اعتراف كليتشدار أوغلو بـ"العلوية".. كيف يؤثر على حظوظه بالانتخابات التركية؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

بشكل علني، صرح كمال كليتشدار أوغلو، المرشح المنافس للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن انتمائه للعلويين، في مقطع فيديو نشره على موقع تويتر وحظي بمشاهدة الملايين.

وفي 19 أبريل/نيسان 2023، تحدث مرشح تحالف المعارضة التركي للانتخابات الرئاسية علنا للمرة الأولى عن انتمائه إلى الأقلية العلوية وكسر بذلك واحدا من المحرمات الرئيسة في تركيا.

وأكد كليتشدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة في تسجيل فيديو بالقول "أعتقد أن الوقت حان لأناقش معكم موضوعًا خاصًا وحساسًا جدا، أنا علوي أنا مسلم مخلص".

 وبحسب صحيفة "مينا واتش" الألمانية، كان هذا الانتماء يمثل نقطة ضعف يُهاجمه من خلالها المرشحون المنافسون، وعلى رأسهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه الحاكم (العدالة والتنمية).

وتعتقد الصحيفة أن إعلان كليتشدار أوغلو بنفسه عن انتمائه قد يكون حرم أردوغان من استغلال نقطة ضعف له. ورأى بعض الخبراء أن هذه الخطوة كانت جريئة، لكنها قد تعيقه في الانتخابات القادمة، المقرر إجراؤها في 14 مايو/أيار 2023.

اعتراف جريء

وفي حين كان يعده الكثيرون أحد أكبر عيوبه، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالفوز في الحملة الانتخابية، حظي المرشح الرئاسي كمال كليتشدار أوغلو أخيرا باهتمام كبير من خلال التحدث بصراحة عن إيمانه بالعلويين.

وقال في مقطع الفيديو إن "الهويات هي من تصنعنا وتجعلنا ما نحن عليه".  وحسب وصف الصحيفة، بدأ كليتشدار أوغلو تصريحه بنبرة أبوية بالقول: "أعزائي الشباب الذين سيصوتون لأول مرة، حان الوقت لنتحدث الليلة عن موضوع شديد الخصوصية وبالغ الحساسية، أنا علوي، أنا مسلم مخلص".

وحول الفيديو الذي بلغت مشاهداته أكثر من 73 مليون مشاهدة، تشير الصحيفة الألمانية إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يتحدث السياسي عن انتمائه واعتقاده الديني، منذ بدء الحملة الانتخابية.

وذكرت الصحيفة أن هذا الأمر كان من أكثر القضايا المثيرة للجدل في الفترة التي سبقت ترشيحه للرئاسة.

وفضلا عن منافسيه السياسيين، اعتقد بعض المسؤولين المتحالفين مع حزب الشعب الجمهوري أن "المحافظين والإسلاميين في تركيا  سيخجلون من التصويت لصالح العلويين".

وتابع كليتشدار أوغلو في مقطع الفيديو: "على الرغم من أننا لا نختار هوياتنا، يمكننا اختيار أشياء مهمة جدا في الحياة". 

وأتبع: "يمكننا اختيار أن نكون أشخاصا صالحين، وأن نتمتع بالصدق والأخلاق، وأن نرجح العدل رغم كل ما نواجهه في الحياة"، مضيفا  أن كل شخص يمكنه اختيار عيش حياة أفضل في بلد حر ومزدهر.

جدير بالذكر أن أصل كليتشدار أوغلو ونشأته تعودان إلى مدينة "تونجيلي" الشرقية، ذات الغالبية العلوية، وفق الصحيفة. كما أشار التقرير إلى أنه يعد أول منتم لهذه الطائفة يتولى قيادة حزب الشعب الجمهوري.

ولفتت إلى أن الأقلية العلوية في البلاد لها مراسمها الدينية الإسلامية المتميزة، وكذلك دور العبادة الخاصة بهم.

ولتعارض العقيدة الإسلامية العلوية مع نظيرتها السنية، صدرت تصريحات متعددة من قبل الرئيس أردوغان نتج عنها إثارة غضب العلويين في غير مناسبة، وفق قول الصحيفة. 

إذ أدلى بتصريحات عديدة شديدة اللهجة، بما في ذلك وصفه ما يحدث في مساجد العلويين بأنه "عرض غريب".

