"تطهير غزة عرقيا وضم الضفة رسميا".. مؤرخ يهودي يكشف هدف الإبادة الإسرائيلية
"القضية الفلسطينية هي قلب الصراع وجوهره. ودون حل لهذه المشكلة فلن يكون هناك سلام"
مع دخول حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة عامها الثاني، يؤكد المؤرخ اليهودي المناهض للصهيونية آفي شلايم، أن هدف إسرائيل من الجرائم التي ترتكبها في الوقت الراهن هو تطهير غزة عرقيا وضم الضفة الغربية رسميا.
وفي حوار مع صحيفة الباييس الإسبانية، قال شلايم، إنه في مناسبات سابقة كان لديه آمال في أن تبدأ إسرائيل في التصرف بطريقة عقلانية. لكنه في الوقت الراهن يرى أن “إسرائيل تغيرت كثير”.
كراهية عمياء
حيث إنها اتجهت بثبات نحو اليمين منذ الانتفاضة الثانية (2000-2005). زيادة عن ذلك، تعد الحكومة الحالية بقيادة بنيامين نتنياهو الحكومة الأكثر يمينية وكراهية للأجانب والإسلام في تاريخ إسرائيل.
ففي هذه الحكومة هناك متطرفون مثل إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي وزعيم حزب القوة اليهودية، ووزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، زعيم الحزب الصهيوني الديني.
ويشغل كلاهما مناصب مهمة في الحكومة، إنهما مسيانيان، متعصبان لليهود. هدفهما النهائي هو التطهير العرقي في غزة والضم الفعلي للضفة الغربية.
وعلى وجه الخصوص، تنص المبادئ التوجيهية السياسية لهذه الحكومة على أن الشعب اليهودي له الحق الحصري على كامل أرض إسرائيل.
وفيما يتعلق بشعبية نتنياهو، أوضح شلايم أن “بعد هجوم حماس المفاجئ على إسرائيل، كانت شعبية نتنياهو في أدنى مستوياتها؛ حيث فقد دعم حوالي 80 بالمئة من الإسرائيليين، ولم يحقق أهدافه المعلنة، وهي تدمير حماس واستعادة الرهائن الإسرائيليين”.
في المقابل، اغتال إسماعيل هنية، زعيم حماس. ولكنه حول مركز الثقل إلى الجبهة الشمالية من خلال مهاجمة حزب الله، الحليف الرئيس لإيران، واغتيال زعيمه حسن نصر الله، رمز المقاومة العربية للإمبريالية الإسرائيلية والأميركية".
وأضاف: “لا شك أن إسرائيل حققت سلسلة من النجاحات التكتيكية، مثل الهجوم المذهل بالبيجر وأجهزة الاتصال اللاسلكية”.
ومن خلال هذه الخطوات، بدا وكأنه قد بدأ في الهجوم ضد جميع حلفاء حماس ويقوم بعمل جيد للغاية. ولهذا السبب تزايدت شعبية نتنياهو.
ولكن هذه نجاحات تكتيكية: فقد أحرز انتصارات، وألحق الضرر بأعداء إسرائيل، ولكن هذا لا يشكل إنجازا إستراتيجيا، لأن حماس مازالت هناك، تطلق الصواريخ، ومازال حزب الله هناك، يقاوم القوات البرية الإسرائيلية.
هناك انتصارات تكتيكية، ولكن في خضم إستراتيجية واسعة جدا ضربت أيضا إيران واليمن وسوريا. ما هو هدف إسرائيل النهائي؟
هدف إسرائيل النهائي
في هذا السياق، أشار شلايم إلى أن "هدف إسرائيل النهائي يتمثل في تغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط. ومن الواضح أن خصمها الرئيس هو إيران، راعية محور المقاومة لإسرائيل، الذي يضم حلفاء مثل حماس وحزب الله والحوثيين في اليمن ومليشيات مختلفة موالية لإيران في سوريا والعراق.
ومن جهتها، تجنبت إيران المواجهة المباشرة مع إسرائيل، لكنها كانت تضغط من خلال جميع حلفائها. في المقابل، تحاول إسرائيل إضعاف محور المقاومة بأكمله، من خلال توسيع الصراع باستمرار".
