نهاية حرب السودان.. هل تلوح بالأفق مع تقدم الجيش ودعم التيار الليبرالي؟

منذ ١٠ أيام

12

طباعة

مشاركة

بعد سنتين من الحرب المدمرة في السودان، بدأ بصيص من الأمل يلوح في الأفق، مع تحقيق قوات الجيش السوداني تقدما ملحوظا مدعوما بالتيار الليبرالي. بحسب مجلة "فورين بوليسي" الأميركية.

ففي الأسابيع الأخيرة، استعادت القوات السودانية أراضي شاسعة في ولايتي سنار والجزيرة، مقتربة بذلك من العاصمة الخرطوم؛ حيث تمكنت من كسر الحصار المفروض على مقرها.

وفي 11 يناير/ كانون الثاني، أعلن الجيش السوداني عن استعادته مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، بعد نحو عام من سيطرة قوات الدعم السريع عليها.

وفي وقت لاحق، اعترف قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بخسارته لـ "ود مدني"، لكنه وصفها بأنها "مجرد خسارة لجولة وليست خسارة للمعركة".

وكان لتحرير "ود مدني"، عاصمة ولاية الجزيرة، من قبضة قوات الدعم السريع، تأثير كبير في نفوس السودانيين؛ حيث عمت الاحتفالات أرجاء البلاد، ليشعل هذا التحرير شعلة الأمل في العودة إلى ديارهم بعد سنوات من التهجير والمعاناة.

وفي 6 فبراير/شباط، أفادت "منصة نداء الوسط" الشعبية ووسائل إعلام محلية، من بينها صحيفة "السوداني" الخاصة، بأن قوات الجيش السوداني سيطرت بالكامل على بلدات المسيد والنوبة والتيي في ولاية الجزيرة.

وبذلك، يقترب الجيش السوداني من مدينة جياد، التي تعد آخر معقل لقوات الدعم السريع، بالإضافة إلى مدينة "أبو قوتة" التي تبعد 50 كيلومترا عن الخرطوم.

تطور جديد

وبينما ينسب مراقبون دوليون هذه المكاسب إلى الدعم الإقليمي؛ حيث تدعم مصر وقطر وإيران الجيش السوداني، بينما تدعم الإمارات وتشاد قوات الدعم السريع، فإن هناك بعدا حاسما لكنه غير مستكشف تماما.

"هذا البعد يتجلى في تطور جديد تمثل في تعبئة الناشطين الديمقراطيين الشباب السودانيين، الذين كانوا في السابق من أشد منتقدي الجيش"، وفق المحاضر السابق في "الجامعة الوطنية" السودانية، ياسر زيدان.

وقال زيدان، في مقال نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأميركية: إن "بعض هؤلاء الناشطين حملوا السلاح ضد قوات الدعم السريع، معتبرين أن المليشيا تمثل التهديد الأكبر لسيادة السودان ومستقبله".

وأضاف: "لقد صور المجتمع الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، الحرب على أنها صراع بين فصيلين متساويين في المسؤولية، ومع ذلك، أصبحت هذه السردية تواجه صعوبة متزايدة في إثبات مصداقيتها".

وأكد أن "القرار الأخير الذي اتخذته إدارة الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، بأن قوات الدعم السريع ارتكبت أعمال إبادة جماعية، إلى جانب فرض عقوبات على قادة القوات المسلحة السودانية، بما في ذلك الجنرال عبد الفتاح البرهان، لا يعكس حقيقة الوضع المعقد على الأرض".

وقال: "في الواقع، قد تؤدي العقوبات التي فرضتها إدارة بايدن على البرهان إلى نتيجة غير متوقعة تتمثل في تعزيز قبضته على السلطة، وفي الوقت نفسه، تزداد شعبيته بين السودانيين، مع استمرار الجيش في تحقيق مكاسب على حساب قوات الدعم السريع".

وأوضح أن "بالنسبة للناشطين الشباب، تمثل قوات الجيش السوداني مؤسسات الدولة الشرعية للسودان، رغم عيوبها، بينما يُنظر إلى قوات الدعم السريع بصفتها مليشيا مدعومة من الخارج، مسؤولة عن جرائم شنيعة تشمل النهب والقتل والعنف الممنهج".

