مبادرة حفتر للمصالحة.. خوف من مصير الأسد أم ورقة ابتزاز وتصفية حسابات؟

إسماعيل يوسف | منذ ٨ أيام

12

طباعة

مشاركة

مثلما أيقظ انتصار ثوار سوريا العديد من حكام دول الثورة المضادة، وأثار قلقهم، استيقظ الجنرال الانقلابي الذي يسيطر على شرق ليبيا خليفة حفتر بنفس الشعور، وظهر مرتعدا يهدد بعد فترة غياب وصيام عن التصريحات.

حفتر، تحدث عن طرح "مبادرة مصالحة وطنية" بليبيا، بدون بنود حقيقية، كأن الهدف هو الظهور في حد ذاته وإجراء مناورة لإثبات وجوده في المشهد الليبي، ما أثار تساؤلات حول قلقه من ثورة سوريا وخسائر حليفته روسيا هناك.

مبادرة حفتر كانت غامضة، وبلا بنود، لذا لم تكن مصالحة بالمعنى الحقيقي وإنما مجرد تصريحات عامة حول ضرورة "المصالحة الشاملة"، أعلنها يوم 11 ديسمبر/ كانون الأول 2024 بعد 4 أيام من سقوط حكم بشار الأسد، وكررها في خطاب عيد استقلال ليبيا يوم 24 ديسمبر.

حاول خلالها إظهار أنه مع المصالحة الشاملة وليس رافضا لها، في مؤشر لقلقه أن ينال مصير الأسد، وفي الوقت ذاته، أصر على الظهور متسلحا بجيشه الانفصالي في شرق ليبيا، وبعلاقته مع حلفائه الروس، الذين بدأوا نقل قواعدهم من سوريا لمناطق سيطرته.

أين المبادرة؟

حديث حفتر جاء خلال اجتماع تشاوري في بنغازي (شرق) مع رئيس لجنة الاتحاد الإفريقي للمصالحة الليبية، رئيس الكونغو برازافيل، ديني ساسو نغيسو، يوم 11 ديسمبر 2024، أكد فيه أنه سلمه مبادرة جديدة للمصالحة، دون تفاصيل.

قال إنه سيتحدث عن تفاصيلها مساء 24 ديسمبر تاريخ احتفال ليبيا بالعيد 73 للاستقلال عن الاستعمار الإيطالي، ولكن الذكرى مرت وهو يتحدث عما يقلقه من مخاطر بشأن انقسام ليبيا وتدخل قوى أجنبية فيها.

ورغم ترويج الصحفي والنائب الموالي للسلطات المصري مصطفى بكري، والذي زار حفتر بمدينة بنغازي، لما أسماه "لا حديث في ليبيا إلا عن مبادرة المصالحة الوطنية التي طرحها حفتر لإحداث توافق وطني ينهي الحالة الراهنة"، إلا أن قائد شرق ليبيا لم يعلن جديدا.

فلم يفصح حفتر عن فحوى أي مبادرة جديدة، واكتفى بالقول يوم 11 ديسمبر أنه نقل عن رئيس الكونغو إشادته بـ "مبادرة طرحها" هو، مؤكدا أنها تمثل خطوة مهمة نحو تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة.

إعلام الجنرال الليبي الانقلابي، قال إن خليفة حفتر قدم "مبادرة جديدة تهدف إلى ضمان نجاح المصالحة الوطنية الشاملة"، أثناء لقائه رئيس جمهورية الكونغو دينيس ساسو نغيسو.

والأخير، جاء للقادة الليبيين من أجل حشد الدعم لمبادرة إفريقية حول المصالحة في ليبيا من منظور رؤية الاتحاد الإفريقي، عبر جمع الليبيين في مؤتمر جامع للمصالحة في يناير/كانون الثاني 2025 في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. 

ومع أن حفتر عدّ مبادرته من "الأسس الرئيسة التي يمكن البناء عليها لتوحيد الليبيين، وتحقيق الاستقرار في البلاد"، فلم يذكر إعلام حفتر ولا هو في كلمته العامة أي تفاصيل، سوى ما أعلنه رئيس الكونغو.

لذا، قال معلقون ليبيون إن ملخص المبادرة الجديدة لحفتر لا يختلف عما طرحه سابقا، من تصريحات عامة للاستهلاك المحلي، ولا يختلف عما يردده بقية الساسة الليبيين، بشأن توحيد الليبيين ونبذ الفرقة وعدم الارتهان لجهات خارجية، برغم أن حفتر هو من يفعل ذلك.

