صحيفة عبرية تحذر: حماس تمر بمرحلة تطور إستراتيجي خطير.. ما التفاصيل؟

منذ ٤ ساعات

12

طباعة

مشاركة

"رغم تحقيق إسرائيل إنجازا عسكريا ملموسا، فهي تخاطر بخسارة إستراتيجية على المدى البعيد"، بهذا التحذير استهلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" تقريرا، أشارت فيه إلى حدوث تحولات حقيقية بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بغزة في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2025.

وأوضحت الصحيفة أنه في الوقت الذي تنشغل فيه جميع المؤسسات الإسرائيلية بمنع 7 أكتوبر قادم (عملية طوفان الأقصى)، تسعى حركة المقاومة الإسلامية حماس لمواصلة حربها ضد سيادة تل أبيب على أراضيها. وفق تعبيرها.

ولفتت إلى أنه "بينما قد تكون حماس استسلمت تكتيكيا، فهي في الواقع تمر بمرحلة تطور خطيرة تسعى من خلالها للسيطرة على الأصول السياسية التي راكمتها حركة (التحرير الوطني الفلسطيني) فتح خلال الفترة التي كانت إسرائيل منشغلة فيها بالقتال".

وتكمن المعضلة الأبرز، حسب الصحيفة، أن كلا من قطر وتركيا “ترعيان حماس الجديدة، فهي بالنسبة لهما مشروع إستراتيجي، حيث لا يسعيان في الواقع لإعادة إعمار غزة، بل إعادة بناء الحركة”، وفق زعمها.

تطور إستراتيجي 

وزعمت أنه "في ميدان المعركة، كانت النتيجة حاسمة: فقد نجح الجيش الإسرائيلي في تفكيك القدرات العسكرية لحماس، بينما فرض التحالف الدولي الذي نسقته واشنطن، بمناورة إسرائيلية ذكية، على الحركة نوعا من الاستسلام على الورق".

مع ذلك، تنوه إلى أن "ما حدث لا يعد استسلاما بالمعنى التقليدي، بل هو تحول إستراتيجي عميق". وتابعت: "فحماس باتت مستعدة لاستبدال الصاروخ بالختم الرسمي، والنفق بالمكتب السياسي".

ووفق تقديرها، "أدركت حماس أن القوة الحقيقية لم تعد في الميدان، بل انتقلت إلى الساحة الدولية، وهي على استعداد للتخلي عن السيطرة العسكرية على غزة مقابل الانخراط في مؤسسات السلطة الفلسطينية التي طورتها حركة فتح على مدار سنوات الصراع".

وأضافت: "في الوقت الذي كان فيه الجنود الإسرائيليون يخوضون معارك شرسة ضد حماس في غزة، كانت فتح تعمل بهدوء في الكواليس، فقد حافظت على مكانة فلسطين الدولية بل وعززتها، مما أدى إلى تراجع كبير في موقع إسرائيل السياسي".

وأشارت إلى ما تعانيه إسرائيل اليوم على الساحة الدولية، فهي "تواجه دعاوى في محكمة العدل الدولية، كما أن الرأي العام الأميركي، خصوصا بين الشباب، شهد تراجعا غير مسبوق؛ إذ أظهر استطلاع أن نحو نصف الشباب يرون أن ما حدث في 7 أكتوبر 2023 كان مبررا".

وفي الوقت ذاته، نجا أحد أكثر الكيانات تهديدا للسيادة الإسرائيلية، وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، من أي محاسبة، وفق وصفها.

إذ قررت محكمة العدل الدولية أخيرا في الدعوى التي قدمتها إسرائيل ضدها أن الوكالة "محايدة بما فيه الكفاية، ولا يوجد ما يبرر استبعادها من منظومة المنظمات الدولية الشرعية".

وذكرت الصحيفة أن "هذه الظاهرة ليست جديدة، فقد حدثت في لبنان حين تحول حزب الله  لحركة سياسية مهيمنة بالحكومة دون التخلي عن سلاحها".

وتابعت: "رأينا أيضا حركات نازية جديدة في أوروبا تستبدل الأحذية العسكرية بالبدلات الرسمية وتدخل البرلمانات، وشهدناها في مصر مع جماعة الإخوان المسلمين".

وأردفت: "إنها الإستراتيجية ذاتها: التخلي عن الشكل العسكري عندما يفشل، وارتداء عباءة مؤسساتية بأسماء جديدة ومصطلحات ناعمة لمواصلة الصراع من موقع مختلف".

لاعب شرعي

وتعتقد أن هناك دولتين تدعمان "النسخة الجديدة من حماس"، مشيرة إلى أن "قطر وتركيا، الراعيتين التاريخيتين لجماعة الإخوان المسلمين، تقودان هذا التوجه الجديد، فبالنسبة لهما، تمثل الحركة مشروعا إستراتيجيا طويل المدى".

وترى الصحيفة أن هاتين الدولتين "لا تسعيان في الواقع إلى إعادة إعمار غزة، بل إلى إعادة بناء حماس نفسها".

