رئيس "حمس" لـ"الاستقلال": سنبقى بالمعارضة ونسعى لوحدة التيار الإسلامي بالجزائر

12

طباعة

مشاركة

أكد الرئيس الجديد لحركة "مجتمع السلم" في الجزائر، عبد العالي حساني، أن حركته لا تحمل أي عداوة أو خصومة مع أي جهة، وما يجمعها بأشقائها في التيار الإسلامي أكثر مما يفرّقها، وأنها تثمن الحوار وتختار التصالح وتدعو إلى التوافق ويدها ممدودة لجميع مكونات الحياة السياسية.

جاء ذلك في حوار أجراه حساني مع "الاستقلال"، عقب تزكيته في 18 مارس/ آذار 2023 رئيسا جديدا لحركة مجتمع السلم التي تعدّ أكبر حزب إسلامي في الجزائر. 

وشدد حساني على أن نجاح مشروع وحدة أبناء التيار يتطلب النأي به عن التناول الإعلامي والتجاذب العلني والعمل في صمت، مشيرا إلى أنهم بدؤوا خطوات نحو وحدة التيار الإسلامي في الجزائر باعتباره "واجبا شرعيا وضرورة مبدئية".

وعن انتخابه، قال حساني إن حركته "ودود ولود" ومن الطبيعي أن يتم تداول القيادة داخلها بين جيل التأسيس والأجيال المختلفة لإنجاب الأفضل دائما، مؤكدا حدوث نوع من التنافس الصامت قبل المؤتمر وحُسم الأمر بطريقة مثالية هادئة.

ولفت إلى أنه من السابق لأوانه الحديث عن مشاركة الحركة في الحكومة الحالية وأنها لازالت في خندق المعارضة، وكذلك أمر انتخابات 2024 من اختصاص مجلس شورى الحركة.

وأشاد رئيس حمس بموقف الجزائر الرسمي والشعبي الذي "لا يزال يسجل مواقف الشرف الأولى بالزحف ضد تيار التطبيع والتصدي لمحاولات الصهاينة اختراق الجدار العربي والإفريقي".

وأشار إلى أنه" آن الأوان أن تنخرط الجزائر في محور يراعي سيادتها الكاملة وأن تتخلص من هيمنة المستعمر القديم، حيث لا تزال باريس مصرة على العقلية الاستعمارية بعدم الاعتراف بجرائمها أو الاعتذار والتعويض عنها".

وحساني شريف من بين الجيل الأول في صفوف الحركة، حيث انتخب برلمانيا عن "مجتمع السلم"في ولاية المسيلة لعهدة 2007 – 2012.

وشغل منصب الأمين الوطني للتنظيم خلال فترة ترأس سلفه عبد الرزاق مقري للحركة، ويوصف داخل الحركة بأنه الذراع الأيمن لمقري وكاتم أسراره.

يد ممدودة

بوصفكم رئيسا جديدا منتخبا لمجتمع السلم، ما رؤيتكم للنهوض بالحركة في عهدتكم التي تستمر 5 سنوات؟

لدي خطة عمل وبرنامج واضح، سيتم إصدار لوائح لتنظيم العمل المرحلي، كما ستنعقد دورة لمجلس الشورى الوطني بعد شهر، يتم خلالها تشكيل المجلس التنفيذي الوطني الجديد للحركة، هذا الأخير سيصادق على النظام الداخلي والخطة الخماسية لحركة مجتمع السلم التي تنتهي 2028.

بالمقابل سيتم أيضا إعداد البرنامج الذي سيحدّد ملامح النشاط السياسي مستقبلاً لكوادر وقيادات الحركة، كما أن البرنامج السياسي للحركة سيتضمّن تعديلات جديدة، منها تلك المتعلقة بقضايا الشباب والملفات السياسية الهامة؛ على غرار تطوير رؤية العمل الخارجي للحركة والعلاقات الدولية التي ستضيف الكثير في مسار ومسيرة حركة مجتمع السلم.

