منافسة قوية بين العرموطي والصفدي.. من يفوز برئاسة البرلمان الأردني؟

يوسف العلي | 11 days ago

12

طباعة

مشاركة

على بعد أيام من موعد بدء الدورة البرلمانية الأردنية الجديدة، يتنافس ثمانية مرشحين يمثلون مختلف الأحزاب على كرسي رئاسة البرلمان، ما يفتح الباب أمام سيناريوهات عديدة.

ومن المقرر أن تفتتح الدورة البرلمانية الجديدة في 18 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، وذلك بعد انتخابات شهدتها البلاد في سبتمبر من العام نفسه، حققت فيها "جبهة العمل الإسلامي" الذراع السياسي للإخوان المسلمين، تقدما بحصولها على 31 مقعدا من إجمالي 138.

شخصيتان بارزتان

رغم أن وسائل الإعلام الأردنية لم تكشف أسماء جميع المرشحين، لكنها تحدثت عن أبرز شخصيتين، وهما الرئيس السابق للبرلمان، أحمد الصفدي، والنائب صالح العرموطي، اللذان تتجه الأنظار صوبهما في المنافسة المرتقبة لتولي أبرز منصب بعد رئاسة الحكومة.

المنافسة بين الصفدي والعرموطي تعكس التباين في الرؤى داخل البرلمان الأردني، إذ يُنظر إلى الأول على أنه مرشح يتمتع بخبرة إدارة البرلمان وقريب من الدولة، بينما يُعد الثاني أكثر توجها نحو تقديم حلول جذرية لمشاكل الفساد السياسي.

في 6 نوفمبر، أعلن أمين عام حزب "الميثاق الوطني" أحمد الهناندة ترشيح النائب أحمد الصفدي لرئاسة البرلمان العشرين في دورته العادية الأولى التي تنطلق أعمالها في الثامن عشر من الشهر الجاري.       

وقال الهناندة خلال مؤتمر صحفي عقده بعمان إنه "وبعد المشاورات داخل الحزب وكتلته النيابية، تم التوافق على تسمية عضو الحزب النائب أحمد الصفدي مرشحا للحزب لرئاسة البرلمان".                   

وأضاف أن "اختيار الصفدي لخوض سباق رئاسة المجلس النيابي جاء بناء على العديد من المعطيات التي تمثلت في خبرته التراكمية التي استلهمها من خلال رئاسته المجلس التاسع عشر لدورتين متتاليتين، وقبل ذلك سبق أن انتخب نائبا أول للرئيس ورئيسا لأكثر من مرة للجان وكتل نيابية".

وأشار الهناندة إلى أن "الحزب كلف كتلة الميثاق النيابية بالعمل على إجراء مشاورات ومواصلة بناء تحالف كبير مع الكتل النيابية الأخرى لدعم مرشحهم الصفدي، وتعزيز العمل البرلماني".         

وشدد على أن "الأردن يمر بظروف صعبة نتيجة الأحداث المتسارعة في المنطقة بعد العدوان الغاشم على أبناء الشعب الفلسطيني الشقيق في فلسطين المحتلة، خاصة قطاع غزة، الأمر الذي يتطلب العمل الدؤوب للوقوف أمام التهديدات والمخططات الصهيونية التي تُريد تصفية القضية الفلسطينية وتهجير الشعب الفلسطيني لدول الجوار".

كتلة حزب "الميثاق الوطني" الذي يصنف على أنه من أحزاب الوسط المحسوبة على الدولة، تضم 30 نائبا، وذلك بعدما عملت على بناء تحالف مع كتل أخرى في البرلمان الجديد.

من جهة أخرى، أعلن النائب المخضرم صالح العرموطي، ترشحه لرئاسة مجلس النواب، فهو من الشخصيات البرلمانية التي تتميز بآراء حادة ومواقف قوية، إذ يُعرف بمناهضته لبعض السياسات الحكومية في القضايا الاقتصادية والدستورية.

