إحياء حل الدولتين.. هل تنجح فرنسا والسعودية في حل القضية الفلسطينية؟

منذ ١١ ساعة

12

طباعة

مشاركة

حالة من الترقب تسود الأوساط الإقليمية والدولية مع قرب انعقاد المؤتمر الدولي الذي سيخصص لفلسطين خلال شهر يونيو/ حزيران 2025، ويهدف إلى دفع حل الدولتين قدما.

المؤتمر المرتقب الذي سيرأسه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالمشاركة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بمقر الأمم المتحدة في نيويورك سبقه اجتماع تحضيري على هامش استقبال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، من قبل نظيره السعودي فيصل بن فرحان آل سعود، في العاصمة السعودية الرياض يوم الجمعة 25 أبريل/ نيسان 2025.

صحيفة "لو موند" الفرنسية سلطت الضوء على زيارة وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية للسعودية، في إطار جولة شرق أوسطية شملت العراق والكويت والإمارات، وحسب تصريحات البلدين، وُصف اللقاء بأنه "مفيد"، وتميز بـ "تقارب وجهات النظر" حول قضية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

اعتراف فرنسي بفلسطين

كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد قررت، يوم 3 ديسمبر/ كانون الأول 2024، الدعوة لهذا المؤتمر في إطار مراجعتها السنوية للقضية الفلسطينية.

وتقول الصحيفة الفرنسية: إن "فرنسا قد تعترف بالدولة الفلسطينية بهذه المناسبة". 

وفي هذا السياق، قال إيمانويل ماكرون، يوم 9 أبريل/ نيسان 2025، على قناة "فرانس 5": "هدفنا، مع السعودية، من خلال رئاسة هذا المؤتمر، إنهاء حركة الاعتراف المتبادل من قبل عدة دول".

وأشارت الصحيفة إلى أن "فرنسا أكدت أنها تريد هذه المرة إطلاق ديناميكية حقيقية لإعادة إحياء حل الدولتين، وجذب اهتمام دول أخرى بهذا الحل".

جدير بالذكر أن العديد من الرؤساء الفرنسيين السابقين، من نيكولا ساركوزي إلى فرانسوا هولاند، التزموا بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، دون أن تتحقق أيا من هذه الوعود، وفق التقرير.

واستدرك التقرير: "لكن هذه المرة، تعرب باريس عن قناعة أكبر بهذا الحل، وترى أنه البديل الوحيد للفوضى الحالية، خاصة مع دعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لضم غزة ورغبته في طرد السكان الفلسطينيين لتحويلها إلى (ريفيرا الشرق الأوسط)".

وفي السياق ذاته، رحبت فرنسا بخطة إعادة الإعمار التي اعتمدتها جامعة الدول العربية، يوم 4 مارس/ آذار 2025، بمبادرة من مصر.

ومن بين 193 دولة عضو في الأمم المتحدة، تعترف 148 رسميا بدولة فلسطين. وفي مايو/ أيار 2024، خطَت أيرلندا والنرويج وإسبانيا هذه الخطوة، ثم تبعتها سلوفينيا في يونيو/ حزيران من ذات العام. 

ومع ذلك، أشارت "لو موند" إلى أن أيا من دول مجموعة السبع (G7)، التي تضم أكبر الاقتصادات الصناعية في العالم، لم يتخذ مثل هذا القرار حتى الآن.

وهنا تتساءل الصحيفة: "هل يمكن لفرنسا أن تدفع هذه القوى إلى السير خلفها؟". 

وتابعت: "تأمل باريس في إقناع واحدة أو أكثر من هذه الدول بالاعتراف بدولة فلسطينية، مقابل تقديم ضمانات أمنية قوية لإسرائيل. وبالمقابل، يُعمل على دفع الدول العربية أو الإسلامية لتطبيع علاقاتها مع الدولة العبرية".

"بدورها، تصر السلطات الفرنسية على ضرورة إصلاح السلطة الفلسطينية وتجديدها، في وقت تشهد فيه غزة، الخاضعة لحكم حماس، دمارا شبه كامل، وتضعف السلطة يوميا في الضفة الغربية المحتلة، التي تخنقها قوات الاحتلال والمستوطنون الإسرائيليون"، وفق ما ذكره التقرير. 

