"تملق وانفتاح".. كيف تسعى الرياض لتحقيق التوازن بين واشنطن وبكين؟

منذ ١٠ ساعات

12

طباعة

مشاركة

بشكل ملحوظ، تطورت العلاقات الصينية السعودية في السنوات الأخيرة، فيما أبدت الرياض من جانب آخر، رغبتها في توسيع استثماراتها وعلاقاتها التجارية مع واشنطن في الأربع سنوات المقبلة، فترة ولاية الرئيس الجمهوري دونالد ترامب الثانية، بقيمة 600 مليار دولار.

وفي خطاب عبر الإنترنت أمام مجموعة من كبار المسؤولين التنفيذيين المشاركين في المنتدى الاقتصادي العالمي في "دافوس" بسويسرا المنعقد من 20 إلى 24 يناير/ كانون الثاني 2025، قال ترامب: إنه "سيطلب من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أن يصل مبلغ الاستثمار إلى تريليون دولار".

تملق وانفتاح

وعلق موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي في تطرقه إلى خيارات السعودية لتحقيق التوازن في خضم مناخ التنافس الأميركي الصيني الممتد إلى مجالات عدة، أن ترامب لا ينعت الجميع بصفة "رجل رائع".

وذلك في إشارة الى تصريح الرئيس الأميركي فيما يخص زيادة الاستثمارات بين البلدين: “سأطلب من ولي العهد السعودي، وهو رجل رائع، زيادة المبلغ إلى نحو تريليون دولار”، مضيفا "أعتقد أنهم سيفعلون ذلك؛ لأننا كنّا جيدين معهم".

ولفت الموقع إلى أن “تملق ترامب لولي العهد السعودي لم يكن عرضيا، لا سيما أنه يأتي بعد وعد ابن سلمان، الحاكم الفعلي لأكبر منتج ومصدر للنفط في العالم، بتعزيز استثمارات بلاده والعلاقات التجارية مع الولايات المتحدة بـ600 مليار دولار”.

وجاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه في 23 يناير 2025 مع ترامب بعد أدائه اليمين الدستورية وتوليه الرئاسة.

بالتزامن مع الوعود السعودية والتملق الأميركي، فتح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف، الذي كان يشارك في منتدى دافوس، "أبواب بلاده للصين"، على حد تعبير "إنسايد أوفر". 

وأوضح الخريف، أن بلاده مستعدة للترحيب بالمنتجات والاستثمارات الصينية.

 ولم يكتفِ الوزير بذلك، بل حث المستثمرين الصينيين على "عدم تفويت الفرص" للوصول إلى أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط.

وجزم “إنسايد أوفر” أن بكين تمكنت على "مدى السنوات الأربع الماضية، من تعزيز علاقاتها الدبلوماسية مع السعودية بسهولة". 

وحدث ذلك بحسب تحليله في ظل انتهاج الولايات المتحدة بقيادة الرئيس الديمقراطي السابق جو بايدن نهج "السياسات الخضراء"، في حين شهدت العلاقات بين واشنطن والرياض برودا.

شراكة متنامية

وذكر الموقع توقيع شركات سعودية وصينية في ديسمبر/ كانون الأول 2022 في إطار زيارة الرئيس شي جين بينغ للرياض، 34 اتفاقية استثمارية، شملت عدة قطاعات في مجالات الطاقة الخضراء والطاقة الشمسية الكهروضوئية وتقنية المعلومات والخدمات السحابية والنقل والخدمات اللوجستية.

وفي المناسبة نفسها، وقع العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز والرئيس الصيني، اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين. 

كما شهد ولي العهد السعودي والرئيس الصيني مراسم تبادل عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الثنائية بين البلدين. 

وتضمنت خطة المواءمة بين رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى تقليص اعتماد الاقتصاد على النفط، ومبادرة الحزام والطريق الصينية. 

وعلق الموقع الإيطالي بأن بكين وضعت بذلك خبراتها في مجال المعرفة بالطاقة الخضراء والتكنولوجيا الفائقة على ذمة الرياض لمساعدة الدولة الخليجية على تنويع اقتصادها الوطني المعتمد كثيرا على النفط.

ونوه إلى أن الصين تعد أكبر شريك تجاري للسعودية وأكبر مشترٍ للنفط في العالم. 

وفي سبتمبر/ أيلول 2024، دعا وزير الصناعة السعودي خلال مشاركته في اجتماع نظمه اتحاد الغرف التجارية بمدينة مقاطعة قوانغو، ضمن زيارته الرسمية إلى الصين، الشركات الصينية للاستثمار في القطاعات الصناعية الواعدة، التي تركّز على توطينها وتطويرها الإستراتيجية الوطنية للصناعة، ومن أبرزها السيارات والأغذية والأدوية والطائرات.

وقال الخريف: "نبحث عن الشركات التي تعزز الاستثمار في القطاعات الإستراتيجية الصناعية التي تحتاجها المملكة، وتطوّر سلاسل الإمداد، وفي مقدمتها السيارات، والطائرات، والأغذية، والأدوية، إضافة إلى الحافلات والشاحنات وسيارات النقل الخفيف، التي من المتوقع أن يزداد الطلب عليها خلال الأعوام المقبلة".

بحث عن التوازن

وأشار الموقع الإيطالي إلى أن "دعوة الوزير السعودي تأتي في مرحلة تشهد منافسة شديدة بين بكين وواشنطن على الوصول إلى المعادن الأساسية مثل الليثيوم، المستخدم في بطاريات السيارات الكهربائية، وبشكل عام، المعادن النادرة والسلع الأساسية للتصنيع العسكري". 

وفي هذا السياق، ألمح إلى إمكانية أن تسهم عودة ترامب إلى البيت الأبيض "في إبطاء جهود الصين في السعودية، جزئيا على الأقل "مؤكدا في الوقت نفسه أن "أبواب الرياض لا تزال مفتوحة على مصراعيها أمام التنين". 

وأكد الموقع على عدم تجاهل جزئية أن السعودية، مستعدة للترحيب بالاستثمار الأجنبي؛ لتحويل قطاع التعدين لديها إلى مصدر رئيس للإيرادات.

وأشار إلى أن صناعة التعدين والسيارات قطاعان اثنان من بين 12 قطاعا حددتها الرياض كمجالات محتملة للتعاون مع الصين. 

وقال الموقع: إن الرياض تعتبر "التعاون في قطاعات الآلات والمعدات، التكرير والصهر، الصناعة الكيمائية، الأدوية، المعدات الطبية وإنتاج الأقمار الصناعية، إستراتيجيا".

ويرى أن "بكين قادرة على تقديم مساهمة كبيرة في تحقيق أحلام المجد التي يطمح إليها ابن سلمان"، لافتا إلى أن الولايات المتحدة "عادت هي الأخرى بعد عودة ترامب إلى الحكم للمسار الصحيح"؛ أي أنها عادت لتنافس على زيادة الاستثمارات والمبادلات مع الجانب السعودي. 

وتابع: "يفترض أن تحاول الرياض بطريقة أو بأخرى، إيجاد توازن بين الفوائد الاقتصادية المستمدة من العلاقات مع التنين وتلك المترتبة على التحالف الإستراتيجي طويل الأمد مع الولايات المتحدة"، 

وشدد الموقع على أن "البراغماتية ستكون كلمة السر في الرياض خلال السنوات المقبلة".