على خطى ترامب.. هل يسعى بوتين لتحالف اقتصادي روسي إسلامي؟

منذ ٨ ساعات

12

طباعة

مشاركة

بينما وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب اتفاقيات تريليونية مع شركاء خليجيين، كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يسعى إلى بناء شراكات مع دول العالم الإسلامي في محاولة لإعادة تشكيل ديناميكيات التجارة العالمية.

وفي السياق، قال موقع "ذا ميديا لاين" الأميركي: إن روسيا تغازل العالم الإسلامي من خلال "روسيا-العالم الإسلامي: منتدى قازان 2025"، في وقت تشارك فيه حركة طالبان لأول مرة بوفد رسمي.

واختُتم منتدى قازان الدولي السادس عشر في 18 مايو/أيار 2025، بعد ستة أيام من الفعاليات التي هدفت إلى توطيد علاقات روسيا مع دول العالم الإسلامي.

وبموجب مرسوم رئاسي روسي، حصل المنتدى على صفة "فعالية فيدرالية" منذ عام 2023.

جسر للعالم الإسلامي

وفي مدينة قازان الصاخبة، عاصمة جمهورية تتارستان ذات الأغلبية المسلمة، سعت روسيا إلى تقديم نفسها كجسر حيوي للعالم الإسلامي، مع التركيز على فتح آفاق جديدة للتعاون مع الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي.

وفقا لصحيفة "برافدا" الروسية الرائدة، سجّل أكثر من 10 آلاف شخص من 103 دول للمشاركة في المنتدى.

كما أعلنت تاليا مينولينا، رئيسة وكالة تنمية الاستثمار في جمهورية تتارستان الروسية، أن الدورة الحالية شهدت إقبالا غير مسبوق؛ حيث ارتفع عدد الدول المشاركة إلى أكثر من 103 دول، مقارنة بأقل من 90 دولة في الدورة الماضية.

وفي رسالة ترحيبية للمشاركين في الحدث، أكد الرئيس بوتين على عمق العلاقات التي تجمع روسيا بدول العالم الإسلامي، سواء على المستوى الثنائي أو من خلال التعاون مع منظمة التعاون الإسلامي.

وأشار إلى أن الدول الإسلامية تشهد حاليا تطورا نشطا، وتحقق إنجازات ملموسة في مجالات التجارة والتمويل، بالإضافة إلى الابتكارات والبحوث العلمية التطبيقية، مشددا على انفتاح روسيا الكبير للتعاون التجاري والإنساني مع هذه الدول.

وأعرب بوتين عن ثقته بأن الأنشطة التي تقوم بها مجموعة الرؤية الإستراتيجية "روسيا-العالم الإسلامي" ومنتدى قازان الاقتصادي الدولي ستسهم بشكل فعال في تعزيز التعاون بين مجتمع الأعمال الروسي ونظيره في الدول الإسلامية، كما ستفتح آفاقا جديدة لتنفيذ مشاريع مشتركة على الصعيدين الإقليمي والدولي.

وفي سابقة هي الأولى من نوعها، شاركت حركة طالبان الأفغانية الحاكمة في المنتدى، مُرسلةً وفدا من كبار المسؤولين.

ولتسهيل حضورهم، منح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إعفاءً مؤقتا لمدة ثمانية أيام من حظر السفر لخمسة من كبار مسؤولي طالبان، على الرغم من إدراجهم على قائمة عقوبات الأمم المتحدة.

ووفق تقرير لموقع "ذا ميديا لاين"، فإن "مشاركة طالبان في المنتدى أشارت إلى جهد مدروس من جانب الحركة لجذب الاستثمارات، وبناء شراكات تجارية، والاندماج في الأطر الاقتصادية الإقليمية، على الرغم من العقوبات الدولية ومحدودية الاعتراف بها".

وقال سهيل شاهين، سفير حركة طالبان في قطر، للموقع الأميركي: إن "الإمارة الإسلامية تتبنى سياسة تركز على الاقتصاد، ومشاركة وفد رفيع المستوى في منتدى قازان تعكس هذا التوجه الاقتصادي".

وأضاف شاهين أن تعزيز التعاون والتكامل الاقتصادي بين دول المنطقة من شأنه أن يُسهم في تعزيز الروابط، ودعم الأمن والاستقرار الإقليميين، ويعود بالنفع على حياة المواطنين الأفغان.

بدوره، أشار ليونيد ساڤين، الخبير الجيوسياسي المقيم في موسكو وكبير المحللين في "معهد تسارغراد" الروسي، إلى أن تنامي علاقات روسيا مع الصين وإيران وكوريا الشمالية ودول جنوب شرق آسيا أسهم في اهتمام الكرملين بتعزيز علاقاته مع حركة طالبان.

