بعد نجاح حمزة يوسف في أسكتلندا.. كيف يبدو تمثيل المسلمين سياسيا في أوروبا؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

بعد منافسة قوية مع عدة مرشحين على رئاسة الحزب الوطني الإسكتلندي، انتخب حمزة يوسف رئيسا للحزب في 28 مارس/ آذار 2023، ليكون أول رئيس وزراء مسلم لإسكتلندا، والأول في مثل هذا المنصب بأوروبا الغربية.

ورغم ذلك، أكدت وكالة الأناضول التركية أن تمثيل المسلمين سياسيا في أوروبا مازال منخفضا للغاية، ذاكرة عدة نماذج تثبت تخلف القارة العجوز عن كثير من الدول الإسلامية في هذا الشأن.

تمثيل منخفض

وقالت الوكالة التركية إنه ليس من الصحيح تعميم هذا التطور الإيجابي الخاص ببريطانيا وإسكتلندا، على التمثيل السياسي للمسلمين في جميع أنحاء أوروبا.

ففي دول أوروبا الغربية، بما في ذلك بريطانيا، تتمتع الأقليات المسلمة بتمثيل سياسي منخفض جدًا مقارنة بعدد سكانها.

كما أنه في حين أن 4.7 بالمئة؜ من سكان بريطانيا مسلمون، ظلت نسبة النواب المسلمين في مجلس العموم عند متوسط ​​1.9 بالمئة؜ خلال فترات الانتخابات الثلاث بين عامي 2007 و2018.

وهذا المعدل هو تقريبا نفس معدل التمثيل السياسي للأقلية المسلمة في ألمانيا، وهي إحدى الدول الأوروبية الكبرى.

وفي فرنسا، التي تضم أكبر أقلية مسلمة في أوروبا الغربية (بمعدل 7.5 بالمئة؜؜)، حيث يقابل تعداد المسلمين عُشر السكان، وبينما كان ينبغي أن يكون هناك حوالي 42 نائبا مسلماً، انتخب 4 نواب من أصل 42 نائبا مسلما في المتوسط ​​لعضوية البرلمان الفرنسي.

وفي حين تتقارب النمسا والدنمارك التي يزيد عدد السكان المسلمين فيها عن 4 بالمئة؜؜ مع ألمانيا وبريطانيا من حيث التمثيل المنخفض للأقلية المسلمة فيهما.

فإن سويسرا، حيث تمثل الأقلية المسلمة عُشر السكان، تتقارب مع فرنسا في شروط التمثيل الناقص.

وأحد العوامل التي تجعل انتخاب حمزة يوسف استثنائيًا هو أن 1.45 بالمئة؜؜ فقط من سكان إسكتلندا مسلمون وفقًا لتعداد 2011.

ومع عدم إنكار الأهمية التاريخية لانتخاب حمزة يوسف، فإنه مهم التأكيد أن إسكتلندا ليست دولة مستقلة، بل هي إدارة إقليمية داخل بريطانيا (مثل كتالونيا في إسبانيا).

هوية حمزة يوسف

ثانيًا، ربما كان العامل الأهم الذي يجعل انتخاب حمزة يوسف كرئيس وزراء استثنائي وملفت للنظر على المستوى الأوروبي هو أنه يحتضن هوية المسلم المتدين.

وذلك كما يظهر في الصورة، التي شاركها بعد الانتخابات، وهو يؤدي الصلاة مع عائلته.

ولفتت الوكالة أنها فحصت 635 نائباً من أصول مسلمة في 26 دولة أوروبية، وتبين أنّه لم يكن هناك نواب مسلمون، باستثناء الذين في بريطانيا، ممن ينخرطون في عبادات أو أنشطة من شأنها أن توحي بأنهم مسلمون متدينون.

ومن بين أكثر من 100 عضو برلماني مسلم في جميع دول أوروبا الغربية باستثناء بريطانيا، يوجد ثلاثة نواب فقط يؤدون الصلاة والصيام، أو يقومون بممارسةٍ يمكن تفسيرها على أنها من علامات التدين.

وهم: نائبان تركيان لوحظ أنهما يزوران المساجد خلال الحملات الانتخابية في بلجيكا، و ماهينور أوزدمير؛ النائبة المحجبة في برلمان بروكسل في بلجيكا.

بينما تحدث صادق خان، عمدة لندن عاصمة إنجلترا، عن آثار صيام رمضان عليه في لقاءاته الصحفية، وصدرت أخبار بأنه أجرى حملته الانتخابية في الحانات أيضاً رغم أنه لا يشرب المشروبات الكحولية.