هل يمكن أن نرى في عهدتكم إعادة لحمة الإسلاميين في الجزائر من أبناء مدرسة المؤسس الشيخ محفوظ نحناح؟

حركة مجتمع السلم لا تحمل أي عداوة أو خصومة مع أي جهة، سواء كانت حزبية أو رسمية أو مجتمعية، وما وقع من خلافٍ سابق بيننا وبين إخواننا في حركة البناء الوطني فهو الآن من الماضي، ونحن في أجواء أخوية، وفي خطوات وحدوية، وما يجمعنا أكثر مما يفرِّقنا. 

والحركة مدرسة سياسية متميزة، وقد أرست تقاليد عريقة في الفكر السياسي وسلوكها السياسي المنفتح يشهد له القريب والبعيد، بأنها حركة تثمن الحوار وتختار التصالح وتدعو إلى التوافق، واليد الممدودة التي أطلقناها تعني جميع مكونات الحياة السياسية في الجزائر.

ولطالما عُرفت الحركة بحيويتها السياسية ومحوريتها في الساحة الجزائرية، من خلال الانخراط في المبادرات السياسية التي تتجاوز الحزبية والإيديولوجية الضيقة، وهي التي تطلق من خلال الجمع بين الإسلام والوطنية والديمقراطية، وهو ما يجعلها رمانة الميزان في معادلة التدافع السياسي في البلاد.

بشكل أدق، هل الحركة ستواصل مساعي الوحدة مع أشقائها من "البناء الوطني" الذي يجمع بينهما أصل مشترك وخط تربوي واحد؟

لقد حرصت الحركة على تبنِّي مشروع الوحدة لائحيًّا في وثائقها التي صادق عليها المؤتمر، وبالتالي فإن هذا المشروع محصَّن من الناحية القانونية بشرعية المؤتمر.

فقد نصَّ "دستور الحركة" (القانون الأساسي) على أنه يضطلع مجلس الشورى الوطني بالمصادقة على الإجراءات المتعلقة بالوحدة مع أحزاب أخرى بعد اقتراح المكتب الوطني للآليات والإجراءات الضابطة لذلك.

ولقد كان من عوامل نجاح مشروع الوَحدة الأولى مع "جبهة التغيير" هو النأي بهذا الملف عن التناول الإعلامي والتجاذب العلني، حتى يأخذ مساره الطبيعي، ويصل إلى حالته من النضج، والقابلية للتجسيد على أرض الواقع، ولذلك فإن أي مشروع في هذا الاتجاه سيأخذ حظَّه من التعبُّد لله تعالى بالأسباب الممكنة لنجاحه.

وهناك خطوات عملية جارية في هذا المسعى المبارك على اعتبار أن وحدة التيار الإسلامي واجب شرعي وضرورة مبدئية.

ودود ولود

ما دلالة انتخابكم رئيسا جديدا لحركة مجتمع السلم من الصف الثاني الذي لم يرافق المؤسِّس الراحل محفوظ نحناح؟

لقد قاد الحركة مع فضيلة الشيخ محفوظ نحناح، رحمه الله، جيل قيادي شاب، وبعد هذا المسار الطويل الذي تجاوز 30 سنة من قيادة الحركة لقيادات تاريخية، فإنه من الحتمي في دورة الحياة الطبيعية والتنظيمية أن يتم تداول القيادة داخلها، إذ هي حركة ودود ولود، لا تعجز عن إنجاب الأفضل.

تقلّدت مسؤولية أمانة التنظيم والهياكل الإدارية منذ المؤتمر الخامس عام 2013، وهو ما جعلني وسط المعترك السياسي والحركي والمجتمعي والتنظيمي في آن واحد.

فضلا عن احتكاكي المباشر مع مناضلي الحركة، إلا أنني أؤكد بأنه مهما كان موقعك بالحركة فإن لوائحها وتقاليدها وما لديها من آليات ديمقراطية تمنع أي استغلال للمنصب لأغراض انتخابية.

هل وجودكم في تلك المناصب واحتكاكم المباشر بشريحة واسعة من القاعدة والكوادر كان له علاقة بفوزكم بمنصب رئيس الحركة.. بمعنى آخر هل استغللتم منصبكم في الوصول للرئاسة؟

أعوذ بالله.. إطلاقا ليس من أخلاق أبناء الحركة ذلك، ناهيك عن أن الحركة تستمد الشورى من روح الإسلام، حيث إنها تكرّس ما يعرف بتقاليد الديمقراطية والمؤسسية داخلها، وهو ما يجعل هذا الانتقال والتداول للقيادة طبيعيا وسلسا كنوع من توارث الأجيال داخل الحركة مع الاحتفاظ لأهل السبق بالفضل.

