متقدم باستطلاعات الرأي.. كيف سيشكل اليمين الإسباني علاقته مع الجزائر والمغرب؟
تناول موقع "Tout Sur l'Algérie" الناطق بالفرنسية، الانتخابات التشريعية في إسبانيا التي من المقرر إجراؤها في 23 يوليو/ تموز 2023، وأثرها على العلاقات مع كل من الجزائر والمغرب.
وقدم الصحفي الإسباني، إغناسيو سيمبريرو، المتخصص في العلاقات الإسبانية مع البلدان المغاربية، في حوار له مع "TSA"، السيناريوهات المحتملة لنتائج الانتخابات.
وقال سيمبريرو إن "السيناريو الأكثر احتمالية هو فوز "الحزب الشعبي" اليميني في الانتخابات، وفقدان الاشتراكيين للسلطة.
ويرى أنه "من الممكن أن يحتاج الحزب المحافظ إلى دعم اليمين المتطرف لتشكيل الحكومة". وأشار إلى أن "فوكس" اليميني المتطرف هو الحزب السياسي الثالث في إسبانيا من حيث عدد النواب.
وفي معرض رده على سؤال حول إذا ما كان رئيس الوزراء الأسباني، بيدرو سانشيز، سيترك بذلك السلطة في 23 يوليو، أشار سيمبريرو أن "الأمر ليس مؤكدا".
وتابع: "سنكتشف ذلك في مساء 23 يوليو، لكن على أي حال، هذه هي الفرضية الأكثر احتمالا، فتقريبا كل استطلاعات الرأي تُظهر أنه سيخسر مقابل فوز اليمين".
الأزمة مع الجزائر
وتابع سيمبريرو: "لن أقول إن الأزمة مع الجزائر هي السبب في انحدار شعبية الحزب الاشتراكي، بل أرى أنها العلاقات مع المغرب".
ونوه الصحفي الإسباني إلى أن هناك جدلا في الساحة حول السياسة الخارجية لإسبانيا تجاه المغرب، وخاصة فيما يتعلق بالصحراء الغربية.
وقال: هذا موضوع طرح عدة مرات خلال الحملة الانتخابية، لا سيما هذا الجدل الكبير الذي دار بين زعيم "الحزب الشعبي" ألبرتو نونييث فايخو ورئيس الحكومة المنتهية ولايته.
وتابع: "لذلك نحن نتحدث بشكل غير مباشر عن الجزائر، وقبل كل شيء عن تغيير موقف الحكومة الاشتراكية من الصراع في الصحراء الغربية، عبر دعم الحل الذي ينادي به المغرب وهو خطة الحكم الذاتي".
وأعلنت مدريد التي لطالما التزمت الحياد بخصوص مسألة الصحراء الغربية، في 18 مارس/آذار 2022 على لسان رئيس وزرائها اليساري بيدرو سانشيز، عن دعمها لخطة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب عام 2007، واصفة إياها بـ"الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية لحل النزاع".
وردا على ذلك، قررت الجزائر في يونيو/حزيران 2022 تجميد معاهدة حسن الجوار الموقعة في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2002 وتعليق المعاملات المصرفية من وإلى إسبانيا.
ويتنازع على الصحراء الغربية، وهي منطقة صحراوية شاسعة غنية بالفوسفات والثروة السمكية، المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر.
وتقترح الرباط التي تسيطر على ما يقرب من 80 بالمئة من هذه المنطقة، منحها حكما ذاتيا تحت سيادتها، بينما تدعو بوليساريو إلى استفتاء لتقرير المصير نصت عليه اتفاقية لوقف إطلاق النار أبرمت في عام 1991 لكنها بقيت حبرا على ورق.
وأورد سيمبريرو أن "بعض المراقبين يعتقدون أنه ما دام، سانشيز، ووزير الخارجية في حكومته خوسيه ألباريس، في السلطة بإسبانيا، فلن تكون هناك عودة إلى العلاقات الطبيعية مع الجزائر".
وعند سؤاله حول إذا ما كانت الأزمة ستنتهي بتغيير الحكومة في مدريد، أوضح الصحفي أنه "ليست لديه معلومات دقيقة، ولكن انطباع بأن الجزائر لن تكتفي بتغيير الأغلبية والحكومة في إسبانيا، لتُحسّن العلاقات".
وأضاف: "أعتقد أنها تود أن تكون هناك بادرة مصالحة، ويد ممدودة من الحكومة الجديدة تظهر أن هناك اهتماما بإعادة التوازن إلى السياسة الخارجية الإسبانية تجاه الجارين المغاربيين، وهو ما لم تفعله الحكومة الاشتراكية الحالية".
وقال سيمبريرو إن "زعيم اليمين تعهد خلال الحملة الانتخابية بإعادة العلاقات مع الجزائر في حال الفوز عدة مرات".
وتابع أن "من أولوياته استعادة العلاقة مع الجزائر، ولكن أيضا الحفاظ على علاقة وثيقة مع المغرب، لكنه لم يصل إلى جوهر الأمر".
