مقلق للصين والناتو.. من هو إلبريدج كولبي العقل المدبر لسياسة ترامب الدفاعية؟
"يجب على الولايات المتحدة أن تركز جهودها على احتواء الصين"
يواصل الرئيس الأميركي المنتخب الجمهوري دونالد ترامب تشكيل فريقه الحكومي والإعلان عن أعضائه قبيل تسلمه السلطة في 20 يناير/ كانون الثاني 2024.
وفيما يتعلق بوزارة الدفاع، وقع اختياره على الخبير في سياسة الأمن القومي الأميركي، إلبريدج كولبي لمنصب نائب وكيل وزارة الدفاع للسياسة "ليكون العقل المدبر لتوجيه سياسات البنتاغون وفق إستراتيجية بعيدة المدى"، بحسب مواقع وصحف عالمية.
ويرى ترامب أن إلبريدج، خرّيج كلية هارفارد، سيشكل إضافة ممتازة لفريقه؛ كونه يحظى باحترام كبير كمدافع لسياساته الخارجية والدفاعية المتعلقة بفكرة "أميركا أولا"، وسيقود الجهود لاستعادة الجيش الأميركي لقوته.
وفي استعراضها لأبرز المواقف التي عبَر عنها إلبريدج خاصة في لقاءاته الصحفية، أكدت مجلة فورميكي الإيطالية أنه يُعد أحد الأسماء البارزة في إدارة ترامب المستقبلية.
الرؤية الترامبية
وذكرت المجلة أنها حاورت كوبلي في عدة مناسبات سابقة في مسائل أمنية، مؤكدة أن تعيينه يندرج تحت سياق "خيارات تعكس رغبة ترامب في تعزيز الموقف الأميركي في التنافس مع الصين وإعادة صياغة العلاقات مع الحلفاء وفي مقدمتهم الأوروبيون".
وقالت إن دور نائب مساعد وزير الدفاع خلال الولاية الأولى للرئيس الجمهوري "سيتمثل في رسم سياسات متوافقة مع الرؤية الترامبية وأيضا مع المسار الذي تتبعه الولايات المتحدة بالتفكير في مستقبلها على المدى البعيد".
وذلك في سياق الاهتمام الإستراتيجي المتنامي بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ؛ حيث تسعى الولايات المتحدة إلى احتواء صعود الصين وضمان الاستقرار في المنطقة، تضيف المجلة.
وقد شغل نائب وكيل وزارة الدفاع للسياسة المقبل منصب نائب وكيل وزارة الدفاع للإستراتيجية وتطوير القوات من 2017 حتى 2018 أثناء إدارة ترامپ الأولى.
ولعب دورا رئيسا في تطوير إستراتيجية الدفاع الوطني الأميركية 2018، والتي ركزت بشكل خاص على التحديات التي يفرضها صعود الصين.
ويعد إلبريدج أحد المهندسين الرئيسين لإستراتيجية الدفاع الأميركية الجديدة.
و"يُعرف بمواقفه الواضحة والعملية التي تضع المصلحة الوطنية في صدارة الأولويات وتضبط الاستخدام المستهدف للموارد الأميركية في هذا الشأن".
مناهضة الصين
ويرى مؤلف كتاب "إستراتيجية الإنكار: الدفاع الأميركي في عصر صراع القوى العظمى"، أنه “يجب على الولايات المتحدة أن تركز جهودها على احتواء الصين”، لا سيما أنها تعد التهديد الجيوسياسي الرئيس في العصر الحالي.
ويصر على أن الإستراتيجية الرابحة تكمن في منع بكين من إمكانية تحقيق نجاحات عسكرية كبيرة، خاصة في السياقات الحاسمة على غرار الأزمة في تايوان.
ودعا في مقال نشرته مجلة "فورين أفيرز" الأميركية في عام 2022 واشنطن إلى الاستعداد لحرب على تايوان قد تشنها بكين تهدف لضم الجزيرة. ويرى أن "الاستعداد هو أفضل وسيلة لتجنب الصراع مع الصين".