وأضافت أن “الدوحة وأنقرة تدركان أن السبيل الوحيد لإبقاء الحركة فاعلة ومؤثرة هو تبييض صورتها، أي تحويلها من تنظيم إرهابي منبوذ إلى لاعب سياسي شرعي تحت اسم مختلف”، وفق وصفها.

ونوهت إلى أن "هذه الجهود تتم على مرأى الجميع، فقطر تواصل ضخ مئات الملايين من الدولارات، ولكن هذه المرة تحت غطاء المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار".

إضافة إلى ذلك، "تستضيف قطر قيادات حماس، وتدير المفاوضات السياسية نيابة عنهم، وتعرضهم أمام العالم كشركاء محتملين".

"كما تُخضع خط التحرير في إمبراطوريتها الإعلامية (قناة الجزيرة وفروعها) لخدمة مصالح حماس"، على حد قولها.

أما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه "هتلر العصر"، فتشير إلى أنه "يوفر لحماس غطاء سياسيا وأيديولوجيا، ويروج لها في المحافل الدولية بوصفها حركة تحرر وطنية شرعية".

تهديد مباشر 

في المقابل، ذكرت الصحيفة العبرية أن "هناك من يرى في النسخة الجديدة لحماس كارثة تهدد الاستقرار الإقليمي".

فوفقا لها، “ترى السعودية والإمارات في هذا التحول تهديدا مباشرا للمشروع الذي تسعيان إلى بنائه في الشرق الأوسط”.

يقوم هذا المشروع على التقدم والابتكار والتجارة، ويستند إلى رؤية 2030 التي يقودها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وفق قولها.

"وبالنسبة لهما، فإن حماس، بوصفها ذراعا لجماعة الإخوان، لا تمثل مجرد خصم أيديولوجي، بل كيانا يهدد بقاؤه كحركة سياسية أسس التصور الوطني الذي تتبناه الدولتان"، بحسب الصحيفة.

في هذا الإطار، أوضحت الصحيفة أن “السعودية والإمارات لا تسعيان إلى تبييض صورة حماس، بل تطمحان إلى إنشاء إدارة مدنية حقيقية في غزة، تقوم على الإصلاح والشفافية ونزع السلاح، والرقابة على قطاع التعليم”، وفق زعمها.

وتقدر أنه "لهذا السبب، رفضتا المشاركة في قمم السلام الإقليمية التي هدفت إلى إعادة شرعية حماس، مثل القمة التي فشلت في شرم الشيخ"، على حد وصفها، وذلك في إشارة إلى الاجتماع الذي جرى فيه التوقيع الاتفاق على وقف إطلاق النار بغزة.

واستطردت: "كما تؤكد الدولتان للولايات المتحدة بوضوح: نعم لإعادة الإعمار، لكن لا لحماس ببدلة رسمية".

حصانة إسرائيلية 

وفي ظل ما وصفته بـ "التراجع الإسرائيلي في الساحة السياسية الدولية"، أكدت الصحيفة على "ضرورة تبني إسرائيل حصانة في هذه الأروقة الحساسة".

"يمكن تحقيق ذلك عبر مسارين واضحين: أولا، استثمار مسار التطبيع مع السعودية لإثبات فشل حماس في تحقيق هدفها الأعلى، وهو منع تمدد النفوذ السياسي الإسرائيلي في العالم العربي".

وتابع: "المسار الثاني هو تبني سياسة خارجية حازمة على محورين: الأول، تعزيز الوجود الإسرائيلي في سوريا وتوسيع التعاون مع قبرص واليونان كوسيلة لإخراج تركيا من المعادلة السلبية وجرها نحو تسوية إقليمية".

والثاني يكمن في "استغلال ما تبقى من فترة حكم إدارة (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب، التي تتقاطع رؤيتها مع المخاوف الإسرائيلية لإغلاق ملف الأونروا، والضغط على المؤسسات الدولية المعادية والفاسدة، وإقصاء أنقرة والدوحة تماما من أي تسوية مستقبلية في المنطقة".

وشددت الصحيفة على أن إسرائيل تواجه “لحظة دبلوماسية معقدة، لكنها مليئة بالفرص”، وفق تعبيرها.

وأكدت أنه "لا يجوز السماح للنسخة الجديدة من حماس، السيطرة على المؤسسات السياسية الفلسطينية التي تحظى بشرعية دولية". 

وأشار إلى أن "قيام دولة إسرائيل وقدرتها على الازدهار تعتمد على قدرتها على قراءة الواقع الجديد بدقة، والتعامل معه بذكاء سياسي ورؤية بعيدة المدى".

وترى أن “التحركات الأخيرة لنتنياهو، سواء تجاه الهند أو في تعامله مع ترامب، تعكس فهما واضحا للاتجاه المطلوب، إلا أن ذلك لا يكفي”.

فوجود رئيس وزراء يتمتع بالعناد أمام التطورات وبذكاء سياسي لافت، وعلاقة جيدة مع رئيس أميركي، لا يعوض عن ضعف البنية السياسية الداخلية في إسرائيل، التي باتت تعاني من التآكل، وتدار من قبل مسؤولين مؤقتين وأصحاب خبرات محدودة لا يدركون حجم التحولات الجارية. وفق تعبيرها.