السياسة المرتقبة
وبالنسبة لتأثير الأزمة مع الجزائر على إسبانيا، أوضح سيمبريرو أنها "تتعلق بشكل أساسي ببعض المناطق التي تعتمد بشكل كبير على العلاقات المشتركة، مثل مدينتي فالنسيا أو مرسية".
وقال الصحفي الإسباني إن "الصادرات الإسبانية انخفضت بحوالي 96 أو 97 بالمئة، وبالتالي فإن الانخفاض كان حادا جدا، ولا يمكن للشركات الإسبانية المشاركة في العروض التجارية في الجزائر".
وتابع أنه "على الرغم من أن هذا الوضع ليس قانونيا، وفقا لاتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، فإنه يُنفَّذ بحذر وبراعة، وذلك دون أن يحدث أي ردة فعل من الجانب الأوروبي".
"وبالإضافة إلى ذلك، تعد الجزائر ذات أهمية إستراتيجية أكبر في الوقت الحاضر، خاصةً في ظل الأزمة في أوكرانيا واعتماد أوروبا على الموارد الهيدروكربونية"، وفق الكاتب.
وشدد سيمبريرو أنه "بناء على ذلك، فإن الآن ليس الوقت المناسب للعبث مع الجزائر".
وألمح الكاتب إلى أن "زعيم اليمين الإسباني، ألبرتو نونييث فايخو، لم يقل إنه في حال توليه السلطة، سيعود لينتهج سياسة تضع الجزائر والمغرب على قدم المساواة، مثل الموقف الذي كانت عليه إسبانيا حتى مارس 2022".
وتابع الصحفي الإسباني أن "فايخو ما زال غامضا بهذا الخصوص، إذ إنه دائما ما يختبئ وراء حقيقة أنه لا يعرف بالضبط ما الذي قدمته حكومة سانشيز للمغرب من تعهدات".
وبدورها، رأت المعارضة الإسبانية أنه بهذا يكون سانشيز قد غيّر الموقف التقليدي للدبلوماسية الإسبانية من هذا النزاع.
ويرى الصحفي أن "تبادل اللفتات الودية مع الجزائر يعد أمرا مهما جدا، لكن يجب توقع أن المغرب سيتفاعل بشكل فوري مع إسبانيا ويثير أزمة".
وأردف أنه "بوجود رئيس حكومة جديد بدون تجربة دولية سابقة، يُعتقد أنه لن يرغب في أن يبدأ ولايته بأزمة مع المغرب"، معتقدا أنه "سيأخذ وقته وسينتظر ويدع الأمور تتكشف ببطء".
ويعتقد أنه "ستكون هناك فرصة ممتازة للعودة إلى موقف حيادي بين المغرب والجزائر، عندما تصدر محكمة العدل الأوروبية أحكامها النهائية، على الأرجح في نهاية العام".
وتوقع أن تلغي المحكمة الأوروبية اتفاقية الشراكة في قطاع الصيد البحري الموقعة قبل 14 عاما بين المغرب والاتحاد الأوروبي، لأنها تشمل الصحراء الغربية.
وفي 29 سبتمبر/ أيلول 2021، أصدرت محكمة العدل الأوروبية، حكما يلغي قرارين تجاريين لمجلس الاتحاد المتعلق باتفاقيتين أبرمهما مع المغرب حول الصيد البحري والزراعي، تشملان سواحل ومنتجات إقليم الصحراء.
ويعتقد سيمبريرو أن "هذه ستكون فرصة عظيمة للحكومة الإسبانية اليمينية القادمة للتراجع والعودة إلى موقع أكثر مساواة بين الدولتين من موقف الحكومة الاشتراكية الحالية".
وفي سياق آخر، استبعد ما يُقال من أن المغرب يبتز رئيس الوزراء الإسباني الحالي، قائلا: "أنا لا أعطي أي مصداقية لهذا الافتراض وسأشرح السبب".
وأوضح: "أنا على يقين من أن الأجهزة المغربية هي التي تجسست ببرنامج بيغاسوس على هواتف رئيس الحكومة الإسبانية ووزيري الداخلية والدفاع، كما حاولوا اختراق هاتف وزير الزراعة لكنهم فشلوا على ما يبدو".
وأفاد الكاتب بأن "وزير الزراعة الإسباني كان سفير بلاده في الرباط لفترة طويلة، وهو شخص تستشيره الحكومة الإسبانية في العديد من القضايا".
وتابع سيمبريرو: "بعد قولي هذا، أظل لا أؤمن بفرضية الابتزاز، لأن المغرب دائما ما أنكر بشكل منهجي استخدام برنامج التجسس بيغاسوس".
وأكد قائلا: "رغم قناعتي بأن المغرب يقف وراء عمليات التجسس هذه، غير أني لا أعتقد أنهم استخدموا المواد التي حصلوا عليها لابتزاز أحد".