فضلا عن أنها لا تُصادر حق الأجيال في التداول الديمقراطي على القيادة.

ما الذي يميز شخصكم كرئيس جديد للحركة عن رئيسها السابق؟

لا أبالغ إذا قلت أن رئيس الحركة السابق مقري كان ربانا ماهرا قاد سفينة الحركة وسط أعاصير الانقسام والانشقاق آنذاك والتي كادت تعصف بالحركة منذ المؤتمر الرابع نهاية 2007، وتمكن بفضل الله ودعم إخوانه في قيادة الحركة ومن أبناء الصف من الوصول بها إلى بر الأمان خلال عهدتين قاد فيهما زمام الأمور من 2013 إلى 2023.

ولذلك فإنني عاقد العزم على قيادة الحركة بهذا الطموح الكبير، والذي يتجاوز الأشخاص والتنظيمات، بل هو مرتبط بأمل الأمة في الاستئناف الحضاري من جديد. 

ولعل ما يجسد طموحنا كحركة مجتمع السلم نحو الوحدة هو ذلك المشهد الذي رأيناه من لوحة جمالية خلال أعمال المؤتمر العام للحركة، وبحضور ومشاركة ومساندة مختلف القيادات التاريخية على اختلاف قناعاتها وخياراتها السياسية.

ومما يُحسب لرئيس الحركة السابق أنه سعى مع إخوانه في القيادة أن يكون مشروع الوَحدة ضمن مشاريع الحركة الإستراتيجية، وهو ما تجسَّد في تحقيق الوحدة مع "جبهة التغيير" بقيادة الأستاذ عبد المجيد مناصرة عام 2017، ولا يزال هذا النَّفَسُ الوحدوي مستمرا مع باقي مكوّنات مدرسة الشيخ محفوظ نحناح عليه رحمة الله.

ولن يتوقف سعي الحركة نحو الوحدة مع جميع مكونات التيار الإسلامي، وهي قضية مبدئية قبل أن تكون ضرورة سياسية واقعية.

مثالية هادئة

ما أسباب عدم وجود تنافسية أو صراع خلال انتخابات الرئاسة كما كان يحصل في السنوات السابقة في الترشحات والاستقطابات؟

من الطبيعي أن يكون هناك تنافسٌ على الخيارات والرجال في المؤتمرات التي تمرُّ بها الحركة، وهي كغيرها من الحركات والأحزاب السياسية في العالم العربي والإسلامي، باعتبارها تجارب بشرية، تتنافس على قضايا اجتهادية وتقديرية، وهي ظاهرة صحية عندما تكون ضمن إطار التنافس الشريف واختلاف التنوع، لا اختلاف التضاد.

وحتى هذا المؤتمر الثامن الذي انعقد منتصف مارس/آذار 2023 واستمر ثلاثة أيام حدث فيه نوع من التنافس الصامت قبل المؤتمر، إلا أن التوجه الغالب لدى عموم المؤتمرين والمؤتمِرات حسم الأمر بطريقة مثالية هادئة، نشعر من خلاله بنوع من العناية الإلهية التي أنزلت السكينة علينا جميعا، فخرجنا منه بصورة جمالية مشرّفة. 

كان خيار رئيس الحركة السابق هو التمترس في صفوف المعارضة، هل بقدومكم يمكن أن تنتقل الحركة إلى صفوف المشاركة في الحكومة الحالية؟

من السابق لأوانه الحديث عن مشاركة في الحكومة الحالية، فمسألة المشاركة في الحكومة أو المعارضة لها قد تجاوزناها منذ فترة، باعتبارها مسألة جزئية ضمن الرؤية السياسية العامة التي تتبناها الحركة..

