السنغال.. هل يفوز عثمان سونكو على ماكي سال في انتخابات الرئاسة؟
تطرق موقع إيطالي إلى أسباب شعبية المعارض السينغالي عثمان سونكو ومواقفه من النخبة الحاكمة والفساد، مبرزا حظوظه في الانتخابات الرئاسية القادمة (فبراير/شباط 2024) خاصة مع إمكانية منافسة الرئيس الحالي للبلاد مكي سال.
وقال موقع مركز الدراسات الجيوسياسية إن السنغال "تُعرف بأنها أكثر الدول استقرارا في غرب إفريقيا وباستثناء الحرب التي أثرت على جنوب البلاد حتى وقف إطلاق النار عام 2014، لا يبدو أن هناك شيئا يهدد التعاقب الطبيعي للأحداث السياسية".
واستدرك بأنه مع ذلك توجد أسباب تدفع السكان إلى عدم الرضا عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي، مشيرا هنا إلى ارتفاع معدل البطالة إلى 23 بالمئة.
كما أوضح أن الناتج المحلي الإجمالي يواصل ارتفاعه إلا أن الثروة لا يجرى تقاسمها بالتساوي، لذلك يعيش نصف السكان تقريبا تحت خط الفقر.
عثمان سونكو
وأشار إلى أن الشخصية التي تقترح إجابات على هذه المشاكل التي تعاني منها البلاد هي عثمان سونكو صاحب الـ 48 عاما.
وسونكو زعيم حزب "الوطنيون الأفارقة في السنغال من أجل العمل والأخلاق والأخوة" المعروف اختصارا باسم "باستيف" حل في المركز الثالث بالانتخابات التي أجريت عام 2019 وهو مدعوم خاصة من فئة الشباب.
يقدم الحزب المعارض بأيديولوجيته الاشتراكية نفسه للناخبين كمدافع عن مصالح الشعب ضد مصالح دول ثالثة مثل فرنسا. ويقول إنه يعمل على الحد من البطالة وهجرة الشباب ويريد الانخراط في معركة ضد الفساد.
ويصف الموقع زعيم باستيف بالشخصية الكاريزمية القادرة على إشراك السكان في احتجاجات قوية ضد الحكومة.
ولاحظ أن حضور السياسي الشاب مهيمن على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ يفوق عدد متابعيه على موقع فيسبوك، متابعي الرئيس الحالي ماكي سال، زعيم حزب التحالف من أجل الجمهورية، الذي يعارضه حزب باستيف بشدة.
يذكر الموقع أن سونكو كان من أشد المنتقدين لفساد الحكومة الحالية وسوء استخدام الأموال العامة وسوء إدارة الموارد المعدنية والنفطية في البلاد لصالح الشركات متعددة الجنسيات من بلدان ثالثة وذلك عندما كان يشغل منصب مفتش الضرائب قبل عام 2014.
حول هذه المسألة كتب كتابا، وبعد الاتهامات الموجهة إلى حكومة ماكي سال، جرى فصل سونكو من منصبه لكشفه أسرار الدولة إلا أن معركته لم تتوقف.
في عام 2014، أسس المعارض السنغالي حزب باستيف وقاده إلى المنافسة في انتخابات 2019 ليحتل المركز الثالث بفضل جاذبيته وخطاباته المباشرة للسكان، وفق تعبير الموقع.
تمتلئ ساحات العاصمة داكار بتجمعاته، فيما غصت شوارع المدينة بالمحتجين عندما جرى اعتقاله عام 2021 بتهمة اغتصاب وتهديد موظفة في صالون تدليك كان يذهب إليه بسبب مشاكل في الظهر.
النزول للشارع
وقال الموقع إن خصم ماكي سال يتمسك ببراءته ويدعو أنصاره إلى النزول سلميا إلى الشوارع من أجله وللدفاع عن حقوقهم.
وأوضح في تصريح لوكالة رويترز البريطانية في إشارة إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة: "نحن لا نطلب من الناس الذهاب وإقالة ماكي سال لكن دعونا نكن واضحين: الثورة تتقدم نحو 2024".
ولم تثبت السلطات السنغالية حتى الآن ارتكاب عثمان سونكو للاتهامات التي وجهت ضده لكن العديد من مؤيديه يشتبهون في أن مناورة سياسية وراء اتهامه بالاغتصاب من قبل الأغلبية بهدف إقصائه من السباق الاتتخابي.
لفت الموقع الإيطالي إلى أنه لا يزال من غير الواضح إذا ما كان ماكي سال سيخوض الانتخابات المقبلة أم لا، لأن فوزه يعني رئاسة البلاد لولاية ثالثة وهو ما سيتعارض مع ما نص عليه الدستور.
ويذكر في هذا الصدد بالاستفتاء الدستوري السنغالي عام 2016 الذي جرت بموجبه الموافقة على بعض التعديلات على غرار تقصير المدة الرئاسية من سبع إلى خمس سنوات، كما نص على أنه لا يمكن لأي شخص أن يترأس البلاد لأكثر من ولايتين متتاليتين.
من جانبه، جادل الرئيس السنغالي في مقابلة مع مجلة ليكسبرس الفرنسية، بأن المجلس الدستوري، الذي جرت استشارته قبل التعديل، رأى أن التغيرات الدستورية لا تأخذ في الحسبان ولايته الأولى.
لذلك، في حالة خوض الرئيس الحالي الانتخابات المقبلة، سيشكل سونكو تهديدا كبيرا للحزب الحاكم، على حد تعبير المركز الإيطالي.
لهذا السبب، يرى الكثيرون أن القضايا التي تورط فيها المعارض السنغالي مفتعلة من قبل الرئيس الحالي سال.
بحسب الموقع، ينطبق الأمر نفسه على الحكم الأخير على سونكو بالسجن شهرين مع وقف التنفيذ على خلفية قضية رفعها ضده وزير السياحة السابق بتهمة التشهير وذلك بعد أن اتهمه بإساءة استخدام الأموال العمومية.
من جهتهم، يقول محامو سونكو إن هذه القضايا لا تؤثر على مشاركته في انتخابات 2024.
أردف مركز الدراسات الإيطالي أن أنصار سال يتهمون المعارض بزعزعة استقرار البلاد من خلال دعوة الشباب نحو التمرد والعنف باستخدام إستراتيجية شعبوية.
في المقابل، يبدو جزء من السنغاليين على استعداد للدفاع عن السياسي الشاب بكل الوسائل المتاحة.
علاوة على ذلك، أشار الموقع إلى وجود اعتقاد بأن تظل وعود زعيم باستيف دون تجسيد على أرض الواقع في حالة فوزه وأن لا تترجم إلى تغييرات فعالة بعد عام 2024.
في هذا الإطار، ذكّر بوعود ماكي سال في بداية حياته السياسية باتخاذ إجراءات جادة ضد الفساد وخفض معدل البطالة في البلاد.
يرى بعض الخبراء بأنه من الخطير أن يتمكن سونكو من السيطرة بسهولة على الجماهير مما يحرضهم على التظاهر أثناء محاكماته القضائية.
يضيف الموقع بأن ما يثير القلق أيضا أن داكار تعيش أجواء الحملة الانتخابية منذ أكثر من عام رغم أن موعدها في 2024، ويخشى الكثير من اندلاع ثورة حال عدم فوز سونكو برئاسة البلاد.
وخلص إلى القول إن "الشباب السنغالي يرون في سونكو البديل، وكذلك النضال ضد الطبقة الحاكمة التي لا تتحرك لصالح السكان ويرون أنه يملك الحلول الملموسة للوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد".