رسوم جمركية وتخفيضات الضرائب.. ما فرص نجاح سياسة ترامب الاقتصادية عالية المخاطر؟

منذ ٤ أشهر

12

طباعة

مشاركة

تهدد إجراءات الرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترامب، بإحياء التضخم وتفاقم الأزمة المالية وإثارة الصدام مع بنك الاحتياطي الفيدرالي. 

وقالت صحيفة “إلباييس” الإسبانية إن "ترامب ورث خلال ولايته الأولى عن سلفه باراك أوباما اقتصادا ينمو بوتيرة جيدة ومعدل بطالة منخفض للغاية". 

وأضافت “في المقابل، غادر منصبه تاركا الولايات المتحدة غارقة في أزمة صحية واقتصادية عميقة بسبب جائحة كورونا، كما ترك وراءه معدلات بطالة لم تشهدها بلاد العم سام منذ عهد هربرت هوفر، خلال فترة الكساد الكبير”. 

واستدركت: “رغم ذلك، يتمتع ترامب بصورة المدير الجيد، وحاليا، يواجه مرة أخرى اقتصادا مزدهرا له مكانته بين البلدان المتقدمة، ولكنه يتولى منصبه بوصفات من شأنها أن تعرض الاقتصاد للخطر”.

تشديد السياسة

ونقلت صحيفة “إلباييس” أن صندوق النقد الدولي حذّر من أن بعض وعود ترامب التي ميزت خطابه، مثل فرض الرسوم الجمركية وخفض الضرائب وقيود الهجرة، “قد تؤدي إلى إعادة إشعال التضخم، وبالتالي منع بنك الاحتياطي الفيدرالي من خفض أسعار الفائدة”. 

وأوضحت أن “احتمال رفع أسعار الفائدة، إلى جانب التكيف مع شروط التجارة الجديدة، قد أدى إلى دفع الدولار لأعلى مستوى له في أكثر من عامين”.

ونوهت الصحيفة إلى أن البنك المركزي أقدم على زيادات ضخمة في أسعار الفائدة منذ الثمانينيات، لمجابهة التضخم الذي وصل أيضا إلى أعلى مستوى له منذ أربعة عقود. 

لكن، تجدر الإشارة إلى أن تشديد السياسة النقدية “لم يؤد إلى ركود أو خسائر فادحة في الوظائف، على نقيض المناسبات السابقة”. 

ولفتت الصحيفة إلى أن “معدل التضخم ظل ثابتا في حدود أقل من 30 بالمئة خلال الأشهر الستة التي سبقت تنصيب ترامب، لكنها ظلت بعيدة عن هدف اثنين بالمئة”. 

ومن المقرر أن يقوم رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، بإيقاف دورة خفض أسعار الفائدة التي بدأها في أيلول/ سبتمبر 2024. 

ورغم أن ترامب هو الذي عين باول، إلا أن العلاقة بينهما كانت متوترة خلال ولايته الأولى، وفي مستهل ولايته الثانية، بدأت بعض الشرارات تتطاير بالفعل.

وقالت الصحيفة إن “باول يعد من المؤيدين بقوة لاستقلال البنوك المركزية في تحديد السياسة النقدية، وقد أوضح بعد الانتخابات أنه لا ينوي الاستقالة، وأن الرئيس لا يستطيع إقالته قبل نهاية ولايته”.

وتنتهي فترة ولايته رئيسا في 15 مايو/ أيار 2026، وفي منصب مستشار في 31 يناير/ كانون الثاني 2028.

تحقيق الانتصارات

وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب حقق بالفعل انتصارين في البنك المركزي. 

وكان الانتصار الأبرز متمثلا في استقالة نائب رئيس الرقابة مايكل بار، الذي فضّل تجنب المواجهة، وتكتسي إقالته أهمية عند الحديث عن إصلاح القواعد المصرفية، حيث تهب رياح إلغاء القيود التنظيمية. 

أما الانتصار الآخر، والذي يعد أكثر رمزية، فيتمثل في انسحاب البنك المركزي من شبكة الهيئات الإشرافية لصالح التمويل الأخضر. 

وقد تدخل بنك الاحتياطي الفيدرالي في هذه الشبكة بعد فوز جو بايدن عام 2020، مما أثار انتقادات من الجمهوريين الذين رأوا أنه تجاوز تفويضه القانوني.

وتأتي هذه الخطوة ليس فقط بعد فوز ترامب، بل أيضا بعد أن اتخذ العديد من المؤسسات المالية خطوة إلى الوراء بشأن قضايا المناخ.

وفي الوقت نفسه، شكل ترامب فريقا اقتصاديا يركز على تخفيضات الضرائب والتعريفات الجمركية والطاقة. 