ويُعد العرموطي من أبرز المدافعين عن الإصلاحات السياسية، وقد أثار العديد من القضايا الحاسمة التي تخص الحريات العامة ومكافحة الفساد، فهو أظهر على مدار سنوات عمله البرلماني، دعا إلى إجراء إصلاحات جذرية في المؤسسات الحكومية.

وقال حزب "جبهة العمل الإسلامي" في بيان بشأن قرار ترشيح العرموطي إنه يعتمد على مبدأ التشاركية ومد اليد لجميع الأطراف بما يخدم المصلحة العامة ويرتقي بالأداء النيابي ويرسخ مكانة البرلمان الدستورية بين سلطات الدولة.

وأضاف بيان الجبهة في 5 نوفمبر، أن ترشيح العرموطي جاء "ليأخذ البرلمان دوره بصورة كاملة وفاعلة في تحمل المسؤوليات الوطنية في هذه اللحظة التاريخية التي تعيشها المنطقة العربية".

فرصة متواضعة

وبخصوص السيناريوهات المحتملة في حسم منصب رئيس البرلمان، قال الكاتب والمحلل السياسي الأردني، حازم عيّاد، إن الخارطة الانتخابية لاتزال قيد التشكيل حتى يوم 18 من نوفمبر الجاري، حتى تتضح الصورة".

وقال لـ"الاستقلال" إن "القوى لايزال أمامها وقت من أجل بلورة الكتل النيابية وهندسة المشهد النيابي بشكل عام، وقد ينسحب بعض المرشحين خلال المدة المتبقية لانعقاد جلسة البرلمان الأولى".

ورأى الكاتب أنه "من المبكر الحديث عن نتائج مسبقة، لأنه ما يزال في طور التشكيل والهندسة سواء الكتل أو التحالفات أو المرشحون، إذ يذهب البعض نحو تفاهمات جديدة، وينسحب آخرون".

وأشار عيّاد إلى أن "الصفدي الذي كان رئيسا سابقا للبرلمان يتمتع بفرص كبيرة للفوز، لكن سيكون هناك قدر كبير للمنافسة في هذه الدورة الانتخابية".

وبحسب الخبير الأردني، فإنه "تبقى للدولة والأحزاب القريبة منها القدرة والخبرة في إدارة هذه التحالفات، لكن هذا لن يمنع أن يكون هناك إمكانية لتشكيل المشهد وهندسته على وقع النتائج الجديدة للانتخابات والقانون الانتخابي الذي أسهم في إعطاء النكهة الجديدة للبرلمان".

ولفت عيّاد إلى أن "هناك فرصة ولكنها باعتقادي تبقى متواضعة في وصول شخصية من خارج الأحزاب القريبة للدولة، لكن لننتظر ونرى كيف يتشكل المشهد الداخلي في البرلمان الجديد".

وجرت الانتخابات البرلمانية الأردنية في 10 سبتمبر 2024، وفق قانون جديد أقر في يناير/كانون الثاني 2022، رفع عدد مقاعد مجلس النواب من 130 إلى 138، منها 97 مقعدا للقوائم المحلية بنظام القائمة النسبية، و41 مقعدا للأحزاب المشاركة في الانتخابات.

من جهته، قال الكاتب الأردني بسام البدارين، خلال مقال نشرته صحيفة "القدس العربي" في 4 نوفمبر، أن "مقترح ترشيح العرموطي تأثر بتلك الاتصالات السلبية مع بقية الكتل".

وبحسب الكاتب، فإن "الحديث سياسيا عن قفزة محسوبة وبدقة دفاعا عن خيارات الحزب والكتلة في استحقاقات التمثيل داخل مؤسسة مجلس النواب يعد مجسات استشعرت مبكرا بروز محاولات إقصاء للمكون الإسلامي البرلماني يحتج عليها المعنيون ضمنا بقرار ترشيح العرموطي وما ينتج عنه من خلط متعمد ومنسجم مع شرعية المنافسة للأوراق".

وتابع: "الأكثر أهمية أن هذا التكتيك يهدف إلى لفت الأنظار إلى أن سياسات الإقصاء والتهميش لنواب التيار الإسلامي ثم شيطنته، ليست هي القرار الأكثر حكمة، ما استوجب إظهارا شرعيا لبعض قدرات الرد والاشتباك؛ بمعنى خلط الأوراق".

