صراع مع المبعوث الأممي وتحفظ على الوساطات.. هل يتجه السودان نحو عزلة تامة؟

12

طباعة

مشاركة

ترى صحيفة إيطالية أن السودان يتجه نحو عزلة دولية تامة، إثر رفض قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، اقتراح وساطة المنظمة الحكومية الدولية للتنمية في شرق إفريقيا "إيغاد".

وكذلك إعلان تعليق المشاركة في المفاوضات التي تستضيفها السعودية في مدينة جدة، هذا إلى جانب طرد رئيس بعثة الأمم المتحدة من البلاد، فولكر بيرتس، وإعلانه شخصا "غير مرغوب فيه".

وأشارت صحيفة "نيغريسيا" إلى أن هذه العزلة أثقلت كاهل البلاد منذ انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021 و"التي كانت في الواقع حافزا قويا لمخططي الانقلاب لاستئناف مسار التفاوض مع القوى السياسية و تعبيرهم عن الاستعداد للعودة إلى الثكنات".

لكن في 15 أبريل/ نيسان 2023، اندلع الصراع بين الجيش النظامي ومليشيات قوات "الدعم السريع" قبيل التوقيع على الوثيقة التي كان من المفترض أن يستعيد من خلالها البلد مسار مرحلة الانتقال الديمقراطي وعودة المدنيين إلى الحكم.

مهمة معقدة

وذكرت الصحيفة أن مجلس الأمن كان قد أنشأ بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان –يونيتامس- على أساس القرار 2524 في عام 2020 وجرى تمديد ولايتها سنويا.

لكن مجلس الأمن اعتمد في الثاني من يونيو/ حزيران 2023 بالإجماع القرار رقم 2685 الذي يمدد بعثة المهمة لستة أشهر إلى غاية 3 ديسمبر/ كانون الأول 2023.

وتتمتع البعثة بتفويض محدد وهو سياسي بالأساس ويتمثل في دعم البلاد خلال الفترة الانتقالية نحو الديمقراطية. 

ويفوض مجلس الأمن لها مهمة مساعدة البلاد "في تحقيق أهداف الإعلان الدستوري الموقع في أغسطس/ آب 2019"، الذي كان لا يزال ساري المفعول خلال فترة إنشائها في يونيو 2020 قبل أن يتم التنصل منه خلال الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر 2021.

كما أنه يحدد الأولويات بشكل واضح التي من أهمها، دعم الاستقرار السياسي وتحقيق عملية سلام شاملة، فضلا عن القيام بإصلاحات مؤسسية بالإضافة إلى تعزيز حقوق الإنسان والدفاع عنها، وكذلك تنظيم عملية انتخابية حرة وذات مصداقية.

ولاحظت الصحيفة "بأنه كان لدى بيرتس وله في الوقت الحالي مهمة دقيقة ومعقدة للغاية تنص على تسهيل تحقيق الأهداف المقبولة بالإجماع في البلاد على الورق وهي في الواقع مختلفة تماما عن تلك التي تسعى إليها الحكومة العسكرية الحاكمة والتي تعبر عن مصالح  المجموعات الداعمة لانقلاب أكتوبر 2021".

وقالت إنها " قوى مرتبطة إلى حد كبير بالنظام السابق لمؤتمر الوطني السوداني، حزب الرئيس المخلوع عمر البشير"،وفق قولها.

وأشارت نيغريسيا إلى أن "معارضة هذه المجموعات التي ادعت أن بينها أطرافا إسلامية راديكالية، لبعثة الأمم المتحدة وخاصة رئيسها بيرتس ظهرت بشكل واضح قبل أيام قليلة من اندلاع الصراع وبطريقة ملفتة للنظر".

وذكرت صدور اتهامات ضد المبعوث الأممي بـ"التدخل في الشؤون الداخلية السودانية" لدعمه اتفاق استئناف الانتقال الديمقراطي المعروف باسم "الاتفاق الإطاري".

وقبيل تمديد ولاية البعثة في 3 يونيو 2023، طلب البرهان استبدال بيرتس، معتبرا أنه شجع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) على "التمرد".

من جهته، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إن "الأمين العام للأمم المتحدة صدم يوم الجمعة 26 مايو/ أيار 2023 من رسالة القائد العسكري السوداني البرهان".

وقال دوجاريك إن "الأمين العام فخور بالعمل الذي قام به بيرتس ويعيد تأكيد ثقته الكاملة في ممثله الخاص".

وضع فوضوي

وقبل أيام قليلة، كانت هناك مظاهرات مناهضة للمبعوث الأممي لدى وصوله إلى بورتسودان، حيث نقل مكتب البعثة بسبب الوضع المأساوي والفوضوي الذي شهدته العاصمة الخرطوم جراء تواصل القتال العنيف بين الطرفين المسلحين. 

واصل بيرتس عمله مدعوما بالقوى المؤيدة للديمقراطية قبل أن يطرد وينقل مكتب البعثة إلى كينيا وهو ما أثار ردود فعل غاضبة في المجتمع الدولي.

من جانبه، قال دينيس كوميتات، المتحدث باسم الخارجية الألمانية، نيابة عن العديد من الدول المنضمة إلى مجموعة أصدقاء السودان "منذ اندلاع الأعمال العدائية، الممثل الخاص الأممي عمل بلا كلل لدعم وقف النار وحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية للسكان المتضررين. كلنا ثقة في قدرته على مواصلة عمله الحاسم".

وأكدت الصحيفة أن "الحكومة العسكرية باتت معزولة، خصوصا وأن المفاوضات في جدة وصلت إلى طريق مسدود".

وفي 11 يونيو 2023، أدانت السعودية والولايات المتحدة، الدولتان الراعيتان لمحادثات السلام منذ 6 مايو 2023، بشدة عودة الجيش السوداني و"الدعم السريع" إلى أعمال العنف فور انتهاء وقف إطلاق النار، وأكدتا على أن "الحل العسكري للصراع غير مقبول".

وأشار بيان مشترك إلى أن الرياض وواشنطن "على استعداد لاستئناف المباحثات بمجرد أن يظهر طرفا الصراع تقيدهما بما اتفقا عليه في إعلان جدة" الذي تم التوصل إليه في مايو 2023.

كما توقفت وساطة الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد)، المنظمة الإقليمية التي يفوض إليها الاتحاد الإفريقي البحث عن حلول للنزاعات في المنطقة في الوقت الراهن.

وخلال الاجتماع الذي عقد في جيبوتي في 11 يونيو 2023، تم الإعلان عن تشكيل لجنة من أربع دول هي كينيا وجنوب السودان والصومال وإثيوبيا ويترأسها الرئيس الكيني ويليام روتو، المكلف بتسهيل لقاء بين البرهان وحميدتي.

لكن السودان يرفض رئاسة كينيا لهذه اللجنة، "ربما لأن نيروبي تستضيف مكتب بعثة الأمم المتحدة"، تفترض نيغريسيا.

وبحسب الصحيفة، "من الواضح الآن أن العسكريين سواء في الحكم والمعارضة، ليسوا مستعدين للتفاوض ولا يضعون مصلحة البلاد ومواطنيها في الحسبان".

وتابعت: "وهو ما أكده مرارا وتكرارا محللون وقوى سياسية و كذلك المجتمع المدني السوداني، الذي أصبح بالتالي أساسيا في البحث عن السلام مجددا".