فجاء شعار المؤتمر العام للحركة لاختيار قيادة جديدة هو "آفاق جديدة.. جزائر منشودة"، للتعبير عن وجود قناعة لدينا بأن الجزائر تعاني نوعا من الانغلاق السياسي، والذي يحتاج إلى فتح آفاق جديدة، وهي مسألة لا تعني الوضع الداخلي للحركة؛ بل هي مسألة عامة تتجاوز الحالة الجزائرية بشكل عام.

فضلا عن أن هذا الوضع العام لا يشكّل حالة إحراج في الموقف الذي نراه مناسبا حسب النتائج الانتخابية والوضع السياسي العام والظروف التي تمرّ بها البلاد، وهي قضية مؤسّسية وليست خيارات شخصية، لكن الأكيد أنَّ الحركة لن تعيد استنساخ تجارب المشاركات في الحكومات السابقة، فهي إما في معارضة جدية فاعلة، وإما في شراكة سياسية حقيقية.

مواقف الشرف

ما جهود الجزائر من وجهة نظركم في التصدي للاختراقات الصهيونية للجدار العربي والإفريقي؟

لا شك أنه في زمن الرِّدة العامة لعدد من الدول العربية والإسلامية تجاه قضية الأمة الإسلامية المركزية المتمثلة في القضية الفلسطينية، وما رأيناه من الموجة المشؤومة للهرولة نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب، إلا أن الجزائر لا تزال تسجِّل مواقف الشرف الأولى بالزحف ضد هذا التيار المطبع..

وليس أدل على ذلك من أخذها لزمام المبادرة بعقد اتفاق المصالحة الفلسطينية في أكتوبر 2022، قبيل انعقاد القمة العربية استنساخ بالجزائر، وكذا المقاومة الديبلوماسية التي خاضتها الجزائر مع بعض الدول الإفريقية لطرد الكيان الصهيوني وتجريده من صفة مراقب في الاتحاد الإفريقي، وإبطال محاولاته لاختراق القارة السمراء.

ونحن في حركة مجتمع السّلم –وإن كنا حزبا معارضا– نقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت، وهو ما يجعلنا نفخر بالمواقف التاريخية الثابتة للدولة الجزائرية تجاه القضايا العادلة عموما وتجاه القضية الفلسطينية على وجه الخصوص، والتي ترقى إلى أنها قضية وطنية سيادية، لن يكتمل استقلال الجزائر إلا بتحرير فلسطين كل فلسطين من النهر إلى البحر.

كيف ترى المناخ السياسي العام في الجزائر اليوم وكيف ستتعاطى معه الحركة في عهدكم؟

للأسف أصيبت الحياة السياسية بنوع من التصحر والانسداد في الأفق، بعد إعادة النظام السياسي تجديد أدواته، وفرض منطق التحكم في المشهد السياسي العام، خوفا من هاجس عودة الحراك الشعبي، فاستعمل كل أدوات الهيمنة، وهو ما لا يخدم الصورة العامة للبلاد، بل سيزيد من حالة الاحتقان التي لا تساعد على الاستقرار السياسي والاجتماعي.

أضف إلى ذلك أن هناك حالة سياسية عامة اجتاحت المنطقة بعد الانقلاب على موجة الربيع العربي والشعور العربي العام بخيبة الأمل الكبيرة في التغيير الشامل والتغيير الحقيقي.

هذا الشعور بفعل التدخلات الأجنبية ومنصاتها في الثورات المضادة، ومنه ما وقع في الجزائر بعد انكسار موجة الحراك الشعبي الذي انطلق في 22 فبراير/شباط 2019، واستمر لما يقارب السنة.

ورغم أن الحراك لم يتوقف في الجزائر إلا بالإرادة الطوعية بسبب جائحة كورونا، والذي ولَّد حالة من خيبة الأمل في تحقيق كل المطالب السياسية المشروعة للشعب وإرادته في تغيير جذري للمنظومة التي كانت سائدة.

هل ترى الأوضاع السياسية في الجزائر تتراجع للخلف أم أنها لا تراوح مكانها؟

أرى أن هناك تراجعا كبيرا في المكاسب السياسية والحزبية، ورِدّة واضحة في الحرية الإعلامية، وترهلا مقلقا في الممارسة السياسية، وخاصة بعد خيبة الأمل الكبيرة بسبب الإخفاق في تحقيق المطالب الكبرى للحراك الشعبي، وعدم تحقيق التغيير الحقيقي والجذري المنشود.

