محنة إنسانية.. تضامن واسع مع اللاجئين السوريين بلبنان واستنكار للتحريض ضدهم

12

طباعة

مشاركة

خلال أبريل/ نيسان 2023، تصاعدت عمليات ترحيل السلطات اللبنانية اللاجئين السوريين، وبرز انغماس إعلاميين وكتاب وناشطين في وحل العنصرية ومستنقع التحريض ضدهم، بذرائع عدة أبرزها دخولهم بطرق غير شرعية وتسببهم في "أزمات اقتصادية وديمغرافية".

السلطات اللبنانية رحلت أكثر من خمسين لاجئا سوريا خلال النصف الثاني من أبريل، ومن بينهم عسكري منشق عن قوات نظام بشار الأسد منذ عام 2014 إضافة لزوجته وطفليه.

ومنذ بداية الشهر، شنت أجهزة الاستخبارات التابعة للجيش اللبناني عمليات عدة تستهدف اللاجئين السوريين في بيروت ومنطقة جبل لبنان؛ واعتقلت مساء 26 أبريل، عددا منهم في مخيمات قضاء "النبطية".

بدورها، دعت منظمة العفو الدولية -غير الحكومية- السلطات اللبنانية إلى "وقف عمليات الترحيل غير القانونية للاجئين سوريين" خشية أن يتعرضوا "لتعذيب أو اضطهاد" من قبل النظام السوري عند عودتهم إلى بلادهم التي تشهد حربا.

وهو ما تبناه أيضا ناشطون على تويتر إذ أعربوا عن غضبهم من التصعيد اللبناني تجاه اللاجئين السوريين، وتحميلهم مسؤولية التدهور الذي يشهده لبنان، مذكرين بأن البلد يعاني من أزمات اقتصادية وسياسية منذ زمن بعيد، فضلا عن أن الساسة مسببي الفوضى ما زالوا على رأس السلطة.

وعبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسم #اللاجئين_السوريين، اتهموا السلطات اللبنانية باستخدام ملف اللاجئين السوريين كأداة للتغطية على جرائم وفظائع أكبر ترتكب في لبنان، وصرف الانتباه عن قضايا عالقة لم تحسم على رأسها ملف مرفأ بيروت.

وأعرب ناشطون عن استيائهم من استخدام "اللاجئين السوريين" لتسويغ الإخفاقات في لبنان والتعتيم عليها والتنصل منها وتضليل الرأي العام، ومحاولة تحميلهم مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي وتجاهل مسبباتها وعلى رأسها الطغمة الحاكمة.

ورأوا أن إعادة اللاجئين السوريين في لبنان قسرا إلى مناطق سيطرة النظام، أبرز بركات التطبيع العربي مع رئيس النظام السوري بشار الأسد وإعادة تعويمه وتلميع صورته وغسل يده من الجرائم التي ارتكبها منذ 2011 بحق السوريين وتسببه في نزوحهم.

وعد ناشطون تسليم لبنان النازحين السوريين الفارين من بطش النظام السوري دون ضمان سلامتهم، مع يقينهم أنهم سيلاقون مصيرا يصل حد الإعدام الجماعي، بمثابة شراكة في الإجرام والقتل. 

وتداولوا مقطع فيديو يظهر عنصريين لبنانيين يضربون لاجئا سوريا في بيروت ويشتمونه بأقذر العبارات، مستنكرين ما يتعرض له اللاجئون من تنكيل وعنصرية وإرهاب وما يلاقونه من معاملة وحشية.

حملة عنصرية

وتفاعلا مع معاناة اللاجئين السوريين، استنكر ناشطون تصاعد المشاعر المعادية للسوريين وتبني إعلاميين للخط المعادي لهم وللرواية اللبنانية.

إذ أشار الإعلامي فيصل القاسم، إلى أن كل وسائل الإعلام تتحدث اليوم عن محنة اللاجئين السوريين في لبنان باستثناء إعلام النظام السوري، وكأن الأمر لا يعنيه.

وأوضح أن هذا طبيعي، فكيف تتوقع ممن شرد ملايين السوريين وقتلهم واعتقلهم ودمر بيوتهم أن يهتم بعودة اللاجئين أو الاحتجاج لدى الدول التي تضايقهم وتطردهم.

وتساءل حمد بن فهد بن عبدالعزيز آل ثاني: "من يمثل السوريين اللاجئين؟ من المتحدث باسمهم؟ من يدافع عنهم وينصفهم؟ لم نر واحدا من أعضاء الائتلاف أو الحكومة المؤقتة يدين ترحيل وطرد السوريين أو يفعل شيئا من أجلهم، لمن تركوهم هكذا يساقون للموت بدم بارد ألم يكفهم أنهم عاشوا أسوأ الظروف؟"

واستنكر الكاتب بسام جعارة، تصاعد الحملة العنصرية المسعورة ضد اللاجئين السوريين في لبنان، محذرا من أنها تنذر بعواقب وخيمة مع مشاركة القنوات التلفزيونية في حملات التحريض.

وقال الكاتب الصحفي عبدالوهاب الساري، إن ما تعرّض له اللاجئ السوري في لبنان ومن قبله مئات الحالات يستوجب على المسلمين التحرُّك، داعيا إلى قطع المُساعدات عن حكومة "لا تحمي الإخوان في الله".

وأضاف: "اللاجئون السوريون يُعذّبون يا مسلمين، إياكم أن يخرُج أحد بعد اليوم يتكلّم عن انقطاع الكهرباء هُناك أو الأكل من القُمامة".

أزمات لبنان

وسلط ناشطون الضوء على المشاكل التي يعانيها لبنان والتي سيعانيها أكثر فور خروج اللاجئين السوريين منه.

وقالت الصحفية يمن عموري: "مع خروج كل اللاجئين السوريين من لبنان، لا تنسى أيها اللبناني ما ستواجه، من مدارس رسمية مُعَطَلَة، والودائع البنكية محجوزة في المصارف، والدولار يُحلق بعيدا جدا عن الليرة اللبنانية، والمجلس النيابي مُختطف، الحكومة حكومة تصريف أعمال، وكرسي الرئاسة فارغ.

وتابعت: "المتسبب بانفجار بيروت وتدمير نصف العاصمة منذ 3 سنوات لا يزال دون محاكمة، أدوية السرطان مفقودة، الطبابة لناس وناس، الكهرباء في طي النسيان، والمولدات تولّد هواءً ملوثا كافيا لمضاعفة حالات السرطان الكثيرة أصلاً."

وحذر الناشط السوري عبدالوهاب عليوي، من أن ما لا يدركه الشعب اللبناني الذي تحركه الأحزاب السياسية أن اقتصاد لبنان بعد إخراجهم السوريين سينهار أكثر مما هو عليه الآن، قائلا: "اسألوا حكومتكم كم تقبض أموال بسبب اللاجئين".

وقالت الصحفية ليال حداد: "الدولة اللبنانية الكريمة ب12 سنة، شو عملت لتلاقي حلول لتبعات اللجوء السوري على لبنان، غير العنصرية والشعبوية والعنف بمراكز التوقيف، وتحريض الناس، وسرقة أموال المساعدات؟ بـ12 سنة ما يسمّى الدولة اللبنانية ما عملت ولا أي خطوة جدية. منيح نضل مذكرين هيدا الشي".

تبرئة وتطبيع

وأعرب ناشطون عن رفضهم تحميل السوريين مسؤولية الأزمات التي يعانيها لبنان، ملمحين إلى أن التصعيد ضد اللاجئين في الوقت الراهن محاولة إلهاء متعمدة.

