روبرت جينيرك.. متطرف داعم لإسرائيل مرشح لرئاسة الحكومة البريطانية
يواجه جينيرك انتقادات من خصومه الذين يصفونه بأنه سياسي انتهازي
"إذا لم تفعل وزارة الخارجية ذلك، فسأبني السفارة البريطانية في القدس بنفسي"، بهذا التصريح يؤكد القيادي في حزب المحافظين البريطاني روبرت جينيرك، مرة أخرى على موقفه الثابت والقوي الداعم مطلقا لإسرائيل.
"هذا الترامبي اليميني" كما يصفه بعض منتقديه، في إشارة إلى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، يسعى للفوز بزعامة حزب المحافظين في الانتخابات التي ستغلق أبوابها في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2024.
وفي هذا الإطار، يسلط موقع "زمان" العبري الضوء على رئيس الوزراء المحتمل لبريطانيا، موضحا جهده الدؤوب خلال السنوات الماضية في مكافحة "معاداة السامية" ودعمه اللامحدود لإسرائيل والمجتمع اليهودي في بريطانيا، قولا وعملا.
وتناول الموقع موقف جينيرك من إقامة الدولة الفلسطينية، ونهجه المتوقع في التعامل مع الأشخاص المناهضين للحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، ومع المنظمات الإسلامية عموما في البلاد، وذلك على خلفية اتهامه بالإسلاموفوبيا.
إسرائيلي الهوى
ويؤكد على "ثبات موقف جينيرك فيما يتعلق بالدعم غير المتهاون لإسرائيل والمجتمع اليهودي في بريطانيا"، وذلك على عكس موقفه من القضايا الأخرى.
إذ يوضح الموقع أنه "يواجه انتقادات من خصومه الذين يصفونه بأنه سياسي انتهازي انتقل من كونه شخصية ليبرالية اجتماعية معتدلة، إلى مؤيد لترامب ويميني، في سعيه للحصول على أصوات أعضاء الحزب".
وبينما يتابع الإسرائيليون سباق الانتخابات الداخلية لحزب المحافظين، يشير الموقع إلى أن "الصراع على القيادة، المتوقع أن ينتهي نهاية أكتوبر، بالكاد يجذب اهتمام الصحف".
ويرجع ذلك إلى "فوز حزب العمال بأغلبية كبيرة في الانتخابات العامة خلال يوليو/ تموز 2024".
وأردف الموقع: "وعلى الرغم من البداية المتعثرة للحكومة وانخفاض شعبيتها، يفترض الكثيرون أن المحافظين سيجدون صعوبة في تغيير الوضع، عندما يتوجه البريطانيون إلى صناديق الاقتراع مرة أخرى بعد خمس سنوات".
ومع ذلك، يوضح أن "عدم الاستقرار السياسي والقدرة الشرسة لحزب المحافظين على تجديد نفسه، تفتح الباب لاحتمال أن يصل زعيمه القادم إلى مقر الحكومة".
ويضيف: "خلال المئة عام الماضية، لم يصبح سوى ثلاثة من أصل 17 زعيما لحزب المحافظين رؤساء وزراء".
وأكمل: "وفي حال حصوله على أصوات الأعضاء حيث يتوقع إعلان النتائج في 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، فقد يعزز جينيرك موقف حزب المحافظين الداعم لإسرائيل، وأن يواجه حزب العمال فيما يتعلق بسجله المتذبذب في دعم دولة اليهود".
“ويتداخل دعم جينيرك -صاحب الـ 42 عاما- السياسي لإسرائيل مع جانب من حياته الشخصية”.
فزوجته بريكنر، البالغة من العمر 51 عاما، ومحامية الأعمال الإسرائيلية الناجحة هي حفيدة ناجين من المحرقة اليهودية، تعد نفسها "داعمة قوية لإسرائيل".
كما تتلقى بناتهما الثلاث تعليمهن كيهوديات، وتحمل إحداهما الاسم الأوسط "تاتشر" تكريما للبطلة السياسية لجينريك.
وذلك في إشارة إلى رئيسة الوزراء السابقة مارغريت تاتشر والتي ترأست الحكومة من 1979 إلى عام 1990، وتلقب بالمرأة الحديدية.
معاداة السامية
ويستعرض الموقع أشكال الدعم التي قدمها السياسي اليميني لتل أبيب، فهو بداية "يعد داعما بارزا لمنظمة "أصدقاء إسرائيل المحافظين" (CFI) منذ دخوله البرلمان عام 2014".
وتابع: "أثناء عمله كوزير للمجتمعات في حكومة بوريس جونسون، جعل جينيرك مكافحة معاداة السامية في مقدمة أولوياته".
فدفع الجامعات لتبني تعريف تحالف ذاكرة المحرقة الدولية لمعاداة السامية، ودعم بشغف إنشاء موقع لتخليد ذكرى المحرقة والتعريف بها في المملكة المتحدة، بالقرب من حي ويستمنستر.