وقال لموقع "ذا ميديا لاين": إن "الموقع الجغرافي لأفغانستان يجعلها مركزا إقليميا مهما".

ووصف الخبير الجيوسياسي المقيم في بروكسل، آندي ڤيرمو، مشاركة طالبان في المنتدى بأنها "خطوة محسوبة نحو تعاون اقتصادي متبادل".

وقال لموقع "ذا ميديا لاين": "بالنسبة لروسيا، تمثل هذه المشاركة خطوة إستراتيجية تهدف إلى إضفاء الشرعية على تعميق العلاقات مع أفغانستان، خاصة بعد أن شطبت طالبان من قائمة الجماعات الإرهابية".

وأشار إلى أن مساعي روسيا لاستمالة طالبان قد تثير قلق بعض شركائها الذين ينظرون بقلق إلى عدم استقرار أفغانستان.

تحالفات بديلة

وانعقد المنتدى بالتزامن مع جولة الرئيس ترامب في الخليج، مما سلّط الضوء على اختلاف نهجي البلدين في التعامل مع الشرق الأوسط، وفق التقرير.

فبينما تركز موسكو على المصالح الاقتصادية المشتركة، لا سيما في مجالي الطاقة والبنية التحتية، يسعى الكرملين إلى بناء تحالفات بديلة، وتنويع الشراكات، ومواجهة التكتلات التجارية التي تقودها الولايات المتحدة.

من جانبه، قال إريك ليمكول، المحلل السياسي المقيم في أتلانتا: إن الرئيس بوتين يواجه تحديا يتمثل في إثبات القيمة الاقتصادية لروسيا أمام العالم الإسلامي، في ظل استثمارات أميركية-خليجية تتجاوز أربعة تريليونات دولار.

وأشار إلى أن زيارات الرئيس ترامب رفيعة المستوى إلى قطر والسعودية والإمارات قد تُضعف صورة بوتين نسبيا، وفق التقرير.

على الرغم من ضعف روسيا نسبيا، أشار ليمكول إلى أن بعض الجهات الدولية، مثل حركة طالبان، لا تزال ترى في موسكو الخيار الوحيد المتاح للتواصل والانخراط على الساحة الدولية.

وأوضح الخبير في العلاقات الدولية من نيويورك، عظيم خالد، أن الاستثمارات الخليجية الأخيرة في الولايات المتحدة عززت من صورة واشنطن كقوة عالمية رائدة في مجالات الأعمال والشراكات الاقتصادية والابتكار.

وأردف خالد في حديثه لموقع "ذا ميديا لاين" أن "روسيا لم تعد ندًّا للولايات المتحدة في المجالات السياسية أو الاقتصادية أو الإستراتيجية".

وأشار ساڤين إلى أن روسيا تدعم التحول نحو عالم متعدد الأقطاب، وتدعم الجهود الرامية إلى تقليل الاعتماد على الدولار الأميركي.

على عكس الرئيس ترامب، الذي يدفع الدول إلى اتباع أجندته من خلال الضغط، قال خالد: "بوتين يتبع أسلوبا مختلفا، فلا يوجد ضغط أو تدخل في الشؤون الداخلية، بل نهج عقلاني وعملي يوفر خيارات متنوعة، من التعاون التكنولوجي والعسكري إلى التبادلات الإنسانية والثقافية".

من جهته، وصف أحسن قاضي، وهو خبير اجتماعي سياسي مقيم في سان فرانسيسكو، الفرق في الإستراتيجية بين الولايات المتحدة وروسيا بطريقة مختلفة بعض الشيء.

وقال في حديثه للموقع الأميركي: إن الولايات المتحدة تبني تحالفات مع القوى الراسخة كوسيلة للحفاظ على هيمنتها، بينما توسع روسيا نفوذها من خلال التواصل مع الأنظمة المنعزلة والأسواق الناشئة.

وتبدو جمهوريات آسيا الوسطى، التي تشترك في تاريخ مشترك مع روسيا، أسواقا ناشئة رئيسة تستهدفها روسيا. لكن "خالد" حذر من أن العلاقات مع هذه الدول لا تشير حتى الآن إلى تكوين تكتل سياسي أو اقتصادي قوي قادر على تحقيق توازن فعال.

وختم قائلا: "في هذه المرحلة، لا تزال فكرة تشكيل تحالف متماسك بقيادة روسيا مجرد تكهنات".