بطون خاوية ووجوه شاحبة وصرخة مليوني إنسان.. والسيسي يمنع دخول المساعدات

منذ ٦ ساعات

12

طباعة

مشاركة

ببطون خاوية ووجوه شاحبة وأجساد أضناها الجوع، يطلق الغزيون اليوم الصرخة الأخيرة لإنقاذ أكثر من مليوني إنسان، محذرين من اقتراب أكبر عملية موت جماعي في التاريخ الحديث بفعل نفاد الطعام والشراب.

وبدأت مستشفيات قطاع غزة المنهارة استقبال عشرات الفلسطينيين الذين يتعرضون لحالات إعياء شديد نتيجة التجويع الذي تفرضه إسرائيل على المنطقة المحاصرة منذ الثاني من مارس/آذار 2025. وفق ما قالت وزارة الصحة.

وأضافت في بيان أن أعدادا غير مسبوقة من المواطنين المجوعين من الأعمار كافة تصل الى أقسام الطوارئ في حالة إجهاد وإعياء شديدين، وأن المئات من الذين نحلت أجسادهم سيكونون عُرضة للموت المحتم نتيجة الجوع وتخطي قدرة أجسادهم على الصمود.

وبدورها، أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وجود مخزون غذائي في مستودعاتها بالجانب المصري يكفي لجميع الفلسطينيين بقطاع غزة لمدة 3 أشهر، وأنها تنتظر فتح المعابر الحدودية لإيصاله إلى القطاع.

وأوضحت خلال بيان في 19 يوليو/تموز 2025، أن القطاع يعاني من "نقص حاد" في المواد الغذائية والوقود والأدوية نتيجة الحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل، داعية الاحتلال للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.

وأشار المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إلى أن 650 ألف طفل (من 2.2 مليون يعيشون في القطاع) يواجهون خطر الموت بسبب سوء التغذية والجوع، في حين تواجه نحو 60 ألف امرأة حامل خطرا حقيقيا بسبب نقص الغذاء والرعاية الصحية اللازمة.

كما أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أن 112 طفلا في غزة يدخلون المستشفيات يوميا للعلاج من سوء التغذية والهزال الشديد، فضلا عن موت 620 شخصا بسبب الجوع، 70 منهم قضوا منذ يونيو/حزيران 2025.

وفي ظل المجاعة المتفاقمة وانعدام المواد الغذائية من الأسواق، يواصل الاحتلال التضييق على الفلسطينيين بالأشكال كافة؛ إذ اعتقلت البحرية الإسرائيلية 5 صيادين فلسطينيين قبالة سواحل مدينة غزة، أثناء محاولتهم صيد ما يسد رمقهم، كما يستهدف طالبي المساعدات.

ومنذ الثاني من مارس، تغلق إسرائيل جميع المعابر مع القطاع وتمنع دخول المساعدات الغذائية والطبية، ما تسبّب في تفشي المجاعة داخل القطاع، ومنع الجيش الإسرائيلي الصيد في البحر وبدأ يستهدف بالرصاص أو الاعتقال من يحاول دخوله. 

وعبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #غزة_تموت_جوعا، #غزة_الفاضحة، #غزة، وغيرها، حذّر ناشطون من العواقب الإنسانية لتفشي المجاعة في القطاع.

وصبوا جام غضبهم على رئيس وزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهاجموا رؤساء الأنظمة العربية الحاكمة واستنكروا خذلانهم لغزة، واختصوا بالذكر رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، واتهموه بالمشاركة في إبادة الفلسطينيين وتجويعهم وحصار القطاع بإغلاق معبر رفح.

وذكّر ناشطون بمواقف الرئيس المصري الراحل محمد مرسي، تجاه القطاع، واستحضروا تصريحاته المناصرة لها والتي كان أبرزها حين وقع العدوان الإسرائيلي على القطاع في 2012؛ إذ قال: "لن نترك غزة وحدها"، فضلا عن فتحه المعابر وتعهداته بحل أزمة الكهرباء فيها.

تنديد واستنكار

واستنكارا للخذلان وسط تفشي المجاعة، قال الإعلامي القطري جابر الحرمي: "لو حصار غزة وتجويع أهلها حدث في عهد الجاهلية، لَمَا قبِل كُفّار قريش ذلك.. لرفضت نخوتهم بأن يروا بنو جلدتهم - وإن كانوا مختلفين معهم - يموتون جوعا".

وأكَّد أن مروءة العربي تأبى أن يرى أخاه يتضوّر من الجوع، متسائلا: "فما بالكم أن يموت جوعا.. وهو يتفرّج عليه.."، مستطردا: "غابت العروبة.. وغاب العرب.. وانتفت النخوة والمروءة وإن بقت هياكل العرب".

