تقديرات إسرائيلية: اتفاق التطبيع مع السعودية أقرب من أي وقت رغم التحديات

منذ ٤ ساعات

12

طباعة

مشاركة

على الرغم من شن تل أبيب حرب إبادة استمرت سنتين على قطاع غزة، لم تتوقف الاتصالات "أبدا" بين إسرائيل والسعودية بهدف تطبيع العلاقات "لكن العملية تسير ببطء وبشكل تدريجي".

هذا ما أكدته الدكتورة نيريت أوفير المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط والمحاضرة في جامعة رايخمان من أبرز الشخصيات الإسرائيلية التي تمتلك معرفة عميقة بالسعودية، وربما تفوق في ذلك أي إسرائيلي آخر، وفق تعبير صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية.

فقد لعبت أوفير دورا محوريا في إدخال فرق إسرائيلية إلى سباق "رالي داكار" الذي أُقيم في السعودية عام 2021، وأسهمت في إبرام العديد من الصفقات بين شركات إسرائيلية وسعودية. 

كما كانت أول إسرائيلية تلقي محاضرة علنية في مؤتمر بالسعودية في سبتمبر/ أيلول 2023، في وقت بدا فيه أن اتفاق التطبيع بات قاب قوسين أو أدنى.

وفي السياق ذاته، أكد دبلوماسي أميركي رفيع المستوى في حديثه مع الصحيفة أنه "في عام 2026، وربما حتى قبل الانتخابات الإسرائيلية، سيبدأ تقارب حقيقي بين إسرائيل والسعودية".

وأضاف: "ليس من المؤكد انضمام إسرائيل الكامل إلى اتفاقيات أبراهام، ولكن على الأقل ستكون هناك خطوة سياسية واقتصادية مهمة".

وتابع: "الأمر ليس مسألة رهان، بل هو واقع جيوسياسي ومصالح اقتصادي، فما كان ينبغي أن يحدث منذ زمن، سيحدث قريبا". ومن هذا المنطلق، سلطت صحيفتا “إسرائيل اليوم” و"معاريف" الضوء على المصالح السعودية والإسرائيلية التي تدفع كلا الطرفين للمضي قدما نحو التطبيع.

تكامل مشترك

من جانب المملكة، أشارت إلى أن "الدافع السعودي وراء هذا التقارب، يتمثل في تحقيق رؤية 2030 التي يقودها ولي العهد محمد بن سلمان".

فهذه الرؤية "ترتكز على تكامل العلاقات الاقتصادية والتكنولوجية والأمنية مع إسرائيل، التي تتبوأ مكانة متقدمة في مجالات مثل الأمن السيبراني والتكنولوجيا المالية وغيرها من القطاعات المتقدمة".

علاوة على ذلك، أوضحت الصحيفة أن "ابن سلمان، المعروف بحبه للمشاريع الضخمة والطموحة، أبدى اهتماما كبيرا بالصفقة الكبرى التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي تهدف إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط".

وأضافت: "يتطلع ولي العهد إلى أن تكون السعودية جزءا فاعلا في هذا المشروع، الذي يركز على تسهيل الطرق التجارية بين الشرق (الهند والصين) وأوروبا، وربما يشمل أيضا إنشاء خطوط أنابيب للنفط والغاز".

على الصعيد الأمني، قالت الصحيفة: "يسعى ابن سلمان إلى إبرام اتفاق يشكل تحالفا دفاعيا مع الولايات المتحدة، ومن خلالها مع إسرائيل، بهدف حماية المملكة من التهديدات الإيرانية وأذرعها في المنطقة، لا سيما جماعة الحوثي في اليمن".

وقد تجلى هذا البُعد الأمني بشكل غير مباشر خلال حرب الـ 12 يوما بين إسرائيل وإيران في يونيو/ حزيران 2025.

إذ كشفت صحيفة "إسرائيل اليوم" أن مروحيات تابعة للجيش السعودي اعترضت طائرات مسيرة إيرانية كانت في طريقها إلى إسرائيل.

وأشارت إلى أن "هذا النوع من التعاون هو بالضبط ما تسعى إيران وحلفاؤها، وعلى رأسهم حركة (المقاومة الإسلامية) حماس، إلى منعه".