لكن بالرغم من ذلك، تنوه الصحيفة أن أردوغان يحاول أخيرا استمالة منتسبي هذه الطائفة، عبر سلسلة من الوعود الانتخابية، وذلك لضمان فوزه في السباق الرئاسي بالغ الأهمية.

فهو يحاول أخيرا استمالة الأقلية بسلسلة من الوعود الانتخابية، لضمان فوزه في هذا السباق، وفقا لـ"مينا واتش".

مدح واسع

وحول الهدف من نشر مقطع الفيديو في هذا الوقت، يعتقد مدير برنامج الأبحاث التركي في معهد واشنطن "سونر كاجابتاي"، أن الفيديو كان يستهدف "حرمان الحكومة الحالية من نقطة قوة مهمة".

وبذلك، من وجهة نظر كاجابتاي، يحاول زعيم المعارضة "السيطرة على الخطاب الاستقطابي بعيدا عن أردوغان"، معتبرا أن كليتشدار أوغلو، عبر حديثه بنفسه عن هويته العلوية، "يحاول سحب البساط منه".

وفي ذات السياق، وصف مدير معهد الشرق الأوسط في تركيا، جونول تول، الخطوة التي اتخذها كليتشدار أوغلو بأنها "جريئة".

وقال موضحا: "إنه يعترف بهويته العلوية، وهو أمر لطالما استخدمه أردوغان وحزب العدالة والتنمية ضده، كما يعتقد الكثيرون أنه سيعيقه في الانتخابات المقبلة".

ومن جهة أخرى، أشاد بالفيديو سياسيون معارضون، بمن فيهم زعيم حزب الشعوب الديمقراطي الكردي التركي المسجون صلاح الدين دميرتاش، حيث كان من أوائل السياسيين الذين أعادوا تغريد الفيديو. 

وكتب: "من الممكن أن نحيا حياة متساوية وأخوية وسلمية في هذا البلد دون تمييز"، مضيفا أنه يؤيد "خطاب كليتشدار أوغلو ورسالته الجميلة من كل قلبه".

ويُذكر أن حزب الشعوب الديمقراطي كان قد أعلن في مارس/آذار 2023 أنه لن يقدم مرشحه الخاص، مما يزيد من فرص كليتشدار أوغلو في المنافسة الانتخابية. 

ولفتت  الصحيفة الألمانية كذلك إلى  الدعم السريع الذي تلقاه زعيم المعارضة من معظم شركائه في التحالف. 

ورغم اختلاف المعتقدات، في مقطع فيديو بعنوان "سني"، قال رفيق أردوغان السابق وزعيم حزب المستقبل الآن، أحمد داوود أوغلو، إنه "سني العقيدة، لكن من واجبه الدفاع عن حقوق المواطنين العلويين". 

وأوضح أن المعتقد الديني لا يجب أن يؤثر على الانتخابات، حيث يخوض كليتشدار أوغلو السباق الرئاسي كـ"مرشح مشترك" لكتلة المعارضة التي يقودها حزب الشعب الجمهوري، والمكونة من ستة أحزاب.

وعلى عكس المتوقع، رغم تعارضه المتكرر مع كليتشدار أوغلو على انتمائه الديني، التزم حزب أردوغان الحاكم الصمت إلى حد كبير بشأن الفيديو.

وفي المقابل، اتهم حليفه الرئيس، زعيم حزب الحركة القومية دولت بهتشلي، زعيم كتلة المعارضة بـ "انعدام المسؤولية"، وأنه أثار الحساسيات العرقية والطائفية في نقطة خطيرة جدا. 

وفي الختام، تنقل الصحيفة الألمانية عن بعض استطلاعات الرأي التي تشير إلى وجود تنافس متقارب متوازي في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

إذ تتدافع الكتل المتنافسة الرئيسة لحشد التأييد من قبل الشباب المترددين، والذين يعتقد منظمو استطلاعات الرأي أن أصواتهم ستكون حاسمة. 

وتعتقد الصحيفة أن هؤلاء الشباب بالتحديد كانوا الفئة المستهدفة من كليتشدار أوغلو ورسالته بالفيديو. 

ولذلك استخدم تلك النبرة الأبوية في خطابه للناخبين الشباب، قائلا: "صديقي الشاب العزيز، نحن عند نقطة تحول كدولة ونريد منك أن تساعدنا في تجاوزها معا، لا تنس أنه يمكنك قيادة هذا البلد للخروج من الصراعات الطائفية المؤلمة".