وواصل: “هدف الولايات المتحدة هو احتواء الصراع، ولكن تسعى إسرائيل إلى توسيعه وتصعيده مع خصومها”.
لهذا السبب، فهي تخوض حربا على جبهات مختلفة في غزة، وفي لبنان، وضد الحوثيين في اليمن، وتهاجم أهدافا في سوريا.
ولكن هذه ليست النهاية، تريد إسرائيل حقا مواجهة إيران، وفتح تلك الجبهة، لأنها الجبهة الرئيسة.
وعلى مدى عقدين من الزمن، ظل نتنياهو يطالب دون جدوى بالتدخل الأميركي إلى جانب إسرائيل لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية.
ورئيس الوزراء الإسرائيلي هو المتحكم في زمام الأمور، ويتمثل هدفه في جر الولايات المتحدة إلى مواجهة مع إيران بهدف تدمير المنشآت النووية الإيرانية".
وحول الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة والغرب في توسيع هذا الهجوم الإسرائيلي، يقول شلايم: “إنها مفارقة: تعتمد إسرائيل بشكل كامل على الولايات المتحدة، في حين أن تأثير الولايات المتحدة على السياسة الإسرائيلية ضئيل للغاية”.
من جانب آخر، يعد الدعم الأميركي لإسرائيل غير مشروط، حيث توفر الولايات المتحدة الأسلحة والمال والحماية الدبلوماسية للكيان. وتمنح إسرائيل 3.8 مليارات دولار سنويا على شكل قروض عسكرية.
وخلال حرب الإبادة على غزة، صوت الكونغرس بتقديم 14 مليارا أخرى و20 مليارا أيضا في مناسبة موالية. إنها تدعم إسرائيل بدرجة عالية جدا.
ثانيا، تستخدم واشنطن حق النقض لإحباط القرارات التي لا تحبها إسرائيل. والدعم الأميركي لإسرائيل ليس مشروطا باحترامها لحقوق الإنسان الفلسطيني أو القانون الدولي؛ وهذا هو السبب وراء حصول إسرائيل على ما تريد حرفيا.
لقد شهدنا جو بايدن يحاول التفاوض مع نتنياهو على وقف إطلاق النار في غزة ولبنان، ولكن دون جدوى. إنّه يحاول عمدا الإساءة إلى بايدن وإذلاله لأنه يود أن يفوز صديقه دونالد ترامب في الانتخابات الأميركية المقبلة.
قلب الصراع
وبحسب شلايم، لقد “بدأ الصراع قبل قرن من الزمان كصدام بين حركتين قوميتين: الصهيونية والقومية الفلسطينية”.
والقضية الفلسطينية هي قلب الصراع وجوهره. ودون حل لهذه المشكلة، لن يكون هناك سلام أو أمن أو استقرار في الشرق الأوسط.
وكان على إسرائيل، منذ سنة 1967، أن تختار بين التنازل عن الأرض مقابل السلام أو الاحتفاظ بها. إلا أنها أثبت من خلال تصرفاتها مرارا وتكرارا أنها تفضل الأرض على السلام.
وليس لديها حل سلمي للصراع، فهي تستخدم القوة العسكرية فقط. وهناك مقولة إسرائيلية مفادها أنه إذا لم تنجح القوة، فاستخدم المزيد.
وهناك إجماع دولي واسع على حل الدولتين، لكنه ميت لأن إسرائيل قتلته بالمستوطنات والجدار الأمني وضم القدس الشرقية. علاوة على ذلك، لم تقم أي إدارة أميركية منذ عام 1967 بدفع إسرائيل نحو حل الدولتين الحقيقي.
ويرى شلايم أن "حماس ليست تنظيما إرهابيا، فهي حزب سياسي تبنى الطريق البرلماني للوصول إلى السلطة في كانون الثاني/ يناير 2006".
ويرى أنه أمام التناولات التي قدمت لإسرائيل على مرّ السنين، "لم يكن الأمر كافيا بالنسبة لها وواصلت تنفيذ عمليات التطهير العرقي".
ويقول: "كنت أؤيد حل الدولتين، لكنه صيغة فارغة. والآن أدافع عن الحل الديمقراطي الوحيد لهذا الصراع، وهو الدولة من النهر إلى البحر، تتمتع بحقوق متساوية لجميع مواطنيها، بغض النظر عن الدين أو العرق".