قوى دولية تنشر الفوضى في البلاد.. فهل ينجح "السنوسي" في إعادة الملكية إلى ليبيا؟
سلطت صحيفة إسبانية الضوء على ما يطلق عليه بولي العهد الليبي، محمد السنوسي، الذي ظهر على الساحة أخيرا، ويقترح إنقاذ بلاده المنغمسة في الفوضى والعنف منذ سقوط معمر القذافي عام 2011.
وقالت صحيفة "الإندبندينتي" الإسبانية إن "الملك الليبي إدريس الأول زار إسبانيا قبل 70 سنة. وبعد هذه الفترة الطويلة، أدى ابن أخيه محمد السنوسي زيارة إلى مدريد هذا الأسبوع، أول مرة بصفته وليا للعهد في المنفى".
ولفتت إلى أن "السنوسي يسعى إلى أن يكون الملك القادم لبلد تحول إلى مملكة طوائف، دمرتها الفوضى والعنف بشكل تام".
جروح الماضي
ونوهت الصحيفة إلى أن "السنوسي، الذي يشارف على سن الواحدة والستين، يقود حملة عبر العواصم الأوروبية، بحثا عن الدعم لصالح خارطة طريق تقترح استعادة النظام الملكي في ليبيا".
واستطردت: "بالنسبة له، ستكون هذه الخطة بمثابة طوق النجاة من الكابوس الذي يعيشه الليبيون منذ الحرب الأهلية التي اندلعت سنة 2011 وبعد مقتل القذافي.
وخلال مقابلة مع صحيفة "الإندبندنتي" في فندق وسط العاصمة مدريد، قال السنوسي: "كنت في الثامنة من عمري عندما أطاح الانقلاب بالملك، لكني أتذكر كيف داهموا منزل عائلتي وكل المشاكل التي واجهتنا بعد ذلك".
وأضاف "أحمل ذكريات سيئة ولا تزال جروح الماضي مفتوحة، لكني أفضل عدم الحديث عن الماضي بل عن المستقبل".
وأشارت الصحيفة إلى أن "محمد هو آخر فرد في سلالة السنوسي وهي عائلة حاربت الاستعمار الإيطالي وحكمت البلاد منذ استقلالها عام 1951، حتى قامت مجموعة من الجنود بقيادة القذافي بطردهم من محل إقامتهم، وحكمت عليهم بالعيش في كوخ بجانب البحر".
وغادر محمد طرابلس عام 1989 برفقة والده لتلقي العلاج الطبي، وأقام في لندن.
وكشف السنوسي قائلا: "عام 2011، كنت أثق في أن التغيير كان ممكنا ولم أفكر في العودة إلى أرض الوطن، لكن بعد 12 سنة، لم يحقق هؤلاء السياسيون الذين تولوا مهمة التغيير شيئا يذكر، لقد فشلوا واحدا تلو الآخر".
وأوردت الصحيفة أن "البلد الذي حكمته سلالة السنوسي ذات يوم تحوّل إلى ثقب أسود على ضفاف البحر الأبيض المتوسط تتنافس عليه حكومتان، التي هي في الحقيقة مزيج من الميليشيات وزعماء القبائل.
في هذا السياق، أوضح مؤلف كتاب "ليبيا والاضطراب العالمي الدائم"، المحلل جيسون باك، أن "ليبيا عالقة في سلسلة من المراحل الانتقالية الدائمة بسبب نهج دولي غير متناسق".
وتابع: "في الواقع، تعمل دول مختلفة بسحب العملية السياسية في اتجاهات متعاكسة، بينما تكتفي الجهات الفاعلة التي تتحكم في الوضع الراهن داخل ليبيا ببقائها في السلطة، حتى وإن كان تعنتهم يسهّل انهيار الاقتصاد الليبي".
النظام القبلي
ونوهت الصحيفة إلى أن "البلد الذي يحتوي على أكبر احتياطي بترول في إفريقيا، تحوّل إلى جحيم يغرق بالنفط، وأصبح بؤرة ينتشر فيها تهريب الأسلحة والاتجار بالبشر والإرهاب ومآسي الهجرة وأبشع الظروف، دون رادع".
وتعليقا على ذلك، قال السنوسي: "هناك الكثير من المشاكل اليوم، لقد دمرت البلاد، هناك تهريب ولكن أيضا تعاطي للمخدرات، إن الوضع خطير بشكل خاص بين الشباب، أحيانا أبكي وأشعر بالأسف الشديد لشعبي الذي يحتاج المساعدة ولا أحد يهتم به".
وأضاف: "لقد منحهم الشعب الليبي فرصة لمدة 12 سنة، لكنهم لم يروا أي نتيجة على أرض الواقع، الحياة لم تتحسن".