وأكد الناشط يوسف أبو زريق، أن ما يحدث في غزة ليس مجاعة، وإنما إعدام جماعي ببطء، بمباركة عربية وإسلامية، قائلا: "وداعا يا أظلم أُمة عرفها التاريخ".

وكتبت آية عودة: "لولا خيانة العرب وتواطؤهم مع الصهاينة ما وصل الحال فينا لهنا ولا تجرأوا علينا بهالشكل الفج والبشع، حسبنا الله فيهم واحد واحد و عند الله تلتقي الخصوم ".

وأوضح ناجي حراج أن المجاعة في غزة تعني الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، وأن 100 بالمئة (حسب الاونروا) من السكان غير قادرين على الحصول على المواد الغذائية الاساسية.

ولفت إلى أن مئات الأطفال والمرضى قد ماتوا جوعا، قائلا: إن استمرار المجاعة في غزة، يوما آخر، يعني موت الضمير الإنساني.

وقال الباحث في العلاقات الدولية علي أبو رزق: إن جوع أطفال غزة يأتي في أكثر لحظات الشعوب بذخا وترفا وتعارفا وتواصلا، و‏في الزمن الذي بلغ فيه الإنسان من الترف أن يغمّس اللحم بالعسل، أمام الجميع وعلى الهواء مباشرة.

وأردف أن الجوع يأتي في زمن تريند المطاعم، وأنهار الشوكولاتة، واختراع البستاشيو بلبن وبحليب.

وتابع: "‏قد تكون المجاعة والإبادة أخفُّ وطئًا على الناس لو شعروا أن هناك قيامة قامت لأجلهم من أبناء شعبهم وجوارهم، لكن هذا الوضع البائس هو ما يجعل الألم اثنين والجوع ضعفين والقهر مرتين…!".

وتساءل الناشط محمد شكري: “هل هناك منطقة أخرى في العالم محاصرة مع سبق الإصرار والترصد بقصد التجويع غير غزة؟ حد عنده إجابة مؤكدة لهالسؤال؟”

وقال عبدالله الطحاوي: "لم أعلم قط حملة معلنة ومشهَرة لتجويع شعب كامل وقتله، بسبق إصرار وتعمد، أمام مرأى عالم عربي مريض وإنسانية ميتة، كما يفعل جيش الإبادة بشعب غزة".

افتحوا المعابر

وتعقيبا على إعلان الأونروا ومطالبة بفتح المعابر، تساءل الطبيب المصري يحيى غنيم: “من يستأذن البواب الذى يحرس باب المعبر ؟! أم هل تراه أعطى المفتاح للنجسياهو؟!”

ورأت زوزو بدري، أن إعلان الأونروا أن في مستودعات العريش غذاء يكفي سكان غزة ثلاثة أشهر يضع المسؤولية كاملة أمام الجيش المصري، وأمام المجتمع الدولي برمّته، قائلة: "‏لا توجد حجة عقلانية واحدة تُبرر منع دخول الغذاء لأكثر من مليوني إنسان يتعرضون للمجاعة".

‏وتساءلت: “إن لم يتمكن النظام المصري من قيادة تحالف عربي-إسلامي لإدخال الطعام إلى المحاصرين في غزة، فعن أي ريادة إقليمية يتحدث؟”

وأضافت: "إن عجز فضيلة شيخ الأزهر (أحمد الطيب) عن حشد علماء الأمة في مسيرة لفتح معبر رفح، فلا جدوى من تصريحاتٍ منمقةٍ وبياناتٍ لا تُشبع جائعًا، ولا تُنقذ طفلًا يحتضر من العطش".

وعدت بدري ‏الصمت مشاركة في جريمة إبادة لا يمكن تبريرها بسياسة أو أمن قومي أو حسابات دبلوماسية، محذرة من أن الدولة المصرية تخسر بذلك رصيدها الأخلاقي والتاريخي، وتتحوّل من دولة ذات ثقل إقليمي إلى كيان عاجز، لا يتخذ موقفًا في أشد اللحظات مصيرية.

وأضافت: "من يترك جاره يموت جوعًا، لا يحق له أن يحدثنا عن الريادة أو السيادة أو التاريخ العريق، ولا داعي إلى أن يردد علينا أحاديث الأخلاق والإنسانية".

وأشار عبدالرحيم السلمي إلى أن سكان غزة يموتون ويتساقطون في الشوراع من الجوع، متسائلا: “هل سيكلفون أنفسهم حكام العرب فتح المعابر لعبور المساعدات فقط؟”

وقال عضو حزب التجمع الوطني السعودي المعارض يحيى عسيري: "افتحوا المعابر للأونروا أهل غزة يموتون جوعًا!!".

استنهاض للهمم

واستنهاضا لهمم المصريين، دعا الأكاديمي أحمد عامر، للثورة من أجل غزة التي تموت جوعا، مذكر إياهم بأنهم من أغلقوا معبر رفح.

