دعمت المليشيات وأشعلت الحرب.. السودانيون يشنون حملة إعلامية ضد الإمارات

داود علي | a month ago

12

طباعة

مشاركة

مع استمرار الحملة العسكرية الموسعة التي يشنها الجيش السوداني ضد مليشيا “الدعم السريع” المتمردة، دشن مواطنون حملة إعلامية موازية تحت عنوان "الإمارات تقتل الشعب السوداني". 

الحملة بدأت مطلع أكتوبر/ تشرين الأول 2024، ووثقت شهادات لمواطنين عن الجرائم التي ترتكبها عناصر المليشيات بدعم إماراتي كامل.

وحمل سياسيون ونشطاء، أبوظبي مسؤولية إراقة دماء المواطنين في السودان، وتدمير الدولة عبر إذكاء الحرب الأهلية التي دارت رحاها منذ أبريل/ نيسان 2023.

رسائل إلى الإمارات 

وضمن الحملة، بعث ناشط سوداني، برسائل إلى الإمارات عبر مقطع فيديو نشره على منصتي "تيك توك" و"إكس" في 11 أكتوبر، قال فيه: “الدولة السودانية دولة ذات حضارة وتاريخ، لا تستطيعون شراءها بالأموال، كم عمر الإمارات حتى تبتلع الدولة السودانية؟”

وأكمل: "أموالكم تنفقونها في محاربة وقتل المسلمين، ماذا ستقول لربك غدا يا (رئيس الإمارات، محمد) بن زايد.. البترول والأموال التي أعطيتني إياها، أنفقتها في قتل المسلمين في السودان ولبنان وفلسطين واليمن وسوريا". 

بعدها في 16 أكتوبر، نشر المدون السوداني ياسين أحمد، صورا لأسلحة إماراتية عثر عليها خلال المعارك مع الدعم السريع، قائلا: "أدلة موثقة جديدة في المقرن تكشف تسليح ⁧دويلة الإمارات لمليشيا الدعم السريع".

وأضاف عبر “إكس” أن "ظهور بندقية القنص (CSR 50) المعروفة بأنها صناعة إماراتية، بيد عناصر المليشيات المتمردة، يؤكد استمرار تزويدهم بالسلاح المتطور". 

واستطرد: "دولة الشر تواصل بإصرار قتل الشعب السوداني البريء، وتدمير وطننا السودان الحبيب".

يذكر أنه في 28 فبراير/ شباط 2024، كشف وزير الخارجية السوداني آنذاك علي الصادق علي، عن الدور الإماراتي المشبوه في إثارة الفتنة بالبلاد. 

وفي مقابلة تلفزيونية مع قناة "بي بي سي" البريطانية، قال علي إن "الشعب السوداني يقتل بأسلحة إماراتية، والإمارات اختارت أن تكون عدوة للشعب السوداني".

ووصل الأمر إلى أن ممارسات الإمارات ضد الشعب السوداني لاقت أصداء عالمية، حيث ألغى مغني الراب الأميركي الشهير "ماكليمور" حفلا كان سيقيمه في دبي خلال أكتوبر.

وكتب ماكليمور في منشور على “إنستغرام” أن "الوضع الحالي في السودان ملح ومروع، ويمر دون أن يحظى باهتمام عالمي.. أتابع الناشطين السودانيين الذين يحاولون أن تجد أصواتهم آذانا صاغية".

وتابع: "إلى أن تتوقف الإمارات عن تسليح وتمويل الدعم السريع، لن أحيي حفلات هناك".

400 رحلة جوية 

وفي 14 أكتوبر 2024، اتهمت السودان الإمارات بـ"الاستمرار في دعم" مليشيا "الدعم السريع" بالأسلحة والذخائر والمركبات القتالية والمسيرات، وفق ما أعلنه وزير الخارجية، حسين عوض، خلال مؤتمر صحفي في بورتسودان.

ولفت الوزير إلى أن تقارير الأمم المتحدة "أثبتت هبوط 400 رحلة جوية لطائرات تنقل السلاح ومعدات عسكرية إلى مطار أم جرس في شرق تشاد، بالإضافة إلى مطار انجمينا (عاصمة تشاد)".

وشدد على أن حكومته تمتلك "أدلة دامغة" تؤكد تورط أبوظبي في دعمها لقتل المدنيين السودانيين وتشريدهم، تحديدا في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية دارفور.

وجددت الحكومة السودانية في 12 أكتوبر شكواها لدى مجلس الأمن الدولي ضد الممارسات الإماراتية بحق الشعب السوداني. 

وقالت الحكومة إنها دعمت شكواها ضد الإمارات بأدلة جديدة تثبت تورطها بدعم مليشيا “الدعم السريع”. 

ونقلا عن وكالة الأنباء السودانية الحكومية "سونا"، فإن الخرطوم بعثت بخطاب إلى مجلس الأمن، حمل تفاصيل جديدة حول ما عده "العدوان المستمر للإمارات على السودان وشعبه بواسطة المليشيا الإرهابية".

اليد الإماراتية 

وأوضح الخطاب المرسل من قبل المندوب الدائم للسودان بنيويورك إلى رئيس مجلس الأمن أن الإمارات تعالج مقاتلي المليشيات الذين أصيبوا في المعارك الأخيرة في مستشفى زايد العسكري بأبوظبي.

