معهد عبري يطالب بإعدام الأسرى.. هل تتغير العقيدة الأمنية في إسرائيل؟

منذ ساعتين

12

طباعة

مشاركة

رأى معهد عبري أن التزام إسرائيل الراسخ بسلامة مواطنيها وجنودها "أصبح حافزا لأعدائها لاستخدام الخطف كسلاح"؛ وذلك بعد أسر المقاومة الفلسطينية عددا كبيرا منهم في يوم تنفيذ عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وفي مقال نشره معهد القدس للإستراتيجية والأمن (JISS)، للعقيد (احتياط) البروفيسور "غابي سيبوني" وهو مستشار أول للجيش ومؤسسات أمنية إسرائيلية أخرى، والعميد (احتياط) "إيريز وينر"، الذي كان مساعدا لرئيس الأركان، بين أنه من الضروري منع تحول قضية الأسر إلى نقطة ضعف إستراتيجية.

وقال المعهد: "تُظهر التجارب التاريخية أنه على الرغم من أن تقديم التنازلات قد ينقذ الأرواح على المدى القصير، فإنه يعزز الإرهاب ويشجعه مع مرور الوقت. لذلك، يجب على إسرائيل التحرك بحزم للحد من هذا التهديد من خلال مجموعة واسعة من الإجراءات". وفق تعبيره.

السلاح الأكثر فعالية

ولفت إلى أنه "من وجهة نظر العدو، يُفضي الحساب الإستراتيجي البارد إلى استنتاج أن السلاح الأكثر فعالية من حيث التكلفة ضد إسرائيل هو سلاح الخطف، فهو أرخص بكثير من بناء برنامج نووي أو قوة صاروخية، لكن هذه حسابات لا بد من تغييرها".

وأضاف أنها "منذ تأسيسها، واجهت إسرائيل مجموعة واسعة من التهديدات، سواء من الدول المجاورة أو التنظيمات الإرهابية. ومن بين أكثر الوسائل فعالية لدى العدو كانت أخذ الرهائن لتحقيق أهدافه".

وأردف: "تستغل هذه التكتيكات الحساسية العميقة للمجتمع الإسرائيلي تجاه الحياة البشرية، خاصة القيمة الكبيرة التي يُوليها لتحرير الأسرى، وتثير انقسامات داخلية تُضعف التضامن الاجتماعي، كما شهدنا خلال العامين الماضيين".

وأكّد على أن "الرغبة في إعادة الرهائن إلى ديارهم بأي ثمن تقريبا، أدّت إلى عمليات تبادل أسرى كلفت ثمنا باهظا، وفي بعض الأحيان شكلت خطرا حقيقيا على الأمن القومي".

وضرب مثالا بتبادل الأسرى عام 1985 المعروف باسم "اتفاقية جبريل" أسفر عن الإفراج عن قيادات بارزة شكّلت لاحقا العمود الفقري للانتفاضة الأولى بعد عامين.

وبالمثل، صفقة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط عام 2011 والتي أطلقت سراح "بعض أخطر القتلة"، بما في ذلك رئيس المكتب السياسي السابق لحركة المقاومة الإسلامية حماس يحيى السنوار، مهندس 7 أكتوبر. وفق وصف المعهد.

وأشار إلى أنه "في الحالات السابقة، كان يُقاس الثمن بشكل أساسي بعدد وهوية الذين أُفرج عنهم"، لكن أُسّست في الحرب الأخيرة، سابقة جديدة ومثيرة للقلق".

فبالإضافة إلى الإفراج الشامل عن “الإرهابيين مقابل الرهائن”، وافقت إسرائيل أيضا على الانسحاب من أراضٍ كانت قد احتلتها، ونقل المساعدات والإمدادات إلى غزة، وهي خطوات أضعفت قدرتنا على تحقيق أهدافنا العسكرية وعززت قوة حماس. وفق تعبيره.

وشدد على أنه "الآن، وبعد تحرير جميع الرهائن الناجين واستمرار الجهود لاستعادة جثث القتلى، حان الوقت لدراسة كيفية تعامل المجتمع والحكومة الإسرائيليين مع هذه القضية".

وأردف: "يرى أعداء إسرائيل أن عمليات الاختطاف تُشكل أداة إستراتيجية يمكن أن تحقق مكاسب كبيرة. وهذا ليس مجرد قلق نظري، فبالرغم من الهدنة الهشة الحالية، قد تحاول حماس وغيرها من الأطراف المعادية في أي لحظة اختطاف جنود أو مدنيين إسرائيليين".

وأكّد أن "سلوك إسرائيل خلال أزمات الرهائن السابقة، خلق ثغرة تُشجع أعداءها على تقدير عمليات الخطف شكلا فعالا من أشكال الضغط الإستراتيجي".

وأوضح أن "الحاجة المُلِحّة للتغيير واضحة، فما لم تُغيّر إسرائيل مسارها، سيواصل أعداؤها استغلال هذا الضعف والسعي وراء فرص جديدة لخطف رهائن".

إستراتيجية حماس

وقال: "يُظهر السجل التاريخي أنه مع مرور الوقت، تخلت إسرائيل تدريجيا عن مبدئها الأصلي المتمثل في رفض التفاوض مع الإرهابيين أو الإفراج عن السجناء مقابل الرهائن". وفق تعبيره.

وبهذا يرى أن "ما بدأ كسياسة حازمة تطور إلى وضع أصبحت فيه إسرائيل مستعدة لإطلاق سراح أعداد كبيرة من المحتجزين في سجونها لضمان عودة الإسرائيليين الأسرى".

وأكد أن "هذا النمط دفع الأعداء إلى تقدير الرهائن أصولا إستراتيجية واستغلال حساسية المجتمع الإسرائيلي للحصول على تنازلات".