وأشار إلى أن "الكثير من الناشطين الذين انضموا الآن إلى الجيش السوداني هم أعضاء في منظمات شعبية مثل لجان المقاومة".

ومنذ عام 2019، كانت هذه المجموعات تخرج في احتجاجات ضد الحكم العسكري، رافضة أي نوع من تقاسم السلطة مع الجيش.

ومع ذلك، فإن اندلاع الحرب في أبريل/نيسان 2023، أجبر هذه المجموعات على إعادة تقييم أولوياتها، بحسب المقال.

"وبالنظر إلى التهديد الوجودي الذي تمثله قوات الدعم السريع، اصطفت العديد من هذه المجموعات إلى حد كبير مع الجيش السوداني، مؤكدة على ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة كشرط أساسي لأي انتقال ديمقراطي مستقبلي".

سد الفراغ في الجيش

وجدير بالذكر أن في المراحل الأولى من الحرب، أنشأت قوات الجيش السوداني مراكز للتجنيد والتدريب الطوعي في جميع أنحاء السودان؛ لسد نقص قوتها البشرية.

"وبعد أن كان يعتمد على قوات الدعم السريع كقوات مشاة له قبل اندلاع الحرب، واجه الجيش فجوة حرجة بعد تمرد "الدعم السريع"، ومن هنا، تدخلت المجموعات الثورية الشبابية، التي كانت في السابق من أبرز منتقدي الجيش السوداني، لسد هذا الفراغ".

وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحرب، ظهرت نقاشات بين أولئك الذين عدوا الحرب محاولة لتدمير الدولة، وآخرين رأوا أنه لا فائدة منها.

"ومع ذلك، انتهى الأمر بالغالبية إلى الانحياز إلى الجيش السوداني عندما بدأت قوات الدعم السريع في استهداف المدنيين والأقليات العرقية بشكل علني"، وفق المقال.

وقال زيدان: "إن تأطير المجتمع الدولي للحرب بصفتها صراعا على السلطة بين جنرالين، هو تصور يتجاهل دور هؤلاء الناشطين الشباب وطموحاتهم، فبالنسبة لهم، الحرب ليست مجرد صراع على السلطة؛ بل هي معركة من أجل وجود السودان ذاته".

على سبيل المثال، فإن مجموعة المقاومة المسماة "غاضبون"، التي تشكلت في الأصل لمعارضة الحكم العسكري، انتقدت المواقف الإقليمية والدولية التي تجاهلت مؤسسات الدولة التي تواجه تمردا غير مسبوق من قِبل مليشيا إرهابية.

وفي بيان لها نشرته على الإنترنت، دعت المجموعة الولايات المتحدة إلى تصنيف قوات الدعم السريع منظمةً إرهابية.

وأضاف زيدان أن "تصرفات الناشطين السودانيين الشباب تثبت حقيقة لا يمكن إنكارها، وهي أن الديمقراطية في السودان لا يمكن أن تزدهر دون إنشاء مؤسسات دولة قوية".

وتابع: "يتعين على إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أن تنأى بنفسها تماما عن النهج السلبي للإدارة السابقة، التي تعاملت مع الأطراف المتصارعة على أنها سببا في الأزمة بالقدر نفسه، وتجاهلت أصوات المواطنين السودانيين على الأرض، الذين ما زالوا يقفون إلى جانب مؤسسات الدولة".

وأردف: "لقد أثبت التاريخ أن انهيار الجيوش الوطنية، كما حدث في ليبيا واليمن، غالبا ما يعقبه حالة من الفوضى وعدم الاستقرار".

وختم قائلا: "لكن من خلال تبني ورعاية الرؤية الطموحة لهؤلاء الشباب المبدعين، يمكننا أن نقطع شوطا حاسما نحو بناء سودان ديمقراطي حقيقي؛ مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تعزيز السلام الدائم والازدهار للبلاد بأكملها".