وواصل: "يجب على القادة الحاليين خدمة الشعب وليس العكس، مثلما حدث حتى اللحظة. إنهم يهتمون فقط بجيوبهم".
وتابع: "اختار العديد من السياسيين الليبيين البقاء في مناصبهم نظرا للمزايا التي تمنحها إياهم: السفر والطائرات الخاصة والفنادق فئة خمس نجوم والتسوق في الخارج، إنهم يفعلون ذلك دون التأكد من أن مواطنيهم قادرون على السفر في ظروف جيدة".
ويؤيد السنوسي فكرة "إذا فشلت، عليك أن ترحل"، في وقت يعاني فيه البلاد من حالة انقسام "بحكم الأمر الواقع"، بين شرق طرابلس وغرب بنغازي، مما جعله يعيش حالة شلل سياسي يسعى "وريث العرش" إلى إنهائه.
وأشار قائلا: "ليست هذه هي المرة الأولى التي نواجه فيها صراعا مماثلا، حيث تتقاتل جميع الفصائل مع بعضها البعض، الكل يريد أن يكون قائدا، وهذه مشكلة حقيقية بالنظر إلى النظام القبلي في ليبيا".
وذكر "إذا فرضت القبيلة قائدها، فإنها ستغضب العدو وستعمل على إحياء شبح الانتقام الذي يعود إلى 200 سنة، إن هيمنة قبيلة على القبائل الأخرى سيجعلها تحتكر الحكم، كما كان الحال في زمن القذافي".
النظام الملكي
وأشارت الصحيفة إلى أن "محمد السنوسي يقترح إحلال النظام الملكي، حيث يقترح تولي السلطة في حال طلب الشعب ذلك".
ومن المقرر إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، التي أجلت منذ سنة 2021، في نهاية 2023، لكن قلة من مراقبي "برميل البارود الليبي يعدونها حلا ممكنا".
وعلى رقعة الشطرنج الليبية، تمركزت وجوه قديمة، مرتبطة بأكثر الحلقات الدراماتيكية في التاريخ الحديث: سيف الإسلام، نجل القذافي، الذي قاد قبل الثورة إعادة التأهيل الدولي للنظام وانفتاحه الاقتصادي؛ وبعض أتباع الجنرال الانقلابي خليفة حفتر المتمركز في شرق ليبيا والذي يواجه منذ 2014 الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس.
وحول الانتخابات، يرى السنوسي أن "الوقت ليس مناسبا لإجرائها، خاصة في وقت تستمر فيه التوترات والصراع المفتوح على المال والسلطة، كما أن السكان ليسوا جاهزين، وسيكون انتخاب رئيس بمثابة إعلان حرب، لن يقبل أي أحد نتيجة الاقتراع".
وأشارت الإندبندينتي إلى أن "خارطة الطريق التي رسمها محمد، تقترح إعادة النظام الملكي والدستور الذي تم وضعه والموافقة عليه سنة 1951".
تجدر الإشارة إلى أنه في العقد الماضي، في محاولة إنقاذ البلاد من السقوط في الهاوية، ترددت الدعوات لعودة السنوسي في جميع أنحاء المناطق- من طرابلس إلى برقة- بواسطة الحركات الملكية وحتى وزراء الحكومات المتعاقبة.
ونظرا لعدم انتمائه إلى أية قبيلة، تبرز شخصية السنوسي بمثابة ملف توافقي بين جميع الجهات، دون أي روابط أو ديون لتسويتها.
ويعلق السنوسي: "نحن لا ننتمي الى أية قبيلة وكنا دائما ضامنين لمختلف المجموعات العرقية".
ونقلت الصحيفة عن السنوسي قوله: "إنه لا يمكن استيراد الديمقراطية، يجب أن نحل القيم الديمقراطية على طريقتنا؛ عبر دستور لا يزال ساري المفعول ومن خلال ملكية دستورية".
ويضيف: "رغم أن الدستور ليس كتابا مقدسا، ويجب تعديله عند وجود برلمان".
ويقترح السنوسي إطلاق العملية التي صممها بحوار وطني تحت رعاية الأمم المتحدة.
ويعلق: "نحن مستعدون لأن الهياكل السابقة موجودة: برلمان وجيش وحتى النشيد الوطني".
ويحذر من التدخل الأجنبي في البلاد، من روسيا -مع نشر مرتزقة من مجموعة فاغنر- إلى الإمارات أو مصر.
وقال السنوسي : "ليبيا في حالة فوضى بسبب تورط دول أخرى، 80 بالمئة من القوات في ليبيا اليوم تأتي من الخارج، وهناك دول لا تريد ليبيا مستقرة لأنها تستشهد بهذا المثال بين مواطنيها لمنع أي تغيير داخلي".