وفي ذكرى يوم الاستقلال، اكتفي "حفتر" بتوجيه التهم للحكومات الليبية المختلفة منذ ثورة 2011، بالفشل، وانتقد المبادرات التي تم طرحها للوحدة، ومع أنه ظهر للحديث عن مبادرة للمصالحة.

قال إن "جميع المساعي والمبادرات السالفة والحالية فاشلة واستهلكت جهدا مضنيا ووقتا ثمينا لبناء دولة نرى أن الواقع يشهد فشلها".

وأكد أن "الحل الحقيقي الآن هو تكاتف الجهود المحلية والدولية على حد سواء للعمل على مشروع جاد يتجنب تكرار التجارب الفاشلة السابقة، ونحن على استعداد لدعم هذا المشروع وتبنيه".

الأغرب أن حفتر هاجم ذكرى الاستقلال الذي ألقى خطابه فيه ليدعو لمبادرته للوحدة والمصالحة، متسائلا: "كيف لنا أن نحتفل بالاستقلال في دولة تصدعت أركانها وأساساتها وتحولت إلى حقل تجارب فاشلة وصراع من أجل السلطة".

لذا رد عليه رئيس وزراء حكومة الوحدة بطرابلس عبد الحميد الدبيبة في خطابه بذكرى الاستقلال قائلا إن "زمن السياسيين والعسكريين الفاسدين الذين حولوا ليبيا لساحة لتصفية الحسابات الدولية قد ولى"، في إشارة ضمنية واضحة لحفتر.

وأكد الدبيبة أن "ليبيا انتزعت استقلالها ولم يُمنح لها من أحد"، ودعا في كلمته إلى "اعتماد دستور (رفضه حفتر من قبل) ينهي المراحل الانتقالية وينظم الحياة السياسية، وطرحه للاستفتاء، وعدم تغييب إرادة الشعب".

والتزمت سلطات طرابلس، ممثلة في المجلس الرئاسي، و"الأعلى للدولة" وحكومة الوحدة، الصمت حيال إعلان حفتر مبادرة المصالحة الشاملة، وتجاهلها الجميع، بحسب صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية. 

وقال الصحفي والإعلامي الليبي "جلال القبي"، ساخرا من قول حفتر: كيف لنا أن نحتفل بالاستقلال؟: "نعم... كيف لنا أن نحتفل بالاستقلال وهذا الصعلوك، فرط في الدولة بالرخيص وقسمها بين الدول الداعمة له على طبق من ذهب لتمكينه وعائلته من حكم ليبيا".

"وكيف لنا أن نحتفل بالاستقلال والبوارج والطائرات الحربية الروسية تنقل معداتهم من قواعدها في سوريا إلى قواعدهم في شرق وجنوب ووسط البلاد".

ورقة ابتزاز

الصحفي والخبير في الشأن الليبي "علاء فاروق" علق على مبادرة حفتر للمصالحة قائلا إن "ملف المصالحة الوطنية في ليبيا تحول من هدف وطني لورقة ابتزاز وتصفية حسابات ومناكفات سياسية".

وأوضح لـ "الاستقلال" أن كل طرف من القادة في ليبيا يريد "اختطاف الملف لتوظيفه لصالحه وتحقيق طموحاته المناطقية والشخصية".

وأكد أن "خليفة حفتر ليس بعيدا عن هذا الأمر، فهو أراد أن يستحوذ على ملف المصالحة الوطنية لعدة أسباب"، منها: 

سحب البساط من تحت أقدام المجلس الرئاسي، المكلف أصلا بحسب اتفاق جنيف بملف المصالحة، ومحاولة احتواء أتباع نظام القذافي السابق، خاصة من العسكريين ورجال الأعمال وضمان تأييدهم وأصواتهم الانتخابية له.

وأضاف أن حفتر أراد أيضا بطرح هذه المبادرة، محاولة ضرب مشروع "سيف الإسلام القذافي"، نجل زعيم ليبيا الراحل، "وإبعاده عن ملف المصالحة ومحاولة إخراجه من السباق الرئاسي واغتياله سياسيا".

وكان سيف الإسلام القذافي قال إنه يجب إنهاء الانقسام الحكومي والعمل على إطلاق مصالحة وطنية بإشراف شيوخ القبائل الليبية من غير تدخل خارجي.

من هذه المنطلقات، يرى الخبير في الشأن الليبي، "علاء فاروق"، أن مبادرة المصالحة الوطنية التي أطلقها حفتر "هي محاولة إثبات وجود وسيطرة داخليا، وتصدير صورة للمجتمع الدولي أنه رجل تصالحي وأنه تخلى عن التصادمية".

