إنشاء اليونان حدائق في مناطق النزاع.. كيف يؤثر على علاقتها الهشة بتركيا؟

منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

سلطت وكالة الأناضول التركية الضوء على الحدائق البحرية التي تريد اليونان إقامتها في البحر الأيوني وبحر إيجه، متحدثة عن الضرر الذي ستلحقه بالعلاقات مع أنقرة.

وأعلنت وزارة الخارجية اليونانية أن أثينا ستعلن عن حديقتين بحريتين جديدتين، واحدة في بحر إيجه والأخرى في البحر الأيوني، وذلك خلال "مؤتمر محيطاتنا" الذي عقد في العاصمة اليونانية يومي 16 و17 أبريل/ نيسان 2024.

ما الهدف؟

وكان الهدف الأساسي من المؤتمر هو حماية البحار وتحقيق إدارة مستدامة لها لكنه تحول إلى عرض لإحياء القانون السيادي لليونان وتحقيق مصالحها السياسية من خلال المشاريع المقترحة والقرارات المتخذة، وفق ما يقول الكاتب التركي "سويالب تامتشيليك".

وأضاف: تشير الحكومة اليونانية إلى أنه يجب اتخاذ تدابير قانونية وتقنية وسياسية لحماية الموارد الطبيعية في البحار وتحقيق النمو الاقتصادي. 

ومع ذلك، تواجه اليونان تحديات في تحقيق هذه الأهداف، خاصة فيما يتعلق بالسيادة على المناطق المعنية. 

ويبدو أن اليونان تسعى لتأسيس نظام مؤسسي في المناطق المحيطة ببحر إيجه، وهو ما قد يُفسر على أنه محاولة لإنشاء وضع فعلي يعزز سيطرتها في هذه المناطق.

وهذا الأمر قد يثير قضايا قانونية دولية خاصة إذا كانت هذه الأعمال تجرى في مناطق يُعتقد أن لها وضعًا متنازعًا عليه أو تفتقر إلى الأساس القانوني الواضح.

وأشار الكاتب التركي إلى أنه من المعروف أن اليونان تحاول منذ فترة طويلة الاستفادة من كل منصة تقريبًا في سياق قضايا بحر إيجه المعلقة. 

وعلى الرغم من المناخ الإيجابي الأخير في العلاقات بين البلدين، يبدو أن اليونان تستغل القضايا البيئية هذه المرة.

ومن خلال الحديث عن إنشاء حديقتين بحريتين، تهدف اليونان إلى الظهور بمظهر صديق للبيئة وزيادة سيطرتها في بحر إيجه، وفق الكاتب.

وعلى الرغم من أنه لم يعلن رسميا عن موقع الحديقة البحرية التي سيتم إنشاؤها في بحر إيجه، إلا أنه وفقا للصحافة اليونانية، جرى الإشارة إلى أن الجزء الأول يمتد من غرب جزيرة ميلوس إلى جزيرة نيسيروس ويشمل 11 جزيرة ويغطي مساحة 3000 ميل مربع. 

ويغطي هذا الجزء منطقة تبدأ من جنوب بحر إيجه وتستمر في اتجاه الجنوب الشرقي، وتمتد حتى مقابل شبه جزيرة داتشا في غرب الأناضول التركي. 

ويقال إن الجزء الثاني يبدأ من شمال جزيرة كيفالونيا في البحر الأيوني ويمتد إلى جزر كيثيرا وأنتيكيثيرا ويغطي أكثر من 5000 ميل مربع. 

وقد صرح وزير البيئة والطاقة اليوناني ثيودوروس سكيلاكاكيس بأن هذه المناطق ستحمل صفة الحديقة الوطنية وستصبح قانونية في بداية العام 2025.

وبناء على ذلك، يمكن لليونان أن تبدأ من الحدود الخارجية لجزر إيونيا وتمتد إلى حدود جزر كريت ورودس، ومن ثم تصل إلى الشريط الساحلي لغرب الأناضول وعلى هذا الخط يمكنها في أوقات وأماكن مختلفة إنشاء حدائق بحرية مختلفة. 

وعلق الكاتب التركي: "تعتقد اليونان أنها يمكن أن تحصل على ما لم تتمكن من الحصول عليه من قبل بهذه الطريقة كحامٍ للنظام البيئي".

