سياسات على الورق.. هل يحرك ترامب صفقات السلاح التي عطلها بايدن؟

من المرجح أن يسعى ترامب إلى تحقيق أرقام أعلى من صفقات السلاح
تنبأ منتدى تجارة الأسلحة الأميركي بتوجه الرئيس دونالد ترامب، لتحريك صفقات السلاح القليلة التي عطلها سلفه، جو بايدن إلى بعض الدول، باستثناء بعض الدول مثل إسرائيل وأوكرانيا.
وقال المنتدى، في تقرير له: "إذا كان سقف الضبط في تجارة السلاح قد تراجع مع بايدن، فإن ترامب يبدو مستعدا لهدم ما تبقى منه"؛ حيث يعرف الأخير بأنه رجل صفقات.

سياسات على الورق
وأوضح أنه على الورق بدا العديد من سياسات تجارة الأسلحة في عهد بايدن مطمئنة للمدافعين عن حقوق الإنسان وحماية المدنيين.
فقد شددت سياسة "تصدير الأسلحة التقليدية" (CAT) على البعد الحقوقي، وأوصت بوقف الصادرات في حال رجّحت الأدلة وقوع أضرار جسيمة، وهو تقدم ملحوظ مقارنة بالمقاربات السابقة، وفق زعم المنتدى.
كما عزز بايدن موقفه بدعم إعلان سياسي يقيّد استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق السكنية، واعتماد سياسات لحماية المدنيين داخل وزارتي الدفاع والخارجية، مثل CHMR-AP وCHIRG، بحسب تعبيره.
حتى إن توجيه الأمن القومي "NSM-20" كان يبدو خطوة في الاتجاه الصحيح، إذ قدم إطارا لمحاسبة الدول على إساءة استخدام الأسلحة.
وعلاوة على ذلك، ألغى بايدن موقف إدارة ترامب الأولى بشأن الألغام الأرضية، ليعيد التأكيد على التزام الولايات المتحدة بالسير نحو الانضمام إلى معاهدة حظر الألغام.
واستدرك المنتدى قائلا إنه "بالرغم من أن هذه السياسات بدت جيدة على الورق، فإن التطبيق الفعلي كان كارثيا".
"إذ بذلت إدارة بايدن جهودا مضنية للالتفاف على القوانين الأميركية التي كان يفترض أن تؤدي إلى تعليق بعض -إن لم يكن كل- المساعدات الأمنية لإسرائيل، في تراجع صارخ عن أي نهج لضبط تجارة السلاح".
ولم يكن هذا التراجع الوحيد، إذ قررت الإدارة أيضا تزويد أوكرانيا بالقنابل العنقودية والألغام الأرضية.
وهي أسلحة سبق أن اتفقت غالبية دول العالم -بما فيها معظم حلفاء الناتو (حلف شمال الأطلسي)- على حظرها، ولم تلجأ الولايات المتحدة إلى استخدامها أو تصديرها منذ أكثر من عقد.
كما استأنفت إدارة بايدن، في نهاية المطاف، صفقات السلاح إلى أنظمة تنتهك حقوق الإنسان بالشرق الأوسط، مثل مصر والسعودية، وفق المنتدى.
وقال: "في ظل التركيز على الجوانب الأخرى، لم تحظَ الأرقام الضخمة لصفقات السلاح التي أبرمتها إدارة بايدن أو اقترحتها بالقدر الكافي من الاهتمام".
فقد كشف أحدث تقرير لوزارة الخارجية الأميركية أن السنة المالية 2024 شهدت "أكبر إجمالي سنوي على الإطلاق من مبيعات الأسلحة والمساعدات المقدمة إلى حلفائنا وشركائنا" عبر برنامج المبيعات العسكرية الخارجية (FMS)، وفق ما ورد حرفيا في الوثيقة الرسمية.
وبلغت قيمة هذه الصفقات أكثر من 100 مليار دولار خلال العام المالي 2024، في حين وصلت القضايا العالقة إلى رقم مذهل تجاوز 845 مليار دولار، كما صدرت تراخيص بأكثر من 200 مليار دولار، عبر برنامج المبيعات التجارية المباشرة.
ووفقا لبيانات المنتدى التي تعتمد على التقويم السنوي بدلا من السنة المالية، فقد أُخطر الكونغرس بصفقات مبيعات عسكرية أجنبية تجاوزت 146 مليار دولار خلال العام 2024.