وكان لافتا أن خطاب حفتر حول مبادرة المصالحة الوطنية جاء بعد أيام قليلة من طرح المبعوثة الأممية بالإنابة، ستيفاني خوري، مبادرة جديدة لحل أزمة ليبيا عبر "تشكيل لجنة استشارية لحل الخلافات العالقة والقوانين الانتخابية" وتشكيل "حكومة جديدة".

لذا تساءل محللون عما إذا كان هناك رابط بين انتقاد حفتر "جميع مبادرات المصالحة السابقة والحالية" وهجومه عليها، وبين المبادرة الأممية، وهل قصد بمبادرته محو مبادرة "خوري"؟ أم لإبراز أن مبادرته أهم، وهي الحل؟

لماذا لا يبدأ بنفسه؟

كان حديث حفتر عن مبادرة المصالحة مثار انتقادات عديدة له من جانب أطراف سياسية وحقوقية ليبية، من زاويتين:

الأولى، أنه تحدث عن توحيد الليبيين وإنهاء الانقسام، بينما هو يعتقل ويسجن خصومه في شرق ليبيا.

والثانية، أنه انتقد تحويل ليبيا لحقل تجارب لقوى أجنبية تدخلت فيها، بينما هو المسئول الأول عن ذلك، وهو من جلب قوى ودول ومرتزقة أجانب لليبيا.

لذا هاجم ليبيون حفتر وما أعلنه بشأن مبادرة مصالحة، وحديثه عن تحويل ليبيا لحقل تجارب فاشلة، مؤكدين أنه هو الذي "سلم البلاد للمصري والروسي والإماراتي وغيرهم".

وأشار إلى هذا الناشط الحقوقي "ناصر الهواري" عبر قناة "الليبية" متسائلا: عن أي مصالحة يتحدث حفتر وأبناؤه، وسجونهم السرية والعلنية ممتلئة بآلاف المعتقلين والمختفين قسرا؟! 

وكتب الصحفي الليبي "أسامة علي" في صحيفة "العربي الجديد" يسأل: “أي مصالحة يتحدث عنها حفتر؟” ساخرا من مبادرته بشأن المصالحة التي أفصح عنها خلال زيارة الرئيس الكونغولي لبنغازي.

وقال إن حفتر قام بهجومه على طرابلس 2019، بينما كان الليبيون يتحضرون لمؤتمر غدامس الجامع، فأدخل البلاد في حرب لم تُبق أخضر ولا يابسا لمدة عام ونصف.

ثم ذهب لإطلاق حربه في بنغازي التي لم يقبل فيها أي دعوة للحوار طيلة سنواتها الأربع، ولا تزال 10 آلاف أسرة بنغازية مشردة ويرفض رجوعها لمنازلها.

مشددا على أن الليبيين لا يزالون يتذكرون كيف أعلن حفتر انقلابه عام 2014 على الشرعية والإعلان الدستوري، وتوعد بإنزال دباباته وسط العاصمة طرابلس.

للمفارقة، يقول "على"، قدم حفتر مبادرته للمصالحة، بالتزامن مع حث ستيفاني خوري، حفتر والأطراف المسلحة الأخرى على الإفراج الفوري عن جميع المحتجزين تعسفيا في سجونهم، وضرورة تمكينهم من الوصول إلى القضاء.

وتعجب الصحفي الليبي كيف يحاول عسكري ملفه الجنائي متخم بالجريمة والقتل والاختطافات (خليفة حفتر) أن يتحدث عن مصالحة، بل وبناء وطن مستقر وآمن"؟!

وقال: أي منطق مصالحة سيتحدث حفتر به لأهالي مئات المدنيين المفقودين داخل مقابره الجماعية في ترهونة؟ 

وأضاف: أي مصالحة وبناء لـ "الوطن" والعشرات من أسر ضحايا حروبه في بنغازي لجأوا للمحاكم الأميركية لتقديم شكوى ضده لمعرفتهم بأنه يحمل الجنسية الأميركية؟

وكان رئيس حزب التغيير جمعة القماطي، قال لموقع ليبيا أوبزرڤر، في إشارة لـ "حفتر": لا يمكن لمجرم حرب أن يكون شريكا في أي مصالحة وطنية أو عملية سياسية في ليبيا".

وقال مفتي عام ليبيا، الشيخ الصادق الغرياني، إن "المصالحة المخالفة للشريعة حرام، والمصالحة مع حفتر دون رد الحقوق يعد استخفافا وتلاعبا بالعقول ومجرد تلميع لحفتر وعلى من يسعى فيها من مهجري المنطقة الشرقية الكف عن ذلك".