وقال في خطاب ألقاه أمام لجنة ممثلي المجتمعات اليهودية عام 2019: "لا أستطيع أن أتخيل بريطانيا بدون أصدقائنا وجيراننا وأحبائنا اليهود".
وظهرت مساندته بشكل واضح خلال الحملة الانتخابية، فيقول الموقع: "خلال الأشهر الأربعة من السباق لاستبدال رئيس الوزراء البريطاني السابق ريشي سوناك، أعاد جينيرك التأكيد على دعمه إسرائيل مرارا وتكرارا".
كما شكك جينيرك في شرعية قيام دولة فلسطينية مستقبلا، وذلك في المؤتمر الذي عُقد في أكتوبر لحزب المحافظين. ويبين الموقع أنه "دافع بشدة عن الدولة اليهودية ".
فقد قال لممثلي الحزب: "إسرائيل هي الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، سأكون سعيدا إذا كان هناك عالم توجد فيه دولة فلسطينية ديمقراطية وليبرالية وحرة مثلها (تل أبيب)، لكن نحن بعيدون عن ذلك".
دعا البريطانيين إلى إظهار المزيد من التعاطف تجاه إسرائيل في تصريحات ألقاها عشية الذكرى السنوية لهجوم حركة المقاومة الإسلامية حماس في 7 أكتوبر 2023 على مستوطنات غلاف غزة.
وقال: “كيف كنا سنشعر إذا تم قتل 1200 من رجالنا ونسائنا وأطفالنا؟ إذا جرى اغتصاب مواطنينا؟ إذا كان هذا حدث بمهرجان غلاستونبري وليس بمهرجان نوفا؟ إذا كان لدينا وراء الباب إرهابيون مثل حماس وحزب الله؟” على حد وصفه.
بالإضافة إلى ذلك، يشير الموقع إلى أن "جينيرك حضر بنفسه، اجتماعا لتخليد الذكرى خارج منزل رئيس الوزراء في داوننغ ستريت بعد فترة قصيرة" من تنفيذ عملية طوفان الأقصى.
وألقى كذلك خطابا في تجمع كبير ضد معاداة السامية في وسط لندن خلال نوفمبر 2023 وقال حينها إن "هزيمة منظمة الإرهاب ستكون نعمة لهذا العالم"، وفق تعبيره.
موقف متشدد
علاوة على ذلك، “أرفق جينيرك دعمه الخطابي بمبادرات لافتة للنظر والتزامات سياسية ملموسة”.
وذلك مثلما حدث في سبتمبر/ أيلول 2024 حيث نُشرت صورة شخصية للوزير السابق وهو يرتدي سترة كُتب عليها “حماس إرهابية”، بحسب زعمه.
ويرصد الموقع غضب المذيع التلفزيوني بقناة سكاي نيوز كاي بيرلي من هذا الفعل فكتب على موقع "إكس" مستنكرا: “هل من المناسب أن يترشح شخص لمنصب رئاسة الوزراء يقود حزب المحافظين للسير في شوارع لندن مرتديا سترة مكتوبا عليها: حماس إرهابية؟"
ومع ذلك، يوضح أن "جينيرك لم يرتدع، وارتدى السترة مرة أخرى في اجتماع لأصدقاء إسرائيل المحافظين في مؤتمر الحزب".
وعلق على الأمر بالقول: "قال كاي بيرلي إنني أحرض الناس بفعلي، لا أفهم لماذا يجب أن نقلق بشأن التحريض على أنصار حماس، يجب القبض عليهم".
ويرى الموقع أن تصريحات جينيرك "تعكس الموقف المتشدد الذي تبناه تجاه المناهضين لإسرائيل، الذين يشاركون في المظاهرات بشوارع لندن منذ 7 أكتوبر 2023".
ويستدل على تشدده، بتعهده كوزير للهجرة (سابقا) بإلغاء تأشيرات دخول بريطانيا الذين يتبين أنهم ينشرون "الكراهية والانقسام"، حتى لو لم تكن أفعالهم تنتهك القانون.
وقال في مقابلة إذاعية أخيرا: "هذا سلوك مثير للاشمئزاز، لا أريد رؤيته في شوارعنا، لا أستطيع أن أنظر في عيني يهودي بريطاني وأقول له، كوزير للهجرة، إنني سمحت لشخص ما بالبقاء في بلدنا، بينما يتصرف بهذه الطريقة، هذا ليس صحيحا. إذا أتيت إلى هذا البلد، فأنت ملتزم بالقيم البريطانية".
كما يشير الموقع إلى أن جينيرك "أعرب مرارا وتكرارا، عن مخاوفه بشأن تعامل الشرطة مع الاحتجاجات".
وقال في فبراير/ شباط 2024: "سمحنا لشارعنا أن يسيطر عليه متطرفون إسلاميون، ويشعر اليهود البريطانيون وغيرهم بالتهديد، لدرجة أنهم لا يستطيعون السير في وسط لندن أسبوعا بعد أسبوع، إن هؤلاء المتظاهرين ليسوا فقط ضد إسرائيل أو ضد اليهود، بل ضد بريطانيا أيضا".
