"نزع سلاح المخيمات الفلسطينية".. ماذا فعل عباس خلال زيارة لبنان؟

"أي خطة لنزع السلاح من دون تسوية شاملة هي محاولة لإضعاف الفصائل الفلسطينية"
في 21 مايو/ أيار 2025، بدأ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس زيارة رسمية إلى لبنان، استمرت 3 أيام، التقى خلالها الرئيس جوزيف عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة نواف سلام.
وجاءت هذه الزيارة في توقيت بالغ الحساسية، وسط تسارع في إعادة رسم المشهد الإقليمي، وتزايد الضغط اللبناني الرسمي لضبط السلاح الفلسطيني داخل المخيمات، في ظل قرار الحكومة اللبنانية حصر السلاح بيد الدولة.
في هذا السياق، أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية بأن قضية نزع سلاح المخيمات الفلسطينية في لبنان كانت الملف الأساسي الذي سيطر على المباحثات بين الجانبين.

ملف شائك
وحسب الصحيفة، تصدرت قضية السلاح الفلسطيني المشهد في الداخل اللبناني، عقب عملية إطلاق صواريخ من جنوب لبنان في مارس/ آذار 2025 باتجاه المستوطنات الإسرائيلية، اتهمت بتنفيذها عناصر من حركة حماس.
الأمر الذي دفع مجلس الدفاع الأعلى اللبناني للتشديد على عدم استخدام الأراضي اللبنانية في عمليات عسكرية ضد إسرائيل.
وأشارت الصحيفة إلى أن "هذا التحذير ترافق مع قرار حكومي حاسم يقضي بتسليم سلاح حزب الله أو وضعه تحت إمرة الجيش اللبناني".
ما فتح الباب أمام “استكمال معالجة ملف السلاح غير الشرعي في البلاد، وفي مقدمتها السلاح الفلسطيني”، بحسب مزاعم الصحيفة الإسرائيلية.
من جانبه، قال عضو القيادة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية سرحان سرحان لصحيفة "الشرق الأوسط": إن "قضية السلاح في المخيمات الفلسطينية في لبنان لم تطرح رسميا بعد، في اجتماعات لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني".
واستدرك سرحان: "ولكن إذا طرحت هذه القضية خلال لقاءات أبو مازن مع القيادات، فإنها ستكون جزءا من حوار شامل".
وذكر أن "سلاح منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان تحت السيطرة الكاملة، ولا يخدم إلا أمن واستقرار المخيمات".
واستطرد: "لدينا مؤسسات تعمل داخل المخيمات كافة لتحقيق الأمن الاجتماعي والسياسي".
وأكد أنه يرفض وصف المخيمات بـ "جزر أمنية خارج القانون". وقال: "ما يحصل في لبنان سيحصل معنا، ونحن نعمل في إطار القانون اللبناني وحسب ما يرتضيه الشعب اللبناني".
وأشار سرحان إلى أن "نزع السلاح القسري قد يفتح الباب أمام مشاكل أمنية واجتماعية، لكننا ندعم ضبط السلاح بالتنسيق مع الدولة اللبنانية".
وشدد على "وجود تنسيق مستمر بين منظمة التحرير الفلسطينية والجيش اللبناني والأجهزة الأمنية لمنع تصاعد الصراعات أو امتدادها إلى مناطق أخرى".
وأضاف: "نعمل جاهدين على استتباب الأمن داخل المخيمات وضبط أي سلاح متداول خارج الأطر الرسمية، ونعد استقرار لبنان مصلحة فلسطينية عليا".

محادثات مغلقة
في غضون ذلك، كشفت الصحيفة العبرية أن "محادثات مغلقة تجرى حاليا بين لبنان وقيادات فلسطينية رفيعة، للتوصل إلى تفاهم يهدف إلى نزع سلاح المخيمات خارج المخيمات، وضبط السلاح داخلها، ومنع أي إطلاق للصواريخ غير منضبط، أو تحركات مسلحة بشكل كامل".
وذكرت أن "مصدرا وزاريا لبنانيا رفيع المستوى أكد أن ملف السلاح الفلسطيني، سواء داخل المخيمات أو خارجها، عاد ليكون من أبرز الملفات الأمنية التي تحتاج إلى معالجة جدية وهادئة في الوقت نفسه، بعيدا عن التشنج أو المزايدات".
وأشار المصدر إلى أن "مرجعية الدولة اللبنانية في هذا الشأن واضحة ولا تقبل التأويل".
مضيفا: "هناك التزام فلسطيني متكرر، سواء من الرئيس محمود عباس شخصيا أو من قيادات بارزة، بضبط السلاح وعدم استخدامه إلا للدفاع عن القضية الفلسطينية مع احترام كامل للسيادة اللبنانية".
غير أن المصدر لفت إلى أن "الإشكالية الكبرى تكمن في غياب آلية تنفيذية واضحة لهذا الالتزام".
"خاصة في ظل تعدد المرجعيات الفلسطينية داخل لبنان، ووجود فصائل لا تخضع مباشرة لسلطة الرئيس عباس، وبعضها مرتبط بأجندات إقليمية تثير قلق لبنان"، حسب زعمه.

ضمانات واضحة
وشككت الصحيفة الإسرائيلية في نجاح الأطراف الفلسطينية في التوصل إلى تفاهمات بشأن هذه القضية بسبب مشاركة فتح في هذه المحادثات.
مشيرة إلى أن "مشاركة السلطة الفلسطينية وحركة فتح في صياغة هذه الخطة، تثير تحفظات من بعض الفصائل الفلسطينية التي تتبنى مواقف سياسية وأيديولوجية مختلفة، لا سيما في ظل غياب مظلة وطنية فلسطينية موحدة داخل لبنان".
لذلك، أشارت إلى أن "المفاوضات مع الفصائل الإسلامية المنتشرة في بعض المخيمات تبدو محدودة التأثير".
"حيث ترفض هذه الفصائل تسليم سلاحها، ما لم تقدم لها ضمانات واضحة بشأن مصير أعضائها المطلوبين"، كما ذكرت الصحيفة.
وعزت إصرار تلك الفصائل على هذا المطلب إلى اعتقادهم بأن "أي خطة لنزع السلاح دون تسوية شاملة هي محاولة لإضعافهم وإقصائهم قسرا".
وفي هذا الصدد، يُذكر أنه "قبل ساعات من زيارة عباس إلى بيروت اندلعت اشتباكات عنيفة، مساء 19 مايو/ أيار 2025 داخل مخيم شاتيلا في بيروت، بين مجموعات محلية مرتبطة بتجارة المخدرات، أسفرت عن سقوط قتيلين وجريحين"، بحسب وسائل إعلام لبنانية.