جون أفريك: الغرب يدعم إسرائيل لتدمير غزة ولبنان ثم يوفر المال لإعادة الإعمار

منذ ٢٥ يومًا

12

طباعة

مشاركة

نظمت فرنسا مؤتمرا دوليا لدعم لبنان في 24 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، حيث جُمع أكثر من 800 مليون دولار كمساعدات إنسانية و200 مليون دولار للجيش اللبناني. 

وبينما عبرت مجلة "جون أفريك" الفرنسية عن تقديرها لهذه الجهود، عبرت عن خيبة أملها كذلك إزاء العجز الأوروبي عن وقف الهجمات على لبنان وغزة.

كما تشير المجلة إلى ازدواجية المعايير التي تمارسها الدول الغربية، إذ تدعم حق الدفاع عن النفس لإسرائيل بينما تحرم الفلسطينيون من حقوقهم في الدفاع عن أراضيهم.

وفي هذا الإطار، تتساءل المجلة عن جدوى مثل هذه المؤتمرات التي توفر دعما ماديا دون تحقيق حلول سياسية.

وتدعو أوروبا إلى إعادة النظر في موقفها من الصراع في الشرق الأوسط وتجنب النظر إليه من منظور محاباة الجانب الإسرائيلي.

 عجز دولي

تبدأ المجلة الفرنسية تقريرها بالإشارة إلى جهود الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في مؤتمر المانحين بشأن لبنان، والذي عُقد في 24 أكتوبر/ تشرين الأول 2024 في باريس.

وذلك بهدف جمع 400 مليون دولار كحد أدنى، وهو الحد الأدنى المطلوب وفقا لمنظمة الأمم المتحدة، لدعم النازحين جراء "النزاع" في منطقة الشرق الأوسط. 

وتلفت المجلة إلى أن المؤتمر تمكن في النهاية من تجاوز الحد الأدنى المذكور، ليصل مجموع التبرعات المقدمة للبنان إلى ما يقرب من مليار دولار.

لكن للأسف، "هذا المبلغ لن يمحو الجمود المذهل الذي أبداه الأوروبيون إزاء القصف المستمر على لبنان والمدنيين في غزة، بما في ذلك خلال شهر رمضان".

وتضيف المجلة أن "الأموال التي جُمعت لن تجعل اللبنانيين والفلسطينيين ينسون أن المجتمع الدولي، وخاصة الأوروبيين، كان عاجزا عن الضغط على (حليفهم) لقبول وقف إطلاق النار، بل واستمروا في تزويده بالأسلحة".

وهنا، تبرز المجلة أن هذا ينطبق بشكل خاص على ألمانيا، التي أظهرت دعمها "غير المشروط" للحكومة الإسرائيلية الحالية، متجاهلة بشكل واضح المدنيين الفلسطينيين الذين تجاوز عدد ضحاياهم 40 ألفا.

وتذكّر هنا بموقف المستشار الألماني أولاف شولتز في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، إذ رفض بشكل علني وبدون تحفظ فكرة وقف إطلاق النار باعتباره "غير عادل لإسرائيل".

فمن المؤسف أن "الأوروبيين لم يرغبوا مطلقا في استخدام الوسائل العديدة المتاحة لهم للضغط على إسرائيل من أجل قبول وقف لإطلاق النار، يشمل إطلاق سراح الرهائن، وهو مطلب تدعمه غالبية كبيرة حتى داخل إسرائيل نفسها". 

وفي هذا السياق، تسلط المجلة الفرنسية الضوء على أنه "خلال كامل فترة الحرب، لم يكن يُسمع في معظم وسائل الإعلام، وفي تصريحات السياسيين في فرنسا كما في الاتحاد الأوروبي بأسره، سوى هذه العبارة: لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها".

رفض الحق في الوجود

وفي غضون ذلك، تلفت "جون أفريك" إلى أنه "من المستحيل أن تجد أحدا يتساءل: لماذا تُهاجَم إسرائيل؟، إذ لا يجرؤ أحد على طرح هذا السؤال الحساس".

ورغم معرفة الجميع بأن "إسرائيل هي آخر دولة استعمارية على هذا الكوكب"، تنتقد المجلة "التزام الجميع الصمت أمام هذا الاحتلال".

وعلى حد قول المجلة، فإن "الشعب الفلسطيني يُحرم من حق الوجود والدفاع عن الأراضي التي تُسلب منه يوما بعد يوم".  

وأضافت: "علاوة على ذلك، يُصنف هذا الشعب بأكمله على أنه إرهابي، في حين أن ما يفعله هو الدفاع عن مستقبل أبنائه". 

"وفي الوقت نفسه، يتوقع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من الفلسطينيين أن يقبلوا واقع الاستعمار مع كل التجاوزات اليومية التي يرتكبها المستوطنون منذ سنوات، والتي نادرا ما يُشار إليها في وسائل الإعلام"، كما ورد عن المجلة.

وفي مقابل ذلك، تلفت المجلة الانتباه إلى أن الحق في الدفاع عن الأرض يحظى بدعم الجميع؛ لصالح الشعب الأوكراني مثلا، لكنه ليس كذلك مع الشعب الفلسطيني. 

كما تقول المجلة إن "أصوات المجتمعات المدنية العربية تكاد تكون غير مسموعة في فرنسا وأوروبا بشأن هذا النزاع". 

وبالإشارة إلى كون التعتيم الإعلامي فعالا للغاية، تبرز المجلة أن "كل نقد لإسرائيل يُعتبر في أوروبا معاداة للسامية"، لافتة إلى أن "العرب أيضا ساميون".

وبالنظر إلى الواقع، توضح المجلة أن "وسائل الإعلام لا تستضيف سوى محللين يفتقرون إلى المعرفة بالتاريخ والجغرافيا السياسية، مما يجعل مداخلاتهم سطحية". 

"وهذا الوضع مؤسف للغاية"، على حد وصف المجلة، إذ إنه لا يخدم مبدأ "السلام للجميع".

لا سلام

وفي نهاية التقرير، تشير "جون أفريك" إلى أن هناك واقع يثير العديد من التساؤلات؛ وهو إعادة انتخاب نتنياهو في عام 2022 كرئيس للوزراء، رغم أن أول خطوة "سياسية" له عند انتخابه لأول مرة في عام 1996 كانت كسر اتفاقيات أوسلو وإصدار أمر باستئناف الاستيطان في الضفة الغربية، بما يخالف هذه الاتفاقيات.

وفي رأي المجلة الفرنسية، كانت الخيارات التي اتخذها نتنياهو تصرخ بأنه "لا سلام مع الفلسطينيين".

ونتيجة لذلك، تبرز المجلة أن "إعادة انتخابه في 2022 تطرح سؤالا جوهريا: هل يريد الإسرائيليون حقا السلام مع الفلسطينيين، أم أنهم يريدون العيش بأمان مع تجاهل الوسائل (المتعبة) لتحقيق هذا الأمان النسبي، والذي سيبقى دائما مهددا؟".

وتختتم المجلة تقريرها بدعوة الأوروبيين لإعادة النظر في رؤيتهم لـ"النزاع" في الشرق الأوسط.

كما توصيهم المجلة بأن "يكفوا عن رؤية النزاع فقط من خلال منظور الإسرائيليين، الذين يؤذيهم تعصبهم الأيديولوجي، حيث يضرون بشعبهم وبلادهم، بل ويضرون أيضا بالمنطقة بأكملها".

الكلمات المفتاحية