وأردف الموقع: "زعم جينيرك أنه حث مرارا رئيس شرطة لندن، على اتخاذ نهج أكثر صرامة تجاه المحتجين".
وأشار إلى فشل الشرطة في القبض على شخص صرخ بكلمة "جهاد" خلال احتجاج في العاصمة عام 2023، وإلى عدم تحركها عندما جرى عرض عبارة "من النهر إلى البحر" على ساعة بيغ بن أثناء التصويت في البرلمان على وقف إطلاق النار في فبراير 2024.
"ولم تمر هذه التصريحات دون جدل"، ففي وقت سابق من العام 2024، وُجهت إليه اتهامات بالإسلاموفوبيا عندما قال إن المتظاهرين الذين يصرخون “الله أكبر” يجب أن يُعتقلوا على الفور من قبل الشرطة.
ويرى الموقع أن مواقف جينيرك ما هي إلا "تسليط للضوء على استيائه من الحكومة المحافظة السابقة، لعدم دعمها إسرائيل بشكل كاف".
ويضرب مثالا على ذلك بقوله: "دعا جينيرك إلى تشديد التشريعات المحلية في مكافحة التطرف".
كما يطالب بحظر المنظمات التي لا تدعم الإرهاب ولكنها، حسب رأيه، "تضر بالنظام العام". وقد أشار هنا إلى عدد من المنظمات المؤيدة لفلسطين.
من جانبهم، اتهم خصوم جينيرك قيام حملته على الكراهية، والتحريض على الانقسام، ورفض الحريات، والتجاهل للحقوق الأساسية للإنسان.
دعم مطلق
ويبرز الموقع العبري أكثر الإجراءات أهمية والتي سيتخذها جينيرك في دعمه لإسرائيل حال توليه السلطة.
ويقول: "سأعترف، في البيان التالي للحزب عقب النصر، بالقدس عاصمة شرعية لدولة إسرائيل، وسأنقل السفارة البريطانية من تل أبيب إليها".
بجانب ذلك، قال جينيرك إنه خلال فترة عمله في وزارة الداخلية، حاول دفع الأمور لكي يتمكن الزوار من إسرائيل من استخدام المعابر البيومترية في المطارات.
وهذه المعابر تفتح حاليا فقط للبريطانيين، والمواطنين من الاتحاد الأوروبي، ومواطني بعض الدول الصديقة مثل الولايات المتحدة وأستراليا.
وأضاف: "أريد أن تكون هذه الدولة الأكثر ترحيبا في العالم للإسرائيليين، وللجالية اليهودية".
واقترح جينيرك أيضا، أن يُرسم في كل مطار ونقطة دخول إلى دولتنا الكبرى، شعار يظهر نجمة داود كرمز لدعمنا لإسرائيل، ووقوفنا إلى جانبها، وهو الأمر الذي أثار المشاعر لدى العديد من المعلقين المؤيدين لتل أبيب.
على مستوى عملي أكثر، يوضح الموقع أن جينيرك “ناضل خلف الكواليس من أجل حظر الحرس الثوري الإيراني”.
لكنه كان يصطدم بعقيدة وزارة الخارجية التي ترفض ذلك، الأمر الذي أصابه بالإحباط، حتى إنه وصف فشل الحزب في تمرير الحظر بأنه علامة على العار.
كما انتقد في الوقت ذاته "تفكير حزب العمال بالتراجع عن وعده بفرض هذا الحظر".
من جانب آخر، يشير الموقع إلى أنه "على الرغم من أن جينيرك أعرب عن دعمه لترامب، فهو يدعي أن نموذجه هو بيير بويليفر، زعيم حزب المحافظين في كندا وداعم متحمس آخر لإسرائيل".
واستدرك: 'لكن على عكس بيير بويليفر، سيتعين على جينيرك أن يزيل عنه صورة السياسي المتلون كالحرباء".
وتابع: "لديه جميع الصفات التي تمكنه من إرضاء الجمهور، باستثناء القدرة على إرضائهم"، وفق ما كتبه عضو البرلمان المحافظ السابق ماثيو فريس، في صحيفة التايمز اللندنية عن جينيرك.
واختتم الموقع قائلا: "لكن طريق جينيرك إلى عرش رئيس الوزراء البريطاني لا يخلو من العقبات".
وأكمل: "سنكتشف ما إذا كان أعضاء حزب المحافظين قد اختاروه على المنافس الآخر على القيادة، وزير الأعمال السابق كيمي بادينوك".
وأردف: "وإذا فاز جينيرك، فسيظل لزاما عليه، أن يتعامل مع العواقب السياسية المترتبة على الهزيمة الثقيلة، التي مني بها المحافظون في يوليو/تموز 2024".