من صنعاء إلى بورتسودان.. كيف يتمدد الحوثيون في السودان عبر بوابة البرهان؟

"توسّع الحوثيين يُنذر بصراع أوسع النطاق"
بعد أشهر على وقف إطلاق النار الأحادي الذي أعلن عنه رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب لوقف قصف الحوثيين في صنعاء مقابل إنهاء الهجمات على السفن الأميركية، “لا يزال الحوثيون يهددون حركة السفن التجارية المدنية في البحر الأحمر”. بحسب مقال نشره موقع "يوراسيا ريفيو".
وجاء المقال بقلم فرناندو كارفاخال، الذي عمل في فريق خبراء مجلس الأمن الدولي المَعنِيّ باليمن من أبريل/نيسان 2017 إلى مارس/آذار 2019 كخبير في شؤون المناطق والجماعات المسلحة.

نطاق أوسع
وسلط المقال الضوء على ما وصفه "توسّع الحوثيين في السودان"، ويرى أنه "يُنذر بصراع أوسع نطاقا".
وفي مايو/أيار 2025 أعلنت وزارة الخارجية العمانية أن جهودها الدبلوماسية مع الولايات المتحدة والحوثي أسفرت عن التوصل إلى "اتفاق على وقف إطلاق النار بين الطرفين"، وهو ما لاقى ترحيبا من عدة دول عربية.
وقبل ذلك، أعلن ترامب أن الحوثيين تعهدوا بعدم شن أي هجمات إضافية على السفن التجارية، مؤكدا أن الولايات المتحدة ستوقف هجماتها على اليمن بالمقابل.
وبعد إعلان سلطنة عمان عن الاتفاق، أكد الحوثيون هذه الخطوة، مشددين على أن ما تم التوصل إليه يُعد "تفاهما مبدئيا" ولا يرتبط باستمرار دعمها لغزة في مواجهة العمليات الإسرائيلية، ولذلك استمرّت الهجمات على السفن المرتبطة بالاحتلال.
وقال كارفاخال: إن "هجومين نسبا للحوثيين خلال أسبوع واحد قرب ميناء ينبع السعودي على البحر الأحمر يظهران أن الحوثيين ما زالوا يحتفظون بقدرات تتجاوز حدودهم البحرية. وحاليا، يبدو أن تأسيسهم لموقع على طول الساحل السوداني يزيد من خطورة هذا التهديد".
وتابع: "الهجمات على سفينتي (Scarlet Ray) و(MSC Aby) أوائل سبتمبر/أيلول 2025، أثارت قلقا متجددا بشأن قدرات الحوثيين".
وأعلنت الجماعة حينها في بيان أنه "جرى استهداف سفينة (MSC Aby) شمالي البحر الأحمر بطائرتين مسيّرتَين وصاروخ مجنّح لانتهاكها قرار حظر الدخول إلى موانئ فلسطين المحتلة وارتباطها بالعدو الإسرائيلي".
وقالت في بيان آخر: "نفذت القوات البحرية عملية عسكرية استهدفت سفينة (Scarlet Ray) النفطية الإسرائيلية شمالي البحر الأحمر، وذلك بصاروخ باليستي أصاب السفينة".
بدوره، أوضح كارفاخال أن "هذه ليست المرة الأولى التي يعلن فيها الحوثيون عن قدرتهم على ضرب السفن في شمال البحر الأحمر، لكن هذه الهجمات تشير إلى مدى جديد لهجمات الحوثيين شمالا على بُعد يقارب 600 ميل من سواحل اليمن".
طريقة التنفيذ تثير أيضا تساؤلات حول توقيت وطريقة الهجمات، وفق الكاتب؛ حيث أشار النائب السابق للملحق العسكري في السفارة اليمنية بواشنطن، هشام المقدشي، أن هجوم الطائرة المسيرة على (MSC Aby) انطلق من زورق صيد قرب سفينة الحاويات.
ويختلف هذا الهجوم عن الهجمات على سفينتي (Magic Seas) و(Eternity Sea) أوائل يوليو/تموز 2025، التي أُفيد أنها انطلقت من زوارق صغيرة قبالة ساحل الحديدة.

توسيع العمليات
هناك سيناريو آخر محتمل قد يفسر زيادة مدى الحوثيين المفاجئة -وفق المقال- وهو إطلاق الطائرات المسيرة أو الصواريخ أو الزوارق الصغيرة من الساحل السوداني.
وقال كارفاخال: "تمثل منطقة شرق إفريقيا، من الصومال إلى السودان، فرصة للحوثيين بعد أن أغلقت الحكومة اليمنية الشرعية وقوات التحالف البحرية المشتركة طرق التهريب من عمان وبحر العرب".
وأضاف: "استحوذ الحوثيون على طرق التهريب التقليدية في اليمن، وعززت إيران هذه العملية، ما سمح لهم بإقامة روابط مع حركة الشباب في الصومال وقراصنة بونتلاند".
واستطرد: “يبدو أن إيران في الوقت الراهن تسهّل توسع الحوثيين في السودان بالتزامن مع تجديد العلاقات بين طهران والقوات المسلحة السودانية بقيادة عبد الفتاح البرهان”.
وتابع: "يستفيد الحوثيون من الموانئ والمخازن في محيط ميناء السودان، كما يمكنهم استخدام مطاره كنقطة عبور للأسلحة والتقنيات".
وقال كارفاخال: "كانت الضربات على سفينتي (Scarlet Ray) و(MSC Aby) على بُعد 160 ميلا فقط من الساحل السوداني؛ حيث يتيح استخدام الساحل السوداني للحوثيين، وإيران، تحويل الانتباه عن المناطق الحوثية المتضررة في الحديدة وصنعاء".
ويرى أن "المخاطر على الحوثيين في البحر الأحمر زادت أواخر 2024 بعد مغادرة سفن التجسس الإيرانية منطقة باب المندب، وقد صادرت قوات التحالف البحرية المشتركة عام 2025 عددا من السفن الصغيرة التي كانت تهرّب أسلحة للحوثيين، ما يزيد من صعوبة عمليات الحوثيين على بعد 600 ميل من شواطئهم".
وقال كارفاخال: إن "الأدلة تشير إلى أن إيران بدأت في نقل طائرات دون طيار من نوع (Mohajer-6) و(Ababil) وأنظمة صواريخ إلى القوات المسلحة السودانية منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023".
وأفاد بأن "تدفق الأسلحة يستمر رغم فرض إدارة ترامب عقوبات جديدة على البرهان وحلفائه، بما في ذلك بسبب استخدام موثق للأسلحة الكيميائية".
كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على كتيبة "البراء بن مالك".
وأردف كارفاخال: "تلعب هذه المجموعة دورا محوريا في العمليات العسكرية بميناء السودان ضد الدعم السريع التي تقاتل البرهان، وبالامتداد، تشكّل جزءا من الشبكة التي تنقل إيران عبرها أسلحة، مما يثير القلق من إمكانية وصول الحوثيين إلى أسلحة كيميائية لتهديد الجيران أو استخدامها ضد قوات يمنية منافسة".
ويعتقد أن ما يسميها "الحروب المطوّلة في السودان واليمن" تتداخل، وتبدأ بالتمدد خارج مناطقها التقليدية.
وبينما تستمر واشنطن والدول الغربية في عدّ العمليات الحوثية محدودة من حيث النطاق والجغرافيا، "تتزايد المؤشرات على أن الحوثيين ينوون توسيع عملياتهم إلى ما هو أبعد من التركيز النسبي الحالي للأنشطة البحرية المضادة لهم". وفق المقال.