وسيكون وزير خزانته هو الملياردير سكوت بيسنت، مؤسس مجموعة كي سكوير. 

ويلخص بيسنت وصفاته في خطة 3/3/3: خفض العجز الفيدرالي ـ الذي يدور حاليا حول سبعة بالمئة ـ إلى ثلاثة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتحقيق نمو سنوي بنسبة ثلاثة بالمئة، وزيادة الإنتاج الوطني من النفط بنحو ثلاثة ملايين برميل يوميا.

وظهر بيسنت في مجلس الشيوخ ودافع عن وعود ترامب الضريبية، والتي سيتولى إدارتها بشكل مباشر. 

وفي رأيه، فإن المشكلة في العجز العام ليست مشكلة دخل بل مشكلة إنفاق، حتى وإن كانت المقارنات الدولية تشير إلى العكس. 

ودعا على وجه الخصوص الكونغرس إلى تمديد التخفيضات الضريبية لعام 2017 إلى أجل غير مسمى، وهي التخفيضات التي تنتهي نهاية عام 2025.

ورغم أنها تستفيد بشكل خاص من ارتفاع الدخول، فإنها تشمل عموما معدلات ضريبية أقل، وخصما قياسيا أكبر، وائتمانا ضريبيا أكبر للأطفال، وإعفاء أكبر من ضريبة التركة.

السيناريو الأسوأ

كما أطلق ترامب وعودا تهدف إلى استقطاب الناخبين، التي يجب أن تمر عبر الكونغرس. 

ويريد ترامب إعفاء إكراميات العاملين في مجال تقديم الطعام والضيافة، والعمل الإضافي، ومزايا الضمان الاجتماعي من الضرائب، فضلا عن جعل فوائد قروض السيارات قابلة للخصم من الضرائب. 

ويهدف المشروع أيضا إلى إلغاء الضرائب التي تنطبق حاليا على الأميركيين المقيمين في الخارج.

بالنسبة للشركات، يقترح القانون خفض معدل الضريبة على الشركات من 21 بالمئة إلى 15 بالمئة بالنسبة لتلك التي تصنع منتجاتها في الولايات المتحدة. 

وفي مجلس الشيوخ، دعا بيسنت إلى التخلي عن الاتفاق الدولي الذي تفاوض عليه سلفه جانيت يلين، والذي يقضي بفرض ضريبة أدنى بنسبة 15 بالمئة على أرباح الشركات المتعددة الجنسيات.

وأشارت الصحيفة الإسبانية إلى أن تخفيضات الضرائب قد تؤدي إلى زيادة الطلب، ونظرا للقيود المفروضة على العرض، قد تنتهي الضغوط برفع الأسعار. 

وذكرت أنه “رغم أن التأثير القصير الأجل لهذه التخفيضات الضريبية على النمو سيكون إيجابيا، فإن صندوق النقد الدولي يحذر من أنها قد تكون غير مثمرة على المدى المتوسط ​​والطويل، وخاصة إذا أدت إلى تفاقم الأزمة المالية التي تعاني منها الولايات المتحدة، وهي مشكلتها الأكبر”. 

واستطردت: “بطبيعة الحال، لن تنفجر المشكلة مع ترامب، ولكنها ستطفو على السطح مع الرئيس المقبل”.

وأوضحت الصحيفة أنه “يحدث نفس السيناريو مع إلغاء القيود التنظيمية. ويعترف صندوق النقد الدولي بأن تخفيف القيود التنظيمية الصارمة وتقليص البيروقراطية بالنسبة للشركات من شأنه أن يحفز النمو من خلال زيادة الاستثمار”. 

ولكنها تشير أيضا إلى خطر يتمثل في أن الإفراط في إلغاء القيود التنظيمية قد يؤدي إلى زيادة نقاط الضعف المالية ونشأة دورة من الفقاعات والأزمات.

أما فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، فإن موعد الإعلان عن زيادتها ونطاقها لا يزالان غير واضحين، رغم أن ترامب هدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 بالمئة على جميع الواردات من كندا والمكسيك في اليوم الأول. 

وقالت الصحيفة: “من غير الواضح ما إذا كان هذا التهديد لا يزال قائما، ومن غير الواضح أيضا ما إذا كانت الولايات المتحدة ستفرض تعريفات جمركية شاملة بنسبة 10 أو 20 بالمئة على جميع المنتجات التي تدخل الولايات المتحدة”. 

وختمت بالتأكيد: “عموما، سيكون السيناريو الأسوأ بالنسبة للاقتصاد العالمي متمثلا في اندلاع حرب تجارية واسعة النطاق”.