رسالة لخامنئي تدفع إيرانيات للتبرع بأساورهن لـ"حزب الله".. ما القصة؟

23 days ago

12

طباعة

مشاركة

أطلقت إيران مع توسع العدوان الإسرائيلي على لبنان حملة في عموم البلاد لجمع التبرعات من مواطنيها لصالح “المتضررين اللبنانيين”، علما أنها المصدر الرئيس لتمويل حزب الله وإمداده بالسلاح.

وظهرت لافتات ورسائل على الطرق السريعة والجسور في العاصمة طهران، في منتصف أكتوبر/ تشرين 2024 تدعو الإيرانيين للتبرع لصالح المتضررين من الحرب في لبنان.

ويرجع إنشاء حزب الله في لبنان إلى عام 1982 حيث أشرف على تأهيله الحرس الثوري الإيراني، وزودته طهران منذ ذلك الوقت بالسلاح والمال، حتى بات كيانا يتمتع بحضور سياسي وعسكري واسعين في لبنان ودول الجوار.

وسبق لزعيم حزب الله حسن نصر الله الذي اغتالته إسرائيل في 27 سبتمبر 2024 أن قال صراحة في 24 يونيو/حزيران 2016، إن "موازنة الحزب ومعاشاته ومصاريفه وأكله وشربه وسلاحه وصواريخه تأتي من إيران".

وقدر مسؤولون أميركيون، في عام 2018، أن إيران تنقل نحو 700 مليون دولار سنويا إلى حزب الله.

رسالة خامنئي

وحثت اللافتات الإيرانيين على إرسال رسائل نصية للتبرع للبنانيين، كما شجعت حملات مماثلة على التلفزيون الرسمي على التبرع بالنقد أو الذهب أو حتى كفالة عائلة لبنانية ماليا.

وبدءا من 23 سبتمبر/أيلول 2024، وسعت إسرائيل عدوانها على لبنان، بهدف القضاء على "حزب الله" الذي فتح جبهة إسناد للمقاومة الفلسطينية في غزة منذ الثامن من أكتوبر 2023.

وأدى القصف الإسرائيلي المتواصل منذ أكتوبر 2023 إلى مقتل أكثر من ألفي لبناني وتشريد مليون و300 ألف آخرين.

واضطر عشرات الآلاف إلى اللجوء إلى الجارة سوريا والعراق وإلى إيران لكن بأعداد أقل، بينما فر آخرون لدول أخرى.

وينطلق الإيرانيون المتبرعون في دعمهم للبنان استجابة لأوامر المرشد علي خامنئي لدعم "محور المقاومة" الذي تقوده طهران. 

إذ وجه خامنئي رسالة في 28 سبتمبر 2024 قال فيها "واجب على جميع المسلمين الوقوف إلى جانب شعب لبنان وحزب الله بإمكاناتهم كلها، وأن ينصروهم في مجابهتهم الكيان الغاصب والظالم والخبيث"، في إشارة إلى إسرائيل.

ونقلت قناة "العالم" الإيرانية عن سيدة إيرانية قولها في 22 أكتوبر 2024: "قائدنا العزيز أمرنا بالجهاد، وأطعنا أوامره، ولم نفعل سوى التبرع بقلائدنا وخواتمنا وسلاسلنا الذهبية في سبيل الله في هذا الأمر".

كما نقلت "العالم" عن سيدة إيرانية أخرى قولها: "تبرعت بمجوهراتي وذهبي بقيمة تزيد على خمسة عشر ألف دولار لشعبي لبنان وفلسطين".

كما "أرسل رجل إيراني إنتاجه الزراعي السنوي، الذي كان مصدر رزقه وعائلته، إلى إخوانه في لبنان"، وفق القناة.

وأظهرت لقطات إيرانيات يقفن في صفوف طويلة للتبرع بمجوهراتهن لدعم الشعب الفلسطيني واللبناني، حيث يشرف على جمع هذه التبرعات معمم ديني.

ونشرت وسائل إعلام إيرانية تبرعات بمصاغ من ذهب لنساء إيرانيات وقد كتبن أنه على ورقة أن هذه المجوهرات الثمينة هي "حركة جهادية لدعم حزب الله اللبناني".

وقالت إن "هذه المشاهد تتكرر مرة أخرى مع التاريخ في سنوات الدفاع المقدس الثماني".

في إشارة إلى الحرب العراقية الإيرانية (22 سبتمبر/ أيلول 1980- 16 أغسطس/ آب 1988) وهي من أكثر الصراعات دموية وكلفة في القرن العشرين.

جباية منظمة

وكذلك، جرى تنشيط دعايات حملة "إيران المتعاطفة" الشعبية لجمع التبرعات النقدية من المواطنين في إيران "لدعم اللبنانيين" عبر الإيداع البنكي.

ووفقا لوسائل إعلام محلية إيرانية فإن الهلال الأحمر الإيراني يتولى مهمة كذلك تلقي كل أنواع المساعدات الإنسانية لإرسالها إلى لبنان.

وفي مطلع أكتوبر 2024 وجه "بيرحسين كوليوند"، رئيس جمعية الهلال الأحمر الإيرانية "نداء إلى السكان في جميع أنحاء إيران لمساعدة شعب لبنان".

وقال كوليوند: “يتم تنفيذ هذا البرنامج بمساعدة المؤسسات الشعبية في جميع أنحاء البلاد ويمكن للناس تقديم تبرعاتهم غير النقدية، بما في ذلك المواد الضرورية والملابس والبطانيات والسجاد وغيرها إلى مراكز الهلال الأحمر في جميع أنحاء البلاد”.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن إيداع التبرعات النقدية في الحساب رقم 99999 لدى بنك "ملي" وهو البنك الوطني الإيراني.