وتساءل في "برنامج الإسلام والحياة" على قناة التناصح المحلية: "كيف يمكن لحفتر أن يتحدث عن المصالحة دون أن يعتذر للشعب، لماذا لا يبادر بالإفراج عن المعتقلين ظلماً ويعترف بجرائمه التي اقترفها؟".

وأشار إلى أن "حفتر استجلب الاحتلال ومنحه قواعد في جنوب ليبيا والجفرة والقرضابية، حتى أصبح هو وجماعته لا يملكون دخولها إلا بإذن المحتل".

ووصف الشيخ الغرياني ما يسمى مشروع المصالحة التي يطلقها حفتر ويدعمها الأميركان بأنه استمرار في التآمر على ليبيا ولكن بصورة جديدة، مؤكدا أنهم إذا أرادوا المصالحة فليتركوا الفرصة للناس كي يختاروا من يحكمهم من خلال الانتخابات.

وكانت مصر، التي لا تزال تتحفظ على ثورة سوريا، وتعيش حالة من القلق منذ انتصار الثوار الإسلاميين في سوريا، دعمت مبادرة حفتر ضمنا وأطلقت إعلاميي السلطة- خاصة مصطفي بكري- للترويج لها.

معسكره انقلب عليه

يري محللون ليبيون أن أحد أسباب مبادرة حفتر الوهمية للمصالحة، هي انقلاب بعض أفراد معسكره الحربي ضده بعدما فتح شرق ليبيا للقوات والمعدات الروسية الهاربة من سوريا لتتمركز في الأرض التي يسيطر عليها.

يوم 22 ديسمبر 2024 نقل موقع "ليبيا أول بأول" عن مصدر عسكري تأكيد انشقاق واستقالة الجنرال حسن الزادمة آمر الجنرال 128 عما يسمى بـ "الجيش العربي الليبي" التابع لخليفة حفتر، إثر تجدد الخلاف بين الجنرال حسن الزادمة وصدام نجل خليفة حفتر.

وأكد أن خلافهما بسبب أماكن تواجد القوات الروسية والقوات السورية (الهاربة التابعة لبشار) القادمة إلى قاعدة الجفرة وقاعدة الخادم حيث تم منح عدد من مقرات ومعسكرات الجنرال 128 في الجفرة للقادمين الجدد من سوريا.

وبحسب هذا "المصدر العسكري" يحاول حفتر تهميش الجنرال حسن الزادمة، وتصعيد نجله صدام بدلا منه بسبب كبر سنه (83 عاما) ومرضه، والتصدي لحالة الاحتقان في مناطق نفوذ حفتر بسبب عمليات القتل والسجن غير المبررة.

وقد أكد "آمر قوة الإسناد بعملية بركان الغضب"، ناصر عمار، استقالة حسن الزادمة أحد قادة حفتر، متوقعا استقالات أخرى "ستكون مفاجئة لمليشيات حفتر".

"عمار"، أشار، عبر "فيس بوك"، إلى وجود احتقان داخل صفوف قوات حفتر سيسبب انهيارا في معنويات مليشياته، وقد يقوم الكثير من القادة والجنود بالانسحاب في أي اصطدام مع قوات الجهة الغربية (حكومة طرابلس).

وأوضح "ناصر عمار" أن حفتر استعان بالمرتزقة الروس والسوريين والأفارقة لعدم ثقته في تركيبة قواته من الليبيين.

وقد أكد الصحفي الليبي "عماد فتحي" هذه "الإشكالية" أيضا داخل معسكر حفتر، بين الجنرال المنشق حسن الزادمة وعائلة حفتر، بعدما غضب الأول واستقال لأن حفتر تعهد بمنح معسكراته في الجفرة وسرت للقوات العسكرية الروسية.

وأشار إلى اشتباكات مسلحة جرت في سرت، بين عناصر تابعة للواء 128 التابع لحسن الزادمة، والكتيبة 77 بقيادة محمد المزوغي، الموالية لصدام حفتر.

وأن عناصر الجنرال 128 تمكنت من السيطرة على مقرات الكتيبة 77 بعد فرار المزوغي، الذي لجأ إلى موقع للفيلق الإفريقي الروسي، بناء على تعليمات من صدام حفتر.

وقد كشفت وكالة "نوفا" الإيطالية في 24 ديسمبر 2024، أن استقالة قائد الجنرال "حسن الزادمة"، مرتبطة بالخلافات والصدام بينه وبين صدام حفتر، حول النفوذ والسياسة في المنطقة.