وليس أدل على ذلك من تواضع تحقيق المطالب السياسية المشروعة للشعب الجزائري، والشعور العام بإعادة النظام السياسي تجديد نفسه، إلى جانب الحملات الكبيرة في ملاحقة الحريات الفردية والجماعية بعد توقف الحراك الشعبي.

وكل ما سبق يجسد حالة من الانغلاق في الأفق السياسي والإعلامي غير طبيعية، وهي ليست في مصلحة الاستقرار والمشاركة السياسية والمجتمعية المنتظرة للجزائريين.

من المسؤول عن هذا الوضع برأيك؟

مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع اليوم في الجزائر يتحملها الجميع، وعلى رأسهم السلطة الحاكمة والأحزاب السياسية والنخب، إلا أن المسؤولية الكبيرة تتحملها السلطة بالطبع، على اعتبار أنها تمتلك كل أدوات الانفتاح أو الغلق في ذلك.

وبالرغم من كوننا في حركة مجتمع السلم نُعد المعارضة الوحيدة في البرلمان إلا أننا نعتز بأداء كتلتنا البرلمانية، والتي تشكل أداة ضغط حقيقي وتمارس التدافع الفعلي مع الحكومة، ولطالما كان لمواقفنا تأثير على عمل الحكومة، ومراجعة الرئيس لبعض القرارات ذات الصلة.

صلاحيات الشورى

من المنتظر أن تشهد الجزائر انتخابات عامة سياسية بعد عام من الآن، هل تفكر الحركة أن يكون لها دور فيها - ترشُّحا أو ترشيحا؟

لا شك أن الموقف الرسمي والنهائي بشأن المشاركة في الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية هو من صلاحيات مجلس الشورى الوطني.

والمنطق السياسي يقتضي أن تكون هذه الانتخابات ميدان اختبار حقيقي للأحزاب سواء كانت انتخابات رئاسية أو برلمانية، باعتبارها الأداة التي تعبِّر عن الوجود الفعلي للأحزاب، والوسيلة الحضارية في الاحتكام إلى الإرادة الشعبية، من خلال الاحتكاك بمختلف شرائح المجتمع عن قرب بصورة مباشرة.

ومن المؤكد أن حركة مجتمع السلم ستكون معنية بالانتخابات الرئاسية بحلول نهاية عام 2024، وستظل سيناريوهات المشهد السياسي كافة في الجزائر ماثلة أمامنا وساعتها يكون لكل حادث حديث.

ما هو موقفكم كرئيس جديد للحركة من الانتخابات الرئاسية الجزائرية العام المقبل؟

من السابق لأوانه الحسم في هذا الموضوع الآن، فلا يزال الأفق السياسي غامضا، ولا تزال هذه المسألة السياسية الدقيقة حساسة، وستكون الحركة منفتحة على جميع الخيارات الممكنة، وستأخذ مؤسسات الحركة كامل وقتها للإحاطة بهذا الاستحقاق من جميع جوانبه حتى نكون في الموقع المناسب، وفي الموقف المشرِّف.

ونحن حركة ديمقراطية مؤسّسية، وكل ما ستقرِّره مؤسسات الحركة نحن مسؤولون على تنفيذه بحذافيره.

 وهل يمكن أن يكون رئيس الحركة مرشحا للرئاسيات كما جرت الأعراف في حال ما قررت الحركة المشاركة في تلك الانتخابات؟

لا شك أن هذ الأمر سابق لأوانه.. ولكل حادث حديث حين يحل وقته.

أزمة عميقة

ما هو مستقبل العلاقة بين الشقيقتين الجزائر والمغرب من وجهة نظركم؟

الأزمة مع المغرب عميقة وهي تتجاوز الخلاف على تقرير مصير الصحراء الغربية، بل تمتد إلى الأطماع التوسعية للمغرب، ومما زاد الخلاف خطورة هو ارتماء المغرب في أحضان الكيان الصهيوني سرا منذ ستينيات القرن الماضي، وعلنا منذ توقيعه لأخطر أنواع وأشكال التطبيع قبل ثلاثة أعوام وتحديدا عام 2020.