وبالإشارة إلى طريقة الدفع عبر نظام الرسائل النصية القصيرة، أوضح رئيس جمعية الهلال الأحمر قائلا: "يمكن للناس أيضا المساعدة بالرمز #1*112".

وتجرى هذه الحملة في وقت يعاني فيه الشعب الإيراني من تضخم سنوي مرتفع يتجاوز نسبة 40 بالمئة.

وتجدر الإشارة إلى أن العوائل اللبنانية خاصة الشيعية منها لجأت إلى حواضن لا يغيب عنها النفوذ الإيراني.

ففي سوريا، افتتحت حكومة بشار الأسد المنهارة اقتصاديا، 35 مركز استضافة في ريف دمشق، وطرطوس، واللاذقية، وحمص، وحماة، تستوعب نحو 5 آلاف فرد، معظمهم من العائلات اللبنانية.

كما توجهت عائلات لبنانية من الطائفة الشيعية إلى حي "السيدة زينب" جنوب العاصمة دمشق، وهو حي تحول بعد عقد من الزمن لأضخم معقل محصن لمليشيات إيران في قلب العاصمة، حيث تقطنه عوائل قادتها العسكريين بينهم ضباط بالحرس الثوري.

كما أكدت وسائل إعلام محلية وصول عوائل لبنانية من الطائفة الشيعية إلى مدينة البوكمال السورية عند الحدود مع العراق. 

وذكرت مواقع محلية أن منظمات إيرانية كمنظمة "جهاد البناء" وزعت ملابس ووجبات غذائية للعائلات اللبنانية القادمة إضافة لمبالغ مالية.

و"جهاد البناء" هي مؤسسة أنشئت في يونيو 1979 بمرسوم صدر عن المرشد السابق الخميني "لمعالجة المناطق المحرومة والنائية في إيران".

وظهرت منظمة "جهاد البناء" للعلن في سوريا عام 2013، قبل أن يتضخم دورها في قطاعات خدمية متعددة كأحد أذرع الحرس الثوري على الأراضي السورية.

بالمقابل قرر الآلاف من اللبنانيين اللجوء إلى العراق بعد إعلان "المرجعية الشيعية" هناك استضافة اللبنانيين، فوصلوا إلى بغداد وكربلاء والنجف، وتجاوز عددهم في العراق الـ13 ألف لبناني.

وقرر رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني منح المواطنين اللبنانيين الذين لا يملكون جوازات سفر ويرغبون في المجيء إلى العراق وثائق سفر سريعة، بالتنسيق مع السفارة اللبنانية مع اعتماد وصفهم "بضيوف العراق" وليس مُهجّرين.

معالجة "مصابين بايجر"

واستقبلت إيران عوائل لبنانية تتبع لحزب الله فروا من لبنان إلى سوريا حيث جرى نقلهم بطائرات نقل ركاب إيرانية.

وسبق ذلك استقبال إيران مصابين من حزب الله وعوائلهم وهم بالمئات للعلاج في مستشفياتها عقب "أكبر اختراق أمني" ضد الحزب، حينما فجرت إسرائيل أجهزة اتصال لاسلكي من نوع “بايجر” التي كان يحملها آلاف اللبنانيين.

وفي مشهد غير مألوف يوم 17 سبتمبر/أيلول 2024، انفجرت أجهزة "بايجر" التي يحملها عناصر وقيادات بين صفوف حزب الله في أنحاء لبنان، لا سيما في الضاحية الجنوبية بالعاصمة بيروت معقل الحزب.

وبحسب ما قال "بيرحسين كوليوند"، رئيس جمعية الهلال الأحمر الإيرانية في 17 أكتوبر 2024، جرى إرسال 500 شخص من المصابين بانفجار أجهزة "بايجر" إلى إيران.

كما أرسل الهلال الأحمر الإيراني في منتصف سبتمبر 2024 وفدا طبيا إيرانيا إلى بيروت مؤلفا من اثني عشر طبيبا، واثني عشر ممرضا ومسعفا، مصطحبا مواد علاجية أساسية ومستلزمات طبية للمساعدة في إغاثة اللبنانيين.

وبحسب صحيفة "شهروند" التابعة للهلال الأحمر الإيراني فإن الأخير أقام مستشفى ميدانيا بسعة 56 سريرا على الحدود السورية اللبنانية وقد تعرض للقصف الإسرائيلي في 17 سبتمبر 2024.

وفي السياق، أفاد الأمين العام لجمعية الهلال الأحمر الايراني "ميثم أفشار" في 8 أكتوبر 2024 بأنه ومن خلال جمع التبرعات الشعبية النقدية وغير النقدية، تم إرسال شحنة جوية كبيرة لمساعدة منكوبي الحرب اللبنانيين عبر سوريا.

وأشار "أفشار" إلى أنه يجرى التحضير لإنشاء مخيم إيواء طارئ في دمشق للنازحين اللبنانيين.

ولفت إلى أنه قد تم إرسال شحنة مساعدات إنسانية جمعتها جمعية الهلال الأحمر من الشعب الإيراني إلى الشعب اللبناني كجزء من المساعدات الإنسانية وتحتوي على 10 أطنان من المواد الغذائية والمستلزمات الطبية والأدوية.

وأعلن رئيس جمعية الهلال الأحمر الإيراني بيرحسين كوليوند في 17 أكتوبر 2024 أنه سيتم إرسال سفينة إيرانية تحمل 10 آلاف طن من مساعدات الهلال الأحمر الإيراني إلى الشعب اللبناني في الأيام المقبلة.