ضرر للعلاقات

وبدورها، أكدت أنقرة أن اليونان تعقّد الأمور من خلال إنشاء حدائق بحرية في مناطق رمادية متنازع عليها سياديًا.

وذكر الكاتب التركي أنه لن يشكل إنشاء اليونان لأول حديقة بحرية في الحدود الخارجية للجزر في البحر الأيوني مشكلة بالنسبة للاتحاد الأوروبي. 

ولكن لا ينطبق الأمر على الحدائق البحرية التي ستقام على الحدود الخارجية لجزر كريت ورودس وخط غرب الأناضول في بحر إيجه، حيث إنه سيؤدي إلى توترات محتملة مع تركيا، وهكذا لن يستطيع الاتحاد الأوروبي أن يظل محايدا في هذه العملية.

ومن الواضح أن اليونان تضر بالصداقة التركية اليونانية من خلال خلق وضع فعلي، أي وضع أنقرة تحت الأمر الواقع. 

ولفت وزير الخارجية اليوناني جيورجوس جيرابيتريسيس الانتباه إلى أن اليونان وتركيا لم تتخليا عن مبادئهما الأساسية بموجب إعلان أثينا الموقع بين البلدين في 7 ديسمبر/كانون الأول 2023 والذي يتعلق بالعلاقات الودية وحسن الجوار. 

وبين أن إعلان حديقة بحرية في بحر إيجه يتعلق باستخدام الحقوق السيادية وأن هذا الأمر غير قابل للنقاش.

وعلاوة على ذلك، قد تثير قبرص الجنوبية في هذه الحالة مسألة إعلان مناطق المتنزهات البحرية حول الجزيرة وخاصة قبالة ساحل بافوس، وستكون الحجة أيضا حماية البيئة.

وبناء على ذلك، ليس من الصعب تخيل ما يمكن أن يحدث إذا جرى دمج مناطق حماية المتنزهات البحرية في بحر الجزر وشرق البحر الأبيض المتوسط وإنشاء مفهوم أمني جديد تحت اسم درع الحماية، وفق الكاتب. 

وأوضح أنه "في القانون الدولي يعد إعلان المتنزهات البحرية نوعا من المناطق البحرية المحمية. وتعني خطوة اليونان هذه أنه يمكنها اتخاذ الترتيبات القانونية وإجراء عمليات التفتيش في هذه المناطق".

وحقيقة أن أثينا لديها مثل هذه القوة مع المتنزهات البحرية التي أعلنتها ستعني أن اليونان ستخلق وضعا جديدا وأمرا واقعا في بحر الجزر وتطالب بالسيادة. 

لهذا السبب ستحظر اليونان الصيد بشباك الجر القاعية في المناطق البحرية المحمية بحلول عام 2030.

وبالتالي، يمكن القول إن الحوار الذي سيتم إقامته بين اليونان وتركيا على أساس الحدائق البحرية مهم بقدر أهمية بحر إيجه لمستقبل البحر الأبيض المتوسط الشرقي. 

ولذلك، يوضح الكاتب أن اتخاذ صانعي القرار السياسي اليوناني قراراتٍ تضغط على العلاقات في فترة يتم السعي فيها للتقريب بين الشعبين ليس صحيحًا.

وأشارت وزارة الخارجية التركية إلى أن اليونان تستغل شعور الأمان الذي يُراد إنشاؤه بذريعة الحديقة البحرية، وتحاول تغيير وضع الجزر الكبيرة والصغيرة والصخور التي لم تُنقل سيادتها إلى اليونان بموجب الاتفاقيات الدولية، وأن الوضع الفعلي الذي يُراد إنشاؤه غير مقبول. 

وأكدت في بيان أن تركيا "لن تقبل الأمر الواقع الذي قد تفرضه اليونان على المعالم الجغرافية المتنازع عليها".

وبدورها، وصفت وزارة الخارجية اليونانية تصريحات نظيرتها التركية بأنها "تسييس لموضوع بيئي". 

ومن هنا يتضح أن اليونان في وضع يمكّنها من استخدام القضايا البيئية لمصالحها الوطنية والجيوسياسية.

وفي فترة يتم فيها اتخاذ تدابير لزيادة الثقة من أجل تطبيع العلاقات التركية اليونانية، لن يكون تعطيل هذه العملية في مصلحة أحد، وفق الكاتب.