وأردف: "وتحت ضغط من الاتحاد الأوروبي وبعض الدول العربية، وافق رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس (89 عاما)، يوم 26 أبريل/ نيسان 2025، على تعيين نائب لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية تحضيرا لخلافته".

وأكمل: "وفي فبراير/ شباط 2025، واستجابة لطلب أميركي قديم، ألغت رام الله مخصصات عائلات الأسرى والشهداء -وهي أموال عامة كانت تُدفع لعائلات المعتقلين أو الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل، وهي مخصصات تعدها تل أبيب (تحريضًا على الإرهاب)".

وذكرت الصحيفة أن "هاتين الخطوتين يعدان (تقدما) من وجهة نظر باريس، التي تصر كذلك على نزع سلاح حماس، وتدعم خطة لإخراج قادة الحركة من غزة بمساعدة مصر وقطر وتركيا؛ الدول الوحيدة القادرة على التوسط من أجل (استسلام) سلمي للحركة الإسلامية، قبل التفاوض على بنية أمنية جديدة للقطاع".

ونقلت عن مصدر دبلوماسي قوله: "يجب دعم سلطة فلسطينية مجددة ومعززة لمواجهة الخطاب الإسرائيلي الذي يقول: إن الاعتراف بفلسطين يعني الاعتراف بدولة تابعة لحماس".

التطبيع العربي

على الجانب العربي، أدت اتفاقيات أبراهام في عام 2020 إلى اعتراف الإمارات والبحرين والسودان والمغرب بإسرائيل، لتنضم بذلك إلى مصر (1979) والأردن (1994).

وتعقب "لوموند": "ظلت السعودية حذرة ولم تنضم رسميا إلى المبادرة، رغم بدء مفاوضات مع إسرائيل، كانت مشروطة باتفاق دفاع مشترك مع واشنطن والحصول على تكنولوجيا الطاقة النووية المدنية".

وتابعت: "وقد جمدت الرياض هذه المحادثات مع اندلاع الحرب على غزة في أعقاب الهجوم الدامي لحماس على إسرائيل يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 والرد الإسرائيلي المدمر على القطاع".

وأردفت: "واليوم، تشترط الرياض أي اعتراف رسمي بوجود مسار موثوق ولا رجعة فيه لإنشاء دولة فلسطينية".

وفي الوقت الحالي، صرح مصدر دبلوماسي فرنسي للصحيفة بأنه "لن يكون هناك اعتراف كامل وكامل بإسرائيل من جانب السعودية خلال مؤتمر يونيو/ حزيران 2025 في نيويورك، لكن ستُرسل إشارات من الرياض، وذلك بشرط إعلان وقف إطلاق النار في غزة ورفع الحصار الإنساني".

مشيرا إلى أن "المملكة قد تستخدم نفوذها لدفع دول عربية أو إسلامية أخرى إلى الانخراط في هذا التوجه".

وتتوقع الصحيفة أن "يتخذ إيمانويل ماكرون قراره بناء على التقدم المحرز في العملية الجارية مع السعودية، التي يُرتقب أن تُعقد لقاءات جديدة معها هذا الأسبوع في نيويورك خلال زيارة جان نويل بارو للأمم المتحدة، حيث تتولى فرنسا رئاسة مجلس الأمن لمدة شهر".

معارضة إسرائيلية

وأبرز التقرير أن هذه الخطوة تثير معارضة من إسرائيل، التي لم تُجرَ معها محادثات مباشرة حول هذا الملف حتى الآن.

حيث قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يوم 13 أبريل/ نيسان 2025، على منصة "إكس": "يرتكب الرئيس ماكرون خطأ جسيما بمواصلته الترويج لفكرة دولة فلسطينية في قلب أرضنا– دولة تطمح فقط إلى تدمير إسرائيل".

وفي المقابل، وصف مصدر دبلوماسي فرنسي موقف الحكومة الإسرائيلية الحالية بأنه "بالتأكيد غير داعم"، لكنه أضاف: "الأمر يتعلق أيضا بإقناع الإسرائيليين أن ذلك قد يكون في مصلحتهم على المدى الطويل".

وهنا اختتم التقرير بالتأكيد على أن إقناعهم "مهمة صعبة في ظل استمرار الائتلاف اليميني المتطرف الحاكم في إسرائيل بحصار قطاع غزة".