بيع السلاح للمستبدين
ومن المرجح أن يسعى ترامب إلى تحقيق أرقام أعلى، ففي عام 2017، كانت أولى جولاته الخارجية إلى الشرق الأوسط، حيث أعلن عن صفقات أسلحة بقيمة 110 مليارات دولار للسعودية.
ورغم أن هذا الرقم كان مبالغا فيه -وفق وصف المنتدى- فقد عكس توجها رئيسا خلال ولايته الأولى، حيث ركّز على الترويج لمبيعات السلاح الأميركية، بما في ذلك للأنظمة الاستبدادية في الشرق الأوسط.
وعند انتهاء ولايته، كان قد أخطر الكونغرس بصفقات مبيعات عسكرية خارجية محتملة تجاوزت 134 مليار دولار في عام 2020، وهو رقم يتجاوز إجمالي مبيعات بايدن لعام 2024، مع حساب التضخم.
وشملت هذه الصفقات مبيعات مقاتلات "إف 35"، للإمارات بقيمة 10 مليارات دولار، وهي صفقة أبطأ بايدن تنفيذها حتى انهارت تماما.
وتساءل المنتدى: هل يمكن لترامب إحياء الصفقة؟ ربما كانت الإمارات قد أبدت قبل الانتخابات عدم اهتمامها، لكن المسؤول السابق في وزارة الخارجية، جوش بول، صرح أخيرا بأنها صفقة تستحق المتابعة.
الآن، بعد مرور أيام معدودة على رئاسة ترامب الثانية، تشير كل الدلائل إلى عودة مبيعات الأسلحة دون قيود تذكر، مع اهتمام أقل بحقوق الإنسان، وفق المنتدى.
وأشار إلى أن إحدى أولى خطوات إدارة ترامب كانت فرض تعليق لمدة 90 يوما على الدعم الخارجي، مع استثناء المساعدات العسكرية لمصر وإسرائيل.
“كما تحركت الإدارة بالفعل لإلغاء العقوبات المفروضة على إسرائيليين متهمين بتقويض السلام في الضفة الغربية”.
ويبدو أنها تخلت عن تجميد إدارة بايدن لتسليم قنابل تزن 2000 رطل إلى إسرائيل، مما يعني التخلي عما تبقى من قيود محدودة، وفق المنتدى
كذلك يبدو أن "مركز التميز لحماية المدنيين" في وزارة الدفاع مهدد بالإغلاق، ورغم أن مذكرات الأمن القومي التي أقرتها إدارة بايدن لا تزال قيد المراجعة، فمن المنطقي التوقع بأن كلا من "NSM-20" و"NSM-18" (سياسة بايدن لنقل الأسلحة التقليدية) قد يجرى إلغاؤها.
وأشار المنتدى إلى أن "ادعاء ترامب إنهاء الحرب في أوكرانيا بمجرد توليه المنصب لم يتحقق بطبيعة الحال، لكن نهجه قد يتضمن تقليص الدعم الأميركي للبلاد بشكل كبير".
"فلم يُمنح أي استثناء لأوكرانيا في قرار تعليق المساعدات الخارجية الجديدة، والمفارقة أن ذلك قد يعني توقف الولايات المتحدة عن تزويد أوكرانيا بالألغام الأرضية والذخائر العنقودية".

تهميش الاتفاقيات الدولية
ولكن من غير المرجح أن يؤدي هذا التحسن إلى إصلاح الضرر الذي تلحقه الولايات المتحدة بمعاهدات نزع السلاح، وفق المنتدى.
وأوضح: "فقد خفف ترامب القيود المفروضة على كلا السلاحين في ولايته الأولى، ولا يوجد سبب يجعلنا نتوقع تغييرا جذريا في موقفه لدعم معاهدة حظر الألغام أو اتفاقية الذخائر العنقودية الآن".
بالإضافة إلى ذلك، أوقف ترامب عمليات إزالة الألغام للأغراض الإنسانية لمدة 90 يوما، وهو مثال صارخ على انعدام الكفاءة.
إذ اضطلعت الولايات المتحدة بعمل جيد في إزالة الألغام على مستوى العالم لعقود من الزمان، بدعم قوي من الحزبين في الكونغرس.
وفيما يتعلق بمعاهدة تجارة الأسلحة، رفض ترامب المعاهدة في ولايته الأولى، وفشلت إدارة بايدن في التراجع عن رفض ترامب لتوقيع الولايات المتحدة عليها.
ومن المؤكد -وفق المنتدى- أن هذا سيجعل الولايات المتحدة أكثر تهميشا للاتفاقية الدولية الأساسية التي تهدف إلى جعل تجارة الأسلحة أكثر مسؤولية.
وقال: "بطبيعة الحال، يفتخر ترامب بأنه لا يمكن التنبؤ بتصرفاته، وأي شيء يُكتب اليوم قد يبدو قديما بسرعة مع احتلال التطورات الجديدة مركز الصدارة".
واستدرك أنه من نواحٍ عديدة، يوضح ترامب أن النظام المتعدد الأطراف كما هو قائم حاليا لن يحظى بدعمه، كما يظهر من محاولاته سحب الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ ومنظمة الصحة العالمية.
وختم المنتدى بالقول: "في ولايته الأولى، تبنى ترامب نهجا غير مقيد في التعامل مع تجارة الأسلحة، في حين قوض الجهود متعددة الأطراف للسيطرة على هذه التجارة، وواضح أنه يسير سريعا نحو اتباع نفس النهج مرة أخرى في عام 2025".