غير أنَّه في أي بلد آخر في أوروبا الغربية، بما في ذلك ألمانيا، التي تم انتخاب 18 نائبًا من أصل مسلم في الانتخابات العامة لعام 2017، يمكن أن تنتهي الحياة السياسية للمرشح المسلم الذي يقول إنه صام أو صلى.

لذلك، ترى الوكالة أنه يجب تقييم انتخاب حمزة يوسف كمثال استثنائي في دول أوروبا الغربية، ما قد يساعد مستقبلا على ألا يتم احتقار الممارسات الدينية الإسلامية.

ثالثاً، يجب التأكيد على أن غالبية الممثلين السياسيين المسلمين في جميع أنحاء أوروبا، بمن فيهم حمزة يوسف، ينتمون إلى يسار الوسط.

ومن الحقائق التي تم تغطيتها على نطاق واسع في وسائل الإعلام الإنجليزية أن حمزة يوسف صوت لصالح زواج المثليين، على عكس أقرب منافسيه، كيت فوربس، في السباق الانتخابي لقيادة الحزب الوطني الإسكتلندي.

لكن هذا الموقف لا ينفرد به يوسف فحسب، بل هو اتجاه عام بين السياسيين المسلمين في أوروبا.

فعلى سبيل المثال، على الرغم من أن جزءًا كبيرًا من الحزب الحاكم السابق في ألمانيا، بمن فيهم المستشارة الديمقراطية المسيحية أنجيلا ميركل، صوت ضد زواج المثليين في البرلمان الألماني في عام 2017، فقد صوت جميع النواب المسلمين من مختلف الأحزاب الذين عبروا عن آرائهم حول هذه القضية لصالح القرار و تم قبول القانون. 

مقارنة مع الشرق

رابعا، على الرغم من أن الأقليات الحاكمة تعد سابقة في أوروبا الغربية، إلا أن هناك العديد من الأمثلة المماثلة على المستوى العالمي للتمثيل السياسي للأقليات الدينية في المجتمعات غير الغربية.

فعلى عكس بريطانيا، التي كان جميع رؤساء وزرائها من الملحدين البروتستانت أو البروتستانت لمدة 300 عام، كان الرئيس المؤسس لمستعمرتها السابقة باكستان، محمد علي جناح، من الطائفة الإسماعيلية، وهي أقلية دينية ضئيلة جدا.

كما كان هنالك على الأقل رئيسان مسلمان للهند المتكونة من الغالبية الهندوس.

ومن جهة أخرى، رئيس المحكمة العليا الحالي في مصر مسيحي، وقد كان لمصر رئيسا وزراء مسيحيان على الأقل في القرن الماضي.

بالإضافة إلى أنَّ طارق عزيز، الذي شغل منصب وزير الخارجية العراقي لفترة طويلة (بين 1983-1991) وتقلد العديد من المناصب السياسية الرفيعة المستوى، كان أيضًا مسيحيًا.

بينما لم يُشاهد في الغرب، في دول بحجم مصر أو العراق، رئيس محكمة دستورية أو وزير للخارجية مسلم.

وفي إنجلترا، حيث كانت عضوية الطائفة البروتستانتية تعد شرط أساسي لكونك نائبا في البرلمان لمدة 141 عاما.

بينما لم تكن هناك حاجة إلى أي طائفة أو دين ليتم انتخاب شخص في مجلس المبعوثين (البرلمان العثماني) بإسطنبول في الإمبراطورية العثمانية، وحتى الآن ليس هناك مثيل لهذا التنوع الديني في البرلمانات الأوروبية.

وفي التاريخ السياسي لتركيا، تم انتخاب الممثلين السياسيين بما في ذلك النواب ورؤساء البلديات من الأقليات الدينية (الأرمينية واليهودية واليونانية والآشورية) والطائفات (العلوية والجعفرية والنصيرية وما شابههم) في حال توفر عدد كبير من السكان بما يكفي ليتم انتخابهم.

ومع ذلك، وبسبب الطراز الفرنسي المعتمد من العلمانية وامتدادها للثقافة السياسية، كانت تفضيلات النواب آنذاك أو المعتقدات الدينية غير معروفة في الغالب للجمهور، حيث امتنعوا عن التعبير عن معتقداتهم الدينية والعبادة في الأماكن العامة، ولم يكن من اعتمد هذا هم فقط من الأقلية، بل وأيضًا من الأغلبية السنية.

وتختم الوكالة التركية بالقول إن "تمثيل الأقليات الدينية سياسيا ليس قضية يمكن لأوروبا الغربية أن تدعي فيها التفوق على غيرها من الدول غير الغربية".