وكتب جورج صبرا: "ليس لأحد أن ينكر أو يتجاهل الأعباء التي يلقيها اللاجئون على كاهل البلدان المضيفة، لكن أن يصبحوا مكسر عصا وشماعة تعلق عليها الانهيارات والمفاسد والمشاكل البنيوية في تلك البلدان، فهو أمر غير صحيح وغير عادل ومرفوض بالمطلق. وفيه خرق للقانون الدولي الإنساني".

وأوضح الناشط زين العابدين، أنه مع كل نكسة في أي دويلة مُهلهلة الأركان اقتصاديا، وتنهار عملتها، ويتضخم اقتصادها، هناك طريقة وحيدة للتنفيس عن الشعب، في خضم فشل الدولة، وهو تعويم خطاب الكراهية ضد الأجانب أو اللاجئين.

وذكر الإعلامي نزيه الأحدب، بأن السياسيين اللبنانيين وحاكم مصرف لبنان (رياض سلامة) ليسوا نازحين سوريين، قائلا إن الأزمة اللبنانية كبيرة جدا وغضب اللبنانيين من سوء الأوضاع المعيشية كبير ومقدّر، لكنه لا يجب أن يحرف البوصلة عن المتسببين الحقيقيين بانهيار الليرة اللبنانية وتداعياته الكارثية.

وقال عبيدة الساحلي، إن ما يحدث في لبنان وغيرها من ممارسات نازية ضد اللاجئين السوريين هو ضمن سياسة التطبيع العربي مع النظام.

وكتب هشام: "ربنا يكون في عون إخوانا السوريين بعد تطبيع الأنظمة العربية مع نظام سفاح سوريا خرجت الافاعي والحيات من جحورها لتنفث سمومها ضد اللاجئين المستضعفين منهم".

ورأى أسعد الحساني، أن ما يحدث في لبنان هي حملة همجية ضد السوريين فقط لإجبارهم على العودة كجزء من مخطط التطبيع والذي سيتضمن الضغط على المعارضة لتسليم سلاحهم وإعادتهم إلى ما يسمى حضن الأسد.

وتوقع أن يكون لبنان البداية وسنرى لاحقا نفس الإجراءات في الجزائر وتونس وغيرها من البلدان.

جريمة مكتملة

وأكد ناشطون أن تسليم النظام اللبناني اللاجئين للنظام السوري الذي قتلهم وهجرهم وقصفهم بالأسلحة المحرمة دوليا كالبراميل المتفجرة والكيماوي وتسبب في معاناتهم جريمة مكتملة الأركان.

وعد المحامي محيى الدين لالا، تسليم لاجئ سوري مطلوب أمنيا إلى عصابة القتل في دمشق، "جريمة بكل معنى الكلمة".

وأشار الأكاديمي يحيى العريضي، إلى أن 100 يوم تقريبا تفصل الشعب اللبناني عن الذكرى الثالثة لجريمة انفجار مرفأ بيروت بنترات الأمنيوم الخامينائية النصرلاتية. 

ولفت إلى أن أهل الجريمة ذاتها يرتكبون جريمة مشابهة في هذه الأيام بشحن آلاف السوريين اللاجئين في لبنان قسرا إلى مقابر أحياء منظومة الاستبداد وإشعال عداء بين الشعبين الضحية.

وحث عربي قاسم، على مطالبة المحاكم الدولية بمحاكمة كل من يأمر بتسليم أي لاجئ سوري معارض إلى نظام الأسد الإجرامي أو يتسبب في اختفائه لدى أجهزته الإرهابية بتهمة القتل العمد، لعلمه المسبق بما ستفعله منظومة القتل الأسدية من خطف وتجويع وتعذيب حتى الموت للتخلّص من جميع المعارضين السوريين.

ووصفت المغردة رفيف، ترحيل أو تسليم النازح المعارض للنظام المجرم، بأنه كبيرة من كبائر الذنوب وجريمة أخلاقية وقانونية ترقى إلى درجة القتل العمد والجرائم ضد الإنسانية.