وتابعت: “فقد كشفت معلومات استخباراتية عن وثيقة صادرة من قيادة حماس، تُظهر أن أحد الأهداف المعلنة للهجوم الدموي الذي شنته الحركة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، كان إفشال مساعي السعودية للانضمام إلى مسار التطبيع مع إسرائيل”. وفق زعمها.

وأقرت الصحيفة أن "هجوم حماس (بدعم إيراني مباشر) نجح بالفعل في تحقيق هذا الهدف مؤقتا، في ظل وجود إدارة ديمقراطية في واشنطن لم تتمكن من التعامل بفعالية مع تعقيدات الوضع الإقليمي والحرب الدائرة".

تحول اقتصادي 

بدورها، ذكرت صحيفة "معاريف" أن التطبيع مع السعودية -صاحبة أقوى اقتصاد بالشرق الأوسط بناتج محلي إجمالي يبلغ 1.27 تريليون دولار وتوقعات نمو بنسبة 4 بالمئة لعام 2025 وفقا لصندوق النقد الدولي- يعد فرصة إستراتيجية لفتح أبواب أحد أكثر الأسواق تأثيرا وربحية في المنطقة.

وأردفت: "فبعيدا عن البُعد السياسي والدبلوماسي، وعن القضية الفلسطينية، يمثل هذا التطبيع نقطة تحول اقتصادية كبرى، تتيح لإسرائيل الانخراط في فضاء واسع من الفرص الاستثمارية تقدر بمليارات الدولارات في قطاعات الطاقة والتكنولوجيا والنقل واللوجستيات والتمويل والسياحة".

في هذا السياق، تؤكد "معاريف" هي الأخرى أن "الشركات الإسرائيلية، خاصة العاملة في مجالات الأمن السيبراني والتكنولوجيا الزراعية والطاقة المتجددة، ستشارك في مشاريع البنية التحتية السعودية ضمن إطار رؤية ولي العهد السعودي الطموحة 2030".

وذكرت أنه من بين الأمثلة على ذلك، التعاون المحتمل بين الطرفين في مجالات تخزين الطاقة وتحلية المياه والنقل، ضمن مشروع إنشاء "الممر الاقتصادي" الذي يربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا.

من منظور جيوسياسي وإستراتيجي أوسع، تقدر الصحيفة أن "دمج القوة المالية وقدرات المملكة في مجال الطاقة مع التفوق التكنولوجي الإسرائيلي قد يعيد رسم الخريطة الاقتصادية الإقليمية، ويعزز الابتكار، ويخلق محركات نمو جديدة في منطقة الخليج، تنعكس آثارها على الشرق الأوسط بأسره".

إذ تتوقع أن "يرسخ التطبيع مكانة إسرائيل ونفوذها الإستراتيجي كجزء لا يتجزأ من البنية الاقتصادية والأمنية للمنطقة، ويضعها في موقع محوري بين أوروبا وآسيا والخليج".

ومع ذلك، تنوه إلى أن "هذا المسار لا يخلو من المخاطر؛ فقد يُثير معارضة شديدة من أطراف إقليمية مثل إيران وشبكة وكلائها، إلى جانب تركيا وقطر والمحور المناهض لإسرائيل".

كما تحذر من أنه "يمكن أن يؤدي إلى توترات داخلية داخل المملكة السعودية نفسها، فضلا عن تفاقم التوتر في الساحة الفلسطينية".

"وبالتالي، يعرّض إسرائيل لتحديات سياسية مع دول عربية تعارض اتفاقيات أبراهام وتطبيع العلاقات معها". بحسب تقديرها.

لذلك، تشدد الصحيفة على أن "نجاح هذا التحول التاريخي يعتمد على قدرة الأطراف المعنية على تحقيق توازن دقيق بين دفع المصالح السياسية والأمنية والاقتصادية، وبين احتواء وإدارة التداعيات المتعددة لهذا التغيير الجذري في خريطة الشرق الأوسط".

طريق معقد 

وحول فرص التطبيع في الفترة المقبلة، أشارت صحيفة "إسرائيل اليوم" إلى أنه  "مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، وبصفته راعي اتفاقيات أبراهام، عاد ملف انضمام السعودية إلى هذه الاتفاقيات ليطرح مجددا على الطاولة".