وأشار إلى أن "العرموطي ورفاقه يرحبون هنا بحق بقية الكتل في التوحد والائتلاف، لكن الرسالة في جذرها هي تلك التي تقول إن عمليات الدمج والتحالف وسطيا ينبغي أن تتشكل وتتواصل بعيدا عن فلسفة إقصاء التيار الإسلامي الراغب في الشراكة والحرص المؤسسي والاشتباك الإيجابي".

وأضاف الكاتب أنه "إلى أن تلتقط رسائل احتجاج التيار باللهجة الديمقراطية وضمن أصول اللعبة السياسية والبرلمانية، لا بد من الإشارة إلى أن كل الاعتبارات موضوعة على الطاولة الآن". 

وخلص إلى أن "الإسلاميين يفاوضون ليس على حصتهم في التمثيل تحت القبة وبسلطة التشريع، بل أيضا على المضايقات غير المبررة إداريا وأمنيا لحزبهم، وعلى تجاهل أي تمثيل رمزي لهم في مجلس الأعيان (يعيّنهم الملك) بالتوازي مع استمرار حملات الشيطنة ضدهم عبر أقلام وأصوات نخبة رسمية". 

"تدخلات عليا"

وفي السياق ذاته، قال الكاتب الأردني، محمد تركي بني سلامة، إنه "مع دخول الأردن في مرحلة جديدة من مسيرته، وفي ظل الأوضاع الإقليمية المعقدة، تبرز الحاجة لقيادة برلمانية وطنية قوية وحكيمة قادرة على تعزيز مكانة البرلمان وتحسين أدائه وصورته". 

وأضاف الكاتب خلال مقال نشره موقع "الطلبة نيوز" في 3 نوفمبر، أن "جود قيادة برلمانية تتمتع برؤية واضحة ومسيرة وطنية مشرفة يسهم في تعزيز الثقة بين الشعب وممثليه، ويعزز دور البرلمان في ممارسة دوره الرقابي والتشريعي بفاعلية واستقلالية". 

من هذا المنطلق، يرى الكاتب أن "صالح العرموطي، شيخ المحامين العرب والنائب المخضرم، يُعد مرشحا يستحق هذه المسؤولية بجدارة لما يمتلكه من خبرة واسعة وإلمام عميق بالشؤون القانونية والوطنية، مما يضفي قيمة إضافية على البرلمان في أدائه ومكانته".

وأشار إلى أن "الشائعات التي تتحدث عن تدخلات من جهات عليا في اختيار رئيس مجلس النواب ونوابه وأعضاء لجانه تضر بمصداقية البرلمان وتضعف الثقة به لدى المواطنين".

ورأى الكاتب أن "المرحلة المقبلة تتطلب مؤسسات قوية تتناغم مع تطلعات الشعب وتستطيع مواجهة التحديات المختلفة، سواء كانت في البرلمان أو الحكومة أو الصحافة أو أي من مؤسسات الدولة". 

وبحسب بني سلامة، فإن "اختيار العرموطي لهذه المهمة يمثل خطوة نحو تكريس الاستقلالية البرلمانية وترسيخ مبدأ فصل السلطات، بما يضمن توازن القوى في الدولة ويزيد من ثقة المواطن بمؤسساته".

وشدد الكاتب على أن "اختيار رئيس مجلس النواب ونوابه وأعضاء لجانه يجب أن يتم بنزاهة وشفافية كاملة، ليعكس الإرادة الشعبية الحرة ويعزز من مكانة البرلمان وهيبته".

ومع ترشيح العرموطي، يتوقع بعض المراقبين تكرار تجربة الراحل عبد اللطيف عريبات زعيم حزب "جبهة العمل الإسلامي" السابق، والذي ترأس مجلس النواب الأردني لثلاث دورات من عام 1990 إلى 1993، وكان عضوا في مجلس الأعيان من عام 1993 إلى 1997.