وناشدهم قائلا: "مصر ضاعت يا مصريين.. السيسي العميل باع مصر.. وباع المصريين.. موعدنا اليوم في كل ميادين مصر".

وأكدت الصحفية شيرين عرفة، أن الغالبية العظمى من سكان مصر الـ 100 مليون إنسان، وجٌلَّهم يعبدون الله وفطرتهم سليمة يبكون على مشاهد قتل وإبادة المستضعفين في قطاع غزة.

وقالت: "أمامنا جميعا اليوم: فُرصة عظيمة، فالكل متفق على ضرورة نصرة أهل غزة وإغاثتهم وإنقاذ من تبقى منهم، من مجاعة مهلكة ومحرقة مريرة".

وأضافت عرفة: "لنجعل صلاة العشاء (على سبيل المثال) موعدا للخروج والمطالبة بفتح معبر رفح، ولتكن المساجد (كما كانت دوما على مر التاريخ) مكانا لتجمعنا ووحدتنا في القضايا الكبيرة، صلّوا العشاء في المساجد.. وأنقذوا أنفسكم وأهليكم".

وتابعت: "تحركوا يا أهل مصر.. فوالله، إن خذلاننا لهم وصمتنا المخزي على كل تلك الدماء، لن تكون عاقبته يسيرة".

ورأت إحدى المدونات، أن الحل يكمن في الضغط الشعبي من الـ100 مليون مصري.

 وخلص أستاذ العلوم السياسية عصام عبدالشافي، إلى أن خنوع الشعب المصري في مواجهة القهر والاستبداد أحد أسباب ما نحن فيه الآن.

وأكد أن تحرير فلسطين، وكرامة سوريا وعزتها، وكرامة السودان وليبيا وعزتها تبدأ من تحرير مصر، وأن التاريخ القريب خير شاهد، عندما كانت القاهرة حرة كان للكرامة من يدافع عنها.

وفاء مرسي

واستحضارا لمواقف الرئيس المصري الراحل محمد مرسي، نشر الناشط صلاح صافي صورته، قائلا: "غزة تفتقدك.. ولولا ما فعلوه بك، لما جاعت، ولا انقطعت عنها الأنفاس، ولا تُركت تواجه الحصار وحيدة تحت سكين الجوع والقهر!.. سلام عليك في الخالدين".

وأعاد الإعلامي أيمن عزام، نشر تغريدة صافي، وعلق بالقول: "قد فعلها يوم أن كان خير أخ إسلام ونعم جار.. رحمه الله"، مشيرا إلى أن مرسي خلفه خلْفٌ أضاعوا حق الإسلام والجيرة.

وعرض أحد المدونين صورة لمرسي وهو يصافح قائد حركة المقاومة الإسلامية حماس الراحل إسماعيل هنية، وترحم عليه ووصفه بأنه "الرَّجلَ الذي لم يُبَع، ولم يَخُن، ولم يُبدِّل"، مشيرا إلى أنه الرئيسُ الوحيدُ الذي صعدَ إلى الحكمِ بإرادةِ شعب، وخرجَ منه متمسِّكًا بالحق، غيرَ مُبدِّلٍ ولا خائف.

وتابع: "قالوا له اخضَع، فثبَت. قالوا له: تنازَل، فصمَد. قالوا له: اعتَرِفْ بالاحتلال، فصرَخَ في وجوهِهم: "لَنْ نترُكَ غزَّةَ وحدَها!"، مشيرا إلى أنه وقفَ أمام العَالم وقال: "نحنُ مع الفلسطينيين، مع الشعبِ السوري، مع كلِّ مظلومٍ على وجهِ الأرض".

ولفت إلى أن مرسي مات وهو يردِّد: "بلادي وإن جارتْ عليَّ عزيزةٌ، وأهلي وإن ضنّوا عليَّ كِرامُ"، ومات صائمًا، صامدًا، مرفوعَ الرأس، لم يَحْنِ جبهتَهُ إلّا للهِ، ولم يُتاجِرْ بالقضيةِ الاسلامية، بل تبنّاها.. ولم يُخدَعْ أُمّتُهُ بالشِّعارات، بل خدمَها بالفعلِ والموقف.

وقارن عاصم نور الدين، بين مرسي والسيسي، مذكرا بأن الأول قال: "لن نترك غزة وحدها" ووقف مع الثورة السورية وكان يريد تحكيم شريعة الله، بينما الثاني حاصر أهل القطاع ووقف مع بشار (الأسد) النصيري ضد المسلمين في سوريا، ويحارب شريعة الله.

وعرض أحد المغردين صورة تجمع رئيس النظام المصري ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، قائلا: "هذا القزم -في إشارة إلى السيسي- وجنرالات الجمبري هم شركاء في هذه المجزرة والمجاعة والتقتيل لأهلنا في غزه من رأسه حتى أخمص قدميه".