وخلال مقابلة مع مجلة "نيو ستيتسمان" البريطانية في يوليو الماضي، أوضح أن هدفه لا يكمن في استفزاز الصين بل الإشارة بوضوح إلى أن الولايات المتحدة مستعدة للدفاع عن الوضع الراهن.
أردفت المجلة الإيطالية أن هذا "التوازن بين الحزم والاعتدال ينعكس أيضا في حواره مع دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا، التي يعدهما شريكين أساسيين لضمان الأمن الإقليمي".
وتنقل عن العديد من المفكرين الأميركيين توافقهم في الرأي بأن "الاستعداد لصراع محتمل في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، من خلال موقف دفاعي قوي وذي مصداقية، يعد أفضل وسيلة لردع الصين عن التصرفات المتهورة والحفاظ على السلام".
وقالت إن "هذا النهج يتطلب استثمارات كبيرة ليس من الولايات المتحدة فحسب، بل أيضا من الحلفاء، سواء كانوا الأوروبيين في كتلة حلف شمال الأطلسي أو الموجودين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ".
وهنا ذكرت أنه كان قد دعا شركاء واشنطن، في بروكسل وطوكيو، في عدة مناسبات إلى زيادة إنفاقهم العسكري والقيام بدور أكثر نشاطا في الدفاع الجماعي.
"شرطي العالم"
كما أشارت المجلة إلى وجود عنصر آخر مميز في تفكير إلبريدج كولبي وهو انتقاده لميل الولايات المتحدة إلى الرغبة في أن تكون "شرطي العالم".
وكان قد أكد في مقابلة مع صحيفة "لوموند" الفرنسية في يوليو الماضي، أن واشنطن لم تعد قادرة على الحضور في كل مكان خاصة عندما يتعلق الأمر بالملفات التي يمكن للحلفاء إدارتها بشكل مستقل.
وذكرت ما أوضحه في مقابلة للمجلة الإيطالية نفسها يناير 2022 بأن على "الأوروبيين التعامل مع الملف الأوكراني، في حين تركز الولايات المتحدة على آسيا، وهذا لا يعني فك الارتباط بل إعادة توزيع الأولويات".
أي تركيز أميركي أقل على أوروبا والشرق الأوسط والمزيد من الموارد لمواجهة الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وفقا للتوجهات العامة التي طرحها ترامب في ولايته الأولى.
وصفت المجلة الإيطالية هذا التوجه بأنه يشكل "تحديا لأوروبا التي تعتزم ترسيخ نفسها كلاعب جيوسياسي عالمي، بحثا عن الاستقلال الإستراتيجي الذي يوفر فيه فك الارتباط الجزئي للولايات المتحدة فرصا".
وأضافت أن "إدارة ترامب ستتميز بنهجها العملي في التعامل مع العلاقات مع الحلفاء. وبالنسبة لبروكسل، سيمنح ذلك فرصة لإثبات قدرتها على التحرك في اتحاد بين أعضائها".
وتشرح فورميكي أن تصريحات المرشح لمنصب نائب وكيل وزارة الدفاع للسياسة "التي غالبا ما يُنظر إليها على أنها تحذير، ترمي إلى دفع الحلفاء إلى المساهمة بشكل أكبر على المستويين الاقتصادي والعملياتي" أي زيادة حجم مساهمتهم وإنفاقهم الدفاعي خاصة في صلب الناتو.
وأردفت أن تعيينه يتوافق تماما مع الرؤية الإستراتيجية لدونالد ترامب الذي أكد بالفعل خلال ولايته الأولى أهمية تغيير الدور العالمي للولايات المتحدة.
في الختام، جزمت المجلة أن كولبي، إذا ما تأكد قرار تعيينه، سيكون من بين المهندسين الرئيسين لسياسة دفاعية تهدف إلى ضمان الهيمنة الأميركية على المدى الطويل، مع إيلاء اهتمام خاص للتنافس مع الصين.