، في الوقت الذي يؤكدون أنهم قوة موثوقة في مواجهة تجاوزات ترامب. 

وأشارت الصحيفة إلى أن الزعماء الأوروبيين يواجهون تهديد ترامب للسيادة الإقليمية للقارة بطموحاته التوسعية في جرينلاند، وهي منطقة تديرها الدنمارك؛ في وقت كان اهتمامه الرئيس يقتصر على إمكانية إيقاف دعمه لأوكرانيا. ورغم الاهتمام التاريخي بالجزيرة.

ورغم الاهتمام التاريخي بالجزيرة، إلا أنه لم تكن هناك خطط للاستيلاء عليها. لكن، تبقى الضربة القاضية الأولية متمثلة في الإعلان عن فرض تعريفات جمركية معممة، وهو ما قد يشكل عبئا حقيقيا على الاتحاد الأوروبي. 

وفي ظل هذا الوضع، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى الموازنة بين الحفاظ على العلاقات مع ترامب والكافح من أجل تجنب تجاهله.

في هذا السياق، كان رد الاتحاد الأوروبي مدروسا رغم تأخره، بقيادة رئيسي المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية، أنطونيو كوستا وأورسولا فون دير لاين.

وجاء فيه: "نحن نتطلع إلى التعامل الإيجابي مع الإدارة الأميركية القادمة، على أساس القيم والمصالح المشتركة، في عالم صعب، أصبحت أوروبا والولايات المتحدة أقوى معا". 

وبررت النائبة الإسبانية، تيريزا ريبيرا، هذا الرد الفاتر بأنه رد على إهانات قطب الحزب الجمهوري. 

وقالت الاشتراكية التي دعت إلى الحفاظ على "الهدوء" في مواجهة السيناريو غير المتوقع الذي يبرز في العلاقات عبر الأطلسية: "نحن لا نحب نهج المواجهة".

نقطة قوة 

وأشارت الصحيفة إلى أن الاتحاد الأوروبي اتبع سيناريو محددا؛ يختزل في بيع فضائله، مثل الاستقرار، من أجل التباهي بقوته أمام المستثمرين والحلفاء الآخرين. 

وفي هذا المعنى، قالت النائبة الإسبانية: “إننا نمر الآن بنقطة تحول عالمية نواجه فيها تحديات قد تبدو في بعض الأحيان ساحقة”.

وتابعت: "ومع ذلك، في هذه الأوقات المليئة بعدم اليقين، يتعين علينا أن نتمسك بما يجعلنا أقوياء"، في إشارة إلى نقطة قوة الاتحاد الأوروبي، وهي الاستقرار. 

وأضافت أن "الشركات والاقتصادات تزدهر بفضل القدرة على التنبؤ والموثوقية. 

وهنا تقدم أوروبا ميزة لا مثيل لها: قوة مؤسساتنا، والاستقرار الاجتماعي، والتعليم العالي لمواطنينا، وتماسكنا القوي، وقدرتنا على حل المشاكل، ومتانة أطرنا القانونية، والتزامنا بالتعاون المتعدد الأطراف. 

توفر هذه العوامل القدرة على التنبؤ والموثوقية التي قد يفتقر إليها الآخرون".

من جهتها، قدّمت فون دير لاين الاتحاد الأوروبي كقوة موثوقة، مسلطة الضوء على عوامل مثل الاقتصاد والتعليم والاستقرار. 

وفي الحقيقة، "تملك أوروبا اقتصاد سوق اجتماعيا فريدا من نوعه. لدينا ثاني أكبر اقتصاد وأكبر قطاع تجاري في العالم. 

ولدينا متوسط ​​عمر أطول، ومعايير اجتماعية وبيئية أعلى، وعدم مساواة أقل من جميع منافسي أوروبا". 

وأشارت فون دير لاين إلى “إن أوروبا هي أيضا موطن لمواهب هائلة، إلى جانب القدرة المؤكدة على جذب الأفكار والاستثمارات من جميع أنحاء العالم”.

وتتفاخر الألمانية بتفوق الاتحاد الأوروبي في براءات الاختراع أمام الولايات المتحدة والصين أو اتفاقيات التجارة مع مناطق أخرى من العالم. 

وفي الواقع، تسارعت وتيرة المفاوضات مع ماليزيا والمكسيك في الأيام الأخيرة، عقب التوصل إلى الاتفاق المثير للجدل مع ميركوسور في كانون الأول/ ديسمبر.

ونقلت الصحيفة أن فون دير لاين كانت تنتظر في الطابور لأسابيع حتى تحصل على مقابلة مع ترامب، بينما أوضح الأميركي تحالفاته مع المتطرفين الأوروبيين في حفل التنصيب الذي دعا إليه فقط جورجيا ميلوني وفيكتور أوربان.

بالإضافة إلى زعماء اليمين المتطرف الأوروبي. وفي دافوس، حاولت الألمانية إرسال رسائل تصالحية مفادها أن "لا أحد مهتم بقطع العلاقات"، مع التأكيد على أن أوروبا لن تتخلى عن "مبادئها" على الرغم من "البراغماتية".

وقد عزز هذه الرسالة بعد وقت قصير وزير الاقتصاد فالديس دومبروفسكيس، إثر اجتماعه مع وزراء مالية دول الـ27، حيث تناول معهم على وجه التحديد التغيير في البيت الأبيض. 

وقال الليتواني: إنه سيفعل كل ما في وسعه لإقامة علاقات "أفضل" و"متوازنة"، مشيرا إلى أنه "لا توجد علاقات اقتصادية أخرى متكاملة مثل تلك التي تجمع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي"، والتي تمثل 30 بالمئة من التجارة العالمية.

تبعية أمنية

ونوهت الصحيفة إلى أنه إذا كان هناك من حاول جاهدا إبقاء ترامب سعيدا، فهو الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، مارك روته، الذي التقى به في نوفمبر/  تشرين الثاني، قبل توليه منصبه. 

ويدرك الهولندي أنه بالرغم من أن أوروبا بدأت في تعزيز صناعتها الدفاعية، فإن التنظيم العسكري والعلاقات عبر الأطلسي تخضع لرغبات واشنطن.

ونقلت الصحيفة أن روته خبير في التعامل مع الجمهوري. في الواقع، خلال فترة عمله كرئيس للوزراء، عُرف بقدرته على إقناع ترامب. 

والآن أغدق عليه الثناء قائلا إنه كان في الماضي "محقا" في مطالبه، مثل زيادة الإنفاق الدفاعي إلى اثنين بالمئة. 

والآن يرفع ترامب الرهانات من خلال المطالبة بفرض عتبة خمسة بالمائة على شركائه في الحلف. وهنا، لم يتردد روته في تأييد مقترح ترامب بالقول: "اثنين بالمائة ليست كافية على الإطلاق (...)".