وأرفق الخطاب صورا لعدد منهم وهم يتلقون العلاج في ذلك المستشفى، كما تضمنت الرسالة تفاصيل وصور صناديق ذخيرة المدفعية الثقيلة التي تحمل اسم الإمارات التي استولى عليها الجيش عقب معارك جبل موية.

بالإضافة إلى شاحنات كبيرة لنقل الأسلحة والذخائر لعناصر الدعم السريع، تحمل أرقام وبطاقات ترخيص دبي.

وكذلك وجود أدوية ومستلزمات طبية إماراتية حديثة الصنع كانت بحوزة "المليشيا"، وأشار الخطاب إلى إمكانية فحص المضبوطات من خبراء الأمم المتحدة.

ومنذ سنوات تلعب مليشيا "الدعم السريع" بورقة الإمارات التي دعمتها ماليا وعسكريا وسياسيا.

وبالفعل حولتها من قوة ذات طبيعة خاصة داخل الجيش، إلى غول قوامه أكثر من مئة ألف مقاتل، يسعى لابتلاع الجيش والسودان برمته.

فبفضل الإمارات، امتلكت الدعم السريع أسلحة ثقيلة ومتوسطة، وسيارات "جيب" قتالية ومضادات للدروع وطائرات مسيرة، واستطاعت أن تحتل مساحات مهمة من السودان، منها أجزاء واسعة من العاصمة الخرطوم ومدينة "ود مدني" وولاية "الجزيرة" وغيرها.

كما أقامت الإمارات منذ بداية الحرب جسرا جويا لإنقاذ الدعم السريع، عبر مدينة "أم جراس" التشادية، وأم جراس أشبه بمركز الإمارات اللوجيستي في تشاد، وهي مدينة عاصمة لمنطقة إندي إست.

ويبلغ عدد سكانها قرابة 30 ألف نسمة، وهي أكبر مدينة في المنطقة، ورابع أكبر مدينة في الصحراء (الشمالية) لتشاد.

وما يميزها أن لديها مطارها الخاص وهو مكمن أهميتها وقوتها حاليا، فالمطار الذي تم افتتاحه في 29 ديسمبر/ كانون الأول 2022، به مدرج مرصوف يمتد لـ3 آلاف متر.

كما يوجد بالمدينة قاعدة عسكرية للجيش التشادي، وأورد موقع "إمارات ليكس"، أن أبوظبي استغلت علاقتها بالمجلس العسكري الانتقالي التشادي، وموقع تشاد كدولة حدودية مع السودان، لاستخدامها في تهريب الأسلحة والعتاد العسكري للدعم السريع،

وذكر الموقع في 17 يوليو 2023، أن الإمارات تورطت في إمداد مليشيات التمرد في السودان بطائرات مسيرة، نقلت عبر مطار "أم جرس" التشادي، وذلك خدمة لمؤامرات أبوظبي في تصعيد الاقتتال الداخلي في البلاد.

ضحايا الإمارات 

ووصفت "لجنة الإنقاذ الدولية" ما يجرى في السودان بـ"السقوط الحر".

وحذرت اللجنة عبر بيان في 26 يونيو 2024 من أن الأزمة الإنسانية في البلاد ستتفاقم أكثر ما لم يتخذ المجتمع الدولي إجراءات حازمة لمعالجة الوضع.

كما أعلنت منظمة الصحة العالمية، في 8 سبتمبر، أن عدد القتلى لا يقل عن 20 ألف شخص منذ بداية الصراع. 

لكن بعض التقديرات تصل إلى 150 ألف ضحية، وفقا للمبعوث الأميركي إلى السودان، توم بيرييلو.

وبحسب الصحة العالمية نزح أكثر من 10 ملايين شخص، أي نحو 20 بالمئة من السكان، بسبب القتال أو أجبروا على اللجوء إلى دول مجاورة مثل مصر وتشاد وجنوب السودان وإثيوبيا. 

وتسبب النزاع بأزمة إنسانية هي “من الأسوأ في التاريخ الحديث”، بحسب الأمم المتحدة.

من جانبه، حمّل السياسي السوداني، إبراهيم عبد العاطي، الإمارات “المسؤولية الكاملة عن دماء الشعب السوداني”. 

وقال عبد العاطي لـ"الاستقلال" إن "الإمارات قامت بمغامرة غير محسوبة في السودان، وأرادت أن تدمر الدولة عبر حل المؤسسات الأمنية على رأسها الجيش والشرطة والمخابرات، وتستبدلهم بمليشيات متمردة ومرتزقة من الدعم السريع". 

وشدد على أن "سياسة الإمارات وأموالها وإمدادها تلك العصابة بالأموال والسلاح والإمكانيات حوّلها إلى جيش يكاد يبتلع الدولة، وأدخلنا في هذه الحرب الأهلية التي سيعاني منها الشعب لسنوات طويلة، ولن ينسى ما فعلته الإمارات وحكامها". 

وتابع عبد العاطي: "هناك أيضا مسؤولية دولية وعربية، فكيف يسمح لدولة عربية أن تحدث بها هذه المهازل والجرائم؟ وكيف يمكن القبول بأن تحل عصابة محل الجيش والأجهزة الأمنية، هذا لا يحدث حتى في جمهوريات الموز ودول الانقلابات في إفريقيا".