وأصبح ذلك الوضع يشكل تهديدا وجوديا للمنطقة عموما وللجزائر خصوصا حيث تطوَّر التطبيع الأخير بين الرباط وتل أبيب إلى اتفاقياتٍ أمنية وشراكات عسكرية للأسف الشديد وهو ما يثير اشمئزاز الجزائريين من هذا التطبيع.

ولذلك نحن في الحركة نتأسف كثيرا للخلافات الخطيرة التي تطبع العلاقة بين بعض الدول العربية والإسلامية بشكل عام رغم المشتركات الكثيرة بينهم، تجلت في غلق الحدود وقطع العلاقات الديبلوماسية.

وعلى وجه الخصوص ما نراه في الحالة الجزائرية - المغربية، والتي تتجاوز إرادة الشعبين الشقيقين ويزيد في تعميق الخلاف بين البلدين، ويجعل حلّه يتجاوز النوايا الطيبة للأحزاب أو الحكومات.

تتجاذب المنطقة رياح من جهة الغرب وأوروبا وأخرى من جهة الشرق الروسي الصيني تُرى ما موقف الحركة تجاه ذلك، وهل أنتم راضون على إدارة السلطة لهذه الوضعية؟

يمر العالم بتحولات سريعة وتطورات عميقة، تبشّر بالذهاب إلى عالم متعدد الأقطاب، وهو فرصة للجزائر لإعادة رسم علاقاتها الدولية بشكلٍ عقلاني ومتوازن، وبالتحرر من الهيمنة الغربية والعلاقات غير المتوازنة مع المستعمر القديم، والانخراط في المحاور التي تراعي السيادة الكاملة والمصالح المشتركة والاحترام المتبادل والعلاقات الندية.

الحقوق التاريخية للشعب الجزائري تجاه جرائم فرنسا لم ولن تسقط بالتقادم ولا يمكن المساومة عليها

هناك من يرى بأن مطالب الاعتراف والاعتذار والتعويض بمثابة خطاب يستعمل للاستهلاك الداخلي والضغط على مصالح فرنسا بالجزائر، بينما لا توجد إجراءات تشريعية وسياسية لتجسيد هذا المشروع أو التصور؟

الحقوق التاريخية للشعب الجزائري تجاه جرائم فرنسا "لم ولن تسقط بالتقادم"، ولا يمكن المساومة عليها ولا تملك أي سلطة مهما كانت شرعيتها حق التنازل عنها هذا أولا.

وثانيا، ملاحقة جرائم المستعمر تلك هي قضية دولة وليست قضية سلطة، وقضية شعب وليست قضية نخبة، وأعتقد أن الاتفاقيات الدولية تضمن حق الشعب الجزائري في ملاحقة فرنسا في المحاكم الدولية، ولا تزال مطالب الحركة المعلنة في هذا الجانب للسلطة السياسية الحاكمة بالتعامل بندية سياسيا وتشريعيا واقتصاديا وثقافيا مع الجانب الفرنسي.

كيف ترى الحركة مستقبل العلاقة بين الجزائر وفرنسا في ظل الصراع التاريخي مع المستعمر؟

من الطبيعي أن تكون العلاقات الجزائرية - الفرنسية متذبذبة ومضطربة، وهي العلاقة المثخنة بجراحات الماضي الفرنسي الأسود في الجزائر، ما دامت المؤسسة الفرنسية لا تزال مدمنة على التعامل مع الجزائر بعقلية كولونيالية استعلائية..

ولا تزال باريس مُصرة على تلك العقلية الاستعمارية بعدم الاعتراف بجرائمها أو الاعتذار والتعويض على تلك الجرائم التي لا تسقط بالتقادم، ولا تزال تتلاعب بملف الذاكرة في محاولات خبيثة للمساواة بين الضحية والجلاد.

والسلطة السياسية في البلاد مُطالبة بالتعامل بكل سيادة واستقلالية وندية مع الطرف الفرنسي، ولا يمكن أن تكون هذه العلاقة على حساب الدولة الجزائرية ولا على حساب مصالح الشعب، ونحن نرصد هذا التطور السيادي في التعامل مع فرنسا والتحرر التدريجي من هيمنتها.