"وكذلك التدخل الروسي هناك وصدام قوات الزادمة بمرتزقة "الفاغنر" الروس خاصة في قاعدة "القرضابية"، وفق الوكالة الإيطالية.

وعقب انهيار نظام بشار الأسد وحديث الرئيس الروسي بوتين عن تحويل قواعد روسيا في سوريا إلى قواعد لـ "نقل المساعدات"، سحبت روسيا معدات عسكرية وسفن حربية من سوريا إلى ليبيا.

ونشرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، في 18 ديسمبر تفاصيل كثيرة حول الانسحاب العسكري الروسي من سوريا، ونقل أنظمة دفاع جوية وأسلحة متقدمة إلى ليبيا، في محاولة للحفاظ على وجودها العسكري في الشرق الأوسط بعد انهيار نظام الأسد.

وفيما يبدو تأكيدا لهذه الأنباء، قال رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة إن ليبيا كدولة ذات سيادة "لن تقبل التدخل في شؤونها الداخلية، أو أن تتحول أراضيها إلى ملاذ للعناصر العسكرية الهاربة".

وشدد، عبر منصة "إكس": "لن نسمح باستخدام بلدنا ساحةً لتصفية الحسابات الإقليمية أو الدولية، ولن تكون أراضينا ورقة ضغط في أي صراع".

وتقول المصادر الليبية: إن حفتر وأبناءه رفضوا استقالة آمر الجنرال 128 حسن الزادمة وتمت ترقيته إلى رتبة فريق من أجل عدوله عن الاستقالة، ورضخت عائلة حفتر لمطالب الزادمة، والخلافات في طريقها إلى الحل، بعد وساطة الإمارات بينهما.

وأن عائلة حفتر تعهدت للزادمة بعدم منح معسكراته في الجفرة وسرت للقوات العسكرية الروسية، فقرر سحب استقالته والعودة لسابق عمله آمرا للواء 128 معزز التابع لصدام حفتر.

وجاءت هذه الخلافات مع زيادة الوجود العسكري الروسي في ليبيا، خاصة بعد سقوط النظام السوري، وهذا ما يعارضه حسن الزادمة.

سبب آخر لتقديم الزادمة استقالته، يرجع لخلافات مستمرة بينه وبين نجل آخر لحفتر، هو خالد حفتر، بدأت يناير 2024، للسيطرة على مناجم الذهب في الجنوب والتي تطورت لمواجهات مسلحة، وفق المصادر الليبية.

ويقول الصحفي الليبي "عماد فتحي" إن مليشيات حفتر انسحبت من مناجم الذهب لصالح الزادمة، ويصف ذلك بأنه ربما "يعكس تحولا إستراتيجيا يعيد ترتيب موازين القوى على الأرض".

ورأى "فتحي"، عبر إكس، أن هذا "يعد خطوة أولى في مشروع يهدف إلى تقليص نفوذ عائلة حفتر تدريجيا بموافقة وترتيبات إقليمية تقودها تركيا، وبما يضعف قبضتهم على المشهد السياسي والأمني في ليبيا".

ورغم كل ذلك نشرت صحيفة "العنوان" الليبية، الموالية لحفتر، صورة تجمع صدام خليفة والجنرال حسن الزادمة وقالت إن ما يقال عن خلافاتهما "شائعات في وسائل التواصل الاجتماعي".

ما علاقة ثورة سوريا؟

في خطابه حول المصالحة، بمناسبة ذكرى استقلال ليبيا، ألمح الجنرال خليفة حفتر لثورة سوريا وانتصار الثوار الإسلاميين، وبدا كأنه يتحسس رأسه، وهو يعرب عن خشيته من استمرار سقوط الطغاة، مثل بشار الأسد دون ذكر ذلك علنا.

وبدلا من حديث حفتر عن المصالحة تحدث عن "المتغيرات الخطيرة التي تجتاح المنطقة"، في إشارة واضحة لقلقه من ثورة سوريا.

تبدل حديثه إلى تهديد الجميع وأظهر قلقه مما يجري في المنطقة، وكأنه يتحسس رأسه، ويتخوف من مصير "الأسد".

وقال إن جيشه (شرق ليبيا) "يراقب التطورات الخطيرة التي تجتاح المنطقة وعلى درجة عالية من اليقظة والجاهزية لحماية مكتسباتنا".

وهو ما دعا ليبيين للقول إن إعلان حفتر استعداد قواته لدعم أي مشروع وطني يشير إلى رغبته في الحفاظ على موقعه كلاعب أساسي، وأنه ظهر ليحذر من أي محاولات لتهميشه وإبعاده عن الصورة مثل بشار الأسد.