وبين أن "هذه التنازلات بدورها تزيد من الرغبة في المزيد من عمليات الخطف وارتفاع المطالب بالإفراج عن الرهائن".

ورأى المعهد أن هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 شكّل نقلة نوعية؛ حيث أُخذ أكثر من 250 جنديا ومدنيا أسرى في ذلك اليوم. كما أن "المفاوضات مع الحركة إلى جانب الضغوط الشعبية المطالبة بإعادة الرهائن، أدّت إلى إطالة الحرب وزيادة كلفة الاتفاقيات".

في النهاية، تحققت جميع اتفاقيات إعادة الأسرى الثلاثة (خلال عامين من العدوان على غزة) بفضل الضغط العسكري. وفق زعمه.

وأضاف: "كلما كان الضغط العسكري أكثر فاعلية، ومع تزامنه مع الضغط على السكان المدنيين في غزة، كانت النتائج أفضل".

"وتُظهر عمليات الاختطاف الجماعية نفسها، واستخدام حماس للضغط النفسي من خلال نشر مقاطع الفيديو للرهائن، واستغلالها للاحتجاجات الداخلية والانقسامات في إسرائيل، مدى فهم الحركة العميق للقوة النفسية لعمليات الاختطاف وتأثيرها على المجتمع الإسرائيلي".

وأكَّد أن الحل يجب أن يشمل جميع المستويات، من الاستخبارات الوقائية، مرورا بالتشريعات بشأن التعامل مع حالات الأسر والنقاش حول إمكانية تطبيق الإعدام على "الإرهابيين"، وصولا إلى الإجراءات التكتيكية التي يتعيّن على الجيش تبنّيها لتخفيض التهديد وتحسين الاستجابة. وفق تعبيره.

وفيما يخص الاستخبارات، قال المعهد: "يجب وضع متطلبات استخباراتية ذات أولوية وتأسيس جهاز تنسيقي مكرّس ومكلّف بكل المسائل المتعلقة باختطاف إسرائيليين ويهود، داخل إسرائيل وخارجها".

وأشار إلى أن توصية لتأسيس مثل هذا الجهاز وردت عام 2011 على لسان فريق من الجيش الإسرائيلي الذي راجع الاستجابة العملية لقضية شاليط.

ورأى أنه "من الضروري تحديد الجهة التي يجب أن تقود جمع المعلومات والاستخبارات، وفي رأينا فإن هذا الدور ينبغي أن يقع على عاتق الجيش وتعيين هيئة تنسيقية تشرف على الملف".

ويعتقد أن مجلس الأمن القومي الجهة الأنسب لأداء هذه الوظيفة؛ وأنه يحتاج فقط لتكييف وتوسيع سلطاته كي يتمكّن من تنفيذ المهمة بفاعلية.

ثمن تبادل الأسرى

وحول الإجراءات التشريعية، شدد المعهد على أنه من الضروري إصدار قانون يهدف إلى إعلان نية إسرائيل في التصرف خلال أزمات مستقبلية استنادا إلى الدروس المستخلصة من الحرب الأخيرة. ومن الضروري كذلك "وضع حد أقصى ثابت لسعر تبادل الأسرى والرهائن".

وقال: “بما أن قرارات الحكومة في إسرائيل لا تُنشئ قواعد إدارية مُلزمة، فإن مفاوضات الرهائن ستبدأ دائما من موقف ضعف”.

لذلك يعتقد أنه "من الحكمة أن يُرسَّخ في القانون إطار إجراء المفاوضات والحدود القصوى للشروط التي ستقبل بها إسرائيل مقابل عودة الرهائن".

“مثل هذا التشريع سيساعد على تطبيع الخطاب العام في أزمات مقبلة ويقلّل الضغوط الشعبية التي تدفع الحكومات نحو التنازل”.

كما "سيبعث رسالة واضحة إلى أعداء إسرائيل بأن الاختطاف غير مجدٍ، لا سيما إذا أُقرّ التشريع بأغلبية عريضة من مختلف الأحزاب".

علاوة على ذلك، شدد المعهد على ضرورة تطبيق حكم الإعدام؛ حيث قال: "بما أن حالات الاختطاف غالبا ما تهدف إلى الإفراج عن سجناء إرهابيين، فإن هذه العقوبة يمكن أن تزيل الحافز للاختطاف".

وأضاف: "لهذه الخطوة مزايا وعيوب، لكن، في رأينا، ونظرا للظروف القائمة، ينبغي تطبيقها على عناصر النخبة (في حماس) المتورطة في مجزرة 7 أكتوبر، لتكون رادعا واضحا".

وأخيرا، تعزيز الاستجابات العملياتية والتكتيكية؛ حيث قدمت لجنة عسكرية تابعة للجيش الإسرائيلي درست خطر الاختطاف توصيات مفصلة. 

تشمل هذه التوصيات إدراج التهديد في برامج التدريب العسكري، مع الدروس المستفادة من الحوادث السابقة، وتعزيز الصلابة البدنية والنفسية لجنود الجيش.

هذا فضلا عن إعادة تقييم القوات المنتشرة على طول الحدود وفي مناطق الاحتكاك مثل الضفة الغربية، ومراجعة هيكل القوات وانتشارها بهدف تقليل نقاط الضعف، وتوسيع نطاق استخدام الأنظمة التكنولوجية لتحسين القيادة والسيطرة، بناءً على القدرات المتاحة.

وختم بأن هذه السياسة يمكن أن تحمي الأمن القومي الإسرائيلي على المدى الطويل، وأن تكسر دوامة الخطف التي تهدد كلا من أمن إسرائيل وتماسكها الاجتماعي.