وأضافت: "في الأيام الأخيرة، كرر ترامب تصريحاته أنه سمع من مسؤولين سعوديين كبار استعدادهم ورغبتهم بالانضمام إلى اتفاقيات أبراهام، مؤكدا أن هذه الخطوة ستفتح الباب أمام المزيد من الدول العربية والإسلامية للسير في نفس الاتجاه".

وأفادت بأنه "خلال عام 2023، جرت اتصالات مباشرة بين السعودية وإسرائيل، شملت محادثات بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومحمد بن سلمان".

واستطردت أنه “في سبتمبر 2023 وصلت هذه الاتصالات إلى مرحلة شبه ناضجة”.

ووقتها، ألقى نتنياهو خطابا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة تحدث فيه عن رؤيته لمنطقة شرق أوسط متطورة وبناء تحالفات جديدة.

وقد جرى بث هذا الخطاب لأول مرة على التلفزيون السعودي، مما عزز التكهنات بقرب التطبيع بين الجانبين.

واستدركت: "لكن اندلاع الحرب (على غزة) عرقل هذا المسار، رغم استمرار الاتصالات خلف الكواليس وعلى مستويات متعددة".

لذلك، ترى الصحيفة العبرية أن "الطريق نحو التطبيع بين السعودية وإسرائيل لا يزال طويلا ومعقدا".

الصديق الحقيقي 

وانتقلت الصحيفة للحديث عن الإمارات قائلة: "مثل السعودية، ترى أبوظبي في شرق أوسط مستقر فرصة اقتصادية واعدة".

فيما قال مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، تربطه علاقات طويلة بالإمارات: إن "أبوظبي هي الصديقة العربية الحقيقية لإسرائيل، وقد أثبتت ذلك في أصعب الأوقات، وقت الحرب".

واستشهد على ذلك قائلا: "شركات الطيران الإماراتية كانت الدولة الوحيدة التي استمرت في تسيير رحلاتها إلى إسرائيل خلال تلك الفترة".

كما أشار إلى “الإدانة الشديدة التي أصدرتها الإمارات لمجزرة السابع من أكتوبر 2023، ولحركة حماس بشكل عام”. وفق تعبيره.

وأوضحت الصحيفة العبرية أن "الإمارات، إلى جانب السعودية، تتبنى موقفا صارما تجاه حماس، وترى أن وجودها يعد عائقا أمام إعادة إعمار غزة".

وترى أن "الإمارات استغلت علاقاتها الجيدة مع إسرائيل لإدخال المساعدات إلى مخيمات النازحين، ولإنشاء عيادات ومستشفيات ميدانية".

"فهي الآن الدولة الأكثر حضورا في عملية إقامة المناطق الإنسانية ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي، بما يشمل بناء مرافق طبية ومدارس وبنى تحتية للمياه والكهرباء والصرف الصحي".

كما كانت "صاحبة المبادرة والممولة لمشروع مد أنبوب المياه من الجانب المصري إلى سكان جنوب قطاع غزة".

"وكما هو الحال في السعودية، ترى الإمارات في شرق أوسط هادئ فرصة تجارية ضخمة لموانئها التي تربط الشرق بأوروبا، وتدرك الفوائد الكبيرة للتعاون مع إسرائيل"، تقول الصحيفة.

وتتابع: "فعلى سبيل المثال، تحولت بورصة دبي للألماس، التي تأسست قبل عشرين عاما فقط، إلى الأكبر عالميا بفضل الدعم الإسرائيلي".

في الجانب الأمني، توقعت الصحيفة أن "انتهاء الحرب سيؤدي إلى توسع كبير في صفقات السلاح والتكنولوجيا العسكرية بين إسرائيل وهذه الدول".

من جانب آخر، لفتت إلى أن "السعودية والإمارات تؤديان مهمة أخرى بالغة الأهمية، إذ ترعيان عملية نزع التطرف من المجتمع الفلسطيني، على غرار ما فعلتا في أنظمتهما التعليمية، ووسائل الإعلام، والخطاب الثقافي والسياسي". وفق تعبيرها.

وزعمت أنه "يجري حاليا تطبيق برامج تعليمية مشابهة من كلا البلدين في المدارس المؤقتة بقطاع غزة، على الأقل في المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل".