معهد إيطالي يكشف أهداف خطة ميلوني لمكافحة الهجرة.. ما علاقتها بتونس؟ 

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أكد معهد الأعمال الدولية الإيطالي أن دور تونس "حاسم" في تنفيذ خطة إنريكو ماتي التي تروج لها حكومة اليمين المتطرف في إيطاليا تحت مزاعم تنمية القارة الإفريقية بهدف حقيقي يكمن في الحد من تدفقات الهجرة السرية إلى سواحلها.

وقال المعهد إن إيطاليا "تكافح لترجمة قوتها الاقتصادية إلى نفوذ سياسي على الرغم مما تمتلكه من أهمية اقتصادية كثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو وعضو مؤسس في مجموعة السبع وحلف شمال الأطلسي".

ولفت إلى أن النهج الإيطالي في السياسة الخارجية يتطور منذ صعود رئيسة حزب إخوة إيطالية جورجيا ميلوني، إلى السلطة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2022.

خطة ماتي لإفريقيا

وشدد على أن رئيسة الوزراء الحالية "أظهرت منذ بداية ولايتها نهجاً جريئا في إعادة تشكيل مكانة إيطاليا الدولية، وخاصة في منطقة البحر الأبيض المتوسط ​​وشمال إفريقيا".

يشرح المعهد أن ميلوني حددت دبلوماسيتها المتوسطية ضمن سياق مبادرة أوسع، تسمى "خطة ماتي من أجل إفريقيا" والتي حملت اسم مؤسس شركة إيني للطاقة إنريكو ماتي.

 ويبدو أن هدفها، "تشجيع اتباع نهج شمولي فيما يتعلق بالدول الإفريقية التي تهم إيطاليا". 

علاوة على ذلك، يتابع بأن "الخطة تهدف إلى تحويل إيطاليا إلى مركز للطاقة يربط بين شمال إفريقيا وأوروبا". 

ومن خلال بناء خطوط أنابيب جديدة، ستصبح إيطاليا مصدرا للغاز الطبيعي والهيدروجين إلى دول مثل ألمانيا والنمسا والبوابة التي تربط شمال إفريقيا بدول وسط وشمال أوروبا. 

ونوه إلى أن هذه "الاتفاقيات ستكون حاسمة في تأمين مكاسب إستراتيجية طويلة الأمد لكل من ضفتي البحر الأبيض المتوسط وذلك نظرا للدور الحيوي الذي تلعبه أوروبا في التجارة مع دول شمال إفريقيا". 

أشار المعهد إلى أن تفاصيل الخطة التي تروج لها حكومة روما لم تكشف بعد، لافتا إلى أنه "يُخشى أن تكون مرتبطة ببساطة بهدف احتواء الهجرة غير الشرعية إلى إيطاليا". 

وألمح إلى أن موقف ميلوني بشأن الهجرة شكل في الواقع موضوعا مثيرا للجدل منذ فترة طويلة في إيطاليا، وقد أثار انتقادات مكونات عديدة من الرأي العام.

ظلال الهجرة

ومن خلال هذا المنظور، ينبغي " أن ينظر المجتمع الدولي إلى الدبلوماسية الاستباقية التي تمارسها رئيسة الوزراء الإيطالية في شمال إفريقيا"، يشدد المعهد. 

وعلى حد تعبيره، تمكنت مسألة الهجرة غير الشرعية دائمًا "من التسلل بصمت إلى الأجندة السياسية" وأخذت مكانا إلى جانب أولويات الطاقة والاقتصاد.

فيما يتعلق بليبيا، أشار إلى أن ميلوني ناقشت مطولا هذه المسألة مع كل من الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، الذي تسيطر قواته على شرق البلاد ورئيس حكومة الوحدة الوطنية في الغرب عبد الحميد الدبيبة.

 ويذكر تسليم إيطاليا مؤخرا خمس سفن لخفر السواحل الليبي في طرابلس "لتحسين العمليات الأمنية في البحر الأبيض المتوسط". 

وفي تونس، يقول إن "ميلوني تجنبت الإدلاء بتصريحات علنية حول الإجراءات الاستثنائية التي تبناها الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو/تموز 2021والتي انحرفت الانتقال الديمقراطي الهش". 

وبدلاً من ذلك، أعلنت جورجيا ميلوني ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، ورئيس الوزراء الهولندي مارك روته، خلال زيارتهم لتونس في يونيو/حزيران 2023 عن تخصيص موارد مالية بقيمة 105 ملايين يورو لمساعدة خفر السواحل التونسي في عمليات وقف قوارب الهجرة.

وبحسب المعهد الإيطالي، ستشكل تونس "المفتاح لفهم الإرادة الحقيقية لمساهمة خطة ماتي في التخفيف من حدة الفقر والاستغلال في إفريقيا من خلال مقاربات شاملة وكلية".

الاختبار الحقيقي

وعد أن "الاختبار الحقيقي لخطة ماتي يتلخص في الوضع المتغير باستمرار في تونس، التي كانت تعتبر ذات يوم الحالة الناجحة الوحيدة للديمقراطية المتمخضة عن الربيع العربي". 

وقال إن "نخب ما بعد الثورة في تونس فشلت في إدارة اقتصاد البلاد أو التنمية الاجتماعية مما دفعها فعليًا إلى حافة الانهيار أواخر عام 2018".

وأضاف أن الشرعية "انتُزعت من الطبقة السياسية بصورة جلية في الانتخابات الرئاسية لعام 2019، عندما صوتت الأغلبية العظمى لصالح أستاذ القانون الدستوري غير المعروف نسبيًا وصاحب الحظوظ الضئيلة آنذاك (قيس سعيد) وبرنامجه لتجديد الدولة ومحاربة الفساد".

من ناحية أخرى، أردف المعهد بأن عدد المهاجرين غير النظاميين الذين وصلوا إلى الشواطئ الإيطالية تضاعف ثلاث مرات تقريبًا في يوليو 2023 وأغلبهم غير تونسيون. 

وفي الوقت نفسه، حلت تونس تدريجياً محل ليبيا كنقطة انطلاق رئيسية للمهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا عبر إيطاليا. 

ويستنكر المعهد بأن حكومة ميلوني كررت المحاولات السابقة لمعالجة هذا الوضع بإحياء نهج التعامل الكلاسيكي الذي ينص على توفير الموارد لسلطات في شمال إفريقيا مقابل مكافحة المتاجرين بالبشر.

إلا أن السياسات الإيطالية السابقة مثل تلك المعتمدة في ليبيا منذ عام 2017، أثبتت عدم فعاليتها ولم تنجح في وقف التدفقات. كما أضرت بشكل خطير بالمصداقية الأخلاقية الإيطالية والأوروبية، يلاحظ المعهد. 

وقد سمح الافتقار إلى حوكمة فعالة في ليبيا للمتاجرين باستغلال الوضع ومواصلة أنشطتهم. وعلاوة على ذلك، اضطر المهاجرون الذين أعيدوا إلى البلاد في كثير من الأحيان إلى تحمل ظروف قاسية، بما في ذلك الاحتجاز والاستغلال وسوء المعاملة في المرافق الليبية.

 وبالتالي، دفعت هذه الظروف المهاجرين إلى محاولة ركوب البحر مجددا في رحلات خطيرة مما أدى إلى استمرار دوامة التهريب والهجرة غير النظامية.

في الختام، أكد المعهد أن مصير الأوضاع في تونس سيكون حاسما في نجاح رؤية جورجيا ميلوني حول "نموذج فاضل للتعاون والنمو" بين الاتحاد الأوروبي والدول الإفريقية. 

وبين أن معالجة قضية الهجرة تتطلب "حلولاً عالمية تعالج الأسباب الجذرية لها مثل الفقر والصراع وانعدام الفرص، وبخلاف ذلك، قد تنشأ أزمة هجرة كبرى لن يكون بإمكان أي